You are currently viewing عميد الحلاقين.. حكاية نصف قرن مع المشط والمقص

عميد الحلاقين.. حكاية نصف قرن مع المشط والمقص

العربية فارسی كوردی‎ עִבְרִית Türkçe Français Deutsch Italiano Español English
شبكة فرح الاعلامية:

حكاية نصف قرن مع المشط والمقص من قلب مخيم دير البلح للاجئين الفلسطينيين الذي يقع في الغرب من المدينة التي تحمل ذات الاسم وسط قطاع غزة، تعود لرجل مسن لا يكتفي بإخبارك عن مسيرته في مهنة الحلاقة، بل يخبرك عما علمته الحياة، إنه زكي أحمد أبو دغيم البالغ من العمر 75 عامًا، المُكنَّى بـ “أبي أيمن” والملقب بـ “عميد الحلاقين”.
ولد أبو دغيم عام 1946 م في قرية برير الواقعة شمالي شرقي مدينة غزة، لينتقل مع عائلته بعد عامين من ميلاده إلى مخيم دير البلح، بعدما هُجِّروا من قِبل قوات الاحتلال الإسرائيلي إبان النكبة الفلسطينية.
بدأ مهنة الحلاقة عام 1968 م، عندما قام والده بإرساله إلى “أبي حسن” وهو أحد الحلاقين المعروفين في ذلك الوقت؛ ليتعلم أصول المهنة، حتى أتقنها بعد فترة وجيزة وافتتح صالونه الخاص عام 1969 م، ليرثها عنه ثلاثة من أولاده وبعض أحفاده، حتى باتوا يعملون بها ويمتلكون صالونًا خاصًا بإحدى الدول الأوروبية.
يروي زكي أبو دغيم: “في البداية كان صالوني مبنيا من الطين وسعف النخيل، ولا يخلو من الزبائن الذين كانوا يأتون من مدن الضفة المحتلة؛ باعتبار غزة قبلة سياحية آنذاك، مضيفًا أن عدد الحلاقين لا يتجاوز الـ20 حلاقًا وقتها”.

ويقول أبو دغيم: “كان حلمي منذ الصغر أن أصبح حلاقًا، فلم أفكر بمهنة أخرى، مضيفًا أن والده وأصدقاءه شجعوه على ذلك”.
ويضيف: “أجمل ما أواجهه في بداية يومي أثناء مغادرتي المنزل وركوبي على دراجتي الهوائية، هو مقابلة الأطفال في الشارع، إذ يقتربون مني، فأداعبهم وأعطيهم الحلوى التي لا تخلو منها حقيبتي”.
ويتابع أبو دغيم: “مع تطور مناحي الحياة واجهت صعوبة في التعامل مع آلات الحلاقة الحديثة، بعد أن اعتدت على المكائن الحديدية اليدوية، و”القشاط” وهو مسن موس الحلاقة، ولكن كان يجب عليّ استخدامهم؛ تلبية لرغبة زبائني”.
ويؤكد: “يجب على الحلاق أن يتمتع بالكلمة الطيبة في تعامله مع الزبائن، وأن يتبادل معهم الأحاديث والطرائف؛ حتى يترددوا إليه مرة أخرى، مؤمنًا بأن حب الناس لا يُشترى”.
ويسرد أبو دغيم ضاحكًا: “في يوم من الأيام قلت لأحد زبائني “خلي علينا” الجملة التي يرددها الجميع من باب التهذيب، ليغادر الرجل دون أن يدفع لي الأجرة، لتمضي الأيام ويأتي ليحلق شعره مرة أخرى، ولكنني لم أقل له الجملة المعتادة؛ فقد كان بمثابة درس لي”.
ويوضح: “أنا لا أعمل في الحلاقة بهذا العمر من أجل كسب المال، ولكنني أقضي بعض الأوقات الجميلة وأسترجع الذكريات مع أصدقائي وزبائني”.
ويختم أبو دغيم: “لم أفكر يومًا بالابتعاد عن مهنتي؛ لأني قادر على ممارستها على أكمل وجه، ومن شدة تعلقي بها كنت أذهب إلى زبائني في منازلهم أثناء فترة الإغلاق التي فُرضت على العالم بسبب انتشار فيروس “كورونا”.

اطبع هذا المقال