You are currently viewing فاطمة ابنة عمران.. زيتونة فلسطينية جذورها في اليمن

فاطمة ابنة عمران.. زيتونة فلسطينية جذورها في اليمن

العربية فارسی كوردی‎ עִבְרִית Türkçe Français Deutsch Italiano Español English
شبكة فرح الاعلامية:

 زهير طميزة – على الرغم من لباسها التراثي الفلسطيني الذي لا يشبه جدتها بلقيس شكلا، فإن اعتدادها بمحتدها الكريم وحماسها العظيم لعملها، يجبرانك على استحضار نموذج ملكة اليمن الأشهر. إنها السبعينية فاطمة بريجية (أم حسن) رئيسة مجلس قروي بلدة المعصرة ورئيسة مجلس الخدمات المشترك لريف بيت لحم الجنوبي الذي يضم 9 تجمعات سكانية يقطنها أكثر من 20 ألف مواطن.

تسلمت فاطمة بريجية رئاسة مجلس قروي المعصرة عام 2017 كأول امرأة في هذا المنصب، وفي عام 2022 تسلمت رئاسة مجلس الخدمات المشترك لريف جنوب بيت لحم. “كانو بدهم يلغوا مجلس الخدمات لكني قررت خوض التجربة وخاطبت الجهات المسؤولة مشان يظل المجلس، لأنه أكثر من 20 ألف مواطن بحاجة لخدماته” قالت أم حسن لـ “الحياة الجديدة”.  واضافت ان جزءا كبيرا من منطقتنا مصنف كمنطقة (ج) والكل يعلم مدى صعوبة تقديم الخدمات العامة في هذه المناطق، ولحسن الحظ استجابت الجهات المختصة وتسلمت رئاسة المجلس المكون من 9 أعضاء يمثلون التجمعات المختلفة في الريف الجنوبي.

وعن أهمية هذا المجلس قالت بريجية انه يتكون من تجمعات صغيرة والتي لا تتمكن بشكل منفرد من الحصول على المشاريع التنموية الضرورية للسكان مثل البنية التحتية والمدارس والمستوصفات الطبية وغيرها من المرافق الحيوية، لذلك يعمل المجلس كممثل لتجمع كبير تعداده يتجاوز الـ 20 ألف نسمة مما يعني تسهيلات ومشاريع أكثر، فأنت لا تستطيع الحصول على مشروع لخدمة بضع مئات من سكان تجمع صغير، في المقابل يمكن لهذا التجمع الاستفادة من المشاريع المشتركة، كذلك فان التعاون والتشبيك والتنسيق بين التجمعات يُسهل عمل مجالسها ولجانها، فالاحتلال يريد تفرقتنا وتشتيتنا، ونحن نواجه هذه السياسات بالمزيد من الوحدة والتكاتف.

إنجازات وعوائق

استطاعت فاطمة بريجية خلال توليها رئاسة مجل قروي المعصرة (1500 نسمة)، من تطوير وتوسيع المدرسة التي كانت مجرد غرفتين صغيرتين، لكنها تبرعت بالأرض اللازمة لبناء المدرسة واستكملت المشروع بالدفع من جيبها الخاص، الآن هناك مقر للمجلس ومدرسة، ومستوصف صحي تبرعت فاطمة وأسرتها بالأرض اللازمة لبنائه ايضا.

“جئت لأخدم المواطنين لا لكي يخدمني الناس، وهذا سر نجاحي”، أم حسن “بتمون” على أهل بلدتها الذين يبادلونها الاحترام والتقدير العاليين، وتعتبر ان العلاقة مع الجمهور تقوم على الانفتاح والمصارحة والاحترام وتحمل المسؤولية، فأنا لم اضطر يوما لمقاضاة أي مواطن أو اللجوء للجهات القانونية لحل الخلافات، أحل الخلافات مع الناس بالتفاهم والتراضي والمحبة، كلهم أهلي وكلهم يعتبروني أمًا لهم.

أما فيما يخص المعوقات، فكما في كل مكان وكل زمان في فلسطين، يشكل الاحتلال أبرز العوائق أمام كل عملية تنمية وتطوير.

وقرية المعصرة وريف بيت لحم الجنوبي ليسا استثناء من هذه الحقيقة المرة، لكن هناك ايضا معوقات موضوعية داخلية ذات علاقة بتمويل الخطط التطويرية، فأم حسن تعتمد في عملها على الجهود المحلية والمشاريع التي يوفرها بعض المانحين للبنية التحتية خاصة ما يقدمه صندوق إقراض البلديات، في حين يشكل الوضع المالي الصعب للحكومة عائقا آخر أمام الحصول على الدعم الحكومي المباشر من وزارة المالية، كما ان الكثير من المقاولين باتوا يمتنعون عن تنفيذ المشاريع الممولة من الحكومة بسبب بطء الاجراءات والتأخر في دفع المستحقات لهؤلاء المقاولين، لكن أم حسن أضافت رغم كل المعوقات، فالاستسلام للظروف ليس هو الحل وإلا لما حققنا أية نجاحات، نحن نبادر بما نستطيع لحل مشاكلنا. نتبرع من جيوبنا كي نمضي قدما.

بريجية قالت انها تعمل مع الجهات المختصة من اجل تحويل صلاحية منح تراخيص البناء من الحكم المحلي الى المجلس القروي، فذلك سيشكل دخلا مهما للمجلس، كما انه يتيح مجالا أوسع للتنظيم والتخطيط بعيد المدى، كما تعتقد أم حسن.

تحرر المرأة كما تراه أم حسن

قالت فاطمة بريجية ان المرأة الفلسطينية حرة بنت أحرار، وهي لا تفهم معنى للحرية بعيدا عن الأب والزوج والأخ والابن، هؤلاء السند والعزوة وسر قوة المرأة ونجاحها، وتضيف: “أنا لم أحقق ما حققت ولم أنل محبة واحترام البعيد الا بدعم من القريب، وفي مقدمتهم زوجي المرحوم أبو حسن وعائلته، واخوتي واخوالي عشيرة الزواهرة الذين افتخر بهم جميعا”، العشيرة تتيح للمرأة ان تكون قائدة ومبادرة وقادرة، فقوة المرأة من قوة ودعم اهلها وحرية المرأة لا تكمن في استعداء الرجل، بل العكس، لا حرية للرجل او للمرأة بمعزل عن بعضهما البعض، أوضحت أم حسن.  وأضافت: “اتمنى على جميع بناتنا ان يفهمن هذه القاعدة”.

عَودٌ إلى بلقيس اليمنية

فاطمة على اليماني هو الاسم الحقيقي لأم حسن بريجية، جاء والدها إلى فلسطين من منطقة عمران اليمنية للانضمام إلى الثورة الفلسطينية الكبرى عام 1936، وبقي في مدينة الرملة حتى عام 1948، لينتقل بعد النكبة إلى بلدة بيت أمر شمال الخليل، حيث تعرف إلى صديقه المرحوم عبد العزيز بريغيث وعملا سويا في أرض الأخير، قبل أن يتزوج علي (مريم زواهرة) ابنة عشيرة الزواهرة التعمرية المعروفة في منطقة بيت لحم، والتي صارت أم فاطمة. وبعد وفاة والدها سافر إخوة فاطمة إلى اليمن وتعرفوا على أعمامهم وقبيلتهم الكبيرة، الذين رحبوا بهم كيمنيين فلسطينيين بدون أي تمييز، وما زال جسر المحبة ممتدا بين بيت لحم وعمران اليمنية.

تقول فاطمة: ورثت عن أبي اعتزازي وفخري بأصلي اليمني وعروبتي وفلسطينيتي، فأنا بنت المجاهد اليمني وأم الشهيد الفلسطيني، فقد استشهد ابنها عماد اغتيالا خلال دراسته الفيزياء النووية في أوروبا، كما ذاق أبناؤها مرارة الأسر في سجون الاحتلال أسوة بكل أحرار فلسطين، حيث ما زال ابنها عماد رهن الاحتلال.

تفتخر أم حسن بأنها زوجة الفلاح المكافح المرحوم أبو حسن بريجية الزواهرة، الذي قالت إن مواقفه كانت أساس كل نجاح حققته، وترى في المرأة الفلسطينية نموذجا على التحرر والقدرة والريادة والصمود.

اطبع هذا المقال