خلدون البرغوثي – تستغل إسرائيل كمنظومة سياسية وأمنية بالشراكة مع المنظمات الاستيطانية الأعياد اليهودية كل عام لترسيخ الممارسات العنصرية من جهة ولتعزيز فرض سيطرة الاحتلال على المواقع المقدسة أو التضييق على غير اليهود خاصة في مدينتي القدس والخليل.
ويرافق هذه الإجراءات ممارسات تؤكد العنصرية ضد كل من هو غير يهودي في القدس.
وتتضمن إجراءات الاحتلال، إضافة إلى عمليات القمع العنيف في محيط هذه المقدسات، قرارات إبعاد للمدافعين عن المسجد الأقصى عنه بشكل خاص أو عن البلدة القديمة بشكل عام. كما تقدم سلطات الاحتلال أحيانا على اعتقال بعض من تعتبرهم ناشطين في الدفاع عن القدس احترازيا قبيل الأعياد اليهودية، وذلك لمنع أي شكل من أشكال الاحتجاج على الاقتحامات التي تقوم بها قوات الاحتلال والمستوطنون للمسجد الأقصى برعاية رسمية من حكومة بنيامين نتنياهو، وما يرافق ذلك من تصعيد في أعداد المقتحمين من المستوطنين والدعوات للسيطرة على الأقصى وإقامة الهيكل مكانه.
وشهد محيط المسجد الأقصى في الأيام الأخيرة عمليات قمع شديدة شملت الناشطين والناشطات من المرابطين، كما قمع الطواقم الصحفية لمنعها من تغطية هذه الممارسات.
ومثل هذه الإجراءات القمعية تتكرر في الأعياد والمناسبات الدينية المسيحية، فتحاول سلطات الاحتلال التحكم بأعداد الزائرين لكنيسة القيامة في البلدة القديمة في القدس، وتنشر الحواجز وتقمع بعنف الرهبان والزائرين.
بالمقابل تقدم قوات الاحتلال برعاية ايتمار بن جفير كافة التسهيلات لمقتحمي الأقصى من قادة الاستيطان وصولا إلى إخلاء المسجد الأقصى من الفلسطينيين بشكل تام، ليخلو الجو للمستوطنين الذين يرفعون مستوى حضورهم فيها سواء بالأعداد، أو بتثبيت ممارساتهم التلمودية في ساحاته عبر السماح لهم بأداء صلوات صامتة منفردة أو جماعية، رغم ما تدعيه سلطات الاحتلال من التزامها بمنع غير المسلمين من ممارسة العبادة في الأقصى، والسماح لهم فقط بزيارته حسبما ينص عليه ما يسمى الحفاظ على “الوضع القائم”.
الرهبان والكنائس في دائرة الاستهداف
ورصدت أيضا ممارسات عنصرية تم توثيقها بالصوت والصورة لمستوطنين يبصقون على أو قرب رهبان وراهبات وزوار مسيحيين وكنائس في القدس. وتكررت هذه المشاهد في أكثر من مناسبة، ولاقت ردود فعل مستنكرة، لكنها لم تلق أي محاولة من قبل سلطات الاحتلال في القدس للتصدي لها.
وأشارت صحيفة هآرتس إلى عشرات الحالات التي تم فيها رصد عمليات البصق على الرموز المسيحية في القدس.
وذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت “أن ما تم رصده في السنوات الأخيرة عبر كاميرات المراقبة وعبر الشكاوى الرسمية والشهادات الشخصية فإنه لا يكاد يمر يوم دون الاعتداء على رجال الدين والرهبان المسيحيين في القدس ومحيطها. وأشارت الصحيفة إلى أن القانون الإسرائيلي ينص على أن البصق على شخص هو اعتداء تصل عقوبته إلى السجن لمدة سنة إلى سنتين إذا كان على خلفية دينية أو قومية”.
لكن لم يتم رصد أي إجراء من قبل سلطات الاحتلال ضد المعتدين من المستوطنين.
مستوطن متهم بقتل فلسطيني في برقة: البصق على المسيحيين ممارسة قديمة
المستوطن المتطرف إليشع ييرد المتهم بقتل المواطن قصي معطان في قرية برقة قبل عدة شهور، والذي يعتبر من أحد قادة الاستيطان وشغل منصب مساعد برلماني لأحد أعضاء الكنيست من الصهيونية الدينية سارع إلى الدفاع عن الممارسات العنصرية ضد المسيحيين أيضا. وكتب “هذا الوقت المناسب للتذكير أن عادة البصق قرب الرهبان أو الكنائس هي عادة يهودية قديمة منذ سنوات عديدة….، لكن ربما نسينا إلى حد ما، تحت تأثير الثقافة الغربية، ما هي المسيحية، لكنني أعتقد أن ملايين اليهود الذين خاضوا الحروب الصليبية في المنفى، والتعذيب في محاكم التفتيش، والمؤامرات الدموية، والمذابح الجماعية – لن ينسوا أبدًا.
وأضاف المستوطن ييرد “هذا ما كتبه الحاخام كوك في كتابه “ضباب الطهارة” عن دور العبادة المسيحية في مدينته: “في طفولتي كنت أشعر برائحة العفن (…..) من بيوت الصلاة الخاصة بالأغراب (المسيحيين) ورغم أنها قد تكون نظيفة جدا، ومبنية في وسط حدائق مزروعة بالأشجار”.
إسرائيل فقط تخشى على صورتها
انتشار مقاطع الفيديو لهذه الاعتداءات على منصات التواصل الاجتماع وتداول وسائل الإعلام لها بما فيها وسائل إعلام عبرية، دفع بعض المسؤولين الإسرائيليين لاستنكارها، فقط حرصا على صورة إسرائيل أمام العالم. فسارع رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو إلى إدانتها وادعى أنه سيتخذ إجراءات فورية ضدها. ونشر على غير العادة تغريدتين على حسابه على موقع X (تويتر سابقا) بهذا الشأن، باللغة الإنجليزية في مؤشر على قلقه من الضرر الذي تشكله هذه الممارسات ضد المسيحيين في القدس على صورة إسرائيل عالميا. ومثله قال وزير خارجيته إيلي كوهين إنه يدين هذه الممارسات وادعى أن هذه الممارسات لا تمثل القيم اليهودية.
وزير السياحة الإسرائيلي: ممارسات تسبب الضرر لإسرائيل
ودفع تصريح ييرد وزير السياحة الإسرائيلي حاييم كاتس إلى إدانته واعتبار ما كتبه عن أن عادة البصق قرب الرهبان أو الكنائس هي عادة يهودية قديمة، أمرا فظيعا، وأضاف، “إن ممارسات المتطرفين تجعل الشعوب تكره اليهودية وتسبب الضرر لصورة إسرائيل وتؤثر سلبا على السياحة.
كما عبر اتحاد منظمي السياحة الإسرائيلي عن قلقه من الضرر الاقتصادي الكبير بسبب إمكانية تأثير هذه الممارسات على السياحة خاصة في القدس.