هيثم دراج- ينشغل سامي دار يوسف (52 عاماً) والمصاب بمتلازمة داون، بتركيب الألعاب الخشبية في المشغل التابع لجمعية النهضة النسائية محطته الأولى لتلقي التعليم المهني، وهو يمثل بإصراره قصة نجاح؛ ولعل تغيير الصورة النمطية لتعامل المجتمع مع المصابين بمتلازمة داون وذوي الاحتياجات الخاصة هو ما يسعى إليه سامي لدمج ذوي الاحتياجات الخاصة في المجتمع.
رغم أن العمل في الجمعية لن يمحو ما يعانيه سامي؛ لكنه يدمجه في الحياة ويملأ وقت فراغه بأمور تساعده على تكوين نفسه، والارتقاء بمهاراته والنهوض بشخصيته.
كان سامي نزيلا في الجمعية، ثم أصبح موظفا رسميًا فيها ترتسم على وجهه الطفولي ابتسامة عريضة مغزاها أنه يرحب بنا في عمله الخاص، فتشعر أنه يمتلك في قلبه طيبة ممتزجة بنشاط غير مسبوقء حين يداعب بيديه قطعاً خشبية لتصبح في النهاية ألعاباً تربوية للمعاقين.
ولد دار يوسف عام 1969، وفي العاشرة من عمره اصطحبه والده ليلحقه بالجمعية عام 1979، يعيش وحيداً في منزله بعد أن قرر ذلك بنفسه؛ حيث يصحو باكراً ثم يرتدي ملابسه، ويعد قهوته، ويقرأً الجريدة اليومية، وينتظر حافلة الجمعية؛ ليصل إلى مكان عمله في الجمعية في تمام الساعة الثامنة صباحاء ثم يتناول وجبة الفطور، ليباشر بعدها تنفيذ المهام الموكلة إليه، وفي الساعة الثانية مساءً ينهي سامي يومه الحافل، ويعود للمنزل في الحافلة الخاصة بالجمعية.
تأسست جمعية النهضة النسائية عام 1925، بمبادرة من سيدات في مدينة رام الله؛ لتقديم الخدمات لسيدات وأطفال في مدينة رام الله،. حيث ترعى المعاقين وتطور برامج التربية الخاصة بهم وتوثق الصلة ما بين المعاق والمجتمع المحلي، ومع مرور الزمن أصبحت تقدم خدماتها لرعاية ذوي الإعاقة السمعية، والبصرية، والعقلية.
يقول مدير مركز النهضة للتكوين المهني محمد جودة: إن الجمعية واجهت بعض الصعوبات والتحديات خلال فترة تأهيل سامي بما أن حالته خاصة، ويعاني من صعوبات في التعلم؛ تم تدريبه على المهارات الحسابية، والمهارات اللغوية، ومهارات العناية بالذات، ومهارات ما قبل التدريب المهني، والمهارات الزراعية”.
وأضاف: “إن طبيعة عمل سامي في الجمعية مهمات سهلة وبعيدة عن الخطورة، حيث يقوم بمهمة تركيب الألعاب الخشبية وترتيبها قبل تغليفها وتجهيزها للبيع، ويتم تسويق وبيع المنتجات التي تنتجها الجمعية لرياض الأطفال والجمعيات الخيرية والمؤسسات التي من شأنها رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة، والأطفال الذين يعانون من صعوبات في التعلم”.
وقال جورج رنتيسي مدير جمعية النهضة النسائية: “إن سامي تلقى خدمات التأهيل في الصفوف التعليمية إلى أن وصل إلى التعليم المهني، ثم بدأ بتعلم المهارات البدنية في الزراعة والنجارة، بعد ذلك أصبح سامي يمتلك قدرة على الذهاب إلى مشغل الألعاب التعليمية، وبدأ بالعمل وتخصص في مجال صناعة الألعاب التعليمية”.
حكاية سامي دار يوسف تروي حكاية الكروموسوم الحادي والعشرين، الناتج عنه مادة وراثية تخلف إعاقة، كان محظوظا بأنه تلقى العناية والرعاية في جمعية النهضة النسائية. ولعل تغيير الصورة النمطية لتعامل المجتمع مع المصابين بمتلازمة داون وذوي الاحتياجات الخاصة هو ما يسعى إليه سامي، فهو يتحدث بحماس عن النشاطات التي يقوم بها, اختلاف الشكل لم يقف عائقا أمام إبداعاته ليظهر دار يوسف متفوقا على إعاقته بجدارة وشجاعة.
*هذه المادة تنشر ضمن متطلبات مساق “الكتابة الإعلامية” في جامعة القدس المفتوحة