1

مهرجان “بنعمرها” في طولكرم.. رسالة صمود اقتصادي في وجه الحصار

الأكبر في فلسطين

مراد ياسين- في وقتٍ تتصاعد فيه التحديات السياسية والاقتصادية، وتُحكم قبضة الاحتلال على مدن الضفة الفلسطينية المحتلة، أبت مدينة طولكرم إلا أن تبعث برسالة أمل وصمود، بإطلاق فعاليات المهرجان الثالث للصناعات الوطنية “بنعمرها”، الذي يُعد الأكبر في فلسطين، ويجسّد تظاهرة اقتصادية ومجتمعية هدفها دعم المنتج الوطني وتحريك عجلة الاقتصاد الفلسطيني رغم الظروف القاسية.

نُظم المهرجان على أرض جامعة فلسطين التقنية– خضوري، بتنظيم من تلفزيون الفجر الجديد، وبالشراكة مع غرفة تجارة وصناعة وزراعة طولكرم وشركة جست برو إيفنت، وبمشاركة واسعة من شركات القطاع الخاص، والمؤسسات الرسمية والأهلية، وممثلي القوى الوطنية.

حضور رسمي واسع ودعم للمنتج الوطني

وشهد الافتتاح حضورًا رسميًا رفيعًا تقدمّه وزير الاقتصاد الوطني المهندس محمد العامور، ومحافظ طولكرم د. عبد الله كميل، ومحافظ نابلس غسان دغلس، ورئيس اتحاد الغرف التجارية عبد إدريس، ورئيس الغرفة التجارية قيس عوض، ورئيس جامعة خضوري د. حسين شنك، ورئيس بلدية طولكرم د. رياض عوض، إلى جانب ممثلي المؤسسات الأمنية والمدنية والشركات المشاركة.

“خضوري”: صمود أكاديمي وشراكة تنموية

وأكد رئيس جامعة خضوري د. حسين شنك أن انطلاق المهرجان مع بداية العام الأكاديمي الجديد يحمل بُعدًا رمزيًا للصمود والإصرار على البناء رغم الأزمات المتلاحقة.

وقال شنك إن شعار “بنعمرها” يجسّد إيمانًا حقيقيًا بأهمية الشراكة بين القطاعين العام والخاص لإعادة بناء الاقتصاد المحلي، مشددًا على أن الجامعة أدّت دورها الوطني والأكاديمي في أحلك الظروف، ليس فقط بالتعليم، بل بتحفيز التنمية والمشاركة المجتمعية الفاعلة.

كميل: الاقتصاد ركيزة الصمود الوطني

وأكد محافظ طولكرم د. عبد الله أن الاقتصاد الفلسطيني يمثل أحد أعمدة الصمود الوطني في وجه الاحتلال.

وأشار إلى أن تنظيم المهرجان رغم التصعيد الإسرائيلي المتواصل يثبت تمسك شعبنا بأرضه وهويته، ويعبّر عن تحدٍ مباشر لسياسات التهجير والتدمير، خصوصًا بعد الاستهداف المكثف لطولكرم منذ السابع من أكتوبر.

وأكد كميل أهمية تعزيز الوحدة الوطنية تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية، ودعم الطاقات الشبابية والإبداعية لبناء بنية اقتصادية قوية قادرة على مواجهة الاحتلال.

العامور: الاحتلال يدمّر ونحن نبني

وعبّر وزير الاقتصاد الوطني م. محمد العامور عن اعتزاز الحكومة بانطلاق المهرجان في ظل هذه الظروف الصعبة، مؤكدًا أن الاحتلال يسعى لتدمير البنية الاقتصادية الفلسطينية، كما حدث في مخيمي طولكرم ونور شمس، حيث دُمّرت مئات المنازل وشُرّد آلاف المواطنين.

وأضاف أن سياسات الاستيطان وتقطيع أوصال الضفة والمجازر المتواصلة في غزة تهدف إلى منع قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة، إلا أن الفلسطينيين يواصلون البناء والتعمير بإرادة لا تعرف الانكسار.

دعم واسع من الغرف التجارية وتلفزيون الفجر الجديد

وأكد عبد إدريس وقيس عوض أن المهرجان يعكس الإيمان العميق بقوة المنتج الوطني كأداة للتنمية والصمود، مشيرين إلى أن عشرات الشركات من مختلف المحافظات شاركت في المهرجان، في مشهدٍ يجسد الوحدة الاقتصادية والمجتمعية في مواجهة التحديات.

وأعربا عن تقديرهما لجميع الجهات الداعمة من المحافظة والغرفة التجارية وجامعة خضوري وفرق العمل، مؤكدين أن نجاح المهرجان هو ثمرة شراكة وطنية جماعية.

مشاركة غير مسبوقة وحراك اقتصادي وسياحي

وقال المدير العام لتلفزيون الفجر الجديد يسري السرغلي إن مهرجان طولكرم يُعد الأضخم من نوعه في فلسطين، إذ أُقيم على مساحة تقارب 7000 متر مربع، بمشاركة أكثر من 3012 عاملًا في أعمال التجهيز، ما وفّر فرص عمل وساهم في تنشيط الحركة الاقتصادية في المدينة.

وأشار إلى مشاركة نحو 80 شركة من مختلف محافظات الضفة الغربية، ما يعكس وحدة السوق الوطني، موضحًا أن إدارة المهرجان وفّرت أماكن مبيت للزوار القادمين من المحافظات والداخل المحتل، لتسهيل مشاركتهم في الفعاليات.

كما خُصصت مساحة تُقدّر بدونمين لإقامة مدينة ألعاب وملاهٍ للأطفال، إضافة إلى حفلات ترفيهية مسائية يومية، بما يجعل المهرجان حدثًا اقتصاديًا وسياحيًا وترفيهيًا متكاملًا يخاطب جميع الفئات العمرية.

“بنعمرها”… أكثر من شعار

في مشهدٍ تتقاطع فيه المعاناة بالتحدي، يبرهن مهرجان طولكرم للصناعات الوطنية أن الفلسطيني لا يكتفي بالصمود، بل يبني ويُعمر، ويصنع الأمل رغم الركام.

“بنعمرها” ليست مجرد شعار لمهرجان، بل رؤية وطنية واقتصادية تُغرس في تربة الوطن لتؤكد أن فلسطين، رغم كل شيء، ستبقى حيّة، نابضة، ومصمّمة على الحياة.