عبد الباسط خلف- تسترد هيام عبد العفو أبو زهرة، سيرة علاقة جنين بعلم فلسطين، بعد عشر سنوات من رفعه رفقة رايات العالم في الأمم المتحدة.
وتعود السيدة التي تقترب من الثمانين إلى ستينيات القرن الماضي وسبعينياته، حينما حارب الاحتلال الإسرائيلي الألوان الأربعة ولاحقها بكل السبل، وعاقب الواقفين خلفها.
وتشيرلـ”الحياة الجديدة” إلى أن اثتنين من سيدات جنين: مقبولة الخالدي، وخيرية الجمال، اللتين كانتا تتقنان مهنة الحياكة، تعهدتا سرا بخياطة العلم الفلسطيني لشباب جنين ونشطاء مقاومتها.
وتقول أبو زهرة، التي تقف على رأس الجمعية النسائية للتراث الشعبي، إن رفع العلم أو صناعته أو حيازته أو نقله كانت تهمة يلاحق الاحتلال أصحابها، وإنها نسجت لابنها الصحفي الشهيد عماد وشاحا، بقي صامدا حتى بعد غيابه.
ومما يعلق في ذاكرتها، كيف استهدف الاحتلال راية فلسطين، التي ثبتها شاب على شجرة كبيرة في حي جنين الشرقي. وتبين أن جنود الاحتلال صوبوا نيران بنادقهم نحو العلم، حتى تمكنوا من إسقاطه، واستغرق ذلك وقتا طويلا.
ودرست أبو زهرة الثانوية العامة في “بنات جنين الثانوية” عام 1966، لكنها شاهدت أول راية لوطنها ترفرف في مدينتها لأول مرة، نهاية السبعينيات، وتضاعفت الأعلام مع اشتعال انتفاضة الحجارة واشتداد عودها.
وتكمل: كنت شاهدة عام 1988 على رفع شاب لعلمين بيديه، في مقدمة مسيرة حاشدة، وسط جنين، ويومها لاحقه جنود الاحتلال، واستهدفوه بالغاز، واعتقلوه، وحكموا عليه بالسجن.
وتروي عايدة خريم، 79 عاما، كيف علق أحد الشبان العلم على رأس شجرة سرو باسقة، ويومها خافت عليه من السقوط، وتمنت ألا تلاحظه دوريات الاحتلال.
وتسترد الأيام الأولى لانتفاضة الحجارة، حينما علق شبان الانتفاضة علما ضخما لفلسطين بين جبلي أبو ضهير والكروم، ويومها كان ضخما، وصمد طويلا، إلى أن استهدفه جنود الاحتلال بالحديد والنار.
كانت خريم شاهدة على مسيرات قبل النكسة، لكنها لم تكن مكحلة بالأخضر والأسود والأبيض والأحمر، وبقيت الراية ملاحقة حتى قيام السلطة الوطنية الفلسطينية.
ويشير محمد السعدي، الخمسيني الذي نشط في انتفاضة 1987، إنه صنع بيده أول علم لفلسطين، ووقتها اتخذ احتياطات مشددة، كي لا ينكشف أمره أمام والدته وإخوته.
ويسرد: كان لألواننا الوطنية وقع خاص ورهبة كبيرة، وهي اليوم تكتمل برفعه في عدة دول أوروبية وعالمية جديدة.
ووفق السعدي، كان يتم إخفاء الإعلام عن الأعين، ويجري رفعها فوق أعمدة الكهرباء تحت جنح الظلام، وفي النهار التالي يلاحقها الاحتلال، ويجبر المواطنين على إنزالها ويصادرها.
وينهي: دافع عن ألواننا الأربعة الشهداء، ويواصل شعبنا وقيادته الشرعية المهمة، وعلينا أن نبقيه خفاقا و”زينة رايات الأمم”.