1

جنين.. كرمة نميدا وإجابات المخيم

عبد الباسط خلف- تعيش نميدا أبو الهيجاء، منذ 21 كانون الثاني الماضي على حلم العودة إلى بيتها في شارع مهيوب بمخيم جنين.

وتحصي الخمسينية المنحدرة من عين حوض المجاورة لحيفا، الأيام والليالي لاجتياح جيش الاحتلال للمكان الذي عاشت فيه طفولتها وصبابها وشبابها.

ويؤكد ابنها الإعلامي تامر أبو الهيجاء أن والدته لا تكف عن سؤاله عن كرمة العنب التي غرستها، قبل وقت قصير من عدوان الاحتلال المستمر على المخيم لليوم 209، وكل الذي تيقنت منه العائلة أن الاحتلال هدم كراج السيارة الخاص بها، وسحق مركبتها.

وتستخف أبو الهيجاء بشروط جيش الاحتلال للعودة إلى بيتها، التي أعلن عنها، ورفضتها أمس دائرة شؤون اللاجئين والمكتب التنفيذي للجان الشعبية للاجئين في منظمة التحرير، ببيان رسمي.

ويشير تامر إلى أنه فقد قبل 40 يومًا عمه، محمد صدقي أسعد، 52 عامًا، بسكتة دماغية قبل أن يتمكن من العودة إلى المخيم، وعقب هدم مسجد حمزة، الذي كان مؤذنه.

ويوضح أن عمه حاول أكثر من مرة العودة إلى شارع مهيوب، لكنه فشل في ذلك، وتوفي مقهورًا من حزنه على المسجد.

ويبين أبو الهيجاء أن أغنام عمه نفقت أيضًا، بعد وقت قصير بسبب نقص المياه والأعلاف، كما تبخرت أحلامه في قطف ثمار الزيتون من حديقة منزله.

ويقول عضو اللجنة الشعبية لخدمات مخيم جنين، محمد المصري، إن أهالي المخيم الذين نزحوا قسرًا عن بيوتهم، يتوزعون على عدد كبير من أحياء جنين وبلداتها وقراها، غالبيتهم في سكنات الجامعة العربية الأمريكية، وبلدة برقين ومواقع أخرى.

ويؤكد لـ”الحياة الجديدة” أن الإجماع السائد بين الأهالي يتلخص في “حتمية العودة إلى مخيمهم، دون شروط الاحتلال”.

ويتخطى عدد المواطنين النازحين حاجز العشرين ألف مواطن ونحو 3 آلاف عائلة، وسط عدد غير نهائي للبيوت المدمرة، توقل تقديرات إنه يتجاوز 600 منزل.

وتشدد مديرة جمعية العمل النسوي في مخيم جنين، تهاني الغول، على أن المخيم أرث الشهداء وعنوان القضية الوطنية على مدى أكثر من 70 عامًا.

وترى بأن تصفية “الأونروا” لا يمكن أن يحدث، فهي مشكلة من الأمم المتحدة، ومرتبطة بالنكبة، والأصل معالجة الجذور وليس الفروع.

وتتوقع الغول لـ”الحياة الجديدة” أن يكون الفشل ملازمًا لشطب المخيمات والنكبة و”الأونروا”، بالرغم من أشكال العدوان والدمار التي لم تتوقف منذ 7 أشهر.

وكانت دائرة شؤون اللاجئين، والمكتب التنفيذي للجان الشعبية للاجئين في منظمة التحرير، أكدتا رفض “أية محاولات إسرائيلية لفرض اشتراطات على عودة النازحين إلى مخيمات شمال الضفة الغربية، والتي تُعد انتهاكا صارخا للقانون الدولي الإنساني وقرارات الشرعية الدولية”؟

وأعلنتا في بيان أمس السبت، الرفض القاطع لـ” محاولات تغيير الواقع الجغرافي والديموغرافي للمخيمات”.

وأكد البيان الرفض التام لأي اشتراط بإجراء “مسح أمني” لسكان المخيمات، واعتبرتاه مساسًا بالحقوق الأساسية ومحاولة لفرض سيطرة أمنية على حياة اللاجئين.

وقالتا إن ⁠اللاجئين” ليسوا مجرد مستفيدين من خدمات، بل هم أصحاب حقوق سياسية وإنسانية، ولهم كامل الحق في التعبير عن رأيهم والدفاع عن قضيتهم”.

وشدد البيان على أن تفويض “الأونروا” غير قابل للتفاوض، وبالتالي الرفض القاطع لأي اشتراطات تهدف إلى منع عمل الوكالة في المخيمات، باعتبارها تمتلك تفويضًا أمميًا واضحًا ومستمرًا منذ 8 كانون الأول 1949.

ووصفتا أية محاولة لتعطيل عمل “الأونروا” بجزء من مخطط أوسع يهدف إلى تصفية قضية اللاجئين، وهو ما لن نسمح به تحت أي ظرف.

وأشارتا إلى أن الحل العادل والدائم لقضية اللاجئين يكمن في تطبيق القرار الأممي 194 وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة.

وحذر البيان من “نوايا إسرائيل الهادفة لإعادة تعريف اللاجئ الفلسطيني، وشدّد على أنه لا يمكن أن يعاد تشكيل التعريف وفقا لمصالح الاحتلال”.