بشار دراغمة- في لحظة خاطفة بين الصباح والذهول، استيقظت بلدة روجيب شرق مدينة نابلس على صوت جرافة تشق الأرض دون رحمة، تتبعها عشرات الأقدام العسكرية الثقيلة. كان الهدف غامضا في بدايته، لكنه اتضح لاحقا أن عنوان الجريمة الجديدة هو بيت خالد السكسك، المكون من طابقين، ويؤوي سبعة أرواح، ويمتد فوقه تاريخ من الكد والتعب.
لا ورقة إنذار على الباب، ولا قرار “قضائيا احتلاليا”.. كل ما في الأمر فقط دقائق عشر، لا أكثر، لإخلاء كل شيء أو لا شيء.
أطفال لم يفرحوا كثيرا بالمنزل الذي سكنوه حديثا بعدما ضاقت بهم أزقة مخيم عسكر.
طفل في العاشرة يجلس فوق ركام منزله الذي انهت جرافة عسكرية احتلالية التهامه للتو، ينظر في الفراغ وعيناه كانت تفتشان بين الحجارة، ليس عن لعبة، بل عن حياة سحقت تحت جنازير الجرافة.
كان المكان صامتا، كأن الجدران ذاتها حزنت على انهيارها المفاجئ، بينما ينبش الطفل بكفيه الصغيرتين بين الركام كمن يحاول إعادة تركيب ذاكرة مبعثرة، لعله يعثر على دفتر رسم بلون السماء، أو قطعة بلاستيكية حمراء كانت لسيارته الصغيرة، وربما صورة قديمة له في حضن والده، التقطت ذات صباح مشمس على درج البيت الذي لم يعد له وجود.
يقف أحيانا، ثم يجلس، كأن قدميه لا تعرفان إلى أين تمضيان بعد أن فقدتا الاتجاه. أبو خالد السكسك، رب الأسرة، أكد أن الهدم كان مباغتا ودون انذار مسبق.
وقال: “لم نتلق أي إخطار بهدم المنزل، فقط قبل سنة، وصلنا أمر بوقف بناء إضافي بجانب البيت، ومنذ ذلك الحين لم يبلغنا أحد بشيء، كان ابني وأحفادي يعيشون حياتهم بشكل اعتيادي”.
وأضاف: “فجأة اقتحموا المنزل، وقفت الجرافة عند عتباته، وقال جنود الاحتلال لمن فيه اخرجوا خلال 10 دقائق، سيتم هدم المنزل”.
وكثفت سلطات الاحتلال من عمليات هدم المنازل في محافظة نابلس مؤخرا، حيث نفذت في شهر أيار الماضي عملية هدم لمنزل المواطن ماجد الأدهم، بذات حجة عدم الترخيص.
وأخطرت سلطات الاحتلال نهاية العام الماضي عشرات المنازل في حي الضاحية بمدينة نابلس بالهدم.