You are currently viewing <strong>مليكة.. طفلة ولدت من حرية مؤجلة</strong>

مليكة.. طفلة ولدت من حرية مؤجلة

العربية فارسی كوردی‎ עִבְרִית Türkçe Français Deutsch Italiano Español English
شبكة فرح الاعلامية:

 حنين خالد- في السابع عشر من نيسان من العام الماضي، لم يكن يوم الأسير الفلسطيني كما في كل عام، فقد أطلت فيه “مليكة” على الحياة لتحتفل بعيد ميلادها الأول، ولتضيف معنى جديدا لهذا اليوم، كأنها ولدت من رحم الحرية، عبر نطفة محررة من داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي.

ورغم فرحة الحياة، لم تنعم مليكة بعد بحضن والدها الأسير سعيد حثناوي، المحكوم بالسجن لمدة 35 عاما، والمعتقل منذ 19 عاما، الذي لم يدرج اسمه في قوائم صفقة التبادل الأخيرة.

تقول والدتها مجد: “كنت أعيش على أمل أن تشمل الصفقة اسم سعيد.. قرأت القوائم مرة واثنتين وخمس مرات، كنت أكرر الأسماء وأعيدها في كل مرة أمسك بها، لكن الأمل كان يخيب في كل مرة”.

وتروي مجد تفاصيل ولادة الأمل من قلب العتمة: “منذ البداية، اتفقنا على إنجاب طفل حتى لو كانت الظروف قاسية، وبدعم من الأهل ونادي الأسير، تمت العملية في مركز رزان للإخصاب بإشراف الطبيبة فاتن”. وتضيف: “أقمنا حفلة بسيطة في القرية لإشهار الحمل، واليوم بعد عام، نحلم أن تكتمل فرحتنا بحضوره بيننا”.

ورغم الصعوبات، صممت مجد على الاستمرار في الحمل بعد أن أخبرها الأطباء في الشهر الثالث بوجود احتمال إصابة الجنين بمتلازمة داون.

تقول: “لم أيأس، أجريت كل الفحوصات اللازمة واستشرت أطباء آخرين، وتبين أن الجنين سليم. كان من أصعب المواقف التي عشتها، لكن الإيمان أقوى من الخوف”.

المحامي أنس صلاح من هيئة شؤون الأسرى والمحررين، نقل مشاعر الأسير سعيد خلال أول زيارة بعد انقطاع طويل منذ السابع من أكتوبر 2023، حيث يعيش الأسرى في ظروف مأساوية وسط تصعيد الاحتلال وانتهاكاته، من تعذيب وإهمال طبي وسوء تغذية، أدت إلى استشهاد عدد منهن.

وفي لحظة إنسانية مؤثرة، تحدث الأسير سعيد بشوق ولهفة عن ابنته: “هل نطقت كلمة بابا؟ هل خطت خطواتها الأولى؟ من أمسك يدها؟ هل بدأت تطلع أسنانها؟” أسئلة يرددها الأب خلف القضبان، دون إجابات سوى دموع الانتظار، ربما محاولا اختصار المسافات حتى يحتضن ابنته ويطوي مسافة الحرمان ليكون بجوارها في مشوارها.

وتكشف مجد عن تحديات قانونية تواجه أطفال النطف المحررة، خصوصا في الضفة وغزة، حيث يطلب فحص DNA لإثبات النسب كشرط للزيارة، ما يشكل نوعا من الابتزاز النفسي والقانوني للأمهات والأطفال، إضافة إلى حرمانهم من السفر أو استخراج وثائق رسمية.

تقول مجد: “إسرائيل تتعامل مع أطفال النطف كما تتعامل مع من ولد قبل اعتقال الأب، دون اعتبار للظروف أو الشرعية الإنسانية لهذا الفعل. لكن هذه القضية ليست عشوائية، بل قائمة على أسس دينية ووطنية واجتماعية”.

وفي بيتها الصغير الكائن في قرية بيت سيرا غرب رام الله، تواصل مجد بناء صورة زوجها في خيال طفلته مليكة، رغم أنها لم تره بعد. تضع أمامها صوره القليلة، وتحكي لها عن نضاله، بصوت تختلط فيه القوة بالشوق. تقول: “لا أعلم إن كانت تفهم ما أرويه، لكني أحاول أن أزرع فيه حضور والدها، إلى أن يأتي اليوم الذي يضمها فيه إلى صدره”.

اطبع هذا المقال