You are currently viewing القهوة للأغنياء فقط؟

القهوة للأغنياء فقط؟

العربية فارسی كوردی‎ עִבְרִית Türkçe Français Deutsch Italiano Español English
شبكة فرح الاعلامية:

أسعارها في البورصات العالمية شهد ارتفاعا تاريخيا

ميساء بشارات- شهدت أسعار القهوة في الأسواق الفلسطينية ارتفاعاً ملحوظاً مؤخراً، حيث وصلت سعر الأوقية إلى 18 شيقلاً في بعض المحال، بينما لا تزال تباع في محال أخرى بسعر 14 شيقلاً. هذا التفاوت في الأسعار أثار استياء المستهلكين، الذين وصفوا هذا الارتفاع بأنه “غير مبرر”، داعين إلى مقاطعة القهوة كوسيلة للضغط على التجار لتخفيض الأسعار، في حين تأتي هذه الزيادة في ظل أزمة اقتصادية عالمية تلقي بظلالها على القطاعات المختلفة، حيث تأثرت أسعار البن عالميا بعوامل متعددة انعكست على السوق المحلي في فلسطين.

القهوة ليست مجرد مشروب في فلسطين، بل هي جزء لا يتجزأ من الثقافة والتقاليد الاجتماعية. تقدم القهوة في المناسبات السعيدة والحزينة، وتعتبر رمزا للكرم والضيافة. لذا، فإن أي تغيير في أسعارها يؤثر بشكل مباشر على حياة الناس اليومية.

المستهلكون يطالبون بالتدخل

عبر عدد من المواطنين عن امتعاضهم من هذا الارتفاع، واشاروا إلى أن القهوة تعتبر من السلع الأساسية في حياة الفلسطينيين، ولا يمكن التخلي عنها بسهولة. يقول أحد المستهلكين: “من غير المعقول أن يرتفع السعر بهذه الطريقة دون رقابة أو تفسير واضح وخلال فترة قصيرة لمشروب يعد أساسي في حياتنا، وطالب الجهات المختصة بالتدخل ومحاسبة التجار الذين يستغلون الأوضاع”.

ويشير مستهلك آخر الى ان بعض المحلات لم ترفع سعر القهوة ويبلغ سعر الأوقية حالياً 14 شيكل لديها، متسائلا كيف يمكن لمن يبيعها بـ14 شيكل تحقيق الربح بما يرضي الله، بينما يرفعها آخرون إلى 18 شيكل سعياً وراء أرباح مضاعفة؟

ويتابع: “لو كانت هناك رقابة حقيقية ومتابعة قائمة على مبادئ العدل والمنطق، لكان سعر العديد من السلع أقل بكثير. ولكن للأسف، تبدو وزارة الاقتصاد لدينا مجرد اسم بلا دور فعل”.

من جهة أخرى، دعا بعض المستهلكين إلى مقاطعة القهوة، مشيرين الى انه لو توقفنا عن شراء كل سلعة غير أساسية عند ارتفاع سعرها، لربما عاد سعرها إلى مستواه الطبيعي. ولكن للأسف، نحن غالباً نذعن للجشع والطمع.

ويقول الحاج أدهم الشلبي الذي يقف في احدى محلات البن لشراء القهوة لمنزله، اننا نتفهم الارتفاع العالمي في الأسعار، ولكن المسؤولية تقع أيضا على شركاتنا الوطنية التي يجب أن تراعي ظروفنا الاقتصادية وتتحمل جزءا من مسؤوليتها الوطنية.

وبدأ البعض بالتوجه إلى شراء القهوة ذات الجودة الأقل او البحث عن المحلات التي لم ترفع السعر لحد الآن، والبعض اتجه للتقليل من الكميات المستهلكة للتكيف مع الارتفاع.

أصحاب المحال يبررون في المقابل

برر بعض أصحاب محال بيع القهوة والذين رفعوا السعر، هذا الارتفاع بزيادة أسعار البن عالميا نتيجة الأزمات الاقتصادية وسوء الأحوال الجوية في الدول المنتجة للبن.

يقول أحد التجار فضل عدم ذكر اسمه: “نحن لا نتحكم في الأسعار العالمية، وأن ارتفاع أسعار البن من مصدرها أثر بشكل مباشر على أسعار القهوة في السوق الفلسطيني”.

ويتابع الرجل أن أسعار القهوة في البورصات العالمية شهدت مؤخرا ارتفاعا لم يسبق له مثيل منذ 71 عاما، الامر الذي أثر على أصحاب محلات البن كمستوردين لحبوب القهوة، ما اضطرهم لرفع سعرها، مشيرا الى ان سعرها عالميا ارتفع خلال الستة شهور الماضية بنسبة 45%.

ويواجه التجار تحديات في الحفاظ على هوامش الربح، حيث يحاولون الموازنة بين استيراد القهوة بأسعار مرتفعة وعدم تحميل المستهلك عبئا إضافيا.

ويشير صاحب المحل الى أن أجود أنواع القهوة والتي تباع الاوقية منها بـ 18 شيقل، هو نوع أرابيكا هي المعيار العالمي لعقود القهوة الآجلة التي تتداول في بورصة التبادل القاري (إيس). تشكل قهوة أرابيكا 75 في المئة من إجمالي إنتاج العالم وتزرع بشكل رئيسي في البرازيل (40 في المئة من إجمالي الإمداد العالمي) وكولومبيا.

بينما نوع قهوة روبوستا التي تباع بأسواقنا المحلية بـ 12 شيقل، والتي تشكل الـ 25 في المئة المتبقية وتنتج بشكل رئيسي في فيتنام (15 في المئة من الإمداد العالمي) واندونيسيا. تشمل البلدان المصدرة الرئيسية الأخرى: بيرو والهند وأوغندا وإثيوبيا والمكسيك وساحل العاج. حبوب الروبوستا تحظى بشعبية في أوروبا والقهوة الإسبريسو بينما تحظى حبوب الأرابيكا بشعبية في الولايات المتحدة.

وشهدت أسواق القهوة العالمية ارتفاعا ملحوظا في الأسعار خلال الأشهر الأخيرة، مدفوعة بعدد من العوامل الرئيسية تشمل تراجع المخزونات، وصعوبة الأحوال الجوية في المناطق الرئيسية لإنتاج القهوة، مثل البرازيل وفيتنام.

دعوات للمقاطعة في ظل هذه الأزمة

 انتشرت دعوات على وسائل التواصل الاجتماعي لحملة مقاطعة القهوة بهدف الضغط على التجار لتخفيض الأسعار، ويأمل المشاركون أن تحقق نجاحا، كما حدث مع حملات مقاطعة سابقة لبعض السلع الأساسية.

وبين مطالب المستهلكين وتبريرات التجار، يبقى الحل مرهونا بتدخل الجهات الرقابية لضمان عدالة التسعيرة، إلى جانب توعية المستهلكين بأهمية البحث عن البدائل أو تقليل الاستهلاك كإجراء مؤقت لحين استقرار الأسعار.

من جانبها، تؤكد فيحاء البحش، رئيسة جمعية حماية المستهلك في نابلس، أن بعض المحال التجارية قد رفعت أسعار القهوة مؤخرًا.

أكدت البحش أن أي ارتفاع في الأسعار يجب أن يكون مبررا ومدعوما بأوراق رسمية توضح توقيت الاستيراد وتكاليفه، وشددت على أن المحال التي لا تزال تبيع من المخزون القديم بأسعاره السابقة ليس لها مبرر لرفع الأسعار حاليا. لذلك، دعت الجمعية وزارة الاقتصاد الوطني إلى تحديد سقف سعري للسلع الأساسية، بما في ذلك القهوة، لضمان التزام المحلات به.

توضح أن هناك اختلافا بين المحال التجارية في رفع الأسعار، بعض المحلات بقيت على نفس التسعيرة، وبعضها رفعت الأسعار بشكل بسيط والأخرى رفعته بشكل مرتفع، مما أدى إلى تفاوت ملحوظ في أسعار القهوة في السوق المحلي وهذا يرجع لأن سوقنا سوق مفتوح.

وتشير الى ان الارتفاع الحالي مرتبط بشكل أساسي بالظروف العالمية التي تؤثر على إنتاج القهوة، خاصة البن البرازيلي. فالبرازيل تواجه تحديات كبيرة مثل الجفاف والطقس غير المستقر، مما أدى إلى تراجع كميات المحصول عن المستويات المطلوبة عالميا، بما أن البن يتداول في البورصات العالمية، فإن أسعاره تتأثر بالتقلبات بشكل مستمر.

وتشدد البحش على ضرورة ضبط هذه التفاوتات وعدم الرفع حاليا ومطالبة المستوردين بتحمل جزء من المسؤولية بدلا من تحميلها بالكامل على المستهلك، في ظل الوضع الاقتصادي الذي يمر به المواطنين، كما أن الرفع يجب أن يتناسب مع المتغيرات العالمية وليس أضعافها، وعدم وجود مبالغة في الرفع.

أشارت البحش إلى أن الجمعية تلعب دورا رقابيا في السوق وتعمل كوسيط بين المستهلك والجهات الضبطية، وتطالب الجمعية بضرورة تطبيق القوانين بشكل صارم لضبط الأسواق. كما دعت المستهلكين إلى رفع شكاوى ضد المحال المخالفة بدلا من الصمت، لأن الشكاوى تساعد الجهات الضبطية على اتخاذ الإجراءات المناسبة.

طالبت البحش بوجود جهات ضبطية حازمة تعمل على حماية المستهلك وتطبيق القوانين بفاعلية. كما شددت على أهمية متابعة الالتزام بالقرارات الصادرة عن الجهات المعنية، مثل وزارة الاقتصاد الوطني. ودعت المحلات التجارية التي رفعت الأسعار إلى تقديم إثباتات رسمية تظهر أن الأسعار العالمية هي السبب وراء هذا الارتفاع وانها قد استوردت بضاعتها بعد الارتفاع وليس الرفع على المواد القديمة.

تؤكد أن حماية المستهلك تتطلب تعاون جميع الأطراف، بما في ذلك المستهلك نفسه، من خلال الإبلاغ عن المخالفات. وأشارت إلى ضرورة تحديد سقف سعري أعلى لسعر القهوة من قبل وزارة الاقتصاد، إلى جانب رقابة صارمة، للاسهام في تحقيق توازن بين المستهلك والتجار، وضمان عدم استغلال الأوضاع الاقتصادية لتحقيق أرباح غير مبررة.

وتطمئن البحش بأن أسعار السلع الأساسية لن تشهد ارتفاعًا في الوقت الحالي، وفقا لما تم التأكيد عليه خلال اجتماع بين جمعية حماية المستهلك ووزارة الاقتصاد الوطني، وأوضحت أن المخزون الاحتياطي في الأسواق كافٍ لتغطية الاحتياجات، خاصة مع اقتراب شهر رمضان الذي يشهد عادة زيادة في استهلاك السلع الأساسية، وتشدد على ضرورة قيام الشركات والتجار بمراعاة الوضع الاقتصادي والمعيشي للمواطنين.

بدوره، قال مدير عام الإدارة العامة لحماية المستهلك في وزارة الاقتصاد الوطني ابراهيم القاضي إن بعض الشركات رفعت أسعار القهوة لأنه أسعار البن في العالم قد ارتفع عالميا.

ويضيف القاضي ان الشركات التي استوردت حديثا سلعتها من البن بالأسعار العالمية الجديدة المرتفعة، قد رفعت السعر في السوق المحلي، يوجد شركات ما زالت تبيع من مخزونها القديم ولم تستورد حديثا بعد الارتفاع العالمي، لذلك لم ترفع السعر.

ويشير الى أن أي تأثير عالمي على أسعار البن، ينعكس لدينا على سوقنا المحلي لأننا سوق مستورد للبن من الخارج.

وبحسب جهاز الاحصاء الفلسطيني فإن متوسط الإنفاق الشهري على أنواع القهوة المختلفة في الضفة الغربية لعام 2023، حوالي 6346,85 شيقل للأسرة، وللفرد الواحد 1359,59 شيقل.

وكانت القهوة المطحونة الأعلى، حيث بلغ متوسط الإنفاق الشهري على مستوى الأسرة 33.78 شيقل. أما على مستوى الفرد، فقد بلغ 7.19 شيقل. أما القهوة الحب الخضراء: كان الإنفاق الشهري منخفضًا للغاية، حيث بلغت قيمته على مستوى الأسرة (0.05 شيقل)، وعلى مستوى الفرد(0.01 شيكل). والقهوة سريعة الذوبان (نسكافيه): وصل الإنفاق الشهري على مستوى الأسرة إلى (2.90 شيقل)، بينما كان نصيب الفرد منها (0.62 شيكل).

وحول القيم الإجمالية للواردات والصادرات الفلسطينية من القهوة بين الاعوام 2020 و2023، بحسب الاحصاء شهدت واردات قهوة الحب غير المحمصة (غير منزوع الكافيين) زيادة ملحوظة على مدار السنوات الاربعة (21,365، 25,673، 31,841، 34,511) الف دولار على التوالي.

 فيما أن صادرات قهوة الحب غير المحمصة رغم تواضع قيمتها مقارنة بالواردات، إلا أنها حققت نموًا ملموسا بالفترة نفسها على التوالي (1,553، 1,594، 1,887، 4,009) الف دولار.

ويتضح من البيانات ارتفاع الإنفاق المحلي على القهوة، وزيادة الاستيراد والتصدير بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة.

اطبع هذا المقال