“الفارسية”.. جنة تواجه عين النار

العربية فارسی كوردی‎ עִבְרִית Türkçe Français Deutsch Italiano Español English
شبكة فرح الاعلامية:

عبد الباسط خلف- كانت الفارسية، التي تستلقي في الجزء الشرقي من محافظة طوباس والأغوار الشمالية تعج بالحياة قبل نكسة حزيران 1967، ولم يبالغ أهالها وزوارها حينما شبهوها بالجنة خلال الربيع، لكنها منذ عام تواجه لهيب نار الاحتلال، وحمى اعتداءات المستوطنين المتصاعدة.

وقال أهالي الخربة، الذين نظموا صفوفهم في لجنة للدفاع بالشراكة مع مؤسسات رسمية في مقدمتها محافظة طوباس والأغوار الشمالية وبعض المتضامنين الأجانب، إنهم يتعرضون لمحاولات تهجير يومية، ينفذها ما يسمى (شبيبة التلال).

وتصمد الفارسية في منطقة وادي المالح، وعلى بعد 20 كيلومترا عن مدينة طوباس، وتقيم فيها 15 أسرة من عائلات: دراغمة وفقهاء وصبيح.

ويستمد الأهالي عزيمتهم من جميل الحاج يوسف الحصني، وزياد عبد الرحمن صوافطة، وهما أول من زرعا أراضيها، وسحبا لها المياه من قرية بردلة، قبل عقود.

وتعرض مواطنو الخربة، التي تشتهر بالفلاحة والماشية، منذ حزيران الماضي، إلى عمليات سطو وتخريب وعربدة لحملهم على ترك بيوتهم وأرضهم، كما أفادت اللجنة لـ”الحياة الجديدة”.

وتتوزع الفارسية على 3 تجمعات: خلة خضر، وإحمير، ونبع غزال، وهي مساحات سهلية ممتدة تتخللها تلال وهضاب وبعض الوديان، وأدخل لها أهلها زراعة الموز والزيتون والخضراوات.

ووثقت اللجنة منذ تأسيسها، عمليات السطو التي شنها المستعمرون، وأغربها سرقة الملابس الشخصية للمواطن حامد رزق أبو شلاش، واستهداف خزانات المياه، والصهاريج، والخلايا الشمسية، وكل ما يمكن حمله.

ويأتي السارقون، تبعا للجنة، من مستعمرة روتم القريبة، التي جاء اسمها من تحريف لشجرة الرتم، ذات الزهرة البيضاء الأخاذة المنتشرة في الأغوار الشمالية، وهو ما يؤكد مخططات نهب كل شيء في المنطقة.

وتوقفت اللجنة مطولا، عند المواطن علي الزهدي في منطقة نبع غزال، الذي يتعرض يوميا لاعتداءات وسرقة وعربدة، بخاصة في جوف الليل.

وقال أعضاؤها إن غياب أية عائلة ولو لساعة واحدة عن بيوتهم وحقولهم معناه استلاب كل مقتنياتهم، وتدمير حقولهم، وعدم العودة مرة أخرى.

وأفادوا بأن الاحتلال لاحق المواطن نبيل أبو الشعر، وكان يوقفه عدة ساعة معظم أيام الأسبوع في معسكر إم زوقح، ثم يطلقون سراحه لإجباره على الرحيل.

وأورد المواطنون قصصا عن حماية جيش الاحتلال للمستوطنين، الذين سرقوا صهريج مياه للشاب شامخ دراغمة، وحينما تقدم بشكوى لشرطة الاحتلال، ادعت أن الصهريج المخصص لري الماشية لا يحمل لوحة تسجيل!

ولا تبالغ لجنة حماية الفارسية، عندما تقدر بأن 99% من أراضي الأغوار الشمالية الشاسعة، بات محرمة على أهلها، وتتعرض لتهجير صامت، كما وقع في تجمع أم الجمال، قبل أسابيع، فيما يمنع الرعاة من التنقل.

وقبل عدوان 7 تشرين الأول العام العام الماضي، كان بوسع أهالي الفارسية، كما أفادوا التجول والرعي والعمل بحرية نسبية، وسط إخلاء لبيوتهم وتحويلها إلى ميدان للتدريب العسكري، وترحليهم عدة أيام، لكن المشهد اليوم انقلب رأسا على عقب.

وأفادت اللجنة، التي تضع جدول مناوبات ليليا لأبنائها؛ ولدوام البقاء في التجمع على مدار الساعة، إن حضور المتضامنين خاصة الأمريكيين منهم يساعدهم في الصمود.

وحسب الأهالي، فإن المستعمرين وجيش الاحتلال يلاحقون أية مركبة تحاول الوصول إلى تجمعهم، ولا تسمح بتحرك سيارات تحمل أمتعة ومستلزمات للبيوت.

وذكر المزارع محمد دراغمة، الذي أمضى معظم طفولته وصباه وشبابه في الفارسية، أن أرض أجداده ووالده على “فوهة بندقية”، ومن الممكن في أية لحظة “سماع صوت الرصاصة”، وإصدار أوامر تعسفية وعقوبات جماعية بحق أهلها.

ووفق دراغمة، الذي عمل سنوات طويلة في جمع صور لنبات الأغوار الشمالية وطيورها ببراعة عالية، ونشرها في مواقع ومجلات عالمية كـ”ناشونال جيوغرافيك” إن أي التقاط لصورة اليوم من المنطقة بكاميرا احترافية يعرض صاحبها للتوقيف وربما لإطلاق النار وفقدان الحياة.

وأفاد بأن ما يمنع نهب الأغوار تماما هو صمود أهلها وتشكيلهم لجنة لحمايتها، وهم يفضلون الموت على ترك جنتهم الساحرة.

اطبع هذا المقال