You are currently viewing <strong>تجسّد “ندى” المخيم</strong>

تجسّد “ندى” المخيم

العربية فارسی كوردی‎ עִבְרִית Türkçe Français Deutsch Italiano Español English
شبكة فرح الاعلامية:

 يسابق الموت نفسه في نابلس، لا شيء أسرع من الرصاص الذي يخترق أجسادا لا زالت تردد “على هذه الأرض ما يستحق الحياة”.

في لحظة يتحول الهدوء إلى كتلة نار ملتهبة، يلقي بها المحتل على مخيم ما زال ساكنوه يعانون من احتلال أرضهم، دون أن يمنحهم اللجوء أمنا من خوف.

كانت الأمور تبدو اعتيادة صباح أمس الأربعاء قبل أن تقتحم قوة خاصة مخيم عين بيت الماء غربي نابلس.

شبان يتناولون كأسا من الشاي، يتحدثون عن أحوال البلاد والعباد، فجأة تقتحم قوة خاصة المخيم، تتلوها عشرات الآليات العسكرية.

تقول تلك التي وقفت مذهولة على عتبات منزلها: “وصلت قوة خاصة بسيارة خضراء اللون نزل منها ثلاثة أو أربعة أشخاص، وبعدها مباشرة وصلت جيبات جيش الاحتلال”.

وتضيف: “كان شبان يشربون الشاي هربوا من المكان، وحاول أحدهم الإطلال برأسه لكن قناص إسرائيلي أطلق النار عليه وأصابه”.

لم تفلح صرخات النساء في فعل شيء، ظل الدم ينزف دون أن يتمكن الإسعاف من الوصول إلى المصاب محمد عبد الحكيم ندى، الذي نقل حسب شهود عيان متأخرا إلى مستشفى النجاح.

في قسم الطوارئ يحاول الأطباء انعاش قلب يقترب أكثر من الموت، تبذل الجهود الحثيثة التي لم تفلح في النهاية بإنقاذ “ندى مخيم العين” لتعلن وزارة الصحة لاحقا استشهاده متأثرا بإصابته بالرصاص الحي بالصدر.

وكأن الشهداء يعرفون طريقهم، فيخطون عبارات الوداع مسبقا، ومنهم محمد ندى الذي كتب على جدار “فيسبوك”: “اللهم ارحمني إذا حان أجلي، واغفر لي إذا اقترب يومي، ولا تخرجني من الدنيا إلا وأنت راض عني”.

هيام شرف زوجة الشهيد حمدي شرف الذي ارتقى برصاص الاحتلال قبل تسعة أشهر، تنعى الشهيد الجديد في نابلس لتؤكد خصالا مميزة لمحمد ندى، فكان أول من هب لاعادة افتتاح صالون الأغا الخاص بزوجها حمدي الذي كان يعمل حلاقا في نابلس.

تكتب هيام على “فيسبوك”: “ولا أصعب من هيك خبر لا حول ولا قوة الا بالله، الله يرحم روحك يارب.. لحقت حمدي، الشهيد محمد ندى أول شب اشتغل بالصالون مكان حمدي”.

يسير موكب التشييع في نابلس عارفا طريقه، بعد 24 ساعة على ارتقاء ثلاثة شبان لم يتمكن أهالي المدينة من تشييعهم بعد ان احتجز الاحتلال جثامينهم.

يردد المشاركون عبارات الغضب ويدعون لوحدة وطنية قادرة على مواجهة كل هذا الاجرام الاحتلالي الذي يتزايد يوما بعد آخر.

يوارى جثمان محمد ندى التراب، بينما تظل أبواب مقابر نابلس مفتوحة، فلا يعرف أهالي المدينة لمن سيكون التشييع التالي.

صدحت سماعات المساجد في نعيها المعهود، معلنة شهيدا جديدا في نابلس، بينما ردت المدينة على نفسها ذات ثوب الحزن وأغلقت محال تجارية أبوابها.

اطبع هذا المقال