عزيزة ظاهر- يجد النابلسيون في مسجد النصر أحد أقدم المساجد في مدينة نابلس، ملاذا تهفو اليه ارواحهم واجسادهم لا سيما في الشهر الفضيل، فبقبته الخضراء المرتفعة التي تعتبر من أعلى القباب في فلسطين، بعد قبة الصخرة، وضخامة مبناه، أصبح معلما دينيا يميز نابلس، ولمساجد نابلس القديمة خصوصية تختلف عن غيرها خلال شهر رمضان المبارك، الأمر الذي يجعلها قبلة للباحثين عن الخشوع والراحة سواء في ساعات النهار، حيث اكتظاظ الأسواق، أو مع ساعات ما بعد المغرب وبدء صلاة التراويح والقيام.
ففي منطقة باب الساحة يتربع تاريخ عريق يعود لآلاف السنين، يطل على أشهر معلمين تاريخيين في مدينة نابلس، باب الساحة وبرج ساعة المنارة، حيث يتربع مسجد النصر بقبته الخضراء الكبيرة الفريدة بتصميمها والمحاطة بثماني قباب خضراء صغيرة، فضلا عن ضخامة مبناه.
زهير الدبعي المدير الأسبق للأوقاف والشؤون الدينية في نابلس يقول لـ “الحياة الجديدة”، إن مسجد النصر من أكبر مساجد نابلس وأقدمها، تبلغ مساحته ألف متر مربع، ويعود أصله الى فترة الحضارة الرومانية عندما كان كنيسة، وبعد احتلال الصليبيين لفلسطين ونابلس عام 1099 حول إلى كنيسة القديس يوحنا، قبل أن يحرر صلاح الدين الأيوبي البلاد ويحوله إلى مسجد، وسمي المسجد بالنصر تيمنا بانتصار المسلمين على الصليبيين عام 1187.
ويتابع الدبعي: لعل أبرز ما يميز مسجد النصر مبناه الضخم، وقبته الخضراء الكبيرة ذات التصميم الفريد مع ثماني قباب خضراء صغيرة تحيط بها، مرتكزة على أقواس كبيرة، وهذه الأقواس ترتكز على أقواس أخرى أصغر منها، مما أعطت مظهرا مهيبا ورائعا للمسجد، ولون القبة الأخضر يرمز لانتصارات المسلمين، في حين أن كل ضلع من أضلاع القبة فيه ثلاث نوافذ مقوسة الشكل تساعد في إضاءة المسجد، وعلى جوانبه نوافذ مربعة تعلوها نوافذ بشكل نصف دائري، ونوافذ المسجد مجتمعة تبلغ 72 نافذة، وعدد أعمدته 32 عمودا منها الأسطواني بلون أبيض رخامي، ومنها المربع باللون الأخضر، أما مئذنته الأسطوانية؛ فهي تتميز بنقوشها الجميلة، وتعتبر قبة النصر الخضراء من أعلى القباب في فلسطين، بعد قبة مسجد الصخرة المشرفة في مدينة القدس المحتلة، وجدد بناءه المجلس الإسلامي الأعلى عام 1935م، بعد ان هدم جزء كبير منه جراء زلزال ضرب المدينة عام 1927، وفي أعقاب الطوفان الذي اجتاح المدينة في العام 1933.
ويتوافد المصلون إلى المسجد طوال ساعات اليوم، وخاصة في ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان، ويعتبر من أبرز المعالم التاريخية التي يقصدها السياح الأجانب أثناء زياراتهم لمدينة نابلس.