You are currently viewing مسرح الحرية في مخيم جنين.. البطولة بروح القصيدة

مسرح الحرية في مخيم جنين.. البطولة بروح القصيدة

العربية فارسی كوردی‎ עִבְרִית Türkçe Français Deutsch Italiano Español English
شبكة فرح الاعلامية:

 نغم التميمي- بين أزقة مخيم جنين، وعلى خشبات مسرح صغير يبعد أمتارا عن مدخله الرئيسي، نشأ أطفال من المخيم، جُبِلت لديهم فكرة تقول “لا مقاومة تحقق أهدافها دون ثقافة”، هو “مسرح الحرية”، فيه تحول أطفال صغار إلى أساطير واقعية، نقلوا ثقافة المقاومة من خشباته إلى أزقة المخيم في ملحمة صمود مخيم جنين عام 2002.
على خشبة مسرح الحرية، بدأت قصة الشهيد والأسير، فيه نشأ الشهداء علاء الصباغ، يوسف السويطي وأشرف أبو الهيجا.. وغيرهم، منه انطلق الأسير البطل زكريا الزبيدي في التخطيط ليكون بطلا تراجيديا، كبرت لديهم معاني الحرية وصبوا نحو تحويله إلى واقع.
بدأت الفكرة في أواخر ثمانينيات القرن الماضي، انطلقت من “بيت الطفولة” من خلال أدوات بدائية بسيطة، حينها منح والد الأسير زكريا الزبيدي منزله إلى المتضامنة آرنا ميرخميس لتعلم فيه أطفال المخيم، فقد كانت آرنا على قناعة بأن للمسرح دورا حاسما في بناء مجتمع حر ينشئ جيلا جديدا قادرا على تحدي كافة أشكال الظلم والقمع ومقاومة الاحتلال.
أحمد طوباسي أحد مخرجي المسرح يقول لـ”الحياة الجديدة”: “مسرح الحرية تبنى خيار “المقاومة الثقافية” للعمل في المجال الثقافي والفني”، ويضيف: “آرنا ومن ثم نجلها جوليانو، جاءا إلى بيوت الطفولة لإعطائهم ورشات درامية، حتى شكلا منهم فرقة درامية، كانت من أول أعمالها مسرحية القنديل الصغير”.
عن هذه الفترة، يؤكد جمال الزبيدي شقيق الأسير زكريا لـ”الحياة الجديدة”، أن فكرة المسرح نشأت في بيتهم “القديم”، ويقول: “أتذكر أن مسرحية القنديل الصغير هو أول عمل شارك به زكريا والشهداء علاء الصباغ ويوسف السويطي وأشرف أبو الهيجا، كانوا جميعهم يتعلمون داخل المسرح التصوير والتمثيل والرسم، أي جميع أدوات المقاومة الثقافية”.
ويضيف الزبيدي: “مسرح الحرية أثر بشكل كبير في صقل شخصية زكريا وزملائه، وأيضا بيئة المخيم كانت مختلفة، لم يكن لدينا في تلك الفترة أي مؤسسات أو فعاليات تنمي قدرات الأطفال، ولا يوجد أي متنفس لهم، وبالتالي عرّف المسرح أطفال المخيم على الحضارات والتاريخ والثقافة، ومعرفة أكثر مما يمكن تعلمه بالمدارس، وخاصة عن مفهوم الحرية”.
يستذكر جبريل الزبيدي الذي كان طفلا في حينه، بأن الشهيد أشرف أبو الهيجا كان يتعلم كيفية التمثيل، ويقول بكل عفوية: “كان يقف أمام الكاميرا ويمثل بشكل أفضل من الممثلين المشهورين في (هوليوود)، كانت لديه شخصية قوية على المسرح”.
أما عن شقيقه الأسير البطل زكريا الزبيدي فيقول: “كان زكريا الطفل المدلل في المسرح، كان ممثلا بارعا، يتحرك في المسرح براحة وثقة، فهو يعرف كل معالم المسرح وكأنه بيته”.
توفيت آرنا ميرخميس بعد سنوات من صراعها مع مرض السرطان، كانت إحدى وصاياها لابنها جوليانو الاهتمام بمسرح الحرية، إلى أن جاء الاجتياح الاسرائيلي الشامل لمحافظات الضفة، الذي كان من أبرز ملاحمه معركة الصمود في مخيم جنين.
وهنا يقول طوباسي: “في عام 2002 وقبيل الاجتياح، أصبح أعضاء فرقة الدراما قادة ونشطاء في المقاومة، استشهدوا جميعا، لم يبقَ منهم على قيد الحياة سوى الأسير زكريا الزبيدي وأصبح المطارد الأول للاحتلال، وتعرض لعدد من محاولات الاغتيال”.
ويضيف طوباسي: “خلال الفترة التي تلت الاجتياح، العديد من البعثات والنشطاء الذين جاءوا إلى المخيم لرؤية زكريا الزبيدي، كان اسمه يلوح بالأفق، وكانت إحدى هذه البعثات بعثة طبية من السويد، رتبت لقاء مع زكريا، لكنها فوجئت بأن المطلوب الأول لدولة الاحتلال يتحدث عن دور الثقافة والمسرح وعن أهمية وجود ثقافة تقاوم، وأنه من الضرورة وجود مسرح يتحدث عن الشهداء والاجتياح والثورة”.
عام 2006، جدد مسرح الحرية انطلاقته الحالية، حيث يقول طوباسي: “عام 2006 تم افتتاح مسرح الحرية رسميا، بعد عودة جوليانو واجتماعه بزكريا الزبيدي ومتضامن سويدي، كانوا يؤمنون جميعا بأن انتفاضة شعبنا الفلسطيني المقبلة ستكون انتفاضة ثقافية، من خلال المسرح والفن والموسيقى والشعر، لأنها ببساطة لغة عالمية، وهو ما تحقق الآن فقد أصبح منارة ومحطة زيارات سياسية وسياحية، وأضحى المسرح يشارك في كبريات المسابقات العالمية للسينما والمسرح، ويحقق جوائز لفلسطين في أغلب مشاركاته الدولية”. 

اطبع هذا المقال