عزيزة ظاهر- أربعة عقود مضت، ولا تزال قرية قريوت الواقعة إلى الجنوب من نابلس صامدة في وجه الاستيطان، ولم تكلّ من مقارعة الاحتلال في سبيل البقاء والحفاظ على هوية الأرض، في سبعينيات القرن الماضي أينما وجهت نظرك في بلدة “قريوت” سترى على امتداد البصر سهولا مزروعة بالحبوب، وحقولا مزروعة بالزيتون واللوزيات والتين، أما اليوم فلن تجد إلا بؤرا استيطانية ومستوطنات تنتشر على قمم الجبال وفي السهول والتلال كالطوق تحيط بعنقها وتخنقها، تكاد تحرم السكان الماء والهواء.
مؤخراً باتت اعتداءات المستوطنين على القرية حدثاً شبه يوميٍ، كان آخرها اقتحام مستوطنين متطرفين لمنطقة نبع عين ماء قريوت وتلويثها بمواد مجهولة تسببت برائحة كريهة، ومنذ مطلع العام الجاري بدأ المستوطنون باستهداف النبع، إذ يقتحمون المنطقة كل يوم جمعة تزامنا مع وقت الصلاة، ويقيمون صلواتهم التلمودية في محيطه، وهاجم مستوطنون قبل أيام نقطة تعبئة المياه في القرية وأضرموا النار فيها، ما أدى لإتلافها وإحراق جميع المعدات والمضخات والأنابيب البلاستيكية للتعبئة الخاصة بها، ويواصل المستوطنون بطشهم واستيلاءهم على أراضي البلدة بدعم من جنود الاحتلال فقاموا بشق طريق استيطاني، تمهيدا لإنشاء بؤرة استيطانية جديدة فوق أراضي المواطنين الواقعة بين مستوطنتي “عيليه” و”شيلو”.
وأوضح رئيس مجلس قروي قريوت نضال البدوي لـ “الحياة الجديدة” أنه ومنذ أكثر من 44 عاما تتعرض قريته والقرى المجاورة لها لاعتداءات متكررة من قبل المستوطنين للاستيلاء على آلاف الدونمات من أراضيها وضمها إلى المستوطنات المقامة أصلا على أراضي المواطنين، وأن القرية أصبحت مستهدفة مباشرة من قبل قطعان المستوطنين وأن حجم المصادرة فيها فاق المتوقع خاصة عبر الهجمات المنظمة التي تجري كل حين، قائلا “بين الفينة والأخرى يخرج علينا المستوطنون ويصادرون الأرض أو يدمرونها وكل ذلك هدفه الاستيطان وطردنا منها”.
يبتلع غول الاستيطان حوالي 16 ألف دونم من أراضي قرية قريوت، من أصل 22 ألفا و630 دونما مساحة القرية.
الناشط في مقاومة الاستيطان بشار القريوتي، يقول لـ “الحياة الجديدة”، إن مستوطنة “شيلو” هي أقدم مستوطنة عسكرية على أراضي القرية الجنوبية أقيمت عام 1978، لكن سرعان ما توسع الاستيطان في الجهة الغربية في عام 1984 بإقامة مستوطنة “عيليه”، مرورا بـ “شفوت راحيل” في المنطقة الشرقية وأقيمت عام 1995، ويضاف إلى ذلك 4 بؤر استيطانية، هي: “هيوفال”، و”جيفعات أرائيل”، و”كيدا”، و”عادي عاد”.
ودعا القريوتي المؤسسات الدولية والحقوقية للتحرك وزيارة القرية للاطلاع على حجم الاعتداءات التي تتعرض لها، منبها إلى أن الفترة المقبلة ستشهد فعاليات مقاومة شعبية، وتنظيم مسيرات مركزية رفضا لإجراءات المستوطنين.
بدورها دعت فصائل العمل الوطني في نابلس وهيئة مقاومة الجدار والاستيطان للمشاركة الواسعة في الفعالية المنددة بالاستيطان التي ستنطلق عقب أداء صلاة الجمعة القادمة على الأراضي المهددة بالمصادرة في بلدة قريوت.