1

الاحتلال يواصل عقوباته الانتقامية بحق الأسرى الأشبال في “مجيدو”

قالت هيئة شؤون الاسرى والمحررين، اليوم الإثنين، “إن عدد الأسرى القصر بلغ قرابة 280 أسيراً، يقبع ما يزيد عن نصفهم في سجن مجيدو، ويعانون من أسوأ الظروف الحياتية”.

وأضافت محامية هيئة شؤون الأسرى والمحررين بعد زيارتها الأخيرة لسجن مجيدو، “إن المعظم فقدوا الكثير من أوزانهم بسبب سوء جودة وكمية الطعام، كما أن التفتيشات والضرب ما زال مستمرًا، وازدادا الوضع سوءاً مع دخول فصل الشتاء وغياب الملابس، فالأسرى يمتلكون لباساً صيفياً واحداً، ويفتقدون الأغطية والفرشات، والمتواجد منها رقيق جدا ورائحته نتنة”.

وأكدت أن انتشار مرض سكابيوس لم يستثني أحداً، فمعظم الأسرى أصيبوا به بدرجات متفاوتة، وتعمدت إدارة السجن حرمانهم من العلاج، وتقديمه بشكل جزئي وبعد إصابتهم بمراحل متقدمة من المرض.

وبحسب إفادة  الأسير أسيد أسامة أبو جادو (15 عاماً) من مخيم عايدة/ بيت لحم، أنه ما زال يعاني من التهابات وجروح نتيجة الحك المستمر والدمامل التي ظهرت على كافة أنحاء جسده.  

علما أن أبو جادو اعتقل بتاريخ 02/07/2024، ولم يصدر بحقه حكما بعد، ولديه محكمة اليوم.   

كما تمت زيارة الأسير منتصر اياد صقر ( 18 عام) من مخيم عسكر/ نابلس، الذي اعتقل بتاريخ 18/04/2024، وصدر بحقه حكما بالسجن الإداري 4 أشهر، وتمديده 4 شهور أخرى.




غزة.. حكاية صمود وكبرياء

أصعب المواقف في الحياة نقطة النهاية، نهاية رجل شجاع، نهاية قصة بطولة، نهاية مغامرة جريئة، أو نهاية حكاية شعب والقضاء على تراثه وتاريخه، وهذه الأخيرة لا يمكن أن يقبل بها شعب فلسطين، وعليه لا تزال غزة الصامدة بكل كبرياء ترفض النهاية، وتقدم كل يوم عشرات الشهداء على طريق حريتها ونيل مُناها ورغباتها بالتخلص من وزر هذا العدوان الشرير، الذي لا يُفرق بين كبير وصغير، فيقتل ويذبح ويدمر بلا ضمير، بذخائر أميركية الصنع، تحرص إدارة بايدن على توريدها لإسرائيل باستمرار حتى تقتل أطفال غزة، لتلعب الولايات المتحدة كل الأدوار المخزية، فهي التي تدعم إسرائيل لشن الحرب، وتزودها بالذخائر والعتاد، وتدافع عنها في الجلسات الأُممية، وتقف في وجه قرارات مجلس الأمن ومحكمة العدل الدولية ومحكمة الجنايات في لاهاي، وفي الوقت نفسه تقوم بارتداء الزي المتنكر، وتفرض نفسها كوسيطة غير نزيهة، تسعى لتغيير المعادلات وترسيم شرق أوسط جديد، يتوافق مع العقلية الإسرائيلية، وعلى مقاييس الغرب الاستعماري، الذي يجد ضالته اليوم بالصمت، في الوقت الذي تتوجع فيه غزة كل لحظة، ولكن لا أحد يعير هذا الوجع الاهتمام.

يتواصل نزيف الدم في قطاع غزة كل يوم، وتتشح الطرقات والشوارع بالسواد، فالكل في حداد، في ضوء مجازر الاحتلال اليومية، التي وصل عدد شهدائها حتى كتابة هذا الحديث إلى أكثر من ٤٣٨٠٠، فيما الجرحى بعشرات الآلاف، إضافة للمفقودين والمعتقلين والمعاقين والجرحى الذين لا يجدون وسيلة للسفر من أجل العلاج، وأولئك الذين تحرمهم إسرائيل من السكن والمبيت والماء والغذاء والكهرباء والدواء، وكل مقومات الحياة الإنسانية، التي يفتقدها سكان قطاع غزة، الذين يعيشون القصة مرةً تلو المرة بالتهجير والطرد والإخلاء والإقصاء.

حال غزة يُدمي قلوب الفلسطينيين، فمن غيرهم يعاني، الجواب: لا أحد، وعليه فالقضية هنا فلسطينية بحتة، وهي قضية مصيرية، سيتغلب على صعابها وتحدياتها ومعوقاتها أبناء شعبنا، رغم أنهم يحتاجون لدعم وإسناد الشعوب العربية وأحرار العالم الذين ينطقون بكلمة الحق في كل المحافل، بعد أن أغلقت في وجه الفلسطينيين كافة الأبواب، وارتدى الجميع ثياب الخنوع والإذلال، بإطاعة أوامر سيدة شياطين الكون، الولايات المتحدة، وأداة  الجريمة والعدوان، إسرائيل التي تشن الحروب على شعبنا وعلى شعوب المنطقة، انطلاقاً من سياسة عنصرية، لا تعترف بالحق الفلسطيني بالوجود، كما تقول الصهيونية التي انطلقت على أساس عدم وجود فلسطين، وضرورة القضاء على كل ما هو فلسطيني.

حرب التجويع هي فصل كبير من فصول الإبادة التي تسعى إليها إسرائيل، في شمال غزة ومعظم أنحاء القطاع، في محاولة لطرد أبناء شعبنا وفرض حالة التهجير القسري عليهم، وهذا جزء من (خطة الجنرالات) التي اعترف قادة وضباط إسرائيليون بتنفيذها، ولوّحوا بأن احتلال غزة سيتواصل حتى نهاية العام المقبل، وبذلك تسعى حكومة الاحتلال اليمينية المتطرفة لمواصلة قتل الفلسطينيين، والسؤال الذي يطرح نفسه: متى يتوقف نزيف الدم الفلسطيني، وتضع الحرب أوزارها، كما حصل مع كل الحروب في العالم وحروب العرب السابقة مع إسرائيل التي انتهت بالهزائم والنكسات؟ لكن هذه الحرب التي يسعى الاحتلال فيها لقتل روح وكبرياء شعبنا الصامد في غزة والضفة بما فيها القدس ستقلب السحر على الساحر، وستثبت للمحتلين والغزاة أنّ شعب فلسطين لا يُهزم، وأن الشهداء الذين يرتقون على مذبح الحرية والاستقلال هم شموع الغد الذين سيُنيرون درب المستقبل حتى تعود غزة إلى سابق عهدها، وتحافظ على شموخ حكايتها التي لا يمكن لإسرائيل أو الولايات المتحدة أن تقضي عليها، لأن شعبنا سيبقى أقوى من كل المؤامرات التي ستتحطم على صخرة صموده وتشبثه بالحياة الكريمة.




“الأسوأ في تاريخها”.. موجة جفاف غير مسبوقة تضرب الولايات المتحدة هذا العام

 تشهد الولايات المتحدة الأميركية حاليا واحدة من أسوأ موجات الجفاف في تاريخها الحديث، والتي كان آخرها العاصفة الاستوائية “سارا” التي ضربت أميركا الوسطى، أمس الجمعة.

ووفقا لما نشرته صحيفة “واشنطن بوست”، وبالرغم من النشاط الملحوظ لموسم الأعاصير هذا العام، إلا أن هذه الظاهرة الجوية ساهمت بشكل غير مباشر في تفاقم أزمة الجفاف التي تضرب معظم أنحاء الولايات المتحدة.

وتعاني مناطق، مثل: إسبانيا، وتايوان، من فيضانات مدمرة، تقف الولايات المتحدة كجزيرة من الجفاف، في ظل تزايد الرطوبة العالمية.

ووفقا لتقرير مراقب الجفاف الأميركي، فإن 83% من مساحة البلاد تعاني من ظروف جفاف غير طبيعية، مما يهدد حياة أكثر من 237 مليون أميركي، ويؤثر على قطاعات اقتصادية حيوية.

وفي السياق، تواجه المدن الكبرى، مثل نيويورك، أزمة في إدارة مواردها المائية، حيث انخفضت مستويات المياه في خزانات المدينة إلى 61% فقط من طاقتها الاستيعابية، مقارنة بالمعدل الطبيعي البالغ 79%.

ودفع هذا التراجع السلطات الأميركية إلى إعلان حالة مراقبة الجفاف بعد تسجيل أكثر الأشهر جفافا منذ 155 عامًا.

ويشير الخبراء إلى أن موجات الحرارة البحرية غير المسبوقة والضغط المرتفع فوق الولايات الشمالية قد تشكل حاجزًا يمنع وصول الأمطار إلى المناطق المتضررة، وترتبط هذه الأنماط الجوية بالتغير المناخي وارتفاع درجات حرارة المحيطات.




الطيراوي: المخيمات ستدرس سبل التصدي لمشروع تصفية “الأونروا” وقضية اللاجئين

هديل أبو ريال- يعيش مخيم بلاطة أكبر مخيمات الضفة منذ اندلاع الحرب العدوانية على شعبنا في السابع من تشرين الأول 2023 أوضاعاً معيشية صعبة، بسبب تعرض المخيم لسلسلة اجتياحات احتلالية، بالإضافة إلى ارتفاع نسبتي الفقر والبطالة بشكل غير مسبوق نتيجة تردي الأوضاع الاقتصادية.

وسط هذه الظروف، يتحدث عماد زكي الطيراوي رئيس اللجنة الشعبية في مخيم بلاطة لـ”الحياة الاقتصادية” عن الحالة التي يعيشها المخيم، مشيراً إلى أن الأوضاع الاقتصادية المتردية تحول دون تمكين عائلات في المخيم من دفع أقساط أبنائها في الجامعات، بل أن هناك عائلات لم تعد قادرة على توفير ثمن الدواء.

وعلى صعيد ما تتعرض له وكالة غوث وتشغيل اللاجئين “الأونروا” من هجوم احتلالي وقرار الكنيست بمنع عملها في القدس وأراضي 48، يؤكد الطيراوي أن اجتماعاً سيعقد قريباً يضم اللجان الشعبية في مخيمات الضفة لتدارس سبل التصدي لمشروع تصفية “الأونروا” وقضية اللاجئين. وفيما يلي نص اللقاء:

تحديات كبيرة

*يُعد مخيم بلاطة أكبر مخيمات الضفة، ما التحديات التي تواجه سكان المخيم على الصعد الصحية والتعليمية والعمرانية والبنية التحية؟

التحديات كثيرة وكبيرة جداً خصوصاً بعد أحداث السابع من تشرين الأول 2023، فهناك تحديات تعليمية وصحية وجميعها مرتبطة بالوضع الاقتصادي السيء، خصوصاً أن معظم سكان المخيم بسبب عدم توفر الأراضي الزراعية يعتمدون على توظيف الحكومة والعمل داخل الخط الأخضر، بعد أحداث السابع من تشرين الأول معظم العمال عاطلون عن العمل، والموظفون تصل رواتبهم كحد أقصى 70٪؜، فهذا أثر على الوضع الصحي والتعليمي، فهناك عائلات لم تعد قادرة على دفع أقساط أبنائها في الجامعات، وأخرى لم تعد قادرة على شراء الدواء خصوصاً للأمراض المزمنة، كما تأثر البناء العمراني بسبب ضيق المساحات، ولا يوجد أموال للتوسع، بالإضافة لاقتحامات الاحتلال المتكررة التي تسببت بتدمير المباني والمحال التجارية والبنية التحتية، فهذا أثر سلباً على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية.

مساع لتصفية قضية اللاجئين

*وكالة غوث وتشغيل اللاجئين “الأونروا”تعاني من نقص في التمويل، كيف انعكس ذلك على مستوى الخدمات المقدمة في المخيم؟

كانت وكالة الغوث تقدم دعمها لـ 150 إلى 200 أسرة فقيرة، تصرف لهم بعض الأموال والمواد التموينية، لكن للأسف بسبب الأزمة المالية التي تمر بها “الأونروا” تم إلغاء ذلك، وهذا أثر علينا كلجنة خدمات في المخيم، لأن إمكانياتنا ليست كافية لسد هذه الثغرة.
 *تمر القضية الفلسطينية بمأزق خطير في ظل الحرب العدوانية التي تشن على شعبنا، ومن الواضح أنها تعاني من استهداف احتلالي ممنهج، كيف تنظر اللجنة الشعبية لهذا الأمر؟ وماهي خططكملمواجهة المشروع التصفوي لقضية اللاجئين؟
المخطط الاحتلالي في هذا السياق سبق أحداث السابع من تشرين الأول 2023، فالاحتلال يسعى إلى تصفية قضية اللاجئين، لهذا يهاجمون “الأونروا” ويتخذون قرارات بشأن منع عملها في القدس وأراضي 48، كما يتجلى ذلك من خلال اقتحام المخيمات وتدمير المنازل والبنية التحتية فيها، في محاولة لتهجير السكان من المخيمات كما حصل في لبنان، ولكن نحن نطالب بتوحيد الشعب الفلسطيني وإنهاء الانقسام، لوقف الهجمة الاسرائيلية الرامية إلى تصفية وجود الوكالة وقضية اللاجئين، خاصة أنه صدر قرار من الكنيست الاسرائيلي يدفع بهذا الاتجاه.

دور لنشر التوعية المجتمعية

*مثل مخيم بلاطة شعلة الانتفاضة الكبرى عام 1987 في الضفة، وكان له دور في كافة المحطات النضالية، ما الذي تغير على المخيم في رأيكم منذ تلك الانتفاضة إلى يومنا هذا؟

مخيم بلاطة هو الذي أشعل الانتفاضة الكبرى عام 1987 بعد مخيم جباليا في قطاع غزة، ومن ثم انخرط في الانتفاضة الثانية، وكان المخيم دوماً شعلة ومدرسة في النضال ونموذجاً في التلاحم الاجتماعي، لكن الاحتلال عمل على مدار سنوات لتدمير هذه اللحمة عن طريق تشجيع بعض الظواهر السلبية في المجتمع.

*يعاني جيل اليوم من غياب البوصلة فيما يتعلق بوجود جهة تعمل على رفع وعيه بقضايا مجتمعية وثقافية، ما الذي تقومون به على هذا الصعيد؟

نحاول بكل امكانياتنا رغم صعوبة الظروف تنظيم محاضرات وورشات توعوية، على سبيل المثال تعاونا مع جهاز الشرطة لإحضار خبراء مختصين في الجريمة الإلكترونية وانتشار المخدرات لنشر التوعية حول هذه القضايا، كما نعمل على رفع مستوى الوعي الصحي بين تلاميذ المدارس، فنحن بحاجة لهذه الورشات والندوات، وندعو الأهالي لمساعدة لجنة الخدمات، لتوعية الشباب وغرس القيم الوطنية والدينية فيهم وحمايتهم من الظواهر والسلوكيات السلبية.

تركيز على الوضع الاجتماعي

*ما أبرز الفعاليات والنشاطات التي نفذتها اللجنة الشعبية في المخيم خلال هذا العام؟

قمنا بتكريم بسيط لحملة شهادات الدكتوراة بالمخيم، لإظهار الوجه الجيد للمخيم على عكس ما يريده الاحتلال، كما نقوم بتكريم بعض المؤسسات التي تقوم على تحفيظ القرآن الكريم، وتلك التي تنظم الندوات الثقافية، ولكن بعد أحداث السابع من تشرين الأول 2023 نحاول التركيز على متابعة العلاج للعديد من المواطنين، والمساهمة في دفع أقساط جامعية لبعض الطلبة، وتقديم طرود غذائية لبعض الأسر لمساعدتها في هذه الأوضاع الاقتصادية المتردية، ولكن الاجتياحات الاحتلالية أجبرتنا على الانغماس في قضايا معالجة الأضرار الناجمة عن تلك الاجتياحات من تدمير وتخريب، كما يوجد لدينا لجان متخصصة تعليمية وصحية اجتماعية لإصلاح ذات البين، بالإضافة إلى العناية بأسر الشهداء، قبل الحرب الحالية كانت هناك معظم الأنشطة ثقافية وترفيهية أكثر من المرحلة الحالية الي نركز فيها على الوضع الاجتماعي.

تطلعات لاصلاح الدمار والخراب

*ما حجم الخسائر التي لحقت بالمخيم نتيجة الاجتياحات والاقتحامات المتكررة للمخيم خلال العام الحالي؟

الاحتلال تسبب بتدمير(16) منزلاً بشكل كلي في المخيم، يسكن أصحابها حالياً في منازل مؤقتة بالإيجار، بالإضافة إلى تدمير (162) منزلاً بشكل جزئي، و(140) محلاً تجارياً دمرت جزئياً، عدا عن تخريب البنية التحتية، بالإضافة إلى الخسائر البشرية باستشهاد (21) مواطناً و(110) إصابات.

*ما خططكم وتطلعاتكم للعام المقبل؟

طالبنا رئيس الوزراء الدكتور محمد مصطفى خلال زيارته لمخيم بلاطة بمسألتين: الأولى تتعلق بإعادة بناء البيوت المدمرة كلياً وإعادة السكان إلى بيوتهم، والثانية اصلاح البنية التحتية والصرف الصحي، فهذه أولويتنا في الوقت الحالي، لكن نسعى كذلك بالتعاون مع اللجان الشعبية في مخيمات الضفة إلى عقد اجتماع قريب لمناقشة وضع الخطط اللازمة للتصدي لمشروع تصفية “الأونروا” وقضية اللاجئين.




خليل طوقان.. عُمدة أطباء جنين

عبد الباسط خلف- يحمل الطبيب خليل نسيب طوقان صورة تخرجه في كلية الطب بجامعة القاهرة عام 1962، ويعيد عجلة الزمن إلى الوراء لتلخيص حكاية أحد أقدم أطباء جنين وعميد “ملائكة” رحمتها الأحياء.

وأشارت بطاقة هوية طوقان إلى أنه ولد عام 1938 في يافا، بحكم عمل والده في سلك القضاء وإقامته في المدينة الساحلية، فيما نال تعليمه في جنين، وحصل على الثانوية العامة من مصر عام 1954، ليلتحق بجامعة القاهرة، وليعمل نحو عامين في مستشفيات عجلون وإربد الحكومية، قبل أن يعود إلى جنين ليدشن عيادته الخاصة عام 1964، وليكون خامس طبيب فيها بجوار خاله مطيع الأسير، وهاشم عبد الهادي، وسعيد نمر، ونصفت كمال.

فوارق وخيول

واختزل طوقان حال التطبيب قبل النكسة وبعدها، إذ لم تتوفر وسائل المواصلات على نطاق واسع، وكان الشائع تنقل المرضى على خيولهم ودوابهم، أو السير على أقدامهم، أو الصبر على وجعهم.

واستذكر تفاصيل الشارع المجاور لعيادته، إذ كان في أطراف المدينة ويتحول مع عدد المراجعين الكبير إلى ما يشبه الخان، لكثرة الخيول والدواب التي كان يستخدمها المرضى ومن يرافقهم.

وأسهب في نقل أجواء الطب قبل عقود، إذ كان الغالبية يتحاملون على أوجاعهم؛ بفعل ضيق اليد، وكانوا يتوجهون إلى التداوي بالأعشاب والوصفات العربية والشعبية، ويتفادون طرق أبواب “الحكيم”.

تأثر طوقان بخاله الطبيب مطيع الأسير، فقد عمل معه خلال صباه في أول مستشفى أسسه الأسير في جنين قبل النكبة، واختار السفر إلى مصر لعدم وجود نظام لدراسة الثانوية العامة في فلسطين.

وقارن الأدوات الطبية التي كانت سائدة قديما، فلم تكن المضادات الحيوية حاضرة كاليوم، أما الحقن فكانت زجاجية يجري استعمالها عدة مرات بعد تعقيمها، بخلاف البلاستيكية منها اليوم، والتي تستخدم مرة واحدة، مثلما اختلف حال المعقمات.

أدخل طوقان جهاز الأشعة إلى عيادته، بعد وقت قصير من انتشاره، ووظف ممرضا بعد تدريبه على استخدامه، وكان شاهدا على انتشار عشرات العيادات، وتعلم مئات الأطباء الجدد للمهنة الإنسانية.

واسترد تفاصيل أو كشفية تلقها، إذ كانت 20 قرشا أردنيا، قبل أن ترتفع اليوم، لكنه يحرص على استمرارها مخفضة؛ مراعاة لأحوال الناس وتراجع دخولهم.

أمراض وحوادث

وبين أن الأمراض التي كانت أكثر شيوعا قبل عقود نزلات البرد، والتهابات اللوزتين، والأمراض المعوية والجلدية، أما السرطان فلم تكن الأجهزة المتوفرة قادرة على اكتشافه للجزم بوجوده من عدمه.

وفسر طوقان قلة عدد مواطني جنين قبل قرون إلى وجود الكثير من المياه والينابيع في المدينة، وانتشار الملاريا التي كانت تفتك بالأهالي، قبل اكتشاف أدوية تقطع الطريق عليها.

افتتح الراوي عيادة في بلدة قباطية 12 عاما، مطلع الستينيات والسبعينيات، لكنه أعاد إغلاقها، حينما كان يعود إلى عيادته في جنين، ويجد مرضى بلدة قباطية ينتظرونه في جنين.

واجهت عميد أطباء جنين حاليا، العديد من المواقف، ولكنه يتوقف عند أغربها، عندما وصل إليه رجل يريد علاج زوجته، التي ما إن دخلت باب العيادة، وصعدت إلى سرير الشفاء حتى توفيت في الحال، ولولا حضور زوجها لاحتاج إلى جهد لإقناعه بأن الوفاة طبيعية، ولا علاقة لها بمحاولة مداواتها.

وأضاف إن إحدى المريضات، وكانت عرافة ذاع صيتها في قراءة الفنجان، وصلت إلى عيادته، لكنها رفضت أن يقترب منها للكشف عليها، واحتاج وقتا لإقناعها بأن تشخيص المرضى لا يتم عن بعد، وأن الأطباء لديهم القسم الغليظ لمهنتهم، ولا يفشون أسرار مرضاهم.

والدان استثنائيان

وتحتفظ جدران عيادة الطبيب طوقان، الواقعة في حي المحطة بعشرات الصور والوثائق التي تكتب تاريخ جنين، ففي إحدى الواجهات تستلقي صورة لوالده القاضي نسيب منيب طوقان، الذي كان من أوائل المحامين في فلسطين، وعمل قاضيا في محاكم يافا، واختار الإقامة في جنين بعد النكبة، وتنقل في العمل قاضي صلح بين جنين ونابلس، عقب خسارته لبيارة برتقال مترامية الأطراف بنحو 120 دونما اشتراها في مدينة أم خالد (نتانيا اليوم)، وركب لها مضخة ماء حديثة، قبل وقت قصير من أيار 1948.

وأشار إلى أن والده كان يرى في مزاولة مهنة المحاماة من المحرمات؛ لأنه لا يجوز الدفاع عن المذنبين، ومن أراد نصرة المظلومين فيجب أن يكون ذلك دون مقابل مادي، ولذلك رفض تعليم ابنه وابنته الوحيدة خولة للحقوق.

وتوقف طوقان عند والدته الحاجة عدالت مطيع الأسير طوقان، السيدة التي ولدت في حماة السورية سنة 1913، وتلقت تعليمها الأساسي هناك، ثم تنقلت بين السلط الأردنية وجنين، واستكملت دراستها بدار المعلمات بالقدس، وعملت معلمة في مدارس جنين وطولكرم ووكالة الغوث، وأسست جمعية جنين الخيرية عام 1971، وبدأت بتقديم مساعدات للجامعيين الفقراء، وأنشأـت مدرسة الحنان للصم، ثم أضافت خدمة رياض الأطفال.

ووفق طوقان، فإن مندوبي شركات الأدوية كانوا لا يحبذون الوصول إلى جنين، لبعدها عن مراكز المدن الكبيرة.

وأضاف أن أكثر أوقات المدينة صعوبة، ما عاشته خلال انتفاضة عام 1987، وفرض الاحتلال لحظر التجوال مددا طويلة، بينما كان يتنقل بين الجبال لمداواة الجرحى.

إذاعة ودولاب

وتلتصق بذاكرة الطبيب خليل ملامح زيارته لقريب والدته، من عائلة بدران، الذي كان يعمل في “إذاعة الشرق الأدنى”، والتي كانت على بعد خطوات من بيت عائلته، ثم انتقلت إلى يافا فالقدس عام 1947.

فيما عاش صباه مع دولاب الماء الشهير، الذي أحضره جده القاضي مطيع الأسير من حمص برفقة عمال لتركيبه في بيته، وكان يستخرج المياه من النبع لري المزروعات ولسقاية عابري السبيل. وأوضح أن الدولاب بقي حتى وقت قصير، إلى أن سقط تلقائيا قبل عدة سنوات.

وطوقان أب لأربعة أبناء وبنت وحيدة، رفضوا غالبيتهم دراسة الطب؛ بسبب إحساسهم بالتعب والجهد الذي يقدمه والدهم، ولعدم وجود وقت خاص لأبيهم، ولم يقتنع بذلك غير ابنه الأصغر معتصم، الذي يتخصص في الأمراض الصدرية بألمانيا الاتحادية.

ويرتبط الطبيب خليل بصلة قرابة بالملكة علياء طوقان، التي ولدت في القاهرة، وتزوجت من الملك الأردني الحسين بن طلال، رحمه الله، في كانون الأول 1972، فهي ابنة ابن عمه بهاء الدين.

واختتم طوقان بالقول إنه يرفع شعار (جنين فوق الجبين)، تعبيرا عن حبه لمدينته، ويقضي أوقات فراغه في حديقته المتاخمة لعيادته، ويعهد أشجاره ونباتاته، ويتحسر على مزاحمة الإسمنت لمساحاتها الخضراء ولسهولها الخصبة.