You are currently viewing الزحف الاستيطاني يخنق قرى غرب رام الله ويهدد الوجود الفلسطيني

الزحف الاستيطاني يخنق قرى غرب رام الله ويهدد الوجود الفلسطيني

العربية فارسی كوردی‎ עִבְרִית Türkçe Français Deutsch Italiano Español English
شبكة فرح الاعلامية:

حنين خالد- تشهد قرى غرب رام الله سعاراً استيطانياً قد يكون غير مسبوق في مشهد يبدو وكأنه لإعادة لرسم الجغرافيا الفلسطينية، أو ضم صامت يقضم الأراضي الفلسطينية تدريجياً، ويحول الضفة إلى جزر معزولة، ضمن مشروع يهدد بإفشال أي أفق لحل سياسي عادل، كما وصفه مدير عام مديرية الوسط في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، صلاح الخواجا.

ويؤكد الخواجا في حديث لـ “الحياة الجديدة”، أن التوسع الاستيطاني في هذه المناطق هو الأخطر منذ عام 1967، نظرًا لموقعها الجغرافي الاستراتيجي قرب الخط الأخضر، الذي يجعلها نقطة وصل رئيسية بين شمال الضفة وجنوبها. وأوضح أن مستوطنة “كريات سيفر” التي تضم أكثر من 100 ألف مستوطن، تُستخدم كنقطة انطلاق لربطها بمستوطنة “جفعات زئيف” ومعسكر عوفر، من خلال شبكة من الطرق الالتفافية، أبرزها شارع 443، ما يكرّس عزل قرى مثل بلعين وكفر نعمة وصفا وبيت عور.

وأشار الخواجا إلى وجود “إصبع استيطاني” جديد يعمل على ربط بؤر غير شرعية في عين كينيا والجانية وحلميش، بهدف خلق تواصل استيطاني مستمر وفرض واقع ديموغرافي يصعب تغييره لاحقاً.

واعتبر أن الاعتراف الإسرائيلي الرسمي بأربع بؤر استيطانية جديدة في المنطقة، يمثل تهديداً مباشراً لمشروع الدولة الفلسطينية. مضيفاً: “ما يجري ليس توسعاً عشوائياً، بل خطة مدروسة لفرض نظام أبارتهايد فعلي على الأرض”.

وأوضح الخواجا أن قرى مثل نعلين وبلعين وبدرس كانت في طليعة المواجهة مع الجدار العنصري، واستطاعت عبر النضال الشعبي استرجاع آلاف الدونمات، خاصة بعد فتوى محكمة لاهاي عام 2004 التي أدانت الجدار واعتبرته غير قانوني. لكن الاحتلال يواصل استخدام أدوات قانونية زائفة مثل تصنيف الأراضي كمناطق أمنية أو أراضٍ متروكة، لتبرير المصادرة والضم.

بيتللو.. محاصرة بالاستيطان

وأكد نصر رضوان، رئيس مجلس بلدي بيتللو، أن البلدة تعاني من تصاعد غير مسبوق في الاستيطان، حيث تقع نحو 90% من أراضيها ضمن المناطق المصنفة (ج). وأوضح أن نحو 6000 دونم من أراضي بيتللو تتعرض لاعتداءات شبه يومية من المستوطنين، خاصة بعد إقامة بؤر استيطانية لا تبعد أكثر من 300 متر عن المستوطنات القائمة.

ومن بين الانتهاكات التي سردها رضوان في سياق حديثه لـ “الحياة الجديدة”: الاعتداء على المواطنين والاستيلاء على الموارد الطبيعية كمحاولة السيطرة على أكثر من 100 نبعة ماء غنية في بيتلاو، وعرقلة إقامة منشآت زراعية وتجارية، ومنع شق الطرق واستصلاح الأراضي.

وأشار إلى جهود المجلس المحلي في تعزيز صمود الأهالي من خلال تنفيذ مشاريع في المناطق المصنفة (ج)، مثل إنشاء حدائق عامة وملاعب، والتعاون مع المؤسسات القانونية لتقديم شكاوى ضد المستوطنين، وتفعيل لجنة طوارئ لمساندة المتضررين.

بيت لقيا.. الأرض والكرامة في مرمى الاستيطان

وحذّرت أريج عاصي، رئيسة بلدية بيت لقيا، من التهديدات المتزايدة التي تطال البلدة وسائر قرى غرب رام الله. وأكدت أن ما يجري هو جزء من خطة إسرائيلية ممنهجة تهدف إلى السيطرة على المناطق المصنفة (ج)، وتمزيق الجغرافيا والديمغرافيا الفلسطينية.

ولخصت عاصي أبرز الانتهاكات في مصادرة الأراضي الخاصة وشق طرق استيطانية، وتدمير الأراضي الزراعية ومنع المزارعين من الوصول إليها، وفرض قيود على الحركة عبر الحواجز العسكرية، وتصاعد العنف من قبل المستوطنين وجيش الاحتلال.

وأكدت أن البلدية تواصل جهودها لتوثيق الانتهاكات، وتقديم اعتراضات قانونية، وتوفير الدعم النفسي والاجتماعي للأسر المتضررة، بالتعاون مع هيئة مقاومة الجدار ومؤسسات حقوقية.

وأوضحت عاصي أن الوضع الاقتصادي في بيت لقيا يتدهور بشكل متسارع نتيجة الاعتداءات، مع ارتفاع البطالة وتراجع النشاط الزراعي، وأشارت إلى مشاريع تنموية جارية لتحسين البنية التحتية وتعزيز الصمود، رغم التحديات الهائلة.

كما دعت إلى توثيق دولي للانتهاكات وتوسيع علاقات التوأمة مع بلديات عالمية، بهدف نقل صوت الفلسطينيين إلى الخارج وتجسيد التضامن العالمي بمشاريع حقيقية.

المشهد في غرب رام الله ينذر بكارثة ديموغرافية وجغرافية حقيقية، إذ يحكم الاحتلال قبضته على الأرض عبر بؤر استيطانية متسارعة وجدار عنصري خانق، إلى جانب الاعتداءات اليومية على المواطنين والموارد.

صفا.. التوسع الاستيطاني قنبلة موقوتة تهدد الجغرافيا الفلسطينية

ويقول جمال فلنة، رئيس مجلس قروي صفا خلال حديثه لـ “الحياة الجديدة”: “أُميط اللثام عن تفاصيل مقلقة تتعلق بموجة استيطانية إسرائيلية غير مسبوقة تضرب قرى غرب رام الله.

ما يجري على الأرض وفق فلنة، ليس مجرد توسع استيطاني تقليدي، بل هجمة ممنهجة ومتصاعدة؛ وتفكيك كامل للامتداد الجغرافي الفلسطيني، هدفها النهائي إجهاض الحلم الفلسطيني وإفشال أي إمكانية مستقبلية لقيام دولة فلسطينية متصلة جغرافياً، وتحويل القرى والبلدات الفلسطينية إلى جزر محاصرة.

ويؤكد فلنة أن ما يحدث غرب رام الله هو ترجمة فعلية للاتفاقات الداخلية في حكومة الاحتلال التي يهيمن عليها اليمين المتطرف. ويضيف: “الهدف الاستراتيجي لحكومة الاحتلال إحباط أي فرصة مستقبلية لقيام دولة فلسطينية. فالتوسع الاستيطاني هو أداة تنفيذية لمخطط الضم التدريجي”.

لم يعد المواطن في هذه المناطق يعيش حياة طبيعية. يقول فلتة: “نحن نعيش تحت حصار داخلي. المواطن اليوم أصبح أسيراً في منزله محاصرا داخل قريته، ممنوع من الوصول إلى أرضه، وحتى لو وصل، فإنه يبقى مهدداً بالطرد والهدم؛ جيش الاحتلال والمستوطنون يتصرفون وكأنهم أصحاب الأرض، بينما نحن غرباء فيها”.

ويرى فلنة أن الاعتداءات الاستيطانية لا تقتصر على مصادرة الأراضي فحسب؛ بل تشمل سياسة هدم المنازل والمنشآت الزراعية والصناعية بحجج واهية، وبذريعة البناء دون تراخيص، أو التواجد في مناطق مصنفة “ج”، أو وجود المنطقة في نطاق عسكري.

ويؤكد فلنة؛ أنّ كل عملية هدم ليست فقط جريمة، بل ضربة قاضية لاقتصاد الأسر الفلسطينية. عائلة بأكملها تصبح بلا مأوى، ومزارع يخسر مصدر رزقه الوحيد. إنها نكبة متكررة بحجج باطلة.

وحول ردود الفعل الفلسطينية، أوضح فلنة أن هيئة مقاومة الجدار والاستيطان تتابع القضايا من الناحية القانونية عبر محامين متخصصين، وتسعى لوقف أوامر الهدم والمصادرة من خلال الطعن في المحاكم الاسرائيلية، لكن النتائج غير مضمونة في ظل سيطرة القضاء الإسرائيلي المنحاز. كما يسعى مجلس قروي صفّا، رغم محدودية موارده، يعمل على تحفيز أصحاب الأراضي على عدم الاستسلام، وتقديم الدعم الفني واللوجستي لزراعة الأرض وحمايتها قدر الإمكان.

من أخطر المشاريع الحالية؛ التي كشف عنها فلنة هو المشروع الاستيطاني في منطقة “جريوت”، الذي يشمل شق طريق جديد يخترق أراضي عدة قرى وبلدات فلسطينية جنوب غرب رام الله، أبرزها: صفّا، دير إبزيع، بيتونيا، كفر نعمة، بيت عور، بلعين، عين عريك، وغيرها.

ويقول فلنة: “اذا تم تنفيذ هذا الطريق؛ ستحوّل قرانا إلى كنتونات مغلقة أشبه بالسجون، ويعزل السكان عن مدينة رام الله، ما يعمّق أزمة الحركة والاقتصاد والتعليم والصحة”، وهذا المشروع يهدد مستقبل المنطقة بالكامل”.

في مواجهة التحديات، كشف فلنة أن المجالس القروية في المنطقة بدأت بالتنسيق وتنظيم اجتماعات طارئة لتوحيد الجهود، لاسيما مع ازدياد التهديدات التي تطال أراضي قرى بيت لقيا، الطيرة، خربثا المصباح، بيت سيرا وغيرها، التي قد تُعزل بالكامل في حال استمرار المشروع الاستيطاني.

اطبع هذا المقال