You are currently viewing <strong>مخيم جنين.. دبلوماسيو العالم في مرمى نيران الاحتلال</strong>

مخيم جنين.. دبلوماسيو العالم في مرمى نيران الاحتلال

العربية فارسی كوردی‎ עִבְרִית Türkçe Français Deutsch Italiano Español English
شبكة فرح الاعلامية:

إدانات فلسطينية وعربية ودولية واستدعاء سفراء تل أبيب في إيطاليا وفرنسا وإسبانيا ودعوات لمحاسبة المسؤولين عن استهداف الوفد

 عبد الباسط خلف- فتح جنود الاحتلال النار بكثافة على وفد دبلوماسي عربي واجنبي خلال جولة في مدخل مخيم جنين الشرقي، ظهر أمس الأربعاء.

وصوب الجنود المتمركزون داخل المخيم أسلحتهم الرشاشة نحو ممثلي 32 دولة عربية وأوروبية وآسيوية ومنظمة دولية، قبل نهاية جولة تضامنية نفذتها وزارة الخارجية والمغتربين ومحافظة جنين لدبلوماسيين وقناصل وإعلاميين.

وقطعت الطلقات النارية، قرابة الثانية بعد الظهر، الجولة الدبلوماسية عند المدخل الشرقي لمخيم جنين، الذي عزله الاحتلال ببوابة حديديةـ، عقب إخلاء قسري لنحو 20 ألف مواطن منه خلال 3 أيام فقط.

وكان الدبلوماسيون على وشك المغادرة، لكن رصاص الاحتلال الحي، وأصوات سيارات الإسعاف، وحالة الهلع والتدافع، نقلت لأعضاء السلك الدبلوماسي مشهدا تعيشه جنين ومخيمها وريفها منذ 121 يوما. وأكد مدير وكالة (وفا) ومصورها في جنين، محمد منصور لـ”الحياة الجديدة” أن جنود الاحتلال أطلقوا الرصاص من مسافة قريبة، وأن الطلقات النارية اصطدمت في الجدران المجاورة للبوابة التي وضعها الاحتلال قبل أسابيع على مداخل المخيم.

مقابلة لم تكتمل

وكانت “الحياة الجديدة” تجري مقابلة مع سفير جمهورية مصر العربية لدى دولة فلسطين، إيهاب سليمان عند بوابة المخيم المستهدفة، لكن رصاص الاحتلال أنهى الحوار قبل أن يبدأ.

فيما جدد السفير الأردني في فلسطين، عصام البدور لـ”الحياة الجديدة”، قبيل إطلاق النار وانفضاض الجولة القسري بقليل، دعم المملكة لفلسطين حتى تستعيد حريتها.

وقال إنه برغم الألم الذي شاهده في جنين ومخيمها، وفي طولكرم، فإن ذلك يؤكد أن الأمل قائم ومتمثل بصمود المواطنين الفلسطينيين وبطريقة تعاملهم مع التحديات والظروف الصعبة.

وأكد البدور، أن المستشفى الميداني الأردني في جنين يقدم الخدمة يوميا لـ300 مريض، في حين يعالج المستشفى الأردني في نابلس 600 حالة.

وأشاد بالدور الإنساني النبيل القوات المسلحة الأردنية، في دعم الشعب الفلسطيني وتعزيز صموده فوق أرضه بكل السبل المتاحة.

وجاء إطلاق النار بعد وقت قصير من تصريح ختامي للمستشار السياسي لوزير الخارجية والمغتربين، السفير أحمد الديك، الذي تطرق لعدوان الاحتلال على كفر الديك وبروقين في محافظة سلفيت، المستمر منذ 7 أيام، وسط حصار مشدد ومنع للتجوال وتفتيش البيوت كافة وتحطيم محتوياتها.

عقوبات وضم

ووصف الديك على بعد خطوات من البوابة المعدنية الصفراء، التي تعزل مخيم جنين ما يحدث هنا وفي طولكرم ومخيميها وبروقين وكفر الديك وكافة المواقع بـ”عقوبات جماعية لإرضاء المستوطنين، وجزء من محاولة ضم الضفة الغربية”.

وقال لـ”الحياة الجديدة” إن الحراك الدبلوماسي يهدف إلى نقل ما تتعرض له جنين وطولكرم، وما يواجه شعبنا من إبادة وتطهير عرقي ومحاولات للضم وعقوبات جماعية.

وأشار إلى أن المشاهدات التي سيطلع عليها الدبلوماسيون ستكون شهادات حية مهمة تدعم الموقف الدولي الرافض للاحتلال.

ورحب الديك بمواقف كندا وبريطانيا وفرنسا المساندة لإدخال المساعدات إلى غزة، والرافضة لاستمرار العدوان الواسع ضد شعبنا.

32 تضامنا

وتشكل الوفد المستهدف من سفراء مصر، والأردن، والمغرب، والاتحاد الأوروبي، والبرتغال، والصين، والنمسا، والبرازيل، وبلغاريا، وتركيا، وإسبانيا، وليتوانيا، وبولندا، وروسيا، وتركيا، واليابان، ورومانيا، والمكسيك وسيريلانكا، وكندا، والهند، وتشيلي، وفرنسا، وبريطانيا وعدد من ممثلي الدول الأخرى.

إدانات ومطالبات بالتحقيق واستدعاء سفراء

وأدان نائب رئيس دولة فلسطين، نائب رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير حسين الشيخ، إطلاق النار على الدبلوماسيين العرب والأجانب، وطالب المجتمع الدولي بلجم “الانفلات الوحشي لقوات الاحتلال في الأراضي الفلسطينية”.

فيما استنكر أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، عضو اللجنة المركزية لـ”فتح” عزام الأحمد، ما حصل، واعتبر”الاستهداف الوحشي للمبعوثين الدبلوماسيين، جريمة تضاف لسجله الدامي، وتؤكد للعالم أجمع أن جيش الاحتلال مستمر في جرائمه ضد أبناء شعبنا، وضد كل من يتضامن معه دون أي رادع”.

واعتبر رئيس المجلس الوطني روحي فتوح، ما حصل عملا إرهابيا وخرقا واستهتارا بالقانون الدولي، ودليلا على ثقافة جيش الاحتلال الإسرائيلي القائمة على عدم احترام أي قوانين دولية، أو أعراف دبلوماسية.

وأدانت “الخارجية والمغتربين”، استهداف الوفد الدبلوماسي، واعتبرته “فعلا عدوانيا وخرقا فجا وخطيرا” لأحكام القانون الدولي، ولأبسط قواعد العلاقات الدبلوماسية المنصوص عليها في اتفاقية فيينا 1961، والتي تضمن الحماية والحصانة للبعثات والوفود الدبلوماسية.

وأكدت الوزارة أن قوات الاحتلال هي التي أطلقت الرصاص الحي تجاه الوفد الدبلوماسي أثناء جولته الميدانية قرب إحدى البوابات على مداخل مخيم جنين، وهو ما وثقته العدسات.

ولم تمض ساعات قليلة على الاستهداف، حتى طالب العديد من الدول توضيحا من جانب الاحتلال، فقد طالب وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاجاني، إسرائيل بتوضيح فوري لما حدث، معتبرا “التهديدات ضد الدبلوماسيين غير مقبولة”. كما وجه باستدعاء السفير الإسرائيلي في روما للحصول على توضيحات رسمية بشأن ما حصل.

وأعلن وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، أنه سيستدعي السفير الإسرائيلي، وصف الواقعة بأنها غير مقبولة، وقال إنه سيُطلب من السفير تقديم تفسير. كما أعلن وزير الخارجية الإسباني أن مدريد تعتزم استدعاء القائم بأعمال السفارة الإسرائيلية.

وعبر وزير الخارجية البلجيكي، ماكسيم بريفو، عن صدمته تجاه ما حدث، وأكد أن الوفد كان في موكب “واضح المعالم” وطالب “إسرائيل بتفسير مقنع”.

من جانبها، دعت الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في الاتحاد الأوروبي كاياكالاس، الاحتلال الإسرائيلي، إلى التحقيق في الحادث.

وطالبت بمحاسبة المسؤولين عن الاعتداء، مضيفة أن “أي تهديد لحياة الدبلوماسيين أمر غير مقبول، لذا، ولأن إسرائيل طرف في اتفاقية فيينا، فمن حقها، بل من واجبها، ضمان أمن جميع الدبلوماسيين الأجانب”.

كما أدانت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين الأردنية الحادثة، واعتبرت على لسان الناطق باسمها السفير سفيان القضاة، ذلك انتهاكا واضحا للقانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني، وجريمة تخالف جميع الأعراف الدبلوماسية.

وأكدت جمهورية مصر العربية، وزارة خارجيتها “رفضها المطلق للاعتداء، الذي يعد منافيا لكافة الأعراف الدبلوماسية، وطالبت دولة الاحتلال بتقديم التوضيحات اللازمة حول ملابساته.

وكان الدبلوماسيون أمضوا ساعتين في دار محافظة جنين، واستمعوا إلى إحاطات عن العدوان وتداعياته، قدمها المحافظ أبو الرب، ورئيس البلدية جرار، ورئيس اللجنة الشعبية لخدمات مخيم جنين، محمد الصباغ، ورئيسة منطقة الشمال في وكالة الغوث “الأونروا”، هنادي أبو طاقة، كما شاهدوا عرضا مرئيا لخص 4 أشهر من العدوان، ورئيس الجامعة العربية الأمريكية، براء عصفور.

16 عدوانا

ولخص المحافظ أبو الرب تداعيات العدوان المستمر وما سبقه، وقال إن المحافظة تعرضت إلى 16 اقتحاما متواصلا، بين 7 تشرين الأول 2023 وحتى 21 كانون الثاني 2025، عدا العدوان الحالي.

وأكد أن العدوان المتواصل أسفر عن 41 شهيدا، ونحو 200 جريح، و276 معتقلا. وقال إن الاحتلال قتل الطبيب، والمعلم، والموظف، والطفل، وطالب المدرسة، والنساء، وأجبر نحو 20 ألف مواطن على النزوح.

وحمل أبو الرب صورة ابنه الطبيب شامخ، الذي استشهد قبل عام ونصف العام، في باب بيته وأمام والده وأفراد عائلته، بينما أصيب ابنه طالب الطب محمد بالرصاص، وأجريت له 8 عمليات جراحية لاستعادة عافيته.

وأضاف بصوت حزين إن ابنه استشهد في الساحة نفسها التي أقيم فيها حفل تخرجه، وبعد أسبوعين فقط على انتقاله للتخصص في الأمراض الباطنية بمستشفى ابن سينا، وهذا يثبت أن الجميع تحت رصاص الاحتلال وفي مرمى جنوده.

ووفق أبو الرب، فإن الاحتلال سعى إلى إفشال الجولة الدبلوماسية، واقتحم المدينة قبل ساعات منها، وأنه شخصيا اضطر للانتقال من بلدته قباطية، التي تتعرض لاقتحام من طريق فرعي، بعد حصارها وتجريف طرقات فيها.

وثمن مواقف الدول الصديقة الشقيقة الداعمة لحقوق شعبنا الفلسطيني، والرافضة لتهجيره واقتلاعه من أرضه، وأثنى على مواقف بريطانيا وفرنسا وكندا الأخيرة المساندة للحقوق الفلسطينية المشروعة، والداعمة للقيادة والرئيس محمود عباس.

وأكد أبو الرب أن جنين تصر دائما على أن تنهض من جديد، وأشاد بدعم الحكومة للمحافظة وعقدها أول جلسة لها خارج رام الله والبرية في جنين، وتقديمها نصف مليون شيقل للنازحين، كما أثنى على القطاع الخاص الذي أطلق مبادرة (لبيك يا جنين)، التي قدمت مليون ونصف المليون شيقل لمن فقدوا بيوتهم في المخيم.

استهداف مباشر

وقال رئيس بلدية جنين، محمد جرار لـ”الحياة الجديدة” إن الجنود أطلقوا النار على الوفد العربي والأجنبي رغم معرفتهم بتواجده، وتنسيق الجهات الرسمية للجولة ومسارها.

وأضاف أن الدبلوماسيين هرعوا إلى سياراتهم للاحتماء من الرصاص، ولحسن الحظ لم تقع إصابات في صفوفهم، فقد كان إطلاق النار من مسافة ليست بعيدة ودون سابق إنذار.

ووصف ما حدث بـ”الصعب جدا”، خاصة أن إسرائيل تعاملت مع الوفود الأجنبية بعدم احترام، ولم تراع أصول الدبلوماسية.

نزوح قسري

وبين رئيس بلدية جنين، بأن المدينة التي تعرضت إلى 17 عدوانا خلال 19 شهرا فقط تكبدت خسائر فادحة، وشهدت حركة نزوح كبيرة طالت أكثر من 20 ألف مواطن.

وقدر جرار حجم الأضرار التي أصابت المدينة بنحو 298 مليون دولار، خلال العدوان المستمر، مؤكدا وجود خسائر غير مباشرة. كما ذكر بأن نحو 20% من مواطني المدينة معرضون للإصابة بأمراض تنفسية بفعل الغبار جراء التدمير المستمر للطرقات والمباني.

وشدد على أن ما تنفذه البلدية منذ سنوات أصبح إغاثيا وضمن حالة الطوارئ، وليس له علاقة بالخطة التنموية والاستراتيجية.

3 أيام قاسية

بدوره، ذكر رئيس اللجنة الشعبية لخدمات مخيم جنين، محمد الصباغ، بأن المخيم تعرض خلال 3 أيام لأكبر عملية تهجير قسري، شملت 17 ألف مواطن من داخله دون أن يمنهم من إخراج أي شيء من مقتنياتهم، و3 آلاف هجروا من أحياء مجاورة للمخيم.

وأفاد بأن الاحتلال دمر بشكل كامل نحو 700 بيت، كما هدم بشكل جزئي 2300، فيما أصبح المواطنون يتوزعون على 35 موقعا في المحافظة، تنتشر في جنين وحدها 1200 عائلة.

ووصف ما تعرض له المخيم بنكبة حقيقية، ومحاولة لترسيخ سياسة التهجير، ولطمس المخيم ومحوه وتحويله إلى حي من أحياء المدينة، بصفته تعبيرا عن اللجوء والنكبة.

وقال إن ما يحدث له تداعيات سياسية واقتصادية واجتماعية وإنسانية خطيرة، ويتزامن مع استهداف الاحتلال لوكالة “الأونروا” ومحاولة شطبها. وبين أن الحكومة والشعب جسم واحد، وأن الهم الفلسطيني يوحد الجميع.

وطالب الدبلوماسيون بنقل الصورة إلى حكوماتهم، وحثهم على عدم الصمت على المجازر والتهجير، وترجمة أخلاقها وقيمها إلى سلوك يمنع المذبحة في غزة، ويوقف تدمير مخيمات شمال الضفة الغربية.

مدينة مخنوقة

وقال رئيس الغرفة التجارية، عمار أبو بكر، إن العدوان خنق المدينة، من خلال أقفال رئتها الاقتصادية الممثلة بحاجز الجلمة، ومنع وصول 300 مركبة يوميا من أهلنا في الداخل، كانوا يتسوقون بنحو 10 مليون شيقل.

كما أشار إلى تعطل قرابة 35 ألف عامل، ومنعهم من الوصول إلى الداخل، وسط صعوبات اقتصادية وبطالة وفقر بنسب متزايدة.

وجدد سفراء الأردن ومصر والمغرب دعم بلادهم للشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة، ورفضهم لاستمرار العدوان، وتمسكهم بإعادة الإعمار في غزة وشمال الضفة الغربية.

وقال سفير المملكة المغربية لدى دولة فلسطين عبد الرحيم مزيان إن ما يجري في جنين وطولكرم وغزة لا يحتاج إلى نقل، فكل العالم يشاهده، ورغم ما يحدث، إلا أننا نرى الأمل في نهاية النفق.

اطبع هذا المقال