1

الاحتلال يجبر مقدسيا على هدم منزله في بلدة العيسوية




الاحتلال يهدم منزلين في مرج غزال شمال أريحا

الاحتلال يهدم منزلين في مرج غزال شمال أريحا




نسرين بيرقدار.. من المخيم إلى ميادين التمكين: تكتب حكاية الأمل بإصرار

 حنين خالد- من بين أزقة مخيم عسكر التي اعتادت أن تُنبت الألم والصمود معًا، خرجت نسرين أحمد بيرقدار لتصنع من المطبخ ورشة حياةٍ ومن أدوات التصنيع الغذائي مفاتيح للتمكين والاعتماد على الذات. ابنة المخيم التي بدأت رحلتها بدورة صغيرة في المركز النسوي، باتت اليوم مدرّبة معتمدة ووجهًا نسويًا بارزًا في تمكين النساء والفتيات داخل المخيم وخارجه، تُعلّمهن كيف يصنعن النجاح كما يصنعن الخبز بأيديهن، وكيف تتحول التجربة القاسية إلى طاقة نهوضٍ وأمل.

لم تولد نسرين في بيئةٍ ميسورة، بل في بيتٍ بسيط يضيق بما فيه، لكن قلبها كان أوسع من حدود المكان. بالإصرار والمثابرة، شقت طريقها من متدربةٍ تبحث عن فرصة، إلى مدرّبةٍ تمنح غيرها فرصة الانطلاق. وها هي اليوم، نموذجٌ فلسطينيّ يُحتذى به في صناعة التغيير، وامرأةٌ حوّلت معاناتها إلى طاقة تمكين، لتصبح رمزًا للإرادة التي تهزم الصعب وتصنع الأمل في يوم المرأة الفلسطينية.

لم تكن حياة نسرين سهلة؛ فالفقر وشُحّ الفرص كانا عنوان طفولتها. لكنّها وسط هذا الواقع القاسي آمنت أن الأمل لا يُمنح بل يُصنع، وأن النور يولد من قلب العتمة، وان تصنع طريقها بيديها، وحين تدخلت وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) عبر برنامج إدارة الحالة، بدأت ملامح التحول في حياتها من جديد. لتفتح أمامها أبواب الدعم النفسي والاجتماعي، لتبدأ رحلة نهوضٍ جديدة كتبت فصولها بعرق المثابرة وعزيمة لا تلين.

كانت محطتها الأولى وبداية رحلتها المركز النسوي في مخيم عسكر، حيث التحقت بدورة تدريبية مكثّفة في التصنيع الغذائي استمرت ثلاثة أشهر. هناك، اكتشفت نسرين شغفها الحقيقي، وتقول؛ لم تكن تلك الدورة مجرد دورة عابرة بل نقطة التحول الحقيقية لمسيرة مهنية في حياتها؛ تعلمت كيف تصنع النجاح كما تصنع بيديها أشهى الأطباق. ومع مرور الأيام، تحولت من فتاة مترددة تخشى الفشل إلى امرأة تعرف تمامًا طريقها، امرأة تصنع قوتها بيديها وتمنح غيرها طاقة النهوض. اصبحت عموداً اساسياً في كل فعالية غذائية تنظم، ووجهاً لن ينسى في ورش العمل والدورات التدريبية.

واليوم، تشغل نسرين موقعًا ثابتًا في المركز النسوي ضمن برنامج التشغيل التابع للأونروا، تتقاضى راتبًا رسميًا، وتواصل رسالتها بإخلاص. لكنها ترى أن وظيفتها ليست مجرد عمل، بل رسالة حياة. فهي تُعلّم النساء كيف يبدأن من جديد، وتزرع في كلٍّ منهن بذور الثقة بالنفس، وتفتح لهن نوافذ نحو مستقبلٍ أكثر إشراقًا.

وفي مسيرتها، وفي كل محطة من محطات رحلتها، كانت نسرين تحيط نفسها بنور الدعم، لم تنس نسرين الأيادي التي ساندتها، فرفعت الامتنان لكل من آمن بها وساعدها على النهوض: السيدة وهيبة صالح وسماح أبو عبدو اللتان كانتا عونًا لها في رفيقتي دربها في التمكين والدعم، والشيف كفاح العسكري التي غرست فيها روح الإبداع والمثابرة. كما تهدي نجاحها وامتنانها إلى عائلتها، سندها الدائم في كل لحظة تعب أو تردد.

تتحدث نسرين لـ “الحياة الجديدة” بثقة واثقة؛ “لم تكن الطريق سهلة أو مفروشة بالورود، لكنني تعلمت أن كل تعب يصنع المعنى، وأن كل فشل هو خطوة نحو القوة. أنا نسرين بيرقدار، ابنة المخيم، وفخورة بأنني امرأة فلسطينية تصنع مستقبلها بيديها.”

لم تكتفِ نسرين بعالم التصنيع الغذائي، بل وجدت في الفن اليدوي مساحة جديدة للتعبير عن ذاتها. التحقت بعدة دورات في المكرمية، الكليم، الصوف، وفن الريزن، لتبدع في صناعة المعلّقات، توزيعات المناسبات، وزينة رمضان التي تحمل لمساتها الخاصة. تحوّلت الهواية إلى شغف، والشغف إلى إنجاز، لتصبح أعمالها الفنية عنوانًا للجمال والإبداع في المخيم.

واليوم، كعضوٍ في الهيئة الإدارية لمركز نسوي عسكر، تقف نسرين شامخة بين نساء يسعين مثلها نحو التغيير. تحمل مسؤولية مجتمعية نابعة من إيمانها بأن نجاحها ليس فرديًا، بل ثمرة تضامنٍ ودعمٍ نسوي يغيّر الواقع ويصنع الأمل.

قصة نسرين بيرقدار ليست مجرد حكاية نجاح شخصي، بل شهادة حية وحكاية وطنية تعكس روح المرأة الفلسطينية على النهوض من تحت الركام لتبني وطنًا بالحلم والعمل والارادة.

وفي اليوم الوطني للمرأة الفلسطينية، نُحيّي نسرين، نحيي كل امرأة كتبت حكايتها بالحبر والعزم، ونُحيّي كل امرأة فلسطينية تمضي نحو التغيير بخطى ثابتة لتصنع من الصبر قوة، ومن الألم أملاً، ومن المحنة انطلاقة نحو الحرية. لأن فلسطين تزهر دائماً بأيدي نسائها.