1

استئناف زيارات الأسرى في سجون الاحتلال




الاحتلال يعتدي بالضرب على شابين غرب نابلس




رابا.. جبل السالمة فوق صفيح ساخن

عبد الباسط خلف- يضع الخمسيني مروان عودة بزور يده على قلبه، بعد ساعات من تلقي قريته رابا شرق جنين أمرا احتلاليا بمصادرة جبل السالمة.

ويقول بنبرة مسكونة بالحزن إن أرض جده حسين، البالغة 45 دونما والمغروسة بالزيتون، سيبتلعها القرار الإسرائيلي الجائر، ويخشى أن تصبح محرمة عليهم تماما.

ويبين أن الحوض 19 من الجبل، هو الأكثر تضررا من مخطط جيش الاحتلال، الذي سلم إلى المجلس القروي، فيما يتهدد النهب نحو 7 أحواض أخرى بمساحات متفاوتة.

ويخشى البزور من سلب الاحتلال للجهتين الجنوبية والجنوبية الشرقية من قريته، بدعوى إقامة معسكر لجيش الاحتلال الإسرائيلي في قمة الجبل، وربطه بشارع.

ويسترد مروان ذكريات طفولته التي كبرت في قمة الجبل، وتعرف خلالها على نباتاته وأشجاره، وساعد والده في رعي الأغنام، كما غرس عشرات أشجار الزيتون.

ويؤكد أن الكثير من الأراضي المصادرة مزروعة بالزيتون منذ قرابة 90 عاما، وكانت متنفسا لأهالي القرية والمنطقة برمتها، كونها مطلة على غور الأردن وبيسان ونابلس وجبل الشيخ ومرج ابن عامر ونابلس وطوباس والأغوار الشمالية.

وتتمدد رابا على نحو حوالي 27 ألف دونم، ويقطنها نحو خمسة آلاف مواطن، ونهب جدار الضم والتوسع العنصري مساحات كبيرة منها عام 2003.

رئة مهددة

ويشبه رئيس المجلس القروي غسان البزور، الجبل المهدد بـ”رئة المنطقة”، فقد كان وجهة لرعاة الأغنام من جنين، ويضم مساحات واسعة من حقول الزيتون، والأراضي الزراعية التي تعد مصدر دخل غالبية المواطنين.

ويقول بمرارة إن المجلس يعكف على جمع المساحات المهددة، ويستعد لعقد لقاء مفتوح مع المزارعين المستهدفة أملاكهم لوضع الخيارات القانونية والخطوات الممكنة لرفض القرار الاحتلالي.

ويؤكد أن المخطط الاحتلالي كما شاهده على الورق، لا يبتعد غير 300 متر عن بيوت المواطنين، ويقترب من خزان المياه، ويعني عمليا ابتلاع أعلى قمة في القرية، وتسميم حياة أهلها.

ووفق البزور، فإن “السالمة” استراتيجي يطل على الأردن وجبل الشيخ السوري المحتل، ويكشف الكثير من المدن والمواقع، ويعلو البحر بقرابة 700 متر، ويحاط بحراج حكومي، ومساحات زراعية للمواطنين.

ويفيد بأن والده محمد وعمه يوسف، وابن عمهم عبد الله يملكون 3 قطع تمتد على 200 دونم من أراضي رابا، كلها مهددة بالمصادرة.

ويُقدر البزور بشكل أولي الأراضي المهدد بـ 1000 دونم من أراضي رابا، و600 دونم أخرى من أراضي القرية داخل طوباس، و763 دونما أراضي دولة (خزينة للمملكة الأردنية) يملكها نحو 1500 مواطن ووريث من عائلتي البزور وقصراوي.

ويعدد الخسائر المتوقعة جراء نهب الجبل، وأولها حرمان المزارعين من حقولهم وزيتونهم، ومنع رعاة محافظة جنين والقرية من الوصول إلى المراعي، وتحويل المنطقة برمتها إلى “سجن كبير” بحرمان المتنزهين والأهالي من متنفسهم الطبيعي، خصوصا خلال الشتاء والربيع.

ويؤكد أن اقتحامات جنود الاحتلال ومجموعات المستوطنين لجبل السالمة بدأت تتوسع منذ نحو 20 شهرا، وصارت نهجا يوميا، حتى إن المقتحمين لم يتوقفوا عن عربدتهم ومضايقاتهم للمواطنين خلال أيام سبتهم.

ويلخص البزور “خطة التحرك” التي وضعها المجلس ويستعد لإقرارها مع أهالي القرية والمتضررين وجهات الاختصاص، ويعول على الإجراءات القانونية، لكنه يخشى أن يدركهم الوقت.

ويصف المهلة الممنوحة من جيش الاحتلال للاعتراض على قرار المصادرة بـ”الصورية”، فهي تعطيهم أسبوعا واحدا من موعد اقتحامهم للمنطقة، بهدف تنفيذ ما سموه “جولة ميدانية”.

مخطط ضم

ويعتبر المواطن صلاح البزور أن ما يجري في أراضي قريته مخطط احتلالي للضم الفعلي للمناطق المسماة (ج)، كون المنطقة نقطة البداية للشمال الشرقي للمحافظات الشمالية.

ويرى أن وضع جدار شائك على حدود المنطقة (ج) وبوابات في نهايته، يعني عمليا نهب قرابة 12 ألف دونم من أراضي رابا، التي خسرت نحو ألفي دونم لصالح جدار الضم والفصل العنصري قبل 22 عاما.

ويضيف أن أهالي رابا شرعوا منذ مساء الخميس في جمع أوراق ملكيتهم الثبوتية؛ للبدء في الإجراءات القانونية عبر هيئة مقاومة الجدار والاستيطان.

ويقول البزور إن المخططات تبين أن الشارع الاحتلالي المقترح سيلتهم 101 دونم إضافة إلى 27 دونما أخرى للمعسكر.

جنة وجحيم

ويوضح المزارع فضل نواجعة، بأنه اشترى أرضا شرق رابا قبل سنوات، وباع معظم ماشيته لإكمال ثمنها، لكنه تألم كثيرا عندما علم بنية الاحتلال مصادرتها، وإقامة بوابة فوقها، كما تشير المخططات.

ويفيد بأنه قدم من يطا بمحافظة الخليل، وأقام في الفارسية بالأغوار الشمالية 8 سنوات، وأجبره الاحتلال على الرحيل، فوصل إلى “السالمة” منذ 13 عاما، ويشعر اليوم بالمرارة من مخططات الاحتلال.

ويمتلك فضل وشقيقه 6 دونمات ونصف الدونم غرسها بالزيتون واللوزيات، وبنى بيتا في المنطقة، واستصلح الأرض الوعرة.

ويعني القرار الاحتلالي لعائلة نواجعة، وهم 7 أبناء، تهديد حياتهم، وإنهاء مصدر رزقهم، وإقفال المراعي عن مواشيهم، وتحويل منطقتهم إلى جحيم لا يُطاق. ويؤكد بأن العام الحالي شهد اقتحامات متكررة ويومية لجيش الاحتلال والمستوطنين.

من جانبه، يصف مصور الحياة البرية محمد دراغمة، بأن مصادرة الجبل تعني عمليا القضاء على مكان مهم للتنوع الحيوي، يكثر فيه سوسن فقوعة، وغزال الجبل الفلسطيني، وعصفور الشمس الفلسطيني، وغني بعشرات الأنواع.

ويشير إلى أنه التقط في آذار الماضي صورة لنبتة السوسن من الجبل المهدد، وقد فازت بمسابقة نظمها مركز التعليم البيئي، لكنه لم يخف خشيته من ضياع فرصة حصول المهتمين بالطبيعة والمتنزهين على آخر متنفس طبيعي لهم، بعد حرمانهم من غالبية محميات الأغوار الشمالية ووديانها وتلالها.