1

بوابة “الموت البطيء” تشل”بيت فوريك” و”بيت دجن” اقتصاديا

* حاجز عسكري شرق نابلس يحاصر 25 ألف نسمة ويضرب مقومات صمودهم

*ارتفاع الكلفة التشغيلية للمنشآت الصناعية والتجارية وتراجع بنسبة 40% في حجم المبيعات 

* الاحتلال يعطل توسعة مشروع زراعي حيوي ويصادر المعدات ويستولي على آبار مياه حيوية

*ساعات الانتظار الطويلة تحت الشمس الحارقة تتسبب بموت جماعي للطيور قبل أن تصل إلى المسلخ

نابلس- الحياة الاقتصادية- ميساء بشارات- في عمق الضفة الفلسطينية المحتلة، على امتداد الطرق المؤدية إلى بلدتي بيت فوريك وبيت دجن شرق نابلس، تقف “بوابة الموت البطيء” كما يسميها الأهالي. تعيش البلدتان يوميات من الحصار الخانق، حيث يختصر حاجز عسكري واحد حكاية المعاناة المستمرة منذ ربع قرن.

وفي ظل تصاعد الهجمة الاستيطانية على محافظة نابلس، تحولت الحواجز إلى أدوات عقاب جماعي، وعنوان رئيسي لعزل المواطنين عن محيطهم الجغرافي والاجتماعي.

حاجز بيت فوريك، الذي يقف ككتلة صلبة منذ عام 2000، لم يعد مجرد نقطة تفتيش، بل بات معول هدم للأنشطة الاقتصادية، ومعرقلاً للحياة الطبيعية لما يزيد عن 25 ألف نسمة.

تشديدات إضافية فرضت نهاية عام 2023، زادت من قسوة المشهد، إذ أن بوابة حديدية واحدة تتحكم بمصير آلاف الطلبة، والعمال، والمرضى، والمزارعين، فيما تواصل قطعان المستوطنين اقتحاماتها المتكررة لقبر يوسف تحت حماية جيش الاحتلال، لتتحول معها حياة المواطنين إلى انتظار مرير على الحاجز، انتظار قد يكون ثمنه الحياة نفسها.

خسائر باهظة

يروي محمد كريم فرسان شاهين، صاحب مسلخ  للدواجن في بيت فوريك، حجم الكارثة التي يعيشها يوميا نتيجة وجود الحاجز الاحتلالي الذي يحاصر بلدته.

يقول شاهين: “عندي سيارات مخصصة لنقل الدجاج الحي من المزارع، كل سيارة تحمل بين 3000 إلى 4000 طير، وبمجرد توقفها على الحاجز ثلاث أو أربع ساعات يعني كارثة بين 500 إلى 600 طير يموت في كل شاحنة… وحظك نصيبك، ممكن أكثر”.

ويوضح انه الأسبوع الماضي فقط، وخلال موجة الحر الشديدة، فقد شاهين 1500 طير، رغم اتخاذه جميع التدابير الوقائية الممكنة؛ من نقل الطيور في أماكن مهواة، إلى استخدام المراوح، ورش الماء، لتقليل معدل النفوق، لكن مهما كانت الاحتياطات، فإن ساعات الانتظار الطويلة تحت الشمس الحارقة تتسبب بموت جماعي للطيور قبل أن تصل إلى المسلخ.

ضربة مزدوجة.. العمال والطلبيات

لم تقتصر الأضرار على الثروة الحيوانية فقط. فقد أشار شاهين إلى أن عماله، الذين يدخلون من خارج البلدة للعمل في المنطقة الصناعية، يقضون ساعات على الحاجز بانتظار السماح لهم بالمرور.

يقول شاهين بمرارة: “تأخير العمال معناه تأخير الإنتاج… وعندما يتأخرون، نضطر إلى إلغاء بعض الطلبيات التي حصلنا عليها، وفي النهاية نخسر زبائننا وثقتهم”.

ويتابع أن هذا التأخير تسبب بفقدان عقود كانت موقعة مع محلات الشاورما والمطاعم، التي اتجهت إلى مسالخ أخرى أكثر قدرة على الالتزام بالمواعيد، بسبب ما وصفه شاهين بأنه “الشلل المفروض قسرا بفعل الحصار”.

ارتفاع في التكلفة التشغيلية

أما الكلفة التشغيلية، فقد شهدت ارتفاعا حاداً منذ بداية التشديدات، يشير شاهين إلى أن استهلاك الديزل لشاحناته ارتفع بشكل لافت: “قبل الأزمة، كانت المصاريف معقولة، اليوم مصروف الديزل وحده قفز إلى عشرة آلاف شيقل شهريا، فقط بسبب الانتظار على الحواجز.”

وبحسب تقديرات شاهين، فإن العمل تراجع بنسبة 40% منذ عام 2023 وحتى اليوم، نتيجة التشديدات والقيود المفروضة على الحركة.

ما يحدث في هذا الإطار ليس مجرد معاناة فردية، بل نموذج مصغر عن كارثة اقتصادية تضرب بيت فوريك وبيت دجن المجاورة، وعدم استقرار تجاري.

الحاجز سلاح تعذيب يومي

في شهادة مؤثرة، تحدث الناشط في العمل الشعبي مناضل حنني عن حجم الضغوط التي تتعرض لها بلدتا بيت فوريك وبيت دجن بفعل الإجراءات الاحتلالية التعسفية، موضحا أن الحاجز العسكري تحول إلى أداة عقاب جماعي تستنزف حياة الأهالي على مختلف الأصعدة.

بدأ حنني حديثه بالإشارة إلى مشروع تنموي زراعي ضخم نفذ خلال العامين الماضيين، قائلا: “أقمنا شبكة مياه زراعية حديثة في السهل الممتد بين بيت فوريك وبيت دجن، استفاد منها أكثر من 250 مزارعا، وكل هؤلاء باتوا يعتمدون يوميا على حركة التنقل لجلب منتجاتهم إلى سوق نابلس المركزي”.

لكن مع تشديد الحواجز والإعاقات المتعمدة، أصبحت حركة السير اليومية تحديا مرهقا، ولم تقتصر المعاناة على المزارعين فحسب، بل شملت شريحة واسعة من الطلبة والعمال.

وأوضح حنني أن هناك أكثر من 300 طالب وطالبة من بيت فوريك وبيت دجن يدرسون في جامعة النجاح الوطنية وحدها، بالإضافة إلى نحو 150 طالباً وطالبة في جامعات وكليات أخرى، جميعهم مضطرون يوميا لعبور الحاجز.

إلى جانبهم، آلاف العمال الذين يتوجهون للعمل في نابلس أو في ورش البناء، ما يجعل البلدتين تشهدان يوميًا حركة خروج ودخول تتجاوز 700 مركبة ما بين سيارات عمومية وخاصة.

أداة تنكيل مقصودة

وصف حنني طبيعة المعاناة اليومية أمام الحاجز قائلا: “التفتيش اليومي، الإعاقات المتعمدة، والمعاملة المهينة، كلها تهدف إلى تنغيص حياة الناس. وأحيانا تكون هذه التصرفات فردية من قبل الجنود”.

وأشار إلى أن بعض الأيام تشهد إغلاقا كليا للبوابة دون سابق إنذار، ما يعرقل وصول الطلبة إلى جامعاتهم والعمال إلى ورشهم والأطباء والموظفين إلى أماكن عملهم.

اقتحامات مستمرة… ورسائل نفسية مدمرة

لم تقتصر ممارسات الاحتلال على الحاجز فحسب، بل أصبحت الاقتحامات اليومية لبيت فوريك جزءا من معاناة المواطنين،  حيث يرى حنني أن الهدف منها مزدوج: أولا: إيصال رسالة للسكان بأن الاحتلال موجود دائما في حياتهم، وأن عليهم التعايش مع هذا الواقع القسري، وثانيا، دفع بعض الأفراد، خصوصا ممن أنهكتهم الضغوط النفسية والاجتماعية، إلى التفكير بالهجرة أو النزوح إلى مناطق أخرى خارج البلدتين.

يكمل الناشط مناضل حنني شهادته حول الوضع الكارثي الذي تعيشه البلدتان، مؤكداً على أن الحاجز العسكري، الذي يشكل المنفذ الوحيد للسكان، بات أداة تدمير يومي لحياتهم.

يقول حنني: “لا يوجد أي مدخل آخر للبلدتين، والطرق المحيطة أصبحت خاضعة بالكامل لسيطرة المستوطنات”.

ويتابع أن المنطقة الواقعة بين البلدتين تضم منطقة صناعية نشطة تحتوي على مصانع للطوب والباطون والبلاط، جميعها تقع بعد الحاجز، ما جعلها تدفع ثمن التشديدات العسكرية بشكل مباشر.

الاقتصاد في حالة شلل شبه كامل

من موقعه كعضو سابق في المجلس البلدي، أوضح حنني أن الحركة الاقتصادية كانت نشطة، حيث كانت تصدر أسبوعيا بين 10 إلى 15 رخصة بناء أو تعديل مشاريع جديدة، لكن مع اشتداد القيود والحصار على الحاجز، انخفض العدد إلى رخصة أو اثنتين بالكاد شهريا.

يوضح حنني أن المواطنين اليوم بالكاد يفكرون في تأمين قوتهم اليومي بدل التفكير في المستقبل، بفعل الانهيار الاقتصادي وعدم الاستقرار.

استهداف ممنهج للبنية التحتية

لم يتوقف الاحتلال عند تشديد الحصار، بل تعداه إلى استهداف مشاريع حيوية.

يوضح حنني أن قوات الاحتلال اقتحمت مؤخرا بلدة بيت دجن وعطلت توسعة مشروع زراعي حيوي وصادرت كافة المعدات، كما هاجمت ما يسمى بـ” سلطة المياه” الآبار الزراعية في المنطقة، وصورتها بدقة، ما ينذر بنية الاحتلال لإغلاقها، ما سيؤدي إلى شل النشاط الزراعي بالكامل.

وينوه إلى أن هناك خوف كبير بين الأهالي من أن تكون هذه الاقتحامات تمهيدا لضرب آخر ما تبقى لنا من مقومات الحياة، مؤكدا آن ما يجري هو سياسة عقاب جماعي مدروسة، تشمل: إغلاق الحاجز بشكل مفاجئ، واقتحام البلدة وتخريب الممتلكات، ومصادرة آبار المياه الحيوية، ومنع التوسع العمراني في مناطق التصنيف (ج)، ومصادرة المعدات الثقيلة مثل الحفارات.

وشهدت بيت فويك مصادرة أكثر من خمس حفارات خلال فترة قصيرة، ما كبد اصحابها مخالفات مالية ضخمة، ورسوم أرضيات للمعدات المصادرة.

ويؤكد حنني أن  كل هذه الإجراءات لا تهدف فقط إلى خنق مشاريعنا، بل إلى إحباط أي فكرة للتنمية، وزرع الخوف والتردد الدائم في عقول الناس.

في ختام حديثه، شدد حنني على أن بيت فوريك وبيت دجن أصبحتا ساحة صراع يومي بين إرادة الحياة والإرادة الإسرائيلية لكسر الروح الجماعية للصمود.

في حديث خاص لـ”الحياة الجديدة”، كشف رئيس بلدية بيت فوريك، حسين حج محمد، عن حجم المعاناة التي تفرضها سياسات الاحتلال عبر حاجز بيت فوريك العسكري، الذي وصفه بـ”السجن الكبير المفتوح”، والذي يقف حائلا أمام حركة أكثر من 25 ألف نسمة من سكان بلدتي بيت فوريك وبيت دجن شرق نابلس.

ويوضح محمد أن هذا الحاجز عندما يغلق يتحول المشهد إلى عزلة تامة. لا مداخل أخرى، ولا طرق بديلة، فالمحيط محاصر بالشوارع الالتفافية والمستوطنات الاستيطانية التي قطعت صلة البلدتين بأي قرى مجاورة”.

ويشير إلى أن الإغلاق المتكرر يتسبب بشلل تام في حركة الطلاب الجامعيين، والموظفين، والعمال، وحتى المرضى. وأردف بلهجة يغلب عليها الأسى: “حدثت حالات إجهاض على الحاجز، بل سجلنا حالات وفاة بسبب منع مرور سيارات الإسعاف في الوقت المناسب. الحاجز لا يعيق فقط الحرية بل يهدد الحياة نفسها”.

ويضيف أن مع كل اقتحام ينفذه المستوطنون لقبر يوسف، يتم فرض إغلاق شامل على الحاجز يستمر من 6 إلى 10 ساعات متواصلة، يتم خلالها عزل بيت فوريك وبيت دجن عن العالم، تحت ذريعة “الاعتبارات الأمنية”، وهي الحجة التي وصفها بأنها مجرد غطاء لممارسة العقاب الجماعي بحق الأهالي.

التكاليف تضاعفت ثلاث مرات

ويؤكد رئيس بلدية بيت فوريك، في حديثه، عن حجم الأضرار البالغة التي لحقت بالمواطنين وأصحاب المصالح التجارية في بلدتي بيت فوريك وبيت دجن، نتيجة التشديدات العسكرية المفروضة على الحاجز الاحتلالي المقام على مدخل البلدتين.

ووصف الوضع قائلا: “بسبب وجود الحاجز، والتشديدات التعسفية عليه، المواطن هو الخاسر الأكبر، فأصحاب الدكاكين الصغيرة ومحال الخضار والمواد التموينية الذين يعتمدون على جلب بضاعتهم من نابلس أو جنين أو من أي مدينة أخرى بالضفة، وجدوا أنفسهم أمام ارتفاع حاد في التكاليف، بلغ ثلاثة أضعاف الكلفة السابقة.”

ويتابع أن هذا الارتفاع الفاحش دفع التجار لرفع أسعار السلع، مما انعكس مباشرة على المستهلكين الذين يعيشون ظروف اقتصادية صعبة.

ويوضح حج محمد أن رجال الأعمال والمقاولين المحليين، الذين يملكون مصانع أو شركات، لم يسلموا بدورهم من هذا الضرر، يشير الى ان أي مشروع أو شحنة كانت تنجز في ستة أشهر، اليوم تخسرها وتستنزفها في تسعة أشهر، بسبب التأخيرات على الحاجز أو الإغلاقات المفاجئة.

حاجز يتحكم به “مزاجية الجنود”

ويوضح أن البوابة التي تتحكم بحركة الدخول والخروج إلى البلدتين، تخضع لمزاج الجنود ولا تفتح أو تغلق وفق جدول زمني محدد، مما يجعل حياة الأهالي رهينة قرارات آنية وغير مفهومة.

وصف حج محمد المشهد قبل وبعد تشديدات الحاجز بالقول:” قبل هذه الإجراءات، كانت البلدتان تستقبلان يوميا عشرات الباعة المتجولين وأصحاب المصالح التجارية، وكانت المسافة بين بيت فوريك وسوق نابلس المركزي تقطع في خمس دقائق فقط، كون المسافة لا تتجاوز أربعة كيلومترات. أما اليوم، فأصبح الوصول يتطلب ساعات طويلة من الانتظار على الحاجز، ما تسبب في مضاعفة مصاريف المحروقات، فمثلا ما كان يكلف المواطن عشرين شيقل من الوقود، أصبح يكلفه أربعين شيقل”.

ارتفاع تكاليف النقل والتخلي عن السيارات الخاصة

لم يتوقف التأثير عند هذا الحد، بل شمل أيضا ارتفاع أجور المواصلات بشكل ملحوظ، حتى أصحاب السيارات الخاصة بدأوا بالتخلي عنها مجبرين، مفضلين الاعتماد على سيارات الأجرة، لتقليل استنزاف النفقات اليومية.

كما تراجع حضور الباعة المتجولين بشكل كبير، نتيجة صعوبة الوصول إلى البلدتين، ما أدى إلى ضرب الحركة التجارية.




“العدل الدولية” تبدأ غدا النظر في قرار حظر الاحتلال أنشطة “الأونروا”

 تبدأ محكمة العدل الدولية، غدا الإثنين، جلسات استماع في الدعوى التي رفعتها تركيا و39 دولة أخرى منضوية في منظمة العالم الإسلامي، والجامعة العربية، والاتحاد الإفريقي، والأمم المتحدة، ضد إسرائيل بسبب قرارها حظر أنشطة وكالة الأونروا.

وكانت 137 دولة صوتت نهاية العام الماضي لصالح إحالة هذه القضية الى محكمة العدل الدولية مقابل معارضة 12 دولة فقط.

وستستمر جلسات الاستماع لـ 5 أيام وسيستمع القضاة إلى مداخلات من كافة الدول المشاركة في الدعوى. 




حرب إسرائيل على غزة تهدد استقرار مصر والأردن

بحسب ما ذكرته صحيفة “وول ستريت جورنال” يوم الأحد، يواجه اثنان من شركاء إسرائيل الإقليميين، وهما الأردن ومصر، غضبًا متزايدًا بين شعبيهما مع توسع الجيش الإسرائيلي في حربه ضد حماس في غزة، وطرح سياسيي اليمين المتطرف في إسرائيل فكرة تهجير الفلسطينيين من القطاع.

وفي إشارة إلى تزايد الضغوط، فرضت الحكومة الأردنية يوم الأربعاء حظرًا شاملًا على جماعة الإخوان المسلمين، الحركة السياسية ألإسلامية ذات النفوذ الكبير في أجزاء من العالم العربي. وكان قد أُلقي القبض على عدد من أعضاء الجماعة في وقت سابق من هذا الشهر، بتهمة التخطيط لهجمات على الأمن القومي الأردني. ونفت جماعة الإخوان صلتها بالمؤامرات المزعومة.

وشهدت العاصمة الأردنية عمّان احتجاجات متكررة، تضمنت انتقادات علنية للحكومة وعلاقتها بإسرائيل. وتجمع المتظاهرون أحيانًا بالقرب من السفارتين الأمريكية والإسرائيلية، حيث اشتبكوا مع القوات الأردنية.

وفي حين حافظت مصر على تضييق الخناق على الفلسطينيين، إلا أنها سمحت أحيانًا للمصريين بالتنفيس عن غضبهم في مظاهرات مُدارة بعناية، ركزت فقط على التضامن مع الفلسطينيين – دون انتقاد حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي. وتُشكّل الاضطرابات تحديًا لقيادة الدولتين العربيتين، وهما شريكتان أمنيتان حيويتان للولايات المتحدة في المنطقة. كما تعتمد إسرائيل على القاهرة وعمان لسحق الجماعات المسلحة غير الحكومية وتأمين حدودها الأطول. وفي جيران إسرائيل الآخرين، لبنان وسوريا، لطالما سيطر حزب الله والفصائل الفلسطينية واستخدموا تلك الدول لشن هجمات على إسرائيل.

تقول الصحيفة : “تقع المملكة الأردنية وحكم السيسي في مصر في بعض أكثر المواقف حساسيةً وإزعاجًا في المنطقة. استولى السيسي على السلطة في انقلاب أطاح برئيس مدعوم من جماعة الإخوان المسلمين”.

يشار إلى أنه بعد سلسلة من الحروب بين أربعينيات وسبعينيات القرن الماضي، وقّعت مصر والأردن معاهدتي سلام مع إسرائيل في عامي 1979 و 1994 على التوالي. وجلب هذا السلام على مستوى الحكومة تنسيقًا تجاريًا وأمنيًا واستخباراتيًا بالإضافة إلى علاقات دبلوماسية، لكنه لم يمتد إلى قطاعات واسعة من الشعبين الأردني والمصري، اللذين ينظران إلى إسرائيل على نطاق واسع على أنها عدو لدود. وزادت حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة من توتر هذا السلام الهشّ والبارد، إذ اضطرت الدول العربية إلى تهدئة استياء شعوبها مع الحفاظ على منافع اقتصادية وأمنية من علاقاتها مع إسرائيل وجني ثمارها.

دفع بعض أعضاء الحكومة اليمينية الإسرائيلية باتجاه نقل الفلسطينيين من الضفة الغربية إلى الأردن، والفلسطينيين في غزة إلى شبه جزيرة سيناء المصرية. وقد أجّج ذلك الغضب الشعبي إزاء الحرب التي كانت تشتعل في هذين البلدين، ودفع عمّان والقاهرة إلى مواجهة إسرائيل.

وحذّر مسؤولون مصريون إسرائيل من أن القاهرة قد تصل إلى حدّ تعليق معاهدة السلام لعام 1979 إذا دُفع بالفلسطينيين إلى سيناء. وقال وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، إنّ تهجير الفلسطينيين إلى الأردن سيُعتبر عملاً حربياً.

وقال جوست هيلترمان، المستشار الخاص في برنامج الشرق الأوسط في مجموعة الأزمات الدولية، وهي مؤسسة بحثية في تصريح لها للصحيفة: “يعتمد بقاء الأردن على ما تفعله إسرائيل، وكذلك النظام المصري: إذا دفعت إسرائيل الفلسطينيين من غزة إلى سيناء، وفشل النظام في وقف هذا المد، فقد يسقط”. وإذا دفعت إسرائيل فلسطينيي الضفة الغربية إلى الأردن، فقد يعني هذا نهاية المملكة الأردنية الهاشمية.

وقد اتهمت مصر إسرائيل بانتهاك معاهدتها بالاستيلاء على ممر على طول حدودها (ممر فيلاديلفيا)، وعززت علنًا وجودها العسكري في شبه جزيرة سيناء. ورفضت الموافقة على اعتماد السفير الإسرائيلي المعين حديثًا لدى مصر، ولم ترسل سفيرًا جديدًا إلى إسرائيل. كما يرفض السيسي التحدث مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هاتفيًا، وفقًا لمسؤولين مصريين. من جانبه، استدعى الأردن سفيره من إسرائيل في بداية الحرب.

وتقول الصحيفة “تشعر إسرائيل بالقلق إزاء عدم الاستقرار في مصر، وخاصة في الأردن، الذي يشكل حاجزًا أمام إيران ووكلائها شرقًا، وترى أن استقرار المملكة أساسي لأمنها. ويُعد كلا البلدين شريكين أمنيين إقليميين مهمين لإسرائيل”.

وينحدر ملايين الأردنيين من أصول فلسطينية، ويعرب الكثيرون منهم عن دعمهم العميق للقضية الفلسطينية، وحتى لحركة حماس، التي انبثقت بدورها من جماعة الإخوان المسلمين في ثمانينيات القرن الماضي.




تجارة غزة: انهيار المنظومة الاقتصادية وارتفاع الأسعار 527 %

 أعلنت الغرف التجارية والصناعية في قطاع غزة، أمس الأحد، انهيار المنظومة الاقتصادية في القطاع وارتفاع الأسعار بنسبة 527% جراء الحصار الذي يفرضه الاحتلال الإسرائيلي ومنع دخول السلع والمساعدات.

وقالت الغرف في بيان صدر عنها وتلاه رئيس غرفة تجارة وصناعة محافظة غزة عائد أبو رمضان خلال مؤتمر صحفي، إن القطاع يشهد أوضاعا إنسانية واقتصادية كارثية، في ظل استمرار الإغلاق الكامل للمعابر لليوم التاسع والخمسين على التوالي، دون أي مؤشرات لانفراجة قريبة.

وأضافت أن هذا الإغلاق المتعمد حرم أكثر من مليوني إنسان من المساعدات الإغاثية الأساسية، وأدى إلى نقص حاد في الغذاء والدواء والوقود، وسط تفاقم غير مسبوق في الأوضاع الصحية والمعيشية في جميع أنحاء القطاع.

وأشار البيان إلى أن ذلك يأتي بالتوازي مع استمرار منع دخول شاحنات القطاع الخاص بشكل كامل، ما تسبب في شلل شبه تام للحركة الاقتصادية، وتوقف عمليات الاستيراد والتصدير، وانهيار سلاسل التوريد، وارتفاع أسعار السلع الأساسية بشكل غير مسبوق.

وأكدت الغرفة التجارية أن ما يحدث في غزة اليوم هو تجويع وتعطيش متعمد يُستخدم كسلاح ضد المدنيين بشكل جماعي.

وأوضح أن الحصار الإسرائيلي خلّف تداعيات كارثية وغير مسبوقة على جميع مناحي الحياة في قطاع غزة، حيث سبب شلل شبه تام في الحركة التجارية وتعطل عمليات الاستيراد والتصدير، مما أدى إلى نفاد السلع الأساسية، وارتفاع حاد في أسعار ما تبقى منها، وحسب دراسات أجرتها الغرفة التجارية بغزة فقد أظهرت ارتفاع مؤشر الأسعار للسلع الأساسية حتى الأسبوع الماضي إلى 527% عما كان عليه قبل الإغلاق منذ تشرين الأول 2023.

وتبعًا لذلك، بحسب البيان، بلغ الوضع المعيشي مرحلة حرجة، حيث ارتفعت معدلات البطالة إلى أكثر من 85%، فيما تجاوزت معدلات الفقر 90%، وسط غياب كامل لأي مصدر دخل يضمن الحد الأدنى من الحياة الكريمة.

وطالبت الغرف التجارية، المجتمع الدولي، والمنظمات الإنسانية، إلى التحرك الفوري والجاد من أجل وقف الحرب وإنهاء هذا الحصار الظالم وعدم الاكتفاء بإصدار البيانات الداعمة رغم أهميتها.

كما طالبت بفتح جميع المعابر أمام حركة البضائع والأفراد بشكل فوري ودائم، دون شروط أو قيود، وضمان تدفق البضائع والاحتياجات الإنسانية والاقتصادية ضمن آلية واضحة وشفافة للمؤسسات الإغاثية وللقطاع الخاص الفلسطيني.

وجددت الغرف التجارية رفضها القاطع للآلية التي تم من خلالها إدخال شاحنات القطاع الخاص سابقًا، حيث أنها خضعت للاحتكار والابتزاز من قبل جهات غير رسمية تسعى لتحقيق مكاسب مالية على حساب المواطنين والتجار، عبر فرض رسوم غير قانونية ومبالغ فيها، مؤكدةً أن هذه الممارسات غير الأخلاقية تساهم في تعميق الأزمة، وتزيد من العبء الواقع على كاهل المواطنين.

كما أكدت رفضها التام لآلية توزيع المساعدات المقترحة من الاحتلال الإسرائيلي، والتي تم تسريب بعض تفاصيلها، بأن يقوم جيش الاحتلال أو شركات خاصة تابعة له بعسكرة توزيع المساعدات على مناطق جغرافية محددة والتمييز بين المستفيدين، مجددةً ثقتها في آليات الأمم المتحدة لتوزيع المساعدات في غزة كما في أنحاء العالم.

ودعت الغرف التجارية إلى حشد الجهود من أجل البدء في مراحل التعافي والتنمية الاقتصادية والمجتمعية.

وجددت الغرف التجارية، باعتبارها هيئة مستقلة تُعنى بالشأن الاقتصادي، الدعوة إلى إعادة السماح للقطاع الخاص بإدخال الشاحنات وتنظيم آلية إدخال البضائع وفق إطار شفاف وعادل، يضمن الرقابة والمساءلة، ويمنع الاستغلال، ويكفل وصول المساعدات والمواد الأساسية إلى مستحقيها من دون عراقيل.




عريب حواشين من جنين: البوابة الحديدية لن تنال من عزيمتنا ولن نسمح بتهجيرنا

جنين- تقرير علي سمودي- في ظل سياسات الهدم والتدمير والحصار والعدوان المستمر على مدينة ومخيم جنين، نصبت قوات الاحتلال  قبل ايام ثلاث بوابات حديدية على مداخل مخيم جنين الرئيسية والتي تتداخل حدودها مع المناطق التابعة لمدينة وبلدية جنين كحي الزهراء الذي تعيش فيه  المواطنة عريب حواشين، والتي تعاني كباقي سكان المنطقة من سياسات الاحتلال القمعية منذ بداية العدوان والتي في إطارها قيد حركتهم وحياتهم وحريتهم، بينما واجهت عدة عائلات نفس مصير أهالي المخيم، النزوح والتهجير والاقتلاع القسري من منازلها. 

ورغم ان منزلها لا يبعد سوى مسافة قصيرة عن مدخل المخيم والبوابة الحديدية، ما زالت عائلة حواشين تتمسك بمنزلها وترفض مغادرته وصامدة في مواجهة سياسات الاحتلال .

كباقي الأهالي، وقفت المواطنة عريب حواشين، تراقب وتتابع مشهد نصب البوابات الحديدية، وقالت لمراسل “ے”:  “هذه البوابات لن تخيفنا مهما أثرت على أوضاعنا، لن نرضخ ونسمح لهم بتهجيرنا مرة أخرى وتكرار ما حدث في نكبتنا الأولى”. 

ويعاني سكان حي الزهراء الواقع في مدينة جنين، من ممارسات الاحتلال وتحركاته المستمرة وقيوده المشددة التي جعلت كما تقول عريب “حياتنا صعبة جدا، لأننا نتعامل مع احتلال حاقد علينا كثيرا، يحاصرنا ويقيدنا ولا يسمح لنا بالحركة والتنقل بحرية، وكلما غادرنا العمارة التي نعيش فيها نتعرض للمضايقات. حتى حرية العبادة قيدوها، لا يسمحوا لنا بالتوجه للمسجد المقام في الحي، منعونا حتى من الصلاة ويواصلون اغلاق المسجد، لا يريدون للناس الصلاة”. 

وذكرت، ان دوريات الاحتلال لا تغادر هذه المنطقة رغم انها تقع داخل حدود مدينة جنين، وتنكل بالمواطنين بحجج وذرائع كاذبة ومفبركة، وتقول “يريدون احتجازنا في منازلنا وشل حياتنا، ممنوع حدا يطلع او يتحرك، ويتعمدون إطلاق القنابل الدخانية والصوتية لإرهابنا وقضّ مضاحعنا”، وأكملت ” المداهمات لا تتوقف، عشرات الجنود يقتحمون المنازل ويحتجزون الناس ويفتشون أجهزتهم الخلوية، لا يريدون ان يقوم أحد بالتصوير وفضح جرائمهم، وكل من يصور يعتقل ويتعرض للضرب والتنكيل”. 

وروت المواطنة عريب صورا من معاناة المواطنين بسبب ممارسات الاحتلال منذ إقامة السواتر الترابية في المنطقة، وقالت “الاحتلال لا يميز في قمعه بين طفل وامرأة ومسن، حتى من ينظر اليهم معرض للاحتجاز والقمع”، واضافت ” حياتنا صعبة بكل معنى الكلمة في ظل  حصار مشدد، لا يوجد حرية، الصلاة ممنوعة، لكن البوابة الحديدية لن تعيقنا ولن تحدّ من حركتنا ولن تنال من صمودنا وثباتنا في منازلنا وارضنا. نحن صامدون ولن نسمح لهم بتهجيرنا إذا قتلونا أو طخونا، اتهجرنا أول مرة، ونتهجر كمان مرة مستحيل، طلّعونا من حيفا ويافا وبلادنا، واليوم يريدون طردنا من جنين ومخيمها، وهذا مستحيل، سوف نبقى صامدين هنا ولاخر رمق وطفل”.

ورغم قلقهم، ووسط تساؤلاتهم عن أبعاد إقامة البوابات، فان الصمود ثم الصمود هو رد المواطنين على هذه السياسات الاحتلالية، والتي تعبر عن موقف موحد لإفشال مخططات التهجير والاقتلاع والعزل العنصري.