1

عريب حواشين من جنين: البوابة الحديدية لن تنال من عزيمتنا ولن نسمح بتهجيرنا

جنين- تقرير علي سمودي- في ظل سياسات الهدم والتدمير والحصار والعدوان المستمر على مدينة ومخيم جنين، نصبت قوات الاحتلال  قبل ايام ثلاث بوابات حديدية على مداخل مخيم جنين الرئيسية والتي تتداخل حدودها مع المناطق التابعة لمدينة وبلدية جنين كحي الزهراء الذي تعيش فيه  المواطنة عريب حواشين، والتي تعاني كباقي سكان المنطقة من سياسات الاحتلال القمعية منذ بداية العدوان والتي في إطارها قيد حركتهم وحياتهم وحريتهم، بينما واجهت عدة عائلات نفس مصير أهالي المخيم، النزوح والتهجير والاقتلاع القسري من منازلها. 

ورغم ان منزلها لا يبعد سوى مسافة قصيرة عن مدخل المخيم والبوابة الحديدية، ما زالت عائلة حواشين تتمسك بمنزلها وترفض مغادرته وصامدة في مواجهة سياسات الاحتلال .

كباقي الأهالي، وقفت المواطنة عريب حواشين، تراقب وتتابع مشهد نصب البوابات الحديدية، وقالت لمراسل “ے”:  “هذه البوابات لن تخيفنا مهما أثرت على أوضاعنا، لن نرضخ ونسمح لهم بتهجيرنا مرة أخرى وتكرار ما حدث في نكبتنا الأولى”. 

ويعاني سكان حي الزهراء الواقع في مدينة جنين، من ممارسات الاحتلال وتحركاته المستمرة وقيوده المشددة التي جعلت كما تقول عريب “حياتنا صعبة جدا، لأننا نتعامل مع احتلال حاقد علينا كثيرا، يحاصرنا ويقيدنا ولا يسمح لنا بالحركة والتنقل بحرية، وكلما غادرنا العمارة التي نعيش فيها نتعرض للمضايقات. حتى حرية العبادة قيدوها، لا يسمحوا لنا بالتوجه للمسجد المقام في الحي، منعونا حتى من الصلاة ويواصلون اغلاق المسجد، لا يريدون للناس الصلاة”. 

وذكرت، ان دوريات الاحتلال لا تغادر هذه المنطقة رغم انها تقع داخل حدود مدينة جنين، وتنكل بالمواطنين بحجج وذرائع كاذبة ومفبركة، وتقول “يريدون احتجازنا في منازلنا وشل حياتنا، ممنوع حدا يطلع او يتحرك، ويتعمدون إطلاق القنابل الدخانية والصوتية لإرهابنا وقضّ مضاحعنا”، وأكملت ” المداهمات لا تتوقف، عشرات الجنود يقتحمون المنازل ويحتجزون الناس ويفتشون أجهزتهم الخلوية، لا يريدون ان يقوم أحد بالتصوير وفضح جرائمهم، وكل من يصور يعتقل ويتعرض للضرب والتنكيل”. 

وروت المواطنة عريب صورا من معاناة المواطنين بسبب ممارسات الاحتلال منذ إقامة السواتر الترابية في المنطقة، وقالت “الاحتلال لا يميز في قمعه بين طفل وامرأة ومسن، حتى من ينظر اليهم معرض للاحتجاز والقمع”، واضافت ” حياتنا صعبة بكل معنى الكلمة في ظل  حصار مشدد، لا يوجد حرية، الصلاة ممنوعة، لكن البوابة الحديدية لن تعيقنا ولن تحدّ من حركتنا ولن تنال من صمودنا وثباتنا في منازلنا وارضنا. نحن صامدون ولن نسمح لهم بتهجيرنا إذا قتلونا أو طخونا، اتهجرنا أول مرة، ونتهجر كمان مرة مستحيل، طلّعونا من حيفا ويافا وبلادنا، واليوم يريدون طردنا من جنين ومخيمها، وهذا مستحيل، سوف نبقى صامدين هنا ولاخر رمق وطفل”.

ورغم قلقهم، ووسط تساؤلاتهم عن أبعاد إقامة البوابات، فان الصمود ثم الصمود هو رد المواطنين على هذه السياسات الاحتلالية، والتي تعبر عن موقف موحد لإفشال مخططات التهجير والاقتلاع والعزل العنصري.




انخفاض أسعار الذهب عالميا بأكثر من 1%




إصابات بالاختناق خلال اعتداء قوات الاحتلال على طلبة مدارس الخضر




الاحتلال يعتقل ثلاثة فتية من جبع جنوب جنين




فلسطين وسيادة القانون

د. دلال صائب عريقات

في معركة الحرية، لا يكفي أن نرفع الشعارات في المحافل الدولية، ولا أن نحمل قضيتنا من مؤتمر إلى آخر، نناشد العالم بضمير قد نام. فلسطين اليوم، كما كانت أمس، لا تحتاج فقط إلى تأييد الخارج، بل إلى يقظة الداخل. التغيير الحقيقي يبداً وينتهي بالداخل. الخارج مكملات وليس العكس.

 أكد لي والدي مراراً أنه “من غير المجدي ان يكون وزن المسؤول ١٠٠ كيلو في عواصم العالم بينما وزنه لا يتجاوز ٢٠ كيلو في فلسطين”. القيادة تُقاس بالثقة الشعبية، وليس بالألقاب أو الأوسمة. هذه هي أبجديات القيادة السياسية. 

الرأي العام هو الأساس وحق الشعب لا يسقط بالتقادم، بينما كانت قضيتنا العادلة تجوب العالم، كانت أروقة الداخل تمتلئ بشروخ خطيرة. مؤسسات تنهار، عدالة تغيب، حقوق تُداس، ومناصب تشغل باسم الوطن. لقد أضعنا الكثير من الوقت بينما الداخل يتآكل تحت أقدام الطامعين. لقد ظننا طويلاً أن العمل الدبلوماسي وحده قادر على أن يشق لنا طريق الخلاص، لكننا غفلنا أن أقوى الساحات التي يجب أن ننتصر فيها هي ساحاتنا نحن: في الحكم، في القانون، وفي الضمير الوطني وها نحن نرى اليوم بوضوحٍ لا لبس فيه: لا تحرير مع ظلم داخلي، ولا عدالة مع فساد مستشرٍ ولا تحرر دون إخلاص وانتماء حقيقي لفلسطين والقضية. 

ابن خلدون كتب منذ قرون: “الظلم مؤذن بخراب العمران.” وإن الاحتلال الذي ينخر في الجسد الفلسطيني، لا يختلف كثيراً عن ذلك الظلم الصامت الذي يصنعه الفساد والإهمال في أروقة الحكم. إننا نطالب العالم كل يوم بأن يحترم حقنا المشروع، ونستنكر ازدواجية معاييره. لكن، أي احترام نطلبه إذا كنا نحن أول من يدهس معايير العدل تحت أقدام المصالح؟ لا بد أن نعي جيداً أن استغلال المناصب، تحريف القوانين، التلاعب بالثقة الشعبية، كلها ممارسات لا تقل فتكاً عن رصاص الاحتلال. 

إن تحرير الأرض يبدأ بتحرير الإنسان من الظلم، بتحرير مؤسساته من الفساد، بتحرير القوانين من أن تكون أداةً للهيمنة وبتحرير العقول من الاستعباد. ليس الاحتلال وحده ما يكبلنا، بل كذلك كل يدٍ خانت العدالة، وكل سلطةٍ داست القانون، وكل صمتٍ تواطأ مع الخطأ. فلسطين لا تحتاج فقط إلى صدى صوتها في الأمم المتحدة، بل إلى صوت الضمير يعلو من كل بيت ومدرسة ومؤسسة: صوت يقول: “لا أحد فوق القانون، ولا شيء فوق الحق.” علينا أن نعيد بناء الداخل قبل أن نطرق أبواب العالم، أن نقيم قلاع العدالة في مؤسساتنا قبل أن نشكو ظلم الآخرين، أن نحمي الحلم الوطني من التآكل كما نحميه من الرصاص. نصوص القوانين الفلسطينية لا غبار عليها. علينا بالإنفاذ وتماماً كما نطالب العالم بعدم الازدواجية في المعايير، علينا احترام إنفاذ سيادة القانون بعدالة بغض النظر عن الجاني وولاءاته علاقاته أو انتماءاته. لن يتحقق النصر ما دمنا نطالب العالم بالعدل بينما نغض الطرف عن ظلمه بيننا ولا يُصان حق شعبٍ إلا إذا صانه بنفسه أولاً ولا يُنتصر لقضية عادلة إلا بأيادٍ طاهرة وضمائر يقظة. 

فلسطين اليوم تحتاج إلى يقظة داخلية حقيقية. فالتغيير الذي نصبو إليه لا يُصنع في الخارج، بل يبدأ من داخلنا، من وعينا وإرادتنا وإصرارنا على بناء وطن لا تهز أركانه الرياح. معركة التحرر الحقيقية تبدأ من الداخل: من الحكم الرشيد، من إنفاذ القانون، ومن إعلاء صوت الضمير الوطني. 

لا تحرر بدون عدالة، ولا عدالة بدون سيادة قانون تُطبق على الجميع دون تمييز، لا استثناءات ولا ولاءات ولا امتيازات.  

كل انتصار سياسي أو دبلوماسي لا قيمة له إن لم يُترجم إلى عدالة في حياة الناس. من يُهمل بناء الداخل، يكتب شهادة هزيمته بيديه. سيادة القانون ليست خياراً، بل شرط وجود لدولة حرة وشعبٍ كريم.