
كنا قد أشرنا في يوم السبت الماضي إلى المذبحة القادمة في الضفة الغربية، بعد التحريض السافر من قبل وزراء الحكومة الاسرائيلية، على اعتبار أن قرار الكابينيت الأمني والسياسي بتعديل أهداف الحرب لتشمل الضفة الغربية هو تصريح مباشر ورسمي لشن حرب واسعة النطاق على المواطنين والمدنيين، إضافة إلى تصريحات رئيس جهاز الشاباك آنذاك بأن أطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين سيزيد الدوافع لتنفيذ هجمات جديدة في الضفة الغربية، وتصريحات وزير الجيش كاتس الذي اعتبر أن قرار إلغاء أوامر الاعتقال الإداري بحق المستوطنين هو رسالة لدعم وتعزيز الاستيطان، وفي موضع آخر طالب بإطلاق النار على الفلسطينيين لمنعهم من إبداء أي مظاهر استقبال للأسرى المحررين.
هكذا بدأت الحكاية بحرب تصريحات وتهديدات، كان أهمها تصريح رئيس هيئة الأركان المستقيل الذي أعطى الأوامر للاستعداد للانطلاق بحملات عسكرية نوعية في الضفة الغربية، ليتم وضع جنين كهدف أول في مذبحة إسرائيلية جديدة، بدأت فصولها يوم أمس باجتياح قاتل، أسفر عن استشهاد عشرة مواطنين وإصابة أكثر من ٥٠ مواطناً، بعضهم من الأطباء العاملين في مستشفيات ومراكز جنين الصحية.
اختارت إسرائيل موعد حملتها العسكرية وعدوانها، تماماً بعد تنصيب الرئيس الأميركي دونالد ترامب خوفاً من صدور قرار في مجلس الأمن بفيتو أمريكي من إدارة بايدن، كما أن العدوان الجديد هو هدية للأحزاب المتطرفة في حكومة نتنياهو من الأخير، خصوصاً للوزير المتطرف بيتسلئيل سموتريتش الذي حدد هدف اقتحامات الضفة الغربية إلى جانب استئناف العدوان على غزة كشرطين لعدم استقالته من الحكومة الإسرائيلية.
تلقت إسرائيل هدية أخرى من الرئيس المنتخب ترامب الذي ألغى قانون الطوارئ الذي يسمح للولايات المتحدة بفرض عقوبات بحق المستوطنين، لتستغل الحكومة الإسرائيلية ذلك لتطلق أيادي المستوطنين لتنفيذ اعتداءات آثمة على المواطنين، في حين كانت جنين أول فصول المذبحة الجديدة، ظهر يومٍ كانت فيه طرق وحواجز الضفة الغربية مغلقة بشكل شبه كامل وسط تحريض سافر من الإعلام الإسرائيلي.
اقتحام واجتياح جنين وشمال الضفة الغربية المبرمج على رزنامة الأهداف القادمة هو إعلان حرب بشكل لا مجال للشك فيه، تسعى من خلاله دولة الاحتلال لتفريغ مخيمات الضفة وقراها وتهجير وطرد أهلها، وذلك من خلال مواصلة الحرب لعدة أيام إضافية، كما ادعى مسؤول عسكري إسرائيلي وقال إن الحرب على جنين ستستمر طويلاً.
إسرائيل كالعادة تُظهر وجهها الحقيقي القائم فقط على القتل والتدمير والاقتحامات، فمن سيتدخل ليحمي أهل جنين، ومن سيوقف آلة القتل والدمار والفتك التي لم تشبع أصلاً من دماء الفلسطينيين في قطاع غزة؟

صعدت سلطات الاحتلال الإسرائيلي من إجراءات وإغلاقات الاحتلال بالضفة الغربية، بالتزامن مع تصاعد الاعتداءات الإرهابية لعصابات المستوطنين على الفلسطينيين وممتلكاتهم، في وقت يواصل الاحتلال نصب الحواجز العسكرية والبوابات الحديدية، وإغلاق مزيد من الطرق بالسواتر الترابية.
وقال مدير عام النشر والتوثيق في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، أمير داود، إن أكثر من 146 بوابة حديدية أقامها الاحتلال بأنحاء الضفة بعد 7 تشرين أول/أكتوبر 2023، منها 17 منذ بداية العام 2025.
وأوضح المسؤول الفلسطيني أن مجموع كل الحواجز اليوم يصل إلى 898، موزعة بين بوابة وحاجز بكافة أشكاله، دائم أو مؤقت، أو حاجز ترابي ومكعبات وغيرها.
وشددت قوات الاحتلال، لليوم الثالث على التوالي، من إجراءاتها العسكرية عند معظم مداخل المحافظات، ومخارجها في الضفة.
وأفادت مصادر محلية بأن الاحتلال شدد إجراءاته العسكرية على حاجز عطارة، وعين سينيا في محيط رام الله والبيرة.
وذكرت أن حاجزي عطارة وعين سينيا شمال رام الله، يشهدان لليوم الثالث على التوالي أزمة خانقة للخارجين، حيث يقوم جنود الاحتلال بتفتيش المركبات، والتدقيق في البطاقات الشخصية للمواطنين، وتصطف مئات المركبات في طوابير طويلة، بانتظار السماح لها بالخروج.
وأغلقت قوات الاحتلال مدخلي قرية النبي إلياس وكفر لاقف بالبوابة الحديدية، ومنعت تنقل المواطنين، كما نصبت حواجز عسكرية عند مداخل قرى: الفندق، وجيت، وحجة، شرق قلقيلية، ما أعاق حركة تنقل المواطنين على طول الشارع الرئيسي قلقيلية-نابلس، والذي يربط تلك القرى.
كما أغلقت قوات الاحتلال حاجز تياسير العسكري شرق طوباس بالبوابات الحديدية، ومنعت المواطنين من العبور، خاصة للمتوجهين نحو الأغوار.
وشددت قوات الاحتلال إجراءاتها العسكرية على حاجز الحمرا العسكري، وأعاقت تنقل الفلسطينيين، ما تسبب بأزمة مرورية خانقة.
ويشهد الحاجزان منذ عام ونصف العام تشديدات عسكرية وإغلاقات متكررة أمام تنقلات المواطنين، زادت حدتها منذ ثلاثة أيام.
وكان مئات الفلسطينيين قد قضوا ليلتهم عند الحاجزين، بانتظار اجتيازه، والوصول إلى أماكن عملهم.
ويفصل الاحتلال مدن الضفة عن الأغوار من خلال هذين الحاجزين، وأصبح وصول الفلسطينيين إلى الأغوار مرهونا بمرونة الحاجزين.
وشددت قوات الاحتلال إجراءاتها عند حاجزي قلنديا وجبع العسكريين شمال القدس، ما أعاق تنقل الفلسطينيين، وتسبب بأزمة مرورية خانقة.

أجبرت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الأربعاء، عدداً من المواطنين في أحياء داخل مخيم جنين على النزوح من منازلهم إلى واد برقين.
وقال رئيس بلدية جنين محمد جرار في اتصال هاتفي مع وكالة الأنباء الرسمية “وفــا”، إن قوات الاحتلال أجبرت الأهالي على النزوح من أحياء في شارع مهيوب وجبل أبو ظهير ومناطق أخرى، بعد نادوهم عبر مكبرات الصوت بضرورة الإخلاء.
وأضاف، أن الاحتلال فتح ممرا واحدا لإجبار الأهالي على سلوكه وهو باتجاه دوار العودة في المخيم، ومن ثم إلى واد برقين.
وقال جرار، إن البلدية تواصلت مع بلديات برقين وكفر دان وعرابة لإرسال مركبات لنقل العائلات التي تم إخلاؤها، وتأمينها في هذه البلدات.
وأشار إلى أن الاحتلال يمنع تحرك طواقم البلدية في الميدان، إذ يواجهون صعوبة في نقل المواطنين، كما تم التواصل مع عدة مؤسسات دولية لتأمين الاحتياجات الطارئة لمن جرى إخلاؤهم.
وقال جرار، إن استمرار عدوان الاحتلال على المخيم يعني صعوبة في إحصاء عدد العائلات التي تجبر على النزوح.
وأضاف، أن 600 مواطن علق داخل مستشفى جنين الحكومي منذ بدء العدوان أمس الثلاثاء، ومنع الاحتلال خروجهم، ما أدى إلى إرهاق المستشفى ونفاد الغذاء منه بشكل كامل، إلا أنه سمح لهم صباح اليوم بالمغادرة بعد إغلاق مداخل المستشفى بالسواتر الترابية.
يشار إلى أن قوات الاحتلال دفعت بجرافتين مجنزرتين إلى مداخل مخيم جنين مع استمرار نداءات الإخلاء للأهالي في عدة أحياء.
وكانت قوات الاحتلال قد اقتحمت مدينة جنين ومخيمها، يوم أمس، في عدوان غير مسبوق، ترافقها جرافات عسكرية، بالتزامن مع تحليق طائرات الاحتلال المُسيرة والحربية في الأجواء، حيث بلغت حصيلة شهداء العدوان في يومه الأول 10 شهداء، وقرابة 40 إصابة.
وقد أعلن جيش الاحتلال يوم أمس، شن عدوان على مدينة جنين ومخيمها، وسط تهديدات من وزراء في حكومة الاحتلال بتصعيد الأوضاع في الضفة الغربية.

كشفت دراسة حديثة أجريت العام الماضي، أن الأحماض الدهنية أوميغا-3، المتوفرة كمكملات غذائية من خلال كبسولات زيت السمك، والتي يُعتقد أنها تساعد في تحسين الصحة العقلية والجسدية، يمكن أن تساعد أيضًا في تقليل السلوك العدواني.
ونقلًا عن دورية Aggression and Violent Behavior نشر موقع Science Alert أن النتائج لم تأت من فراغ، فقد ارتبطت مكملات الأوميغا-3 في السابق بمنع الإصابة بالفصام، في حين يُعتقد أن السلوك العدواني تجاه المجتمع ينبع جزئياً من نقص التغذية، وبعبارة أخرى فإن النظام الغذائي يمكن أن يؤثر على كيمياء الدماغ.
واستند باحثون من جامعة بنسلفانيا على دراسات سابقة أصغر حجماً حول تأثير مكملات أوميغا-3 على العدوانية. وقد نظر تحليلهم التلوي إلى 29 تجربة عشوائية محكومة شملت 3918 مشاركًا في المجموع.
تأثير قصير المدى
وفي جميع التجارب، تم العثور على تأثير قصير المدى متواضع ولكن ملحوظ، مما أدى إلى انخفاض بنسبة 28% في العدوان عبر العديد من المتغيرات المختلفة (بما يشمل العمر والجنس والتشخيص الطبي وطول جرعة العلاج).
وقال عالم الأعصاب أدريان راين عند نشر التحليل التلوي: “أعتقد أن الوقت قد حان لتطبيق مكملات أوميغا-3 لتقليل العدوان، بغض النظر عما إذا كان الإعداد هو المجتمع أو العيادة أو نظام العدالة الجنائية”.
استمرت التجارب المشمولة في الدراسة، والتي أجريت بين عامي 1996 و2024، لمدة 16 أسبوعًا في المتوسط. وغطت الدراسة مجموعة متنوعة من الفئات السكانية، من الأطفال الذين تبلغ أعمارهم 16 عامًا أو أقل إلى كبار السن الذين تتراوح أعمارهم بين 50 و60 عامًا.
وعلاوة على ذلك، فإن الانخفاض في العدوان شمل العدوان التفاعلي (ردا على الاستفزاز) والعدوان الاستباقي (السلوك المخطط له مسبقا). قبل هذه الدراسة، لم يكن من الواضح ما إذا كان أوميغا-3 يمكن أن يساعد في علاج هذه الأنواع المختلفة من العدوان.
أضاف دكتور راين أنه “على أقل تقدير، يجب على الآباء الذين يسعون إلى علاج طفل عدواني أن يعرفوا أنه بالإضافة إلى أي علاج آخر يتلقاه طفلهم، فإن تناول حصة أو حصتين إضافيتين من الأسماك كل أسبوع ربما يساعد أيضًا”.
ويعتقد الباحثون أن هناك شيئًا ما في الطريقة التي تقلل بها أوميغا-3 الالتهاب وتحافظ على استمرار العمليات الحيوية في الدماغ قد يساعد في تنظيم العدوان. لا تزال هناك الكثير من الأسئلة التي لم تتم الإجابة عليها، لكن الفريق يشير إلى وجود أدلة كافية للبحث في هذا الأمر بشكل أكبر.
فوائد متعددة
تُظهر دراسات أخرى أن الأدوية المشتقة من زيت السمك يمكن أن تساعد في تقليل خطر الإصابة بالنوبات القلبية القاتلة والسكتات الدماغية ومشاكل صحة القلب الأخرى، لذا يبدو أن هناك الكثير من الفوائد لإضافة بعض أحماض أوميغا-3 إلى النظام الغذائي.
حل سحري
وأوضح راين أن “أوميغا-3 ليس حلاً سحرياً يمكنه حل مشكلة العنف في المجتمع بشكل كامل”، معربًا عن اعتقاده الراسخ بأنه، استناداً إلى هذه النتائج، يمكن تحقيق نتائج إيجابية، وينبغي أن يبدأ العمل البحثي على أساس المعرفة الجديدة التي توصلت لها الدراسة الجديدة”.