1

“الفدائيات” يكتسحن اللبنانيات في تصفيات آسيا لكرة الصالات

دائرة الإعلام بالاتحاد: فاز منتخبنا الوطني للسيدات على نظيره اللبناني بثلاثة أهداف دون مقابل، خلال منافسات تصفيات كأس آسيا لكرة الصالات 2025، المقامة في صالة نونثابوري، بالعاصمة التايلاندية بانكوك.
افتتح منتخبنا التسجيل بهدف حلا صراوي في الدقيقة الثالثة، كما هدد المرمى اللبناني بعدة هجمات.
في المقابل، وقفت حارسة فدائي السيدات ميراف معروف نداً للمحاولات اللبنانية لتعديل النتيجة، لينتهي الشوط الأول بتقدم منتخبنا بهدف دون رد.
عززت نور يوسف التقدم لفلسطين بهدف ثانٍ عند الدقيقة 25 من زمن المباراة. ورغم الضغط اللبناني المكثف، نجحت نور مرة أخرى في تسجيل الهدف الثالث عند الدقيقة 59.
بهذا الفوز، رفع المنتخب رصيده إلى 4 نقاط.
ويختتم منتخبنا لقاءاته في التصفيات بمواجهة منافسه البحريني، يوم الأحد المقبل، في تمام الساعة 11:30 بتوقيت القدس.




الدعوة لتعديلات قانونية لتعزيز التمكين الاقتصادي للنساء

 دعا اقتصاديون وممثلو منظمات أهلية إلى تعديل أنظمة وقوانين وتشريعات، بما يعزز آليات تمكين المرأة كشكل من أشكال الصمود الاقتصادي في ظل الأوضاع الصعبة التي تعيشها فلسطين.
جاء ذلك في ختام ورشة عمل نظمها معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني (ماس) في مقره برام الله، أمس، ناقشت دراسة بعنوان “التمكين الاقتصادي للنساء في القطاع الخاص: التمثيل والمشاركة النسوية في مواقع صنع القرار كأداة ضرورية”، بمشاركة مجموعة من المختصين وذوي الخبرة والمهتمين.
وأوصت الدراسة، التي اعدها منسق البحوث في المعهد سامح الحلاق، والباحثة أنمار رفيدي، بضرورة مراقبة القطاع غير المنظم وتعزيز انضمام النساء إلى النقابات، بالإضافة إلى توفير عقود رسمية وتغطية قانونية لحقوقهن، وتعزيز الرقابة على منشآت الأعمال لضمان بيئة عمل عادلة تضمن المساواة بين الجنسين.
فيما يتعلق بصاحبات الأعمال، أوصت الدراسة بتسهيل إجراءات تسجيل المشاريع وتقديم تسهيلات تتعلق بالنظام الضريبي، إلى جانب توفير سياسات خاصة للقروض التجارية للنساء، بهدف دعمهن في تطوير مشاريعهن الاقتصادية.
كما دعت لفتح قنوات حوار بين النساء صاحبات الأعمال والمؤسسات المالية، لتمكينهن من تجاوز الفجوات البيروقراطية التي قد تعيق الحصول على الدعم المالي.
وأكدت الدراسة على أهمية تعزيز الشمول المالي للنساء في المناطق المهمشة، مثل الأغوار، من خلال توسيع حملات التوعية بالخدمات المالية المتاحة، وهو ما يساهم في تمكين النساء في هذه المناطق.
كما تم التركيز على تعزيز وجود النساء في مواقع صنع القرار داخل المؤسسات، وخاصة في الغرف التجارية والصناعية ونقابات العمال، مع توفير تسهيلات وبرامج استراتيجية لدعم انضمامهن إلى هذه المواقع. وجرى التأكيد على ضرورة تحفيز تغييرات في الأدوار الجندرية، مثل تطبيق سياسات تساهم في تحقيق توازن بين الجنسين في العمل، وذلك من خلال تبني إجازة الأبوة وتشجيع القطاع الخاص على توفير خدمات حضانات للأطفال.
وشددت على أهمية التعاون مع منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الدولية لتنظيم مبادرات تثقيفية وزيادة الوعي بالمساواة المبنية على النوع الاجتماعي، بما يسهم في توسيع الفرص الاقتصادية للنساء وتخفيف العبء الملقى عليهن.
وافتتح الجلسة مسيف جميل، الباحث في المعهد، مؤكداً على أهمية موضوع الدراسة، مشيراً إلى أنها تمثل جزءاً من أولويات المعهد، وتركز على التحديات التي تواجه النساء في القطاع الخاص.
من جانبها، بينت رئيسة جمعية المرأة العاملة أمل خريشة أن الدراسة تأتي ضمن إطار التعاون بين الجمعية ومعهد “ماس”، وتناقش قضايا متعددة تتعلق بمشاركة النساء في القطاع الخاص من منظور النوع الاجتماعي، بما في ذلك دور النساء في القطاعات الاقتصادية المختلفة، ولا سيما القطاع غير الرسمي.
وأشارت إلى أن الدراسة تساهم في تحديث خارطة الطريق للعمل النسوي في مجال التمكين الاقتصادي وتعتبر من أهم الإنجازات التي حققتها الجمعية خلال السنوات الخمس الماضية.




“الجراح تدلّ علينا” لزياد خداش في “قصيرة” جائزة الملتقى للقصة القصيرة العربية

كتبت بديعة زيدان:

أعلنت جائزة “الملتقى” للقصة القصيرة في الكويت، أمس، عن قائمتها القصيرة للدورة السابعة، وضمت من بين خمس مجموعات قصصية، مجموعة “الجراح تدلّ علينا” للقاص الفلسطيني الزميل زياد خدّاش، والصادرة عن منشورات المتوسط في إيطاليا.
في المجموعة المليئة بالصور البصرية، والمشاهد المرسومة بحرفية كاتب سيناريو، يتابع القارئ حكايات الجميلة الذكية المنكبة على قراءة “اعترافات القديس أوغسطين” في مكتبة بلدية رام الله، أو الغارقين بالضحك رغم المشهد المخيف، أو ذاك الأسد تحت الشرفة، أو الشاعر المحبوب الذي يحضن جوعه ورغبته العارمة بارتشاف فنجان قهوة في حديقته المنعزلة بعد احتفاء كبير به لم يخل من “بقلاوة” و”صفائح لحم وسبانخ”، بعد أن فجع بشرخ كبير في بنطاله، أو “أغاني السماء العالقة”، و”حكاية الحكاية التي طارت”، وغيرها.
وفي القصة التي تحمل المجموعة اسمها، عاد خداش، أو من تلبّسه سرديّاً هذه المرة، إلى جامعة بيرزيت في أوائل ثمانينيات القرن الماضي، والطالبة الجميلة التي أحب حدّ تغيير تخصصه مرّتين اقتفاء لأثرها، وتقمُص عشق كاذب للسمك الذي لا يحب ليجلس جانبها وهي تلتهم “الدينيس” برفقة صديقتها، قبل أن يعود ليتخيلها أو يراها، لا ندري، تطلب شيكلاً، “بس شيكل” وهي تنقر زجاج السيّارات بأدب.. كان ذلك بعد أربعين عاماً مضت، سافر فيها إلى بلاد كثيرة، وسمن وصار له صلعة خفيفة، وأحبّ نساء كثيرات علناً دون تحوّلات سريّة، كما كان يفعل ملاحقاً إياها في الجامعة.. صار في منتصف الخمسينيات من عمره، وأصدر عشرة كتب، ونسي ما وصفه بالحب الغريب ذاك، كما نسي “طريقة التحوّل”.
وينافس على الجائزة، إضافة إلى خدّاش ومجموعته، مجموعات: “حفيف صندل” للمصري أحمد الخميسي الصادرة عن “كيان” للنشر، و”روزنامة الأغبرة أيام الأمل” للسوري الألماني عبد الرحمن عفيف الصادرة عن منشورات “رامينا”، و”الإشارة الرابعة” للسعودي محمد الراشدي الصادرة عن ” e-Kutub Ltd”، و”كتفاه” للكويتية نجمة إدريس الصادرة عن دار “صوفيا” للنشر والتوزيع.
وقالت الجائزة في بيان، إن لجنة التحكيم برئاسة الروائي السوداني أمير تاج السر، وعضوية كل من الأكاديميين والنقاد: محمد اليحيائي، ونورة القحطاني، وشريف الجيّار، وفهد الهندال، عمِلت وفق معايير خاصّة لهذه الدورة، تمثّلت في التركيز على جدّة بناء النص، ومناسبته لفنّ القص، وتمتع النصّ بالإبداع والقوّة الملهمة الحاضرة، وكذلك ابتكار صيغ لغوية وتراكيب جديدة، وقدرة الرؤية الفنيّة للنص على طرح القيم الإنسانيّة، وحضور تقنيّات القص الحديث، ومحاكاة النصوص للواقع.
وأضافت إن اللجنة عقدت اجتماعات ونقاشات مستفيضة ومداولات متعددة، امتدت طوال الأشهر الماضية، للوصول إلى اختيار ما وصفته بـ”أهم المجاميع القصصيّة في هذه الدورة”، وشكلت القائمة الطويلة الشهر الماضي، قبل أن تنكب، خلال الفترة الماضية، على “تمحيص المجاميع القصصية للوصول إلى القائمة القصيرة، التي تستحق بجدارة أن تُقدّم مشهداً إبداعياً قصصياً عربياً دالّاً على أهمية فن القصة القصيرة العربية، ومعالجته أهم القضايا التي تهم المواطن العربي، ضمن فضاء إبداعي أدبي عالمي”.
وتقام فعالية الإعلان عن جائزة “الملتقى” لهذا العام بالتعاون والشراكة مع المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، لمناسبة اختيار الكويت عاصمة للثقافة العربية والإعلام العربي للعام 2025، بحيث يحتضن المجلس احتفالية الجائزة في الكويت العاصمة، في الفترة بين 18 إلى 21 شباط المقبل.
جدير بالذكر أنه تقدّم للدورة السابعة من جائزة “الملتقى”، وهي الجائزة الأبرز للقصة القصيرة العربية، 133 مجموعة قصصية، من 18 دولة عربية وأجنبية.




حسام قنوح يلتحق بعمه وخاليه الشهداء

عبد الباسط خلف- لم يكن حسام حسن قنوح يعلم أنه سيلتحق بعمه الشهيد عيسى الذي ارتقى عام 1982، وبخاله حسام، شهيد نهاية انتفاضة الحجارة، وبخاله الثاني وليد شهيد عام 2008.

وأعاد قصف الاحتلال مساء أمس الأول الثلاثاء لشبان كانوا يطلبون الدفء ويتناولون حلوى (ليالي لبنان) في شارع السكة بمخيم جنين، أوجاع العائلة على مصراعيها، رفقة 3 عائلات فقدت إحداها 3 أشقاء دفعة واحدة.

واستعاد فتحي اللحظات الأخيرة التي جمعته بشقيقه الوحيد حسام، وسرد بقلب حزين أن تلقى اتصالا منه يحمل تأكيد موعد استحقاق شيك ورشة بناء بيتهما المشترك في اليوم التالي، وأنه سيترك له 1000 شيقل لتأمينه.

عيون وساعد

وأشار إلى أنه أخفى حقيقة ما حدث عن والدته، واكتفى بإشعارها عبر اتصال هاتفي بضرورة حضورها على عجل إلى المستشفى، لكن قلبها وإحساسها دفعها لتوقع المصاب الثقيل.

وأضاف أن الأسرة فجعت بارتقاء ابنها، الذي كان الساعد الأيمن لوالده الكفيف، وحرص على مساعدته ومرافقته في تنقلاته إلى المسجد وزياراته كلها، فقد كان نور عينه وابنه المدلل، مثلما كان يشبهه ببنيته القوية ووزنه الزائد.

وتابع الأخ الوحيد بصوت منهك أن مكانة حسام عند والده، أهلته للعب دور الوسيط للعائلة في أي طلب تحتاجه.

وأشار إلى أن والده فقد بصره عقب وقت قصير من ولادة حسام، وأنه اليوم تحسس ابنه الشهيد خلال التشييع بيديه، وعجز عن إلقاء نظرة وداع عليه.

عيسى الأسطورة

أبصر حسام النور في 12 أيلول 1992، وحمل اسم خاله الشهيد حسام أنيس عبيدي، الذي استشهد خلال مواجهات مساء 25 شباط 1991 في بلدة برقين الملاصقة للمدينة.

وتابع الشقيق المكلوم: استشهد عمي فتحي في 24 آذار 1982، فقد كان رياضيا وصاحب بنية قوية ولاعب ملاكمة وعمل حدادا، وهاجم بجوار مبنى البريد وسط جنين دورية لجيش الاحتلال بسكين، وتعارك مع الجنود وقتل اثنين منهما وأصاب آخرين بجروح خطيرة، كما كسر سلاحا ناريا وألقاه في الشارع، وأثناء العملية أطلقت دورية أخرى النار عليه، ودفنه الاحتلال في مقبرة مشروع بيت قاد.

واستذكر استشهاد خاله المطارد وليد، خلال اشتباك مسلح في قباطية، في 16 كانون الثاني 2008.

ووفق فتحي الذي ورث اسم عمه، فإن وجوه الشبه كثيرة بين أخيه وعمه، فكلاهما كان رياضيا، وحرصا على ممارسة ألعاب الحديد وبناء الأجسام، فيما كان حسام لاعب خط وسط في نادي الأشبال لكرة القدم، وكان أحد أفراد فرقة الدبكة، وحرص على التطوع في أزقة المخيم، ثم انتقل لدراسة الخدمة الاجتماعية والتربية الابتدائية في جامعة القدس المفتوحة، لكنه توقف وانتقل إلى ضمان مقصف المحكمة المدنية.

حلم ممنوع

وتابع: تمتع حسام بشخصية مرحة، ودخل قلب كل من عرفه، وتميز بعلاقة متينة وطيبة مع المحامين ومراجعي المحكمة، وتزوج في تشرين الثاني 2017، وحلم ببناء بيت في حي الجابريات، وبدأنا بالفعل بوضع أساسات المنزل معي، لكن لم يكتب له القدر دخول مسكنه الجديد.

ترك قنوح الحسرة في قلوب والده الضرير، وأمه نجية المكلومة بشقيقيها الشهيدين، وعائلة صغيرة من أخ واحد و3 بنات، ورفيقة دربه مُنية، و3 أطفال: بكره أيلول (ذات الربيع السادس)، ومتين (4 سنوات)، وغيث (عام ونصف العام)، بينما فقد في رمضان الماضي صديقه المقرب وصهره أحمد بركات، في قصف لمركبة مدخل المخيم رمضان الفائت.

تنحدر عائلة قنوح من قرية السنديانة المدمرة قضاء حيفا، ومزقت النكبة الإخوة الثلاثة: عيسى، وموسى، ومحمد، أقام الأول في مخيم جنين، ونزح الثاني إلى الأردن، ولجأ الثالث إلى سوريا.

ولخص فتحي، وهو معلم رياضيات، اللحظات القاسية التي ألمت بالمخيم وقطعت بالقنابل جلسة السمر والدفء لشقيقه وجيرانه، إذ استشهد الفتى محمود أشرف مصطفى إغبارية (15 عاما)، بينما جرح والده، وقضى الأشقاء مؤمن، وبهاء، وأمير إبراهيم محمود أبو الهيجاء، كما ارتقى الشاب إبراهيم مصطفى قنيري.

كان أمير يعمل ممرضا في مركز يعبد الطبي، ولازم مؤمن وبهاء الهندسة، وحرص إبراهيم على ملاحقة رزقه ببيع الخضراوات، فيما جاء محمود ليكون الوحيد بعد 5 بنات، ونفذ والده نذر اصطحابه إلى العمرة العام الماضي.

وأنهى قنوح: تمنينا لو أن بصر أبي عاد اليوم للحظات؛ ليودع حسام المُدلل وأمين أسراره، لكنه القدر.




الضفة الغربية بين مطرقة الجيش الإسرائيلي وسندان المستوطنين

الضفة الغربية بين مطرقة الجيش الإسرائيلي وسندان المستوطنين

د. عقل صلاح*

ننطلق في هذه المقالة من قاعدة حكمت تاريخ الشعب الفلسطيني، فقد جاء عنوانها ليؤكد على معاناة ومأساة الشعب الفلسطيني المستمرة بسبب إدامة الاحتلال الذي أوغل في الدماء الفلسطينية حتى وصل إلى حد الإبادة، وفي العودة إلى القاعدة التي تنص على استخدام سنة بدل عام في كل التواريخ التي حصلت منذ إعلان وعد بلفور سنة 1917، وذلك لأن العام يستعمل لما فيه خير (الغيث والمطر واليسر والرخاء)، والسنة لما فيه شر، (شدة وتعب وظلم). وكان ذلك واضحًا في الاستعمال القرآني حيث ذكرت السنين للشر والجدب والقحط، والأعوام للخير، ومن الأمثلة سورة يوسف: {تزرعون سبع سنين دأباً}، {ثم يأتي عام فيه يغاث الناس}. وبناء على هذه القاعدة، الشعب الفلسطيني حياته كلها سنين- القمع والظلم والحصار والحرب والتشريد والدمار والقتل والحرق والهدم والاعتقال والإبادة- كل ذلك نتاج وعد بلفور وممارسات الاحتلال الوحشية المستمرة، ولم يعش الشعب الفلسطيني عامًا واحدًا في حياته. 

لقد انتهت السنة الماضية مخلفة وراءها أكبر جريمة بالتاريخ بحق غزة، حيث حصدت هذه الحرب الإجرامية حوالى10% من أهالي القطاع بين شهيد وجريح ومفقود تحت الأنقاض وفي السجون الإسرائيلية من أسرى القطاع الذين تم إعدامهم وهم أحياء ومقيدين، وتم تدمير البنية الجغرافية والمعمارية والتحتية للقطاع، فهذه الحرب الدموية أثارت جملة من الأسئلة المتعلقة بحرب الإبادة والتجويع وعدم محاسبة ومعاقبة إسرائيل، فالتحركات والفعاليات القانونية الدولية لم تقدم إجابات شافية حول هذه الأسئلة، وعن كل ما مرت وتمر به فلسطين على مدار 77 سنة من الاحتلال، وعن الدور العالمي في إيقاف الحرب، وعن كيفية حفظ حقوق الشعوب التي تنشد التحرر من الاحتلال. 

هذه الأسئلة وغيرها من الأسئلة التي تدور في ذهن كل فلسطيني هي التي دفعتنا إلى مراجعة تاريخ احتلال فلسطين؛ سعيًا إلى فهم أعمق لطبيعة المرحلة ولهذه التساؤلات المعقدة، وإن لم نحسم أمر كشف إجابات لها، على مدار أكثر من خمسة عشر شهرًا من الحرب المستمرة على القطاع، ومقاومة امتدت لأكثر من سبعة عقود، عكست جانبًا من جوانب ثقافتنا وتاريخنا الفلسطيني الوطني الذي بدأ في العصيان مرورًا في الثورة والانتفاضات ووصولًا لطوفان الأقصى. 

قد يكون طرح السؤال من أبرز التقنيات المعرفية التي كثيرًا ما يلجأ إليها المواطن الفلسطيني في تسليط الضوء على دور الحكومة الإسرائيلية والمستوطنين في استهداف الوجود الفلسطيني في الضفة بشكل خاص وفي فلسطين بشكل عام، وكأنّ أحد أوجه الاستهداف التي تعيشها غزة من حرب إبادة مستمرة للشعب الفلسطيني وحرب الجغرافية على الضفة لمحاصرة الوجود الفلسطيني وصولًا لإنهاء هذا الوجود في مناطق “ب” التي تبلغ مساحتها 20% ومنطقة “ج” ومساحتها 60%، وفقًا لتصنيفات اتفاقية أوسلو سنة 1993، وحصر هذا الوجود في منطقة “أ” والتي تساوي 20% من مساحة الضفة التي ستكون أكثر كثافة سكانية وصولًا للتضيق على الفلسطيني بها ليصل لمرحلة الهجرة لعدم توفر إمكانيات التطور والعيش الكريم، فالمنطلقات والتصريحات والخطط وممارسات الجيش الإسرائيلي والمستوطنين تعبر عن الواقع الحالي في الضفة، وحتى قبل طوفان الأقصى، كانت ومازالت الحرب على المواطن والجغرافيا الفلسطينية تطرح سؤالًا جوهريًا: “هل أصبحت الضفة تخضع لدولة المستوطنين؟”. 

كل ذلك يقودنا إلى تناول الاستهداف الإسرائيلي لفلسطين من طرفين كل منهما مكمل لدور الآخر. يتجسد الطرف الأول، بمطرقة الجيش الإسرائيلي الذي يتفنن في صناعة القتل والإبادة والقرارات التي تهدف لضم الضفة، والطرف الثاني يتمثل بسندان المستوطنين الذين يسعون إلى إقامة دولتهم الخاصة الاستيطانية في الضفة التي لا تلتزم بغير قانون التوراة الذي ينص على أن الضفة جزءًا من دولتهم، وهذا يقودنا إلى تسليط الضوء على هذه الممارسات الاحتلالية المستمرة. 

فممارسات الاحتلال الوحشية منذ أكثر من سبعة عقود ضد الشعب الفلسطيني تعبر عن غباء الاحتلال المستفحل الذي يعالج النتيجة وليس السبب، فالاحتلال يلاحق المقاومة والشعب الفلسطيني ويبحث عن الحلول الدموية من أجل عدم الاعتراف في الحقوق الفلسطينية، حتى الاتفاقيات التي وقع عليها لم يلتزم بها على الرغم من أنها لا تلبي الحد الأدنى من الحقوق الوطنية الفلسطينية، وهذه المعالجات على مدار عمر الاحتلال لم تفلح في إنهاء مقاومة الشعب الفلسطيني ومطالبته في الحرية والاستقلال والطموح لبناء الدولة الفلسطينية. 

وحتى وزراء الحكومة اليمينية المتطرفة هم جزء من التحالف مع المستوطنين في عملية الاستهداف الإجرامي للشعب الفلسطيني، فقد طالب بتسلئيل سموتريتش وزير المالية ووزير الإدارة المدنية بوزارة الحرب، في 6كانون الثاني/يناير 2025، بتحويل مدن قلقيلية ونابلس وجنين كما جباليا، وكان في السابق قد طالب بحرق بلدة حوارة وهذا ما حصل، بالإضافة إلى استمراره في قرصنة واحتجاز إيرادات المقاصّة، التي بلغت في الأشهر الأخيرة حوالي 70% من قيمة المقاصّة الشهرية، ويكرس جل جهوده في دعم الاستيطان والبؤر الاستيطانية وتشريعها، أما إيتمار بن غفير وزير الأمن القومي الذي يعمل على القضاء على الوجود الفلسطيني في الضفة، وإطلاق يد المستوطنين في الاعتداء على الشعب الفلسطيني ومنحهم القوة وجل الدعم في قتل الفلسطينيين وحرق ممتلكاتهم، وذلك من خلال تسليح أكثر من 200 ألف مستوطن بأفضل أنواع الأسلحة الرشاشة، ومنحهم الحرية في الاستيلاء على ممتلكات المواطن الفلسطيني في القوة وغيرها من القرارات التي تصب في حماية المستوطنين من أجل تهجير الشعب الفلسطيني من خلال السيطرة في المرحلة الأولى على منطقة “ج” والتي تم حسمها ومن ثم منطقة “ب” التي تم اتخاذ القرارات في حصر الوجود الفلسطيني بها وسحب صلاحيات السلطة الفلسطينية منها وتحويلها إلى منطقة “ج” وكل ذلك يصب في خطة الضم للضفة؛ ففي النهاية جميع قرارات الحكومة ابتداء من الحواجز والبوابات على مداخل المدن والقرى والاقتحامات وتدمير البنية التحتية والإعدامات الميدانية، وتقييد الحركة وحرية التنقل، والحرمان من الحق في السكن والتهجير القسري، والانتهاكات ضد المؤسسات التعليمية والإعلامية والصحية واستهداف الأماكن الدينية وحرية العبادة، والانتهاكات بحق الأسرى الفلسطينيين حيث تم قتل المئات منهم منذ سنة 1967، واتخاذ القرارات بمصادرة الأراضي والبناء الاستيطاني والهدم الممنهج، الذي وصل إلى أطراف المدن المصنفة “أ” كما حصل في الجبل الشمالي ونابلس الجديدة والضاحية وهذه المناطق تعتبر في قلب مدينة نابلس، والاعتقالات اليومية في الضفة، تصب في الفهم التوراتي الذي ينص على أن الضفة جزء من دولة إسرائيل الكبرى. 

أما ممارسات المستوطنين، فقد تم إطلاق الحرية التامة لهم في الاعتداء الهمجي على الشعب والأرض الفلسطينية، فمستوطن واحد يستطيع السيطرة على مساحة شاسعة من الأراضي ومن ثم إقامة مستوطنة عليها وهذا ما يفسر ارتفاع عدد البؤر الاستيطانية لحوالي 180 ومنها في منطقة “ب” وبالإضافة إلى إلغاء فك الارتباط عام 2005، والذي نص على الانسحاب من أربع مستوطنات في شمال الضفة وتم إعادة المستوطنة الأولى وهي حومش، حيث نشرت قناة 14 العبرية في 9كانون الثاني/يناير 2025، بأن الخطوة الأولى لإلغاء قانون فك الارتباط من خلال المكونات الأمنية في مستوطنة حومش: من خلال تركيب كاميرات مراقبة، وأعمدة إنارة، ومكونات أمنية في حومش. الحديث يدور عن خطوات ذات تأثير كبير في توفير الأمن وحماية المستوطنين في المستوطنة وفي المدرسة الدينية شمال الضفة. 

وتعمل إسرائيل ليلًا ونهارًا على إنهاء حالة المقاومة في شمال الضفة لعودة باقي المستوطنات وهي سانور وغانيم وكاديم، ويضاف على ذلك الاستيطان الرعوي الذي يحاصر كل محافظة وأصبح يسيطر على ما تبقى من منطقتي “ب وج”، وكل ذلك بحماية ومباركة الحكومة. وبهذا الخصوص يمكن تسليط الضوء على تصريح منظمة البيدر بأن الجيش الإسرائيلي والمستوطنين نفذوا 2,977 اعتداءً على التجمعات البدوية في الضفة خلال سنة 2024، ما أسفر عن تهجير 67 تجمعاً بدوياً، و340 عائلة، وعلى نفس المنوال أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية “أوتشا” في 4كانون الثاني/يناير 2025، بأن سنة 2024 تمثل أسوأ سنة لعنف المستوطنين في الضفة، 1400حادث عنف من المستوطنين، وهذا ما يؤكده شعار “لا مستقبل بفلسطين” الذي كتب على يافطات وضعها المستوطنون على طريق نابلس رام الله في مستوطنة شيلو. 

فكل ما سبق، من ممارسات للجيش وللمستوطنين تم التعبير عنها في 6كانون الثاني /يناير 2025، عبر الحسابات الرسمية للمستوطنين على مواقع التواصل الاجتماعي عبر خريطة “مملكتي يهوذا وإسرائيل”، تعود إلى سنة 928 قبل الميلاد، والتي تظهر فيها سيطرة وهمية على أراضٍ فلسطينية وأردنية ومصرية ولبنانية وسورية، كل ذلك يعبر عن العقلية الإجرامية التي تحكم إسرائيل بغطاء توراتي زائف. 

*كاتب وباحث فلسطيني مختص بالحركات الأيديولوجية.