1

علاقة الاكتئاب بارتفاع درجة حرارة الجسم

وجدت دراسة أميركية صلة غريبة بين الاكتئاب ودرجة حرارة الجسم. ففي الدراسة التي نُشرت في فبراير/ شباط الماضي، قام باحثون بقيادة فريق من جامعة كاليفورنيا سان فرانسيسكو بتحليل بيانات من 20880 فردًا تم جمعها على مدار سبعة أشهر، فتأكّد أن المصابين بالاكتئاب يميلون إلى ارتفاع درجات حرارة الجسم، بحسب موقع “سينس أليرت”. 

وعلى الرغم من دقة الدراسة التي شملت مشاركين من 106 دول، إلا أنها لا تكفي لإثبات أن ارتفاع درجة حرارة الجسم يسبب الاكتئاب، أو أن الاكتئاب يؤدي بالفعل إلى رفع حرارة الجسم.

العلاقة بين الاكتئاب وارتفاع حرارة الجسم

ومع ذلك، فهي تشير إلى صلة تستحق التحقيق. وينقل موقع “سينس أليرت” عن آشلي ماسون، الطبيب النفسي بجامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو، تعليقه عندما ظهرت النتائج، بالقول: “على حد علمنا، هذه هي أكبر دراسة حتى الآن لفحص العلاقة بين درجة حرارة الجسم – التي يتم تقييمها باستخدام أساليب التقرير الذاتي وأجهزة الاستشعار القابلة للارتداء – وأعراض الاكتئاب في عينة واسعة جغرافيًا”.

ويشير الباحثون إلى عدد من الأسباب تعلل الارتباط. فقد يكون الاكتئاب مرتبطًا بعمليات التمثيل الغذائي التي تولد حرارة إضافية، أو مرتبطًا بتبريد الوظائف البيولوجية التي لا تعمل بشكل صحيح.

كذلك قد يؤثر الإجهاد العقلي أو الالتهاب على درجة حرارة الجسم وأعراض الاكتئاب بشكل منفصل.

تسخين الجسم يقلل أعراض الاكتئاب

وبحسب “سينس أليرت”، وجدت الأبحاث السابقة أن اليوغا الساخنة وأحواض الاستحمام الساخنة والساونا يمكن أن تقلل من أعراض الاكتئاب، حيث تسبب التبريد الذاتي من خلال التعرق، الذي له تأثير عقلي أيضًا.

وقال مايسون: “من المفارقات أن تسخين الجسم يمكن أن يؤدي في الواقع إلى انخفاض درجة حرارته بشكل يدوم لفترة أطول من مجرد تبريد الجسم مباشرة، كما هو الحال من خلال حمام جليدي”.

وأظهرت بيانات الدراسة أنه عندما أصبحت أعراض الاكتئاب المبلغ عنها ذاتيًا أكثر حدة، ارتفعت متوسطات درجة حرارة الجسم. وبينت الارتباط بين درجات الاكتئاب المرتفعة وانخفاض تقلبات درجات الحرارة اليومية، ولكن ليس بمستوى ذي دلالة إحصائية.

ويعاني حوالي 5% من الأشخاص حول العالم من الاكتئاب، ما يجعل الجهود المبذولة لفهمه وعلاجه بشكل فعال أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى. 




أستراليا تعتزم حظر مواقع التواصل الاجتماعي على المراهقين

تعتزم حكومة أستراليا اتخاذ خطوات نحو تقييد وصول الأطفال والمراهقين إلى وسائل التواصل الاجتماعي، ممن هم دون 16 عاما، ومن المقرر مناقشة التشريع المقترح يوم الجمعة القادم.

وأوضح رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيز، للصحفيين في كانبيرا، أنه تحدث إلى آلاف من العائلات، قائلا إنهم “مثلي يشعرون بالقلق الشديد على سلامة أطفالنا على الإنترنت، وأريد أن يعرف الآباء والأمهات والعائلات الأسترالية أن الحكومة تساندكم”.

ومن المقرر مناقشة التشريع المقترح بهذا الشأن في اجتماع مجلس الوزراء يوم الجمعة قبل عرضه على البرلمان في وقت لاحق من هذا الشهر، غير أن الأمر قد يستغرق قرابة عام قبل أن تدخل القواعد الجديدة حيز التنفيذ، حسب ما أفادت هيئة الإذاعة الأسترالية.

وتأتي هذه القيود حيال وصول المراهقين إلى منصات التواصل، في ظل دراسات عديدة من حين لآخر عما تسميه أضرارا على هذه الفئة العمرية، وما بات يعرف بإدمان المراهقين على مواقع التواصل.

ويذهب بعض الخبراء في تلك الدراسات إلى توجيه تحذيرات بشأن تلك الأخطار المحتملة، للإشارة إلى أضرارها على صحة المراهقين وسلوكهم، في حين تقلل بعض الآراء من ذلك إذ تعتبر أن مقدار الوقت الذي يقضيه المراهقون على تلك المنصات “ليس له سوى تأثير ضئيل على سعادتهم”.




الصحة العالمية: مئات ملايين الأطفال والمراهقين يواجهون العنف يوميا

قالت منظمة الصحة العالمية، اليوم الخميس، إن هناك مئات الملايين من الأطفال وفي سن المراهقة بأنحاء العالم يواجهون العنف يوميا في منازلهم ومدارسهم وفي أماكن أخرى، مما قد يؤدي إلى عواقب تستمر معهم مدى الحياة.

وأفادت منظمة الصحة العالمية بأن العنف يشمل الضرب من قبل أفراد الأسرة، والتعرض للترهيب في المدرسة، بالإضافة إلى العنف الجسدي والعاطفي والجنسي.

وفي معظم الحالات، تحدث وقائع العنف خلف الأبواب المغلقة.

وبحسب منظمة الصحة العالمية، فإن أكثر من نصف من تراوح أعمارهم بين عامين و17 عاما -أكثر من مليار قاصر في المجموع- يتعرضون للعنف كل عام.

ويتعرض 3 من بين كل 5 من الأطفال والمراهقين للعنف الجسدي في المنزل، كما تتعرض واحدة من بين كل 5 فتيات وواحد من بين كل 7 فتيان للعنف الجنسي. ويتأثر ما يراوح بين ربع ونصف القاصرين بالتنمر، بحسب ما ورد في المعلومات المقدمة.

وتفيد التقارير بأن نصف الأطفال فقط هم من يتحدثون عن تجاربهم مع العنف، وأن أقل من 10% منهم يتلقون المساعدة.




واشنطن تندد بعنف المستوطنين وتطالب إسرائيل بمحاسبة الجناة ووقف أعمالهم

نددت الولايات المتحدة بتصاعد العنف الاستيطاني ضد المواطنين الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، وحثت وزارة الخارجية الأميركية يوم الاثنين إسرائيل على اتخاذ إجراءات بشأن العنف الذي يمارسه المستوطنون في الضفة الغربية، معربة عن قلقها بعد إحراق ما يقرب من 20 سيارة بالقرب من رام الله.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر للصحفيين “إن الولايات المتحدة تشعر بقلق عميق إزاء هذه التقارير وغيرها من التقارير الأخيرة عن تزايد عنف المستوطنين المتطرفين في الضفة الغربية”.

بالإضافة إلى إحراق السيارات يوم الاثنين، أشار ميلر إلى هجمات المستوطنين في الضفة الغربية على المنازل وقتل مواشي الفلسطينيين وإعاقة حصاد الزيتون.

وقال ميلر “من الأهمية بمكان أن تردع حكومة إسرائيل عنف المستوطنين المتطرفين وتتخذ التدابير اللازمة لحماية جميع المجتمعات من الأذى وفقًا لالتزاماتها الدولية”.

وقال “يتضمن هذا التدخل ومنع ووقف مثل هذا العنف. كما يقع على عاتق السلطات المعنية بذل كل ما في وسعها لتهدئة التوترات ومحاسبة جميع مرتكبي العنف ضد المدنيين على قدم المساواة، بغض النظر عن خلفية الجاني أو الضحية”.

وفي رده على سؤال مراسل القدس عما إذا كانت الولايات المتحدة ستطالب بتسليم المستوطنين  المتطرفين الذي ارتكبوا أعمال عنف ضد الفلسطينيين ، قال ميلر أن أن ذلك يعود إلى وزارة العدل الأميركية.

وقد أعربت الولايات المتحدة مرارًا وتكرارًا عن قلقها وفرضت عقوبات على عنف المستوطنين في الضفة الغربية بالتزامن مع حرب إسرائيل في غزة.

وقال سكان إن مستوطنين يهود أحرقوا 20 سيارة خلال هجوم على ممتلكات فلسطينية على مشارف رام الله يوم الاثنين، في واحدة من أجرأ غاراتهم حتى الآن في المنطقة التي تعمل كمقر للحكومة الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة.

وقالوا إن نحو عشرة مهاجمين ملثمين يحملون قنابل حارقة استهدفوا منطقة البيرة المجاورة لرام الله حوالي الساعة الثالثة صباحًا وأحرقوا السيارات في غضون دقائق.

وقال أحد السكان إيهاب الزبن إنه صرخ على المستوطنين لكنهم واصلوا حرق المركبات على الرغم من ذلك.

وقال “عندما نزلنا لمحاولة إطفاء الحريق، بدأوا في إطلاق النار علينا”.

وتركت واجهات مبنى سكني سوداء بسبب الحرائق التي أشعلت في سيارات كانت متوقفة خارج المبنى.

وقال المتحدث باسم الشرطة الإسرائيلية في بيان إن الشرطة الإسرائيلية وجهاز الأمن الداخلي (شين بيت) يحققان بعد تلقي تقرير يفيد بحرق عدد من السيارات الفلسطينية.

وقد أثار عنف المستوطنين اليهود ضد المجتمعات الفلسطينية في الضفة الغربية إدانة دولية وأدى إلى فرض عقوبات على المستوطنين العنيفين من قبل بعض الحكومات، ولا سيما الولايات المتحدة، التي حثت إسرائيل على بذل المزيد من الجهود لوقف الهجمات.

وأدانت السلطة الفلسطينية، ومقرها رام الله، “الهجوم الوحشي الذي شنته ميليشيات المستوطنين”. ودعت وزارة الخارجية إلى “عقوبات شاملة تستهدف النظام الاستعماري الاستيطاني بأكمله”.

وقال عبد الرحمن شديد، المسؤول في حماس، إن الهجوم يمثل تصعيدا من جانب المستوطنين ويتطلب “تصعيد المواجهة ومواجهة هذه الجرائم”، بحسب بيان صادر عن المجموعة الفلسطينية.

وتنظر إسرائيل إلى الضفة الغربية باعتبارها يهودا والسامرة التوراتية، ويستشهد المستوطنون بروابط توراتية بالأرض.

كانت أعمال العنف التي يرتكبها المستوطنون في تصاعد قبل اندلاع حرب غزة، وتفاقمت منذ بدء الصراع قبل أكثر من عام بقليل.

وفي مقابلة مع رويترز الأسبوع الماضي، أعرب أحد زعماء مجتمع المستوطنين عن ثقته في أن دونالد ترامب، إذا فاز في الانتخابات الرئاسية الأميركية، سيرفع ما يراه المستوطنون عقوبات غير شرعية مفروضة بسبب الهجمات على الفلسطينيين.

وتعتبر معظم الدول المستوطنات غير قانونية بموجب القانون الدولي. في عام 2019، تخلت إدارة ترامب آنذاك عن الموقف الأميركي الراسخ بأن المستوطنات غير قانونية قبل أن يعيده الرئيس جو بايدن.




ماذا لو فاز ترامب؟ وماذا لو فازت هاريس؟

أولًا، وقبل كل شيء، لا بد من التأكيد أن الرهان على الولايات المتحدة، وأنها يمكن أن تتغير من الالتزام بالدفاع عن إسرائيل حتى لو ارتكبت كل أنواع الجرائم ضد الفلسطينيين وغيرها‎ رهان خاسر. فمن يراهن على غيره يخسر، فنحن في عالم لا يقوم على المبادئ والأخلاق والعدالة والقانون على الرغم من ادعائه بذلك، وإنما يقوم على المصلحة والقوة وبعد ذلك تأتي القضايا الأخرى، ومن لا يتقن أو لا يملك المصلحة أو القوة أو كلتيهما لا مكان له في هذا العالم، بل سيكون معرضًا لكل أنواع الظلم والانتهاك والتجاوز.

وينطبق القول السابق على الولايات المتحدة أقوى دولة في العالم، التي تقود أكبر وأقوى إمبراطورية عرفها التاريخ، والدليل أنه خلال عشرات السنين، راهن الملوك والرؤساء العرب على تغير السياسة الأميركية، من الدعم المطلق لإسرائيل والشراكة العضوية والاستراتيجية إلى الاعتماد على العرب أو بعضًا منهم بدلًا من إسرائيل، أو حتى إلى جانبها، غير أن هذه المحاولات باءت بالفشل، وحصد المراهنون الخيبة والخسارة.

في هذا السياق، كان من الخطأ الفادح الذي يعيد إنتاج نفسه باستمرار على الرغم من حصاد الفشل، هو الرهان على واشنطن لحل الصراع العربي الصهيوني، وعلى قيامها بدور الوسيط النزيه، لدرجة أن الرئيس الراحل حسني مبارك، أكبر حليف وصديق للولايات المتحدة خلال ثلاثة عقود من حكمه، خرج بخلاصة “أن المتغطي بأميركا بردان”.

على الرغم من كل ما سبق ومن تكرار الخيبات الكبيرة، فإن القادة العرب، بمن فيهم القيادة الفلسطينية، يراهنون على تغير السياسة الأميركية من دون أن يفعلوا شيئًا يساعد على تغييرها، مثل رفع تكلفة دعمها المطلق لدولة الاحتلال، ويكبر الرهان عشية كل انتخابات رئاسية.

كان العرب بمعظمهم في الماضي حتى أحداث 11 أيلول/ سبتمبر 2001 يؤيدون الحزب الجمهوري، لأنه محافظ وضد المثلية والإجهاض، ولا يقيم اعتبارًا لحقوق الإنسان، ولكنهم مالوا بعد ذلك للحزب الديمقراطي بعد الحرب التي شنها الرئيس جورج بوش الابن على العرب والمسلمين، وفي ظل سيطرة المحافظين الجدد والمسيحيين الصهاينة على الحزب الجمهوري.

أما اليوم، فالعرب منقسمون، فبعضهم يؤيد مرشحي الحزب الديمقراطي لأنهم أقرب وفق اعتقادهم في مواقفهم من القضايا العربية، ومنهم من يؤيد مرشحي الحزب الجمهوري لأنهم لا يتبعون سياسة الحزب الديمقراطي التي ترمي إلى تغيير الأنظمة كما فعل الرئيس باراك أوباما الذي دعم “الربيع العربي”، ولأنهم أشد عداوة لإيران، التي يتصور بعض القادة العرب بأنها عدوتهم، وليس إسرائيل، كما كان الأمر في السابق.

 ومع أن الحزبين الجمهوري والديمقراطي يختلفان في كثير من الأمور، فإنهما يتفقان على دعم إسرائيل.

صحيح أن العرب أخذوا دروسًا قوية عندما احتاجت السعودية إلى من يقف معها عندما تعرضت لضربات خارجية، ولم ينجدها الرئيس الديمقراطي باراك أوباما ولا الرئيس الجمهوري دونالد ترامب، وهذا جعل الملوك والرؤساء العرب الذين كانوا عشية الانتخابات الأميركية في السابق أكثر حماسة وتمويلًا لمرشحي الحزبين، وخصوصًا ترامب، باتوا أكثر واقعية واستعدادًا للتعامل مع أي رئيس.

لدينا فريق فلسطيني وعربي يتصور أنه إذا أثبت أنه يمكن أن يقوم بدور مهم وفاعل في توفير الأمن والاستقرار في المنطقة لصالح الاستراتيجية والمصالح الأميركية، وليس لصالح شعوبهم وبلدانهم، فهذا يؤهله للانضمام إلى نادي أصدقاء واشنطن وحلفائها الذين يعتمد عليهم. غير أن هذا الأمر يتبخر دائمًا إذا تعلق الأمر بإسرائيل، فعندها يطاح بأي أمل بموقف أميركي عادل أو متوازن، فإسرائيل هي درة التاج ولا ينافسها ولا يمكن أن ينافسها أي طرف عربي، فهي ليست مجرد حليف، وإنما جزء عضوي من المعسكر الاستعماري، لذا إذا حصلت دولة عربية على” وسام الجدارة ” فيجب عليها أن تقبل بأن الأولوية لإسرائيل، وهي صاحبة اليد العليا، وهي الدولة التي يجب أن تكون مهيمنة وتحت سطوتها يقف الحلفاء العرب.

أبعدتنا هذه المقدمة عن معالجة الموضوع الرئيسي في هذا المقال، وهو ماذا لو فاز ترامب أو فازت هاريس؟

يبدأ الجواب بالقول إذا كان العرب (وهذا ينطبق كذلك على الفلسطينيين) ضعفاء ومنقسمين، من دون برنامج مشترك ولا قيادة مشتركة ولا قائد أو بلد قائد أو سياسة فاعلة، كما هم عليه الآن، فلن يتمكنوا من الاستفادة من أي فرص يمكن أن يتيحها الفائز، سواء أكان ترامب أم هاريس، وكذلك لا يتمكنون من وقف أو تقليل الأضرار والخسائر، فهم طرف مفعول به وليس فاعلًا.

الانتخابات هذه المرة تؤثر فيها عوامل خارجية، وليس العوامل الداخلية التي كانت دائمًا هي الحاسمة. فحرب الإبادة وتداعياتها الإقليمية والدولية تؤدي دورًا مهمًا في ظل التقارب الشديد بين المرشحيْن، لدرجة أن الصوت العربي إذا توحّد يمكن أن يساهم في فوز مرشح وخسارة آخر.

إذا أخذنا نموذجيْن تتضح لنا الصورة، النموذج الأول يهود الولايات المتحدة الذين سينتخبون بأغلبيتهم كالعادة مرشح الحزب الديمقراطي لأسباب داخلية، ولكونهم يخشون من التطرف العنصري الذي وصلت إليه إسرائيل، بينما نرى في النموذج الثاني أن 67% من الإسرائيليين يفضلون فوز ترامب و17% منهم يفضلون فوز هاريس. أما مؤيدو نتنياهو، فإن 93% منهم يفضلون ترامب و1% فقط؜ يفضلون هاريس؛ أي إن إسرائيل وحكومتها اختارت وترمي بثقلها لإنجاح المرشح المفضل لديها، وهذا ظهر في تعطيل أي فرصة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان قبل الانتخابات حتى لا تتحسن فرص هاريس في الفوز.

أما العرب فمنقسمون بين ثلاثة مرشحين، وبذلك يفقدون قدرتهم على التأثير، فإذا اختاروا هاريس على سبيل المثال فيمكنهم عقد صفقة معها ويحددون بعض المطالب لتلتزم بها إذا فازت، تمامًا كما يفعل اليمين الديني الصهيوني، إذ دعمت ميريام – أرملة شيلدون أديلسون – وجيفري ياس – حملة ترامب بنحو 250 مليون دولار مقابل تعهده بضم الضفة الغربية، وخاصة مناطق (ج) إلى إسرائيل، والدليل على صحة التعهد أن حملة ترامب نفت ذلك كونه يشكل مخالفة قانونية للتبرع للحملات الانتخابية، وقد سبق أن دعم الزوجان أدلسون ترامب وحزبه الجمهوري خلال الحملة الانتخابية السابقة بستين مليون دولار مقابل نقل السفارة الأميركية من القدس إلى تل أبيب .

تعودنا أن نسمع عبارة من القوميين واليساريين سابقًا، والآن من الإسلاميين، أن مرشحي الحزبين الديمقراطي والجمهوري وجهان لعملة واحدة ولا فرق بينهما، وهذا صحيح وغير صحيح. صحيح لأن الحزبيْن ملتزمان بدعم مطلق لإسرائيل ولا خلاف بينهما على ذلك، وغير صحيح لأن هناك خلافًا ظهر خلال العقدين الأخيرين على أي إسرائيل هي التي يجب أن تدعم، فهناك تغيرات عميقة وجوهرية حدثت في السياسة الإسرائيلية ذهبت بها أبعد كثيرًا عما كانت عليه في التطرف الديني والقومي، وإقرار قوانين عنصرية غير ديمقراطية، حتى بمعنى المساس بالديمقراطية اليهودية.

تفضل هاريس الاتجاهات الأقل تطرفًا في إسرائيل، وتدعم بقاء إسرائيل كما كانت عليه في السابق، ولا تزال تؤيد التوصل إلى تسوية لصالح إسرائيل، سواء للصراع أو لحرب الإبادة، حيث تعطي بعض الحقوق والأرض والسيادة للفلسطينيين، وذلك ضمن مفهوم عند الحزب الديمقراطي بشأن ضرورة التركيز على الصين، وتبريد الملفات الأخرى، لذلك عقد أوباما الاتفاق النووي مع إيران.

كما يدعم الديمقراطيون تسوية في الشرق الأوسط تمكنهم من تخفيف تواجدهم لصالح وكلاء آخرين، من ضمنهم وعلى رأسهم إسرائيل، إضافة إلى أن هاريس تحسب بعض الحساب للتيار التقدمي في الحزب الديمقراطي الذي اتخذ مواقف متقدمة من القضية الفلسطينية. لكن كل ذلك لا يلغي أن هاريس نائبة رئيس شارك إسرائيل حرب الإبادة ضد الفلسطينيين، واستمرّ طوال عهده بالحديث عن حل الدولتين من دون أن يفعل شيئًا لتطبيقه.

أما ترامب فيدعم الاتجاهات الأكثر تطرفًا وعدوانية وتوسعية في إسرائيل، كما ظهر في حديثه عن أن إسرائيل دولة صغيرة بحاجة إلى توسيع، لذا سيدعم ضم أو بقاء السيطرة على شمال قطاع غزة لإسرائيل، وأن فوز هاريس كما قال سيؤدي إلى القضاء على إسرائيل خلال عامين، وأن من حق الأخيرة ضرب المفاعل النووي الإيراني، وهو سبق وألغى الاتفاق النووي، وهذا سيزيد التوتر وعدم الاستقرار والحروب في المنطقة، لكنه لا يتعارض مع فلسفته عن تحقيق السلام عبر القوة.

كما اعتبر ترامب أن إدارة بايدن تقيد يد إسرائيل في حربها ضد الفلسطينيين، وهو لن يفعل ذلك، وهذا قد يؤدي إلى وقف الحرب والسلام، ولكن على حساب الفلسطينيين. وهو صاحب الاتفاقات الإبراهيمية وسوّق لها وأكثر قدرة لبراغماتيته على استكمالها من هاريس، وكذلك لا يجب أن ننسى أنه صاحب صفقة القرن التي تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية.

من المتوقع إذا فاز ترامب أن يحذف من صفقته الإشارة إلى الدولة الفلسطينية، كما قال صديقه والمقرب جدًا منه وسفيره السابق إلى إسرائيل ديفيد فريدمان، لأنه اقتنع أن الدولة الفلسطينية خطر وجودي على إسرائيل، لذا سيدعم الضم والتهجير واستمرار العدوان والإبادة.

لذا لو صوت العرب لهاريس السيئة والخطيرة لفازت، وهي أهون الشرين، وهذه الفرصة للتأثير الآن وليس في المستقبل، ووجدت لأول مرة، ولو لم تكن ولا يوجد حرب إبادة لكان من الأفضل التصويت للمرشحة جيل ستاين التي تؤيد الحقوق الفلسطينية، لأنها يمكن أن تكسر الاستقطاب الثنائي بين الحزبين الكبيرين إذا حصلت على 5% من الأصوات، حيث سيُعترف بها حزبًا ثالثًا.

ولو صوتوا لهاريس لتفادوا فوز ترامب الأكثر خطرًا وسوءًا، ليس على الفلسطينيين فقط، وإنما على العالم كله وعلى الولايات المتحدة نفسها، فهو إذا لم يفز يمكن ألا يعترف بنتائج الانتخابات، وهذا يمكن أن يؤدي إلى اضطرابات، وتذهب بعض التقديرات أنه سيدفع نحو حرب أهلية.

إن السياسة كما يقال فن أفضل الممكنات (وليس الممكن فقط)، وهي تتطلب رؤية الفروقات الكبيرة والصغيرة، ومن لا يرى الفروقات حتى إذا كانت صغيرة عليه ألا يعمل أو يهتم بالسياسة.

ختامًا، أحذر من اعتبار موعد الانتخابات الأميركية أو موعد استلام الرئيس الجديد موعدًا حتميًا لوقف العدوان في غزة أو لبنان، فهذا مجرد احتمال من احتمالات عدة، ويتوقف أولاً وأساسًا على الميدان في فلسطين ولبنان، ومدى صمود المقاومة وقدرتها على إلحاق خسائر في صفوف الاحتلال، إضافة إلى تأثير ما سيحدث على الجبهة الإيرانية سلمًا أو حربًا، وتأثير من الفائز هاريس أم ترامب، وهل يريد بايدن الذي سيبقى رئيسًا حتى العشرين من كانون الثاني/ يناير 2025 أن يضغط على حكومة نتنياهو بعد تحرره من ضغط الانتخابات، أم أنه سيبقى يختلف معها ولكن يرضخ لها ويكتفي بتوجيه النصائح ولا يمارس الضغوط عليها؟

والأهم من كل ما سبق هو أن الطرف الفاعل هو القادر على التأثير مهما تكن نتائج الانتخابات، فهو يقدر على تقليل مخاطر فوز الأسوأ وتحويل الأزمات إلى فرص بغض النظر عن الفائز.

ولكن الطرف الضعيف والمنقسم والتائه ليس أمامه سوى انتظار غودو الذي لن يأتي أبدًا، بعد كل انتخابات أميركية والرهان على الفائز لعله يكون كريمًا ولا يفعل ما انتخب من أجله، وهذا مستحيل، ومن ينتظر المستحيل شأنه من يتصور أن مصير إبليس يمكن أن يكون الجنة.