1

لُقِّبَ بسفير اللطف الإنساني وانحازَ للمجتمعات الأصلية
حمدان الدولية للتصوير تمنح الجائزة التقديرية للمصور الهولندي “جيمس فيليب نيلسون”

  • عبد الرحمن بن محمد العويس: تفاعلهُ مع المجتمعات الأصلية فناً وتوثيقاً يُعتبر نموذجاً صلباً للمشاريع الفوتوغرافية الطويلة
  • علي خليفة بن ثالث: نهدفُ لتقديمِ نماذجَ مرموقةٍ ومُلهِمة تُحتَذَى في مدى عطائها لصناعة التصوير العالمية
  • علي خليفة بن ثالث: مجتمعات التصوير تترقّبُ حفل الثلاثاء .. ونعدُهم بأعمالٍ مدهشة تفوق التوقعات
  • جيمس نيلسون: رؤية سموّ ولي عهد دبي تُظهِرُ التزاماً ملحوظاً بدعم الفن والثقافة والابتكار على نطاقٍ عالميّ
    10 نوفمبر 2024
    أعلنت الأمانة العامة لجائزة حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم الدولية للتصوير الضوئي، عن ثالث الفائزين بالجوائز الخاصة للدورة الثالثة عشرة للجائزة والتي كانت بعنوان “الاستدامة”، حيث فاز المصور الهولندي “جيمس فيليب نيلسون” بالجائزة التقديرية عن دورة “الاستدامة”، وقيمتها 100 ألف دولار، والتي تُمنح للشخصيات البارزة التي أسهمت في تطوير فن التصوير وقدّمت خدماتٍ جليلة للأجيال الجديدة التي تسلّمت زمام أمور هذه الرسالة الفنية السامية من خلال عدسة الإبداع لتنال جائزة التقدير. وسيتم تكريم “جيمس فيليب نيلسون” مع الفائزين بجميع محاور وفئات الجوائز خلال الحفل الختامي لهذه الدورة والذي يستضيفه “متحف المستقبل” دبي في 12 نوفمبر الجاري.
  • معالي عبدالرحمن بن محمد العويس، وزير الصحة ووقاية المجتمع، رئيس مجلس أمناء الجائزة، قال في تصريحه: قصة نيلسون مع التصوير كانت مؤثرة وتحمل الكثير من العبر والدلالات لما يمكن للعدسة أن تفعله من تغييرات جذرية في حياة أصحابها. كما أن تفاعلهُ مع المجتمعات الأصلية فناً وتوثيقاً يُعتبر نموذجاً صلباً للمشاريع الفوتوغرافية الطويلة والقادرة على صناعة فوارق هامة في العلاقات الإنسانية بين الشعوب والحضارات المختلفة.
    وفي تصريحٍ له قال سعادة الأمين العام للجائزة، علي خليفة بن ثالث: تطمح هيبا من خلال تكريم هذه الشخصيات المميزة، لتقديمِ نماذجَ مرموقةٍ ومُلهِمة تُحتَذَى في مدى عطائها لصناعة التصوير العالمية ودعمها لكل المصورين المبدعين من كافة أنحاء العالم. إن تكريم المبدعين من خلال الفئات الثلاث للجوائز الخاصة، لهو من صميم رسالة الجائزة ورؤيتها الـمُستلهَمة من فكر سموّ الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، مؤسس وراعي الجائزة، في دعم الفنون وتشجيع الإبداع الثقافيّ والمعرفيّ، ودفع عجلة العمل والاكتساب والإنجاز.
    وأضاف بن ثالث: مجتمعات التصوير حول العالم متحمسة للتعرّف على نجوم الدورة الثالثة عشرة “الاستدامة” بكافة فئاتها ومحاورها، والتي سيتم الإعلان عنها خلال الحفل الختامي يوم الثلاثاء القادم في أجمل مبنى في العالم، متحف المستقبل بدبي. ونعدُ الجميع بأن مستوى الأعمال الفائزة سيكون مدهشاً يفوق التوقعات.
    المصور الفائز “جيمس فيليب نيلسون”، قال: أشعر بفخرٍ عميق لحصولي على الجائزة التقديرية من هيبا لعام 2024. وأتوجّه بالشكر الجزيل لسمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، لتأسيسه جائزة مرموقة للتصوير الفوتوغرافي. إن حِسّهُ القيادي، إلى جانب رؤية دبي، يُظهر التزاماً ملحوظاً بدعم الفن والثقافة والابتكار على نطاقٍ عالمي.
    آمل أن يكون هذا التكريم مصدر إلهامٍ للأجيال القادمة من المبدعين في جميع أنحاء العالم، وتشجيعهم على الاحتفال بالجَمَاليات الناعمة لإنسانيتنا المشتركة. من خلال فن التصوير لدينا فرصة فريدة لتذكير العالم بمسؤوليتنا الجماعية عن تقدير وحماية موردنا الحقيقي الوحيد، كوكبنا هو موطننا. أعتقد أن دبي باتت مؤهَّلةً لقيادة العالم نحو مستقبلٍ يتسم بالوعي الثقافي والاستدامة، وتقديم مثالٍ مُلهِم للإبداع الهادف.
    من هو “جيمس فيليب نيلسون” ؟
    وُلِد جيمي نيلسون في إنجلترا (سيفينوكس، 1967) ولكن بسبب عمل والده كجيولوجي، كان كثير التنقّل منذ الطفولة، فقضى فترات طويلة في مناطق نائية من إفريقيا والأمريكيتين وآسيا، وكوَّن روابط دائمة مع المجتمعات الأصلية. ثم ابتعد مُرغَماً عن مثالية الثقة والبساطة عندما أُرسل في سن مبكرة إلى مدرسة داخلية بريطانية، وهناك معزولاً ووحيداً واجَه تجارب صادمة أبعدته عن الدفء والإنسانية التي عرفها.
    في سن السابعة عشرة، أصيب بالثعلبة التي تركته أصلعاً بالكامل، ممّا عكس الندوب العاطفية العميقة التي يحملها. وبسبب تعرّضه للخطر جسدياً وعاطفياً، شَعر جيمي بالضعف والانفصال عن العالم من حوله. وفي محاولةٍ يائسة للهروب وإيجاد المعنى، انطلق إلى التبت ومعه كاميرا Zenit B بسيطة – هدية والده – وبضعة لفافات من الأفلام. لقد تحوَّل ما بدأ كرحلة هروب إلى رحلة اكتشاف. ففي الزوايا النائية من التبت، وجد جيمي العزاء في التصوير الفوتوغرافي، واستخدمه كوسيلة لإعادة الاتصال بلطف البشرية الذي فقد إيمانه به. ومن خلال العدسة، بدأ يرى الناس باعتبارهم انعكاسات للكرم والدفء الذي كان يتوق إليه.
    أصبح التصوير الفوتوغرافي أداة له لتصوير جَمَال البشر وقدرتهم على الصمود، مما منحه وسيلة لاستعادة إيمانه بالإنسانية. إنها رحلة أخذته منذ ذلك الحين عبر العالم، مُوثّقاً للثقافات بإحساس عميق بالاحترام والإعجاب. ما بدأ كوسيلةٍ للبقاء أصبح عمل حياته – الاحتفاء بجَمَال البشرية وتنوّعها وأصالتها. تعمل صُورهُ كمرآةٍ تعكسُ الجَمَال الفطري للثقافات البشرية وعلاقتها بالعالم الطبيعي. مع الاهتمام الدقيق بالتفاصيل، تتشكّل صور نيلسون من خلال السعي للانسجام في التكوين واللون والضوء الطبيعي.
    منذ التقاطه أولى صوره المُعترف بها دولياً للتبت منذ ما يقرب من 30 عاماً، سافر نيلسون إلى بعض أكثر زوايا الكوكب غموضاً وعزلة. في عام 2013، نشر كتاب “قبل أن يرحلوا”، وهو أول كتاب رئيسي له عن التصوير الفوتوغرافي، تلاه كتاب “تحية للإنسانية” في عام 2018. وعلى مر السنين زار مجتمعات أصلية لا حصر لها، ورعى مشاريع متبادلة من خلال مؤسسة جيمي نيلسون. في عام 2022، أنتج إصداراً خاصاً للثقافات التقليدية في هولندا، بعنوان “بين البحر والسماء” والذي يعمل بمثابة تكريم شخصي لوطنه المُتبنّى. وهو يعمل حالياً على مشروع جديد في آسيا الوسطى والشرق الأوسط، يحتفي بالتراث الغني للثقافات التي يَعتقد أنه تمّ تجاهلها إلى حدٍ ما في عمله. يهدف هذا المشروع إلى سدّ فجوةٍ في إرثه الدائم، “لوحة الإنسانية” – كنسيجٍ حيّ من القصص المُخصّصة لتعزيز وحدة الإنسان في جميع أنحاء العالم. ومن خلال هذا الاستكشاف، يواصل نيلسون مهمته لتكريم الثقافات المتنوّعة. تُعرض أعمال جيمي نيلسون الفنية في المعارض والمتاحف والمجموعات الخاصة على مستوى العالم، حيث تستمر في إلهام وإثارة الفكر، وسدّ الفجوات بين الثقافات وتعزيز التقدير العميق لتنوّع التجارب الإنسانية




جنين تبكي “سدرة المنتهى” بعد 50 عاما

عبد الباسط خلف- تسكن في ذاكرة عاهد خالد شعبان التفاصيل الدقيقة لارتقاء منتهى عوض الحوراني، أول شهيدة في جنين بعد النكسة، والتي لقبتها أمها بـ “سدرة المنتهى”.

واستطرد شعبان، مشرف الكشافة ومعلم الرياضيات المتقاعد، اللحظات الصعبة التي شهدتها جنين ظهيرة الإثنين 11 تشرين الثاني 1974، حينما انطلقت مسيرات طلابية من ذكور جنين الثانوية المجاورة لمنطقة المعلب البلدي حاليا، اخترقت الشوارع الرئيسة، وكانت وجهتها بنات جنين الابتدائية، وعندما وصلت طلعة “دبة العطاري”، التحقت بها الطالبات، وسارت نحو بنات جنين الثانوية، وتبعتها المدارس الأخرى.

مريول ودم!

وتابع شاهد العيان، الذي كان طالبا في الصف الأول الثانوي، أنه رأى قرب الدوار الرئيس وسط جنين، طالبة بمريولها الأخضر والأبيض ملقاة على الأرض تنزف الدماء من أسفل أذنها، فحملها برفقة شبان إلى عيادة مجاورة لمبنى النادي الرياضي، وأخبرهم الطبيب بضرورة نقلها الفوري للمستشفى.

ووفق الراوي، الذي ولد في خريف 1956 في بلدة اليامون، فقد سارع مع الشبان في تأمين الجريحة بسيارة كانت في المكان، ولم ينتظروا وصول الإسعاف.

واستذكر شعبان انتشار نبأ استشهادها، فقد سارع للمشاركة في مسيرة تشييعها الحاشدة، ووقتها كانت سيرة منتهى على كل ألسن المدينة وبلداتها.

وأشار، وهو يحمل صورة لمنتهى بالأبيض والأسود، بأنه وعقب نحو 40 يوما من استشهادها، سار مشيا من بلدته اليامون لشارع حيفا صباح عيد الأضحى، (صادف في 23 كانون الأول 1974)، وانتظر سيارة ليصل إلى قبر الحوراني، ويقرأ الفاتحة على روحها، في أول عيد بعد رحيلها.

واستجمع بعض التفاصيل، إذ كانت عائلتها تحيط بالضريح المحاط بسعف النخيل، وسط حزن ودموع وتلاوة للقرآن.

واختتم بالإشارة إلى أن ما يشاع حول دهس منتهى بمجنزرة لم يكن دقيقا، فعندما حملها لم تكن هناك أية آثار على جسمها، باستثناء الدماء النازفة من منطقة الأذن.

أحلام بالصيدلة

فيما جسدت شقيقتها عفاف، خلال مقابلة سابقة، أحزان العائلة وذكريات شهيدتها، التي ارتقت بزيها المدرسي، قبل أن تقترب من أحلامها بإنهاء “التوجيهي” ودراسة الصيدلة التي دخلت قلبها منذ الصغر.

وروت، وهي تحمل مطرزة نسجتها منتهى: خرج أبي إلى العمل في منجرته، وذهبت أختي إلى المدرسة، ولم يمض غير وقت قصير، إلا وعاد والدي مسرعا على غير العادة، وأخبرنا بمسيرات ومظاهرات مع جنود الاحتلال وسط المدينة، وقبل أن يكمل حديثه، سمعنا أصوات أعيرة نارية، فقال والدي لنا: “راحت منتهى”.

ووفق الشقيقة، فقد امتلأ البيت بالجيران وأهالي الحي والمدينة، وكان معظمهم يعرفون باستشهاد منتهى، وأخفى والدها الأمر عنهم، ووصلت برفقة أمها إلى المستشفى، وأخبرتا باستشهادها، وطلبتا من جارهما أبو عصام العودة إلى المنزل، دون رؤية منتهى في دمها.

وأشارت الأخت المكلومة، بأن بيت عائلة منتهى ليس ببعيد عن مدرستها “فاطمة خاتون”، بينما جرحت فتاة أخرى من عائلة أبو فرحة في المكان. ويومها طلب جنود الاحتلال من والدها، بأن تدفن العائلة ابنتها بعد ساعة فقط، وهو ما لم يحدث، فخرجت لوداعها جماهير غفيرة، ودارت مواجهات عنيفة، وشن الاحتلال اعتقالات، طالت أحد المصورين. فيما صادرت مريولها الذي ارتقت به، وأعيدت كتبها إلى مدرستها، ووصلت قبرها أكاليل زهور من مدن الوطن، واتحادات المرأة.

وتحمل منتهى الترتيب الخامس في أسرتها، بين ثماني بنات وأخوين، وأبصرت النور في 20 شباط 1958.

فساتين وألعاب

ورسمت عفاف صورة لشقيقتها، التي تستقر صورها بجدران البيت، وتصمد فساتينها ومطرزتها في خزائن المنزل وقلب العائلة، وقالت إن أمها كانت تنادي أختها بـ” سدرة المنتهى”، وكن يلعبن معا “الطميمة”، و”الحجلة”، و”السبع حجار”، ولا تنسى ضحكتها، وطول قامتها، وشعرها الأسود الساحل، وابتسامتها التي لا تغادرها، وطيبة قلبها، وعيونها الواسعة البنية، وكلما تشاهد صورتها وآثار بقايا دمها، تتذكر حلمها بدراسة الصيدلة، وتفوقها قبل عام واحد في “المترك” الإعدادي.

وقالت عفاف: رفضت أمي خديجة (توفيت عام 2008) أن نعيد تسمية منتهى على بنات الأخوات والأخوة والأقارب. وكنت تقول: هذا الاسم هبة من الله، وربنا أخذ أمانته، ولن نعيده في البيت. وقبل أن ترحل عن الدنيا، أعادت الوصية، أن نحافظ على منتهى واحدة في العائلة.

وتبعا لما تجمعه الأخت من ذكريات ومواقف، فإن الأم التي سافرت بعد 40 يوما من استشهاد صغيرتها، لتأدية فريضة الحج، شاهدت منتهى في منامها تطلب منها ألا تنسى هديتها، وتحضر لها بلوزة وبنطالا، وهو ما فعلته الأم، وعادت من الحجاز بهدية فقيدتها، التي قدمتها لفتاة في عمرها.

وقالت عفاف التي أبصرت النور بعد سنتين من ميلاد منتهى: ولدت ابنة أختي ربى أبو زيد، بعد وقت قصير من رحيل منتهى، وبالرغم من أنها لا تحمل اسمها إلا أنها تكاد تكون نسخة طبق الأصل عنها، وحين نراها نخبرها بذلك، فنحزن وندعو الله لأختنا.

تخصص عائلة حوراني وقتا لذكرى ابنتها، فتذهب الأخوات والجيل الثاني الذي ولد بعد استشهاد منتهى في الخزانة، لتفقد فستانها، وللتمعن في مطرزتها التي سهرت على نسجها، فتتوزع بين الألم والترحم على روحها، مثلما سبق وأن حافظت الأم على تقاليد الذهاب إلى المقبرة، للترحم والدموع وزراعة الأزهار.

واللافت في حكاية منتهى، أن إحدى زميلاتها على مقاعد الدراسة، واسمها فاطمة العمار (توفيت في نيسان العام الماضي) انتقلت لتكون مديرة المدرسة التي تحمل اسمها. فيما ينقل أهالي من المدينة أن حوراني ارتقت جراء تعرضها للدهس من دبابة احتلالية وسط المدينة، خلال قمع جيش الاحتلال لتظاهرة جماهيرية، وهو ما فنده شاهد العيان لـ”الحياة الجديدة”.

اسم ومدرسة

فيما أشارت مديرة مدرسة منتهى الحوراني، سهى لحلوح، أن الشهيدة حاضرة دائما بين المعلمات والطالبات، فدائما تجري قراءة سيرتها، وتدخل مواضيع التعبير، ويتم تفسير اسم المكان للطالبات الجدد، وسبب اختياره.

وأكدت أن قصة ارتقاء منتهى بزيها الأبيض والأخضر، وهي على مقاعد مدرسة فاطمة خاتون، كثيرة التداول في المدرسة التي أقيمت عام 2014، واحتفظت بصورة منتهى المنقوشة بالحجر.

وتبعا للحلوح، فإن المديرة الراحلة فاطمة العمار، التي كانت زميلة منتهى في الصف، هي التي اقترحت على وزارة التربية والتعليم إطلاق اسمها على المدرسة، التي تقع في الأطراف الشمالية الغربية للمدينة.

وأوضحت المديرة أن أهالي جنين يتناقلون روايتين لاستشهاد الحوراني، لكن الأهم أنهم يجمعون على استعادة سيرة أول شهيدة ارتقت في مدينتهم بعد النكسة، ويخلدون اسمها بمدرسة كانت تضم العام الماضي 300 وتراجع العدد إلى 180 هذا العام؛ بسبب موقع المدرسة المتاخم لمخيم جنين، والذي يشهد اجتياحات متكررة.




20 عاما على استشهاد القائد ياسر عرفات

 تصادف اليوم، الموافق 11 تشرين الثاني/ نوفمبر، الذكرى الـ20 لاستشهاد الرئيس الرمز والقائد ياسر عرفات “أبو عمار”.

وتأتي ذكرى استشهاد “أبو عمار” في ظل استمرار حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال على أبناء شعبنا في قطاع غزة، منذ السابع من شهر تشرين الأول/ أكتوبر 2023 والتي راح ضحيتها حتى اليوم إلى نحو 43,600 شهيد، و102,900 مصاب، غالبيتهم من النساء والأطفال، فيما لا زال آلاف الشهداء تحت الركام وفي الطرقات، حيث لا يمكن الوصول إليهم.

فيما وصل عدد الشهداء في الضفة الغربية بما فيها القدس المحتلة منذ بدء عدوان الاحتلال الشامل على شعبنا في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 إلى أكثر من 780 شهيدا، بينهم 167 طفلا.

الحادي عشر من تشرين الثاني/ نوفمبر من كل عام، سيظل يشكل ذكرى أليمة تذكر برحيل قائد خاض نضالاً تحررياً في سبيل قضيتنا الوطنية لعشرات الأعوام، وواجه من أجلها معارك عسكرية وسياسية لا حصر لها، حتى انتهت باستشهاده في العام 2004، بعد حصار وعدوان إسرائيلي دام أكثر من ثلاثة أعوام لمقره في مدينة رام الله.

لقد استفادت مختلف مراحل النضال الوطني منذ انطلاقة الثورة المعاصرة من حنكة القائد والشهيد ياسر عرفات الواسعة وإرادته وصموده أمام كل التحديات، إذ إنه حوّل الكثير من الانتكاسات إلى انتصارات سجلها التاريخ وستذكرها الأجيال القادمة الى أمد بعيد.

على هذا النحو، غاب الشهيد ياسر عرفات بجسده عن فلسطين، لكن إرثه النضالي ما زال راسخا لدى أبناء شعبنا وقيادته.

ولد الرئيس الراحل “أبو عمار” في القدس في الـرابع من آب عام 1929، واسمه بالكامل “محمد ياسر” عبد الرؤوف داود سليمان عرفات القدوة الحسيني، وتلقى تعليمه في القاهرة، وشارك بصفته ضابط احتياط في الجيش المصري في التصدي للعدوان الثلاثي على مصر في 1956.

درس القائد الراحل في كلية الهندسة بجامعة فؤاد الأول بالقاهرة، وشارك منذ صباه في بعث الحركة الوطنية الفلسطينية من خلال نشاطه في صفوف اتحاد طلبة فلسطين، الذي تسلم زمام رئاسته لاحقاً.

كما شارك مع مجموعة من الوطنيين الفلسطينيين في تأسيس حركة التحرير الوطني الفلسطيني “فتح” في الخمسينات، وأصبح ناطقا رسميا باسمها عام 1968، وانتخب رئيساً للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية في شباط 1969، بعد أن شغل المنصب قبل ذلك أحمد الشقيري، ويحيى حمودة.

ألقى أبو عمار عام 1974 كلمة باسم الشعب الفلسطيني، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، وحينها قال جملته الشهيرة “جئتكم حاملا بندقية الثائر في يد وغصن زيتون في اليد الأخرى، فلا تسقطوا الغصن الأخضر من يدي”.

وبصفته قائدا عاما للقيادة المشتركة لقوات الثورة الفلسطينية والحركة الوطنية اللبنانية، قاد “أبو عمار” خلال صيف 1982 المعركة ضد العدوان الإسرائيلي على لبنان، كما قاد معارك الصمود خلال الحصار الذي فرضته القوات الإسرائيلية الغازية حول بيروت طيلة 88 يوما انتهت باتفاق دولي يقضي بخروج المقاتلين الفلسطينيين من المدينة، وحين سأل الصحفيون ياسر عرفات لحظة خروجه عبر البحر إلى تونس على متن سفينة يونانية عن محطته التالية، أجاب “أنا ذاهب إلى فلسطين”.

حل الزعيم ياسر عرفات وقيادة وكادر منظمة التحرير ضيوفا على تونس، ومن هناك بدأ استكمال خطواته الحثيثة نحو فلسطين.

وفي الأول من تشرين الأول 1985 نجا ياسر عرفات بأعجوبة من غارة إسرائيلية استهدفت ضاحية “حمام الشط” بتونس، وأدت إلى سقوط عشرات الشهداء والجرحى من الفلسطينيين والتونسيين، ومع حلول 1987 أخذت الأمور تنفرج وتنشط على أكثر من صعيد؛ فبعد أن تحققت المصالحة بين القوى السياسية الفلسطينية المتخاصمة في جلسة توحيدية للمجلس الوطني الفلسطيني، أخذ عرفات يقود حروبا على جبهات عدة؛ فكان يدعم الصمود الأسطوري لمخيمات الفلسطينيين في لبنان، ويوجه انتفاضة الحجارة التي اندلعت في فلسطين ضد الاحتلال عام 1987، ويخوض المعارك السياسية على المستوى الدولي من أجل تعزيز الاعتراف بقضية الفلسطينيين وعدالة تطلعاتهم.

وعقب إعلان الاستقلال في الجزائر في الخامس عشر من تشرين الثاني عام 1988، أطلق الراحل في الثالث عشر والرابع عشر من كانون الأول للعام ذاته في الجمعية العامة للأمم المتحدة مبادرة السلام الفلسطينية لتحقيق السلام العادل في الشرق الأوسط، حيث انتقلت الجمعية العامة وقتها إلى جنيف بسبب رفض الولايات المتحدة منحه تأشيرة سفر إلى نيويورك، وأسست هذه المبادرة لقرار الإدارة الأميركية برئاسة رونالد ريغان في الـ16 من الشهر ذاته، والقاضي بالشروع في إجراء حوار مع منظمه التحرير الفلسطينية في تونس اعتبارا من 30  آذار 1989.

وفي العشرين من كانون الثاني 1996 انتخب ياسر عرفات رئيسا للسلطة الوطنية الفلسطينية في انتخابات عامة، وبدأت منذ ذلك الوقت مسيرة بناء أسس الدولة الفلسطينية.

وبعد فشل مفاوضات كامب ديفيد في 2000 نتيجة التعنت الإسرائيلي وحرص ياسر عرفات على عدم التفريط بالحقوق الفلسطينية والمساس بثوابتها، اندلعت انتفاضة الأقصى في الثامن والعشرين من أيلول 2000، وحاصرت قوات ودبابات الاحتلال الرئيس عرفات في مقره، بذريعة اتهامه بقيادة الانتفاضة، واجتاحت عدة مدن في عملية أطلقت عليها اسم “السور الواقي”، وأبقت الحصار مطبقا عليه في حيز ضيق يفتقر للشروط الدنيا للحياة الآدمية.

عام 2004 تدهورت الحالة الصحية للشهيد ياسر عرفات وأعياه المرض، وقرر الأطباء نقله إلى فرنسا للعلاج، وأدخل إلى مستشفى بيرسي العسكري، مع تزايد الحديث عن احتمال تعرضه للتسمم، وبقي فيه إلى أن استشهد فجر الخميس الحادي عشر من تشرين الثاني.

رحل الشهيد ياسر عرفات قبل 20 عاما بجسده، لكنه ترك إرثا نضاليا وثوابت وطنية ورسخ نهجا سار عليه القادة المؤسسون، وعلى رأسهم الرئيس محمود عباس.




حمدان الدولية للتصوير تمنح الجائزة التقديرية للمصور الهولندي “جيمس فيليب نيلسون”

لُقِّبَ بسفير اللطف الإنساني وانحازَ للمجتمعات الأصلية
حمدان الدولية للتصوير تمنح الجائزة التقديرية للمصور الهولندي “جيمس فيليب نيلسون”

  • عبد الرحمن بن محمد العويس: تفاعلهُ مع المجتمعات الأصلية فناً وتوثيقاً يُعتبر نموذجاً صلباً للمشاريع الفوتوغرافية الطويلة
  • علي خليفة بن ثالث: نهدفُ لتقديمِ نماذجَ مرموقةٍ ومُلهِمة تُحتَذَى في مدى عطائها لصناعة التصوير العالمية
  • علي خليفة بن ثالث: مجتمعات التصوير تترقّبُ حفل الثلاثاء .. ونعدُهم بأعمالٍ مدهشة تفوق التوقعات
  • جيمس نيلسون: رؤية سموّ ولي عهد دبي تُظهِرُ التزاماً ملحوظاً بدعم الفن والثقافة والابتكار على نطاقٍ عالميّ
    10 نوفمبر 2024
    أعلنت الأمانة العامة لجائزة حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم الدولية للتصوير الضوئي، عن ثالث الفائزين بالجوائز الخاصة للدورة الثالثة عشرة للجائزة والتي كانت بعنوان “الاستدامة”، حيث فاز المصور الهولندي “جيمس فيليب نيلسون” بالجائزة التقديرية عن دورة “الاستدامة”، وقيمتها 100 ألف دولار، والتي تُمنح للشخصيات البارزة التي أسهمت في تطوير فن التصوير وقدّمت خدماتٍ جليلة للأجيال الجديدة التي تسلّمت زمام أمور هذه الرسالة الفنية السامية من خلال عدسة الإبداع لتنال جائزة التقدير. وسيتم تكريم “جيمس فيليب نيلسون” مع الفائزين بجميع محاور وفئات الجوائز خلال الحفل الختامي لهذه الدورة والذي يستضيفه “متحف المستقبل” دبي في 12 نوفمبر الجاري.
  • معالي عبدالرحمن بن محمد العويس، وزير الصحة ووقاية المجتمع، رئيس مجلس أمناء الجائزة، قال في تصريحه: قصة نيلسون مع التصوير كانت مؤثرة وتحمل الكثير من العبر والدلالات لما يمكن للعدسة أن تفعله من تغييرات جذرية في حياة أصحابها. كما أن تفاعلهُ مع المجتمعات الأصلية فناً وتوثيقاً يُعتبر نموذجاً صلباً للمشاريع الفوتوغرافية الطويلة والقادرة على صناعة فوارق هامة في العلاقات الإنسانية بين الشعوب والحضارات المختلفة.
    وفي تصريحٍ له قال سعادة الأمين العام للجائزة، علي خليفة بن ثالث: تطمح هيبا من خلال تكريم هذه الشخصيات المميزة، لتقديمِ نماذجَ مرموقةٍ ومُلهِمة تُحتَذَى في مدى عطائها لصناعة التصوير العالمية ودعمها لكل المصورين المبدعين من كافة أنحاء العالم. إن تكريم المبدعين من خلال الفئات الثلاث للجوائز الخاصة، لهو من صميم رسالة الجائزة ورؤيتها الـمُستلهَمة من فكر سموّ الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، مؤسس وراعي الجائزة، في دعم الفنون وتشجيع الإبداع الثقافيّ والمعرفيّ، ودفع عجلة العمل والاكتساب والإنجاز.
    وأضاف بن ثالث: مجتمعات التصوير حول العالم متحمسة للتعرّف على نجوم الدورة الثالثة عشرة “الاستدامة” بكافة فئاتها ومحاورها، والتي سيتم الإعلان عنها خلال الحفل الختامي يوم الثلاثاء القادم في أجمل مبنى في العالم، متحف المستقبل بدبي. ونعدُ الجميع بأن مستوى الأعمال الفائزة سيكون مدهشاً يفوق التوقعات.
    المصور الفائز “جيمس فيليب نيلسون”، قال: أشعر بفخرٍ عميق لحصولي على الجائزة التقديرية من هيبا لعام 2024. وأتوجّه بالشكر الجزيل لسمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، لتأسيسه جائزة مرموقة للتصوير الفوتوغرافي. إن حِسّهُ القيادي، إلى جانب رؤية دبي، يُظهر التزاماً ملحوظاً بدعم الفن والثقافة والابتكار على نطاقٍ عالمي.
    آمل أن يكون هذا التكريم مصدر إلهامٍ للأجيال القادمة من المبدعين في جميع أنحاء العالم، وتشجيعهم على الاحتفال بالجَمَاليات الناعمة لإنسانيتنا المشتركة. من خلال فن التصوير لدينا فرصة فريدة لتذكير العالم بمسؤوليتنا الجماعية عن تقدير وحماية موردنا الحقيقي الوحيد، كوكبنا هو موطننا. أعتقد أن دبي باتت مؤهَّلةً لقيادة العالم نحو مستقبلٍ يتسم بالوعي الثقافي والاستدامة، وتقديم مثالٍ مُلهِم للإبداع الهادف.
    من هو “جيمس فيليب نيلسون” ؟
    وُلِد جيمي نيلسون في إنجلترا (سيفينوكس، 1967) ولكن بسبب عمل والده كجيولوجي، كان كثير التنقّل منذ الطفولة، فقضى فترات طويلة في مناطق نائية من إفريقيا والأمريكيتين وآسيا، وكوَّن روابط دائمة مع المجتمعات الأصلية. ثم ابتعد مُرغَماً عن مثالية الثقة والبساطة عندما أُرسل في سن مبكرة إلى مدرسة داخلية بريطانية، وهناك معزولاً ووحيداً واجَه تجارب صادمة أبعدته عن الدفء والإنسانية التي عرفها.
    في سن السابعة عشرة، أصيب بالثعلبة التي تركته أصلعاً بالكامل، ممّا عكس الندوب العاطفية العميقة التي يحملها. وبسبب تعرّضه للخطر جسدياً وعاطفياً، شَعر جيمي بالضعف والانفصال عن العالم من حوله. وفي محاولةٍ يائسة للهروب وإيجاد المعنى، انطلق إلى التبت ومعه كاميرا Zenit B بسيطة – هدية والده – وبضعة لفافات من الأفلام. لقد تحوَّل ما بدأ كرحلة هروب إلى رحلة اكتشاف. ففي الزوايا النائية من التبت، وجد جيمي العزاء في التصوير الفوتوغرافي، واستخدمه كوسيلة لإعادة الاتصال بلطف البشرية الذي فقد إيمانه به. ومن خلال العدسة، بدأ يرى الناس باعتبارهم انعكاسات للكرم والدفء الذي كان يتوق إليه.
    أصبح التصوير الفوتوغرافي أداة له لتصوير جَمَال البشر وقدرتهم على الصمود، مما منحه وسيلة لاستعادة إيمانه بالإنسانية. إنها رحلة أخذته منذ ذلك الحين عبر العالم، مُوثّقاً للثقافات بإحساس عميق بالاحترام والإعجاب. ما بدأ كوسيلةٍ للبقاء أصبح عمل حياته – الاحتفاء بجَمَال البشرية وتنوّعها وأصالتها. تعمل صُورهُ كمرآةٍ تعكسُ الجَمَال الفطري للثقافات البشرية وعلاقتها بالعالم الطبيعي. مع الاهتمام الدقيق بالتفاصيل، تتشكّل صور نيلسون من خلال السعي للانسجام في التكوين واللون والضوء الطبيعي.
    منذ التقاطه أولى صوره المُعترف بها دولياً للتبت منذ ما يقرب من 30 عاماً، سافر نيلسون إلى بعض أكثر زوايا الكوكب غموضاً وعزلة. في عام 2013، نشر كتاب “قبل أن يرحلوا”، وهو أول كتاب رئيسي له عن التصوير الفوتوغرافي، تلاه كتاب “تحية للإنسانية” في عام 2018. وعلى مر السنين زار مجتمعات أصلية لا حصر لها، ورعى مشاريع متبادلة من خلال مؤسسة جيمي نيلسون. في عام 2022، أنتج إصداراً خاصاً للثقافات التقليدية في هولندا، بعنوان “بين البحر والسماء” والذي يعمل بمثابة تكريم شخصي لوطنه المُتبنّى. وهو يعمل حالياً على مشروع جديد في آسيا الوسطى والشرق الأوسط، يحتفي بالتراث الغني للثقافات التي يَعتقد أنه تمّ تجاهلها إلى حدٍ ما في عمله. يهدف هذا المشروع إلى سدّ فجوةٍ في إرثه الدائم، “لوحة الإنسانية” – كنسيجٍ حيّ من القصص المُخصّصة لتعزيز وحدة الإنسان في جميع أنحاء العالم. ومن خلال هذا الاستكشاف، يواصل نيلسون مهمته لتكريم الثقافات المتنوّعة. تُعرض أعمال جيمي نيلسون الفنية في المعارض والمتاحف والمجموعات الخاصة على مستوى العالم، حيث تستمر في إلهام وإثارة الفكر، وسدّ الفجوات بين الثقافات وتعزيز التقدير العميق لتنوّع التجارب الإنسانية




كيف يُضعف الذكاء الاصطناعي عقولنا؟ خطر الضمور العقلي في عصر التكنولوجيا!

صدقي ابوضهير – باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي

 مع الانتشار السريع للذكاء الاصطناعي واستخدامه المتزايد في حياتنا اليومية، ظهرت مخاوف متعددة حول التأثيرات السلبية المحتملة لهذه التكنولوجيا على القدرات العقلية البشرية. من أبرز هذه المخاوف هو ما يعرف بظاهرة “الضمور العقلي”، التي تشير إلى تراجع المهارات الذهنية بسبب الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي في التفكير واتخاذ القرارات.

الذكاء الاصطناعي وتقليل الجهد الذهني

أدى الذكاء الاصطناعي إلى تبسيط الكثير من المهام وتحقيق إنجازات كبيرة، سواء في قطاع الأعمال أو التعليم أو الحياة الشخصية. فمن خلال تحليل البيانات الضخمة وتقديم التوصيات الذكية، يتمكن الأفراد اليوم من الاعتماد على التكنولوجيا لاتخاذ قراراتهم وتحليل المشاكل. ومع ذلك، هذا الاعتماد قد يحدّ من استثارة عقولنا ويقلل من الجهد المطلوب منا للتفكير والتحليل.

في دراسة أجراها باحثون في جامعة كاليفورنيا، تبين أن استخدام التكنولوجيا بشكل مستمر للقيام بأبسط المهام أدى إلى تراجع ملحوظ في مهارات الذاكرة والتركيز لدى الأفراد. كما أن تواجد أدوات مثل “مساعدي الذكاء الاصطناعي” الذين يقومون بإجراء العمليات الحسابية أو تقديم المعلومات الجاهزة، يجعل الأفراد أقل ميلاً للاعتماد على ذاكرتهم ومهاراتهم التحليلية، مما يسهم في حدوث الضمور العقلي.

ضمور التفكير النقدي وحل المشكلات

من التأثيرات التي بدأ المجتمع العلمي يرصدها هو تراجع القدرة على التفكير النقدي واتخاذ القرارات المعقدة. في الماضي، كان الأفراد يضطرون لتحليل المعلومات المتاحة واتخاذ قراراتهم بناءً على التجربة والمعرفة، أما اليوم، فنجد أن الكثيرين يعتمدون على نتائج الذكاء الاصطناعي دون البحث عن البدائل أو التشكيك في صحة التوصيات. هذا الاعتماد المفرط يمكن أن يؤدي إلى ضعف القدرات التحليلية، حيث يُستبدل التفكير الذاتي بالتكنولوجيا.

تأثير الذكاء الاصطناعي على التعليم

في قطاع التعليم، أصبحت أدوات الذكاء الاصطناعي شائعة، حيث تقدم حلولاً تعليمية مخصصة لكل طالب بناءً على مستواه واحتياجاته. ورغم أن هذا التقدم مفيد من ناحية التحصيل الأكاديمي، إلا أنه قد يقلل من الجهد الذي يبذله الطالب في استيعاب المواد وتطوير مهاراته البحثية. فعلى سبيل المثال، الاعتماد على الذكاء الاصطناعي لإنتاج الأبحاث أو تلخيص الكتب قد يقلل من تحفيز الطالب على استيعاب المعرفة بشكل كامل، مما يؤثر على مهاراته النقدية والتحليلية على المدى الطويل.

الأرقام والإحصائيات

تشير الأبحاث إلى أن 40% من الأشخاص الذين يعتمدون بشكل مفرط على الذكاء الاصطناعي في اتخاذ قراراتهم اليومية يعانون من تراجع ملحوظ في مهاراتهم التحليلية، مقارنةً بالأفراد الذين يعتمدون على أنفسهم في التحليل وحل المشكلات. في دراسة نُشرت في مجلة “علم النفس العصبي” عام 2023، أفاد الباحثون بأن الاستمرار في استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي بشكل مفرط قد يؤدي إلى تأثيرات مشابهة للضمور العضلي، ولكن بشكل عقلي.

نصائح لتجنب الضمور العقلي

لتجنب آثار الضمور العقلي بسبب الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي، يمكن تبني بعض العادات التي تعزز القدرات الذهنية، منها:

  1. التفكير النقدي المستمر: تجنب قبول نتائج الذكاء الاصطناعي دون التفكير في صحتها، وابحث عن بدائل ووجهات نظر مختلفة.
  2. التعلم الذاتي: حاول الاعتماد على نفسك في التعلم وتحليل المعلومات بدلاً من الاعتماد على ملخصات الذكاء الاصطناعي.
  3. التفاعل الاجتماعي: الحوار والنقاش مع الآخرين حول موضوعات مختلفة يعزز من التفكير النقدي والقدرات التحليلية.
  4. التدريب الذهني: ممارسة الألعاب الذهنية وحل الألغاز يساعد في الحفاظ على نشاط الدماغ وتقليل احتمالية الضمور العقلي.

الخلاصة

الذكاء الاصطناعي أداة قوية ومفيدة، ولكنه لا ينبغي أن يحل محل القدرات الذهنية البشرية. من الضروري أن نطور توازنًا بين استخدام الذكاء الاصطناعي وتعزيز مهاراتنا العقلية. تحقيق هذا التوازن يضمن أن نستفيد من التكنولوجيا دون أن نفقد مهاراتنا الفكرية وقدرتنا على التحليل والنقد.