1

هل بدأ العد العكسي للعدوان؟

 لم يأت العدوان الإسرائيلي على إيران مزلزلًا  أو غير مسبوق، كما هدد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، ولا إبداعيًا حيث لا تعرف ماذا حدث لها كما حذر يؤاف غالانت، وزير الأمن الإسرائيلي، بل جاء أقل بكثير من التهديدات، وأكثر من رد رمزي. وهذا ما جاء في تحذير المرشد الإيراني علي خامنئي “من تضخيم الرد أو التقليل من شأنه”. وبهذا الرد الإسرائيلي القوي، ولكن تحت سقف الادعاءات، فوّتت حكومة نتنياهو فرصة كبيرة لتحقيق الأهداف الكبيرة التي تحدث عنها نتنياهو، وشملت تدمير البرنامج النووي الإيراني، وتغيير الشرق الأوسط، وتقويض محور المقاومة، وتوفير بيئة أمنية مختلفة في المنطقة تدوم عشرات السنين على الأقل، وهذا يعود إلى ما يأتي:

أولًا: إما لأن تل أبيب غير قادرة على محاربة إيران وحدها، وهذا تقدير صائب، وهذا ما يفسر لماذا لم تضرب المفاعل النووي الإيراني طوال السنوات الماضية على الرغم من اقتراب طهران من الحصول على القنبلة النووية وتحصين نفسها، لا سيما أن إسرائيل بدأت تشعر بالإرهاق بعد أكثر من عام من حرب على جبهات عدة، وبحاجة إلى استراحة وفترة لالتقاط الأنفاس.

ثانيًا: أو لأن الحرب استنفدت نفسها، حيث لم تعد هناك أهداف تضرب إلا “تدمير من أجل التدمير”، “وموت من أجل الموت”، وهناك حاجة متزايدة لوقف الحرب، ولو بصورة إعلان “الانتصار الإسرائيلي”، والسعي إلى استكمال تحقيق الأهداف من خلال الاقتصاد والسياسة والمفاوضات والاستثمار في الخلافات الفلسطينية الفلسطينية واللبنانية اللبنانية والعربية العربية، وهذا تدلل عليه عودة الخلافات داخل الحكومة الإسرائيلية، لدرجة أن نتنياهو وعد المتدينين بإقالة غالانت فور الانتهاء من الجولة الحالية من الصراع مع إيران، إضافة إلى الخلافات بين الحكومة وجيش الاحتلال وأجهزة الأمن بشأن الأهداف الإسرائيلية من الحرب، وهل تحقق معظمها أم لا، حيث يرى وزير الأمن وأوساط الجيش والأجهزة الأمنية ذلك، وهذا ظهر بتأييد المبادرة المصرية والمطالبة بتقديم تنازلات، لأنه كما قال غالانت الإنجازات العسكرية وحدها لا تكفي بل بحاجة إلى تحديث أهداف الحرب، لأن الحرب تغير وجهها والتهديدات ضد إسرائيل تتجدد، ولا بد من تقديم تنازلات مؤلمة حتى نتمكن من الإفراج عن الأسرى. بينما نتنياهو وبن غفير وسموتريتش يرون أن الأهداف التي وضعتها الحكومة لم تتحقق، فضلًا عن أن أهدافهم أكبر من الأهداف المعلنة بكثير، كما يسعون من أجل استسلام المقاومة وليس للتوصل إلى حل سياسي معها.

ثالثًا: أو انصاعت حكومة اليمين المتطرف لرغبة الإدارة الأميركية وإرادتها، وهذا صحيح تمامًا، فواشنطن لا تريد عدوانًا قويًا على إيران يفتح أبواب الحرب الإقليمية عشية الانتخابات الأميركية، ومع استمرار الحرب الأوكرانية، وفي ظل وجود أوراق قوية بيد طهران، تجعلها قادرة على إحداث أزمة اقتصادية عالمية إذا قامت بإغلاق المضائق الدولية، واستهدفت القواعد العسكرية الأميركية والمنشآت النفطية في المنطقة.

وكذلك هناك خشية من استثمار الصين للحرب لصالحها، أو الدخول فيها مضطرة، إذا هددت  مصالحها من خلال عدم القدرة على استيراد البترول، ولا على بيع البضائع الصينية في ظل أن الصين باتت تاجر العالم بلا منازع، وخصوصًا أن حكومة نتنياهو تدرك في قرارة نفسها وبعيدًا عن الادعاءات أن هناك حدودًا للقوة، وأن إسرائيل لا تستطيع أن تخوض حربًا مع إيران منفردة وتنتصر فيها من دون مشاركة أميركية كاملة.

رابعًا: خشية إسرائيل من رد إيراني أقوى من الوعد الصادق 1 و2، إذا جاء العدوان قويًا كما توعدت طهران، لدرجة هناك احتمال إذا ضربت إسرائيل المفاعل النووي الإيراني أن تقرر إيران الحصول على القنبلة النووية، وهذا يحتاج إلى أسبوع واحد فقط كما صرح وليام بيرنز، مدير وكالة الاستخبارات الأميركية. وإذا كان رد إيران أقوى من الردود السابقة فهذا ما لا تتحمله الجبهة الداخلية الإسرائيلية التي أرهقت، بعد سقوط نحو 2000 قتيل وأضعافهم من الجرحى وفق المصادر الرسمية، وأكبر من هذا العدد وفق مصادر إسرائيلية غير رسمية، وخاصة بعد أن استعاد حزب الله زمام المبادرة، بدليل حجم وانتظام إطلاق الصواريخ والمسيرات والمقاومة الباسلة في الجنوب، لدرجة وقوع أكثر من 73 قتيلًا إسرائيليًا وأضعافهم من الجرحى خلال شهر تشرين الأول/ أكتوبر الحالي، وهذا أكبر عدد من القتلى والجرحى خلال شهر واحد منذ طوفان الأقصى إذا استثنينا تشرين الأول/ أكتوبر 2023.

يضاف إلى ذلك أنه على الرغم من الإنجازات العسكرية الإسرائيلية التي سببت النشوة للقيادة السياسية والعسكرية الإسرائيلية والتي تصورت أنها أخرجت حزب الله من المعركة، فإنه أثبت أنه لا يزال قويًا، وأعاد تنظيم صفوفه، الأمر الذي حال دون تمكين قوات الاحتلال من تحقيق تقدم كبير، بل بدأ غالانت ورئيس الأركان هرتسي هاليفي يتحدثان عن وقف الحرب البرية من دون ربط ذلك بتحقيق الأهداف المعلنة.

خامسًا: أو أن هناك حاجة لاختيار توقيت مناسب، والقيام بمزيد من الاستعدادات ونصب الأنظمة الدفاعية لكيلا تصيب كل أو معظم الصواريخ والمسيرات الإيرانية أهدافها، كما لاحظنا في نصب صواريخ الدفاع الأميركية ثاد، حيث إذا ردت إيران يمكن استيعاب الرد بأقل الخسائر، على أن يكون الرد على الرد الإيراني القادم مزلزلًا.

وربما، وعلى الأرجح أن تكون إسرائيل أخذت بالحسبان كل الاحتمالات الأربعة، إذ لن تفوت حكومة نتنياهو فرصة لتدمير مقدرات إيران، خصوصًا التسليحية والنفطية والنووية إذا كانت تسطيع ذلك من دون دفع ثمن باهظ لا تستطع احتماله.

الإجابة عن سؤال المقال “هل بدأ العد العكسي للعدوان” تحيلنا إلى ثلاث مسائل:

المسألة الأولى: أن الميدان قبل أي شيء آخر سيقرر هل سيتوقف العدوان الإسرائيلي أو لا، فما يجري في الميدان ينعكس على طاولة المفاوضات، وما لم تحققه في الميدان لن تحققه بالمفاوضات.

تأسيساً على ما تقدم، إذا استمرّ معدل الخسائر البشرية الإسرائيلية، كما كان في شهر تشرين الأول/ أكتوبر، وزاد عليه، فإن حكومة نتنياهو لن تقوى على استمرار العدوان، لفترة طويلة، لذا الشهر القادم حاسم لتحديد أين تسير الأمور نحو استمرار الحرب أو وقفها، فإذا استمرّ النزيف البشري الإسرائيلي فستتفاقم الخلافات داخل الحكومة الإسرائيلية وبينها وبين الجيش وأجهزة الأمن، وسيثور الرأي العام الإسرائيلي الذي عانى من “السكرة” بعد الاغتيالات وعمليتي البيجر وأجهزة اللاسلكي وأيد حكومته بنسبة كبيرة جدًا، ولكن “راحت السكرة وجاءت الفكرة”.

المسألة الثانية: تتعلق بقرب أو ابتعاد حصول الحرب الإقليمية، فكلما زاد احتمال اندلاعها تتزايد الضغوط الأميركية على حكومة نتنياهو، وهذا يعود إلى الأسباب المذكورة آنفًا في هذا المقال، إضافة إلى أن الدولة العميقة في الولايات المتحدة ترى أن سياسة الحصار والعقوبات وتغذية القلاقل الداخلية وسياسة العصا والجزرة، يمكن أن تؤدي إلى تغيير سياسة النظام الإيراني، أو إلى سقوطه إن لم يغير سياسته. وهناك سبب آخر، وهو وجود حاجة أميركية لبقاء التلويح بالخطر الإيراني لضمان سير الأنظمة العربية، خصوصًا الخليجية ضمن فلك السياسة الأميركية رغم أن هذا السبب تراجع تأثيره حين احتاجت السعودية إلى الدعم الأميركي بعدما تعرضت لقصف من الحوثيين، سواء في عهد باراك أوباما أو دونالد ترامب ولم تلب حاجتها، فلن يقوم بحماية العرب سوى العرب.

المسألة الثالثة: نتيجة الانتخابات الرئاسية الأميركية، فإذا فاز دونالد ترمب، فإنه سيعود إلى صفقة القرن التي تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية، وسيدعم نتنياهو ليفعل كما يشاء كما تسرب عن مكالمة هاتفية بينهما، وكما صرح علنًا حيث، وصل به الأمر إلى القول إن مساحة إسرائيل صغيرة ويجب توسيعها، وهنا تصبح مسألة ضم شمال قطاع غزة وتهجير سكانها مطروحة بشكل أكبر في حال فوزه، وكذلك إقامة مناطق عازلة وآمنة على طول الحدود وعلى الجبهة المصرية الفلسطينية.

وذكرت مصادر أن ترامب وعد ميريام أديلسون مقابل دعم حملته بـ 100 مليون دولار – كما وعد زوجها قبل فوزه في الانتخابات بنقل السفارة الأميركية إلى القدس وأوفى – بأنه سيوافق على ضم المناطق المصنفة (ج)، خصوصًا المستوطنات، إلى إسرائيل.

نعم كامالا هاريس ستكون داعمة لإسرائيل، وستدافع عن حقها المزعوم في الدفاع عن نفسها، ولكنها تفضل التيارات والأحزاب الأقل تطرفًا وعنصرية في إسرائيل، بينما ترامب سيدعم الأكثر تطرفًا، ومن دون الرهان على أي منهما لكن يجب رؤية الخلافات بينهما، والسياسة هي فن أفضل الممكنات، وتتطلب رؤية الخلافات مهما كانت صغيرة أو كبيرة، ومن دون ذلك لا يوجد سياسة.

يبقى الميدان وماذا سيحصل في الميدان هو الأمر الحاسم، وإذا لم يكن هناك صمود ومقاومة تسبب خسائر بشرية لا حدود لما يمكن أن تصل إليه القوات الإسرائيلية، ألم يقل ديفيد بن غوريون أول وأهم رئيس وزراء في إسرائيل إن حدود إسرائيل تتحدد في المكان الذي يقف فيه الجنود الإسرائيليون.




“الأهرام” .. سيرة جنين المُصوّرة منذ 75 عامًا

 عبد الباسط خلف- تعلّم عبد الفتاح محمد جرار فنون التصوير في حيفا قبل نكبتها، وتتلمذ على يد المصور الأرمني باربيان، ثم التحق بفريق الكشافة عام 1938 بالمدينة الساحلية، وعاد لجنين ليدشن ستوديو الأهرام للتصوير فيها عام 1949، ليصبح الأول شمال الضفة الغربية.

اختار المرحوم جرار، حسب ابنه محمد الذي ورث المهنة، اسم الأهرام، فقد كان يسافر كثيرا إلى مصر وزار عجائبها، وقرر ربط مكان عمله بها؛ لشدة إعجابه بما شاهده في أم الدنيا من فنون الفراعنة وإبداعاتهم، ثم أصبح مكان عمله أحد معالم جنين.

بساتين وملك

تنافست عشرات الصور القديمة على إشغال حيز من جدار الاستوديو مدخل المدينة، وفيها توثيق لتاريخ جنين وعدة مشاهد لبساتينها وسهولها وأعلامها ومعالمهما، قبل أن يُطبق الإسمنت عليها الخناق، فيما باحت مجموعة صور لزيارة الملك عبد الله الأول بن الحسين إلى المدينة في 18 كانون الأول 1950، ولحفيده الملك حسين بن طلال عام 1960، بتفاصيل تفقد العاهل الشاب لمدرسة البنات الثانوية.

واستعاد الابن سيرة والده، فقد أبصر النور عام 1919 في جنين، ودرس حتى الأول الإعدادي، وبدأ مشواره في سن السادسة عشرة، واختص بالتقاط صور لجنين ورجالاتها وأحداثها، وتردد ذكره على ألسن الأهالي، الذين التقطوا صورا عائلية على يديه.

وعدد جرار آلات التصوير التي عمل بها والده، فقد استهل مشواره بكاميرات الأبيض والأسود، وانتقل إلى التقاط المشاهد بالسينما الصامتة، ثم المتحركة، ثم الملون، فالعادي (الأنالوج)، وصولا إلى الرقمي.

رافق مصور جنين الأول العدسات 55 عاما، وبقي في الاستوديو حتى وفاته في نيسان 2004، وانتقل بضعة أمتار عام 1958 ليصمد لغاية رحيله في المكان نفسه.

مهندس الألوان

ووفق محمد، فإن والده كان يتقن التحميض بالأبيض والأسود، والتصوير الشمسي الذي كان يعتمد على الإضاءة الطبيعية، لكنه تميز بتلوين الصور يدويا، قبل اختراع الملونة منها، مثلما عمل فترة بالتصوير الشخصي الفوري، كما أتقن استعمال عدسات التصوير التي تعتمد على إدخال رأس المصور فيما يشبه الكيس، حتى لا يفسد الضوء الصورة.

وأضاف أن التصوير كان يتطلب وقتا كبيرا، ويحتاج مساحات واسعة لوضع الكاميرات، ولم تكن هناك تعديلات آلية في الإضاءة والألوان، ولم يكن بمقدور غير المتخصص التقاط الصور، كما كان يحتاج لمختبرات تحميض.

واصطفت آلات تصوير قديمة في زاوية بالاستوديو، أقدمها كاميرا أحضرها معها جرار الأب خلال عمل في حيفا، وأضاف لمقتنياته آلات تصوير ألمانية وبريطانية، ثم انتشرت كاميرات روسية.

وقال الابن إن التصوير قديما كان يعتمد على العدسة ويتطلب فنيات يدوية لتوزيع الإضاءة بشكل جيد قبل الانتقال إلى النظام الآلي.

وغير الشائع كما أضاف جرار أن المصور كان يحتاج إلى بعض الوقت لقراءة وجه طالب الصورة، ليحدد الإضاءة المستخدمة، وفق لون البشرة.

نقل جرار الوالد أسرار مهنته إلى فلذة كبده، ثم أرسله إلى الولايات المتحدة لإتقان المزيد من الفنيات الحديثة.

فوضى الهواتف

وعرض الابن صورا لاحتفالات مدارس جنين قبل النكسة، ومعالم المدينة كالمسجد الكبير والصغير والتذكار الألماني قبل أكثر من نصف قرن، والتي أظهرت نخيل جنين وبساتينها، قبل الزحف العمراني المُفرط.

لكن جرار قال إن الأجهزة الخليوية أفسدت التصوير، وسحبت البساط من تحت أقدام العدسات والصور المطبوعة، وصار انتشار الصور أوسع، لكن دون طباعة معظمها، ما يجعل نسخها الإلكترونية عرضة للتلف أو الضياع، مع ارتباط مصيرها بحواسيب وهواتف ذكية ووسائط تخزين صغيرة أو متناهية الصغر.

واختتم الابن بالإشارة إلى مخزون صور كبير لجنين التقطها والد خلال عمله، والتي يمكن قراءة تفاصيل الحياة على اختلاف وجوهها، بمجرد مشاهدة صور والده، أو التي رممها وأعاد تلوينها بنفسه، وأبرزها مشهد احتلال الجيش البريطاني لجنين في 20 أيلول 1918.




روسيا: وقف عمل “الأونروا” سيكون له عواقب سلبية على منطقة الشرق الأوسط




المجلس الوطني يدين مصادقة “الكنيست” على قانون إبعاد أفراد عائلات “منفذي عمليات”




“الأغذية العالمي” يحذر من تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة إلى مجاعة