1

“تلك داري”.. ذكرى تهجير قرية زكريا

 أسامة العيسة- في الرابع عشر من تشرين الأول 1948، اضطر أهالي قرية زكريا، في الهضاب الفلسطينية المنخفضة، إلى ترك قريتهم، وأصبح ذلك اليوم، تاريخا لنكبتهم الخاصة، وهي جزء من نكبة شعبنا العامة.

استقبلت القرية، خلال الأشهر التي سبقت نكبتها الخاصة، كثير من المنكوبين، خصوصا من قرى القدس الغربية، وحتى من اللد، وأصبح رجال القرية، أمام تحد، في توفير المأمن للاجئين الجدد، والتقديرات كلها تؤشر إلى إنها ستكون رحلة لجوء قصيرة سيعودون بعدها إلى قريتهم، ولكن ما حدث، هو أن أهالي قرية زكريا ومعهم “ضيوفهم” من المهجرين، اضطروا للخروج في رحلة لجوء، حسبوها قصيرة، ولكنها ما زالت ممتدة حتى الآن.

يتذكر إبراهيم الخطيب (أبو وسيم) ذلك اليوم الذي تحوَّل إلى منعطف تاريخي لديه، وأهالي قريته: “لقد هجرنا قسريا من قريتنا الحبيبة، ضُربت قرية زكريا الصغيرة بالمدافع وقنابل المورتر، وانتثرت حبيباته أمام بيتنا وبيوت كثيرة أخرى، حاولت الإمساك بواحدة، ظننتها جلا، مثل الذي نلعب به، لسعني بحرارته تركته صارخا، فزع الناس وكسا الاصفرار من الرعب وجوههم، لأنهم لا يملكون ما يدافعون به عن أنفسهم، سرت الإشاعات بأن قوات الهاغاناة خرجت من محطة عرتوف متجهة نحو القرية، ضوضاء وصخب مع هلع أربك الناس فبعثرهم هاربين في اتجاهات مختلفة”.

يضيف أبو وسيم المقيم في العاصمة الأردنية عمّان: “لم يلبث أن صدم الناس خبر صاعق؛ مذبحة لعدد من الهاربين في وادي بولس شمال شرقي البلدة، اختلف الناس في تعدادهم، تضخمت الإشاعة. وتدحرجت كرة ثلج: ٥ ثم ٧ ف١٢، أُطلق عليهم الرصاص وقطعوا إربا، مما زاد في ارتباك الناس وجزعهم”.

يشير الخطيب، إلى ما دخل في تاريخ قرية زكريا بوصف المذبحة التي ذُبح فيها حرفيا ثلاثة من أهالي القرية: الشيخ عبد الفتاح الكواملة، وعبد الله جفّال، وإبراهيم عليان الكواملة، وأطلق القتلة سراح الفتى فايز ذيب الكواملة 13 عامًا، وسراح جدته أديبة، وقريبته هدية، ليخبروا الأهالي عمّا جرى، لبث الرعب بينهم.

يقول مصطفى عدوي اللاجئ في مخيم الدهيشة قرب بيت لحم: “اعتقد أن الجريمة المروعة، وذبح الثلاثة من الوريد، عجلت في رحيل أهالي زكريا إلى الضياع”.

يتابع الخطيب: “جموع من الناس تترك القرية متجهة لقرى متعددة من قضاء الخليل. حيث معارف كل منهم في: ترقوميا، وبيت أولا، وخراس وغيرها. نصيبي وأنا ابن سبع سنين أن أمشي حافيا تأكل الأشواك قدمي الصغيرتين، لا تزال وخزاتها تخترق راسي حتى اليوم كلما تذكرت ذلك اليوم المشؤوم، بالإضافة ليومين من الجوع حفرت في نفسي أخاديد من ألم معوي وتقلصات أجبرتني على تناول ورق الشجر في محاولة طفولية لإسكاته. شاركني في كل هذا ابن أختي إبراهيم أبو لبن، كان الأهل قد اتجهوا إما للخليل أو سعير، ولم يبق معنا من الجمع غير أمي، التي تسولت بعد أن رأت حالنا المأساوي بعضا من طحين عجنته وخبزته على النار، وأنقذتنا مما نحن فيه من جوع وألام تقطع أمعاءنا. ازدردنا ما وجدنا بلهفة. وتعلمنا ثاني دروس النكبة؛ الأشواك والتعب ثم الجوع الذي يقترب من فقدان الحياة بمفهوم طفولتنا، إنه ١٤/١٠/١٩٤٨، يوم بؤس لبداية حياة زادت أيام تعاستها كثيرا عن أيام صفوها”.

ترك ابن القرية الراحل محمد أمير عبد الفتاح علي خالد عدوي، مذكرات وثق فيها أبرز محطات الخروج واللجوء من قريته: “هاجرنا من زكريا في يوم الاثنين الواقع 14-10-1948 إلى ترقوميا ومكثنا فيها 15 يوما، ثم إلى خربة خرزة قرب بير إعركة، مكثنا فيها 7 أيام ثم إلى قرية سعير في يوم الثلاثاء الواقع 1 محرم 1368 ه، فمكثنا فيها أربعة شهور وعشرة أيام”.

قدم عدوي في مذكراته المخطوطة، وصفا مؤثرا لداره التي هجرت منها عائلته في قرية زكريا:

“تقع دارنا ‏شرقي مسجد نبيّ الله زكريا عليه السلام، على بعد خمسين مترا من المسجد تجد شارع على يدك الشمال وأنت مشرق من المسجد فدارنا في داخل هذا الشارع تتألف من ثلاث غرف منها واحدة في شمال الشارع واثنتان في جنوب الشارع، منها واحدة خشب والثانية عقد جملون، ثم من بعد الشارع على بعد عشرة أمتار منه إلى الشرق الجنوبي توجد دارنا الكبيرة مؤلفة من خمس غرف لها طابق علوي وطابق سفلي وفيها ثلاث غرف خشب، مساحتها من الشمال إلى الجنوب 37 مترا، وعرضها من الشرق إلى الغرب 20 مترا، يوجد بها في الجنوب بئر ماء قرب الشارع العام الذي ينزل على بئر البلد السفلاني. يحدها من الشرق..”.

رحل الحاج عدوي، بعد سنوات من النكبة، بعيدا عن داره، في مدينة بيت جالا، لاجئا، حالما بالعودة إلى تلك الدار.




استشهاد الشاب مجاهد داوود متأثراً بجروحه برصاص الاحتلال في قراوة بني حسان

أعلنت وزارة الصحة، فجر اليوم الأحد، استشهاد الشاب مجاهد أحمد محمد داوود (31 عاماً)، متأثراً بجروح حرجة أصيب بها، أمس السبت، خلال مواجهات مع قوات الاحتلال، في بلدة قراوة بني حسان، غرب سلفيت.

وكان خمسة مواطنين قد أصيبوا برصاص قوات الاحتلال، بينهم الشاب داوود الذي أصيب بجروح حرجة في الصدر، نقل على إثرها إلى مستشفى سلفيت الحكومي، قبل أن ينقل إلى المستشفى الاستشاري في رام الله في محاولة لإنقاذ حياته، إلا أنه ارتقى شهيدا متأثرا بجروحه.

وباستشهاد الشاب داوود، يرتفع عدد الشهداء منذ بداية العام 2022 الى 171 شهيدا، بينهم 15 منذ بداية تشرين الأول/ اكتوبر الجاري.




كي لا ننسى تفتتح دورة تدريبية حول الفقدان

كي لا ننسى تفتتح دورة تدريبية حول الفقدان

افتتحت جمعية كي لا ننسى دورة تدريبية حول التعامل مع حالات الفقدان وذلك في مقر الجمعية في مخيم جنين استهدفت طاقم التدريس وطاقم الدعم النفسي والهيئة الادارية .

وذكرت فرحة أبو الهيجاء رئيسة الجمعية ان الدورة تأتي ضمن مشروع الدعم النفسي والاجتماعي والممول من وزارة الخارجية الكسمبورغية ولجنة السلام العادل في الشرق الأوسط مشيرة الى ان هذه التدريبات تساعد في تمكين الطواقم التي تعمل في مخيم جنين مؤكدة على أهمية الدور الذي تلعبه الجمعية في دعم ومساندة النساء والأطفال في ظل الاقتحامات الاسرائيلية المتكررة وحالات الاستشهاد حيث تؤثر على الحالة النفسية .

هذا وأشارت الاخصائية النفسية سماح صدقة أن الدورة تشتمل على مواضيع متعلقة بالفقدان وكيفية التعامل معها وآليات التخفيف التي تساعد في تقبل حالة الفقدان مشيرة الى أهمية اكتساب الطواقم التي تعمل مع هذه الحالات الخبرة الكافية والقدرة على تقديم المساعدة .




ليلة الحناء.. طقس أصيل في العرس الفلسطيني

“سبل عيونه ومد إيده يحنوله غزال صغير وبالمنديل يلفونه”، صينية حناء تفوح منها رائحة التراث العتيق وتزينها أزهار الحرية، أهازيج شعبية  ورقص على ألحان الطبول، هي أجواء تعم كل بيت فلسطيني في ليلة الحناء التقليدية، التي ما تزال عادة منتشرة متوارثة الى يومنا هذا.

ثوب تراثي مطرز بأبهج الألوان تطل به العروس الفلسطينية  في ليلة الحناء التي تسبق حفل الزفاف بليلة، ويشارك فيها الجيران والأقارب والأصدقاء العروس فرحتها.

بتجهيزات هذه الليلة، تشتهر الحاجة مريم أبو موسى، من حي الزيتون في غزة التي حولت منزلها إلى متحف للتراث  لتمسكها الشديد بالتراث الفلسطيني، وسعيها لنقله للأجيال القادمة.

وتوضح أبو موسى أن هذه الليلة تبدأ بزف أم العريس وأحبابها للعروس بحملهن لصواني الحناء المزينة التي تشمل: الحناء المخمرة المعبأة بظروف للتوزيع، والحلويات، والعصائر، وغيرها من هدايا للعروس وأقربائها، يرافقها أغانٍ تراثية شعبية مخصصة  لهذه الليلة وأصوات زغاريد متعالية، مشيرةً إلى أنه كلما زاد عدد الصواني فهذا يدلل على كرم أهل العريس وحبهم  للعروس.

وتقول أبو موسى انها تحضر صينية الحناء المستديرة قبل ليلة الحناء  بيوم واحد، وتجفف أوراق النبتة  ذات البذور السوداء والأزهار البيضاء ثم تفرمها  وتعجنها بالماء الدافئ وتتركها حتى تخمر لتعطي اللون الأحمر العتيق،  مشيرةً إلى أنه يمكن وضع أي إضافات أخرى كمنقوع الرمان، أو الشاي الأحمر، أو الكركديه، وغيرها.

وتضيف انها بعد تجهيز الحناء المخمرة تزين الصينية بأوراقها، والريحان، والورود العطرية، لإكسابها مظهرًا جماليًا ورائحة زكية، ويختلف تزيين صينية الحناء من منطقة لأخرى لكنها تتشارك في الأساسيات، وتختلف الأغاني فكل منطقة لها لهجتها وألحانها، وتتفق على وجود كلمة “الحناء” ككلمة أساسية .

شموع مضوية تزين صواني الحنة التي تدور بها النساء حول العروس، ليرددن أجمل الأغاني وتوزع الهدايا وظروف الحناء على الضيوف، فتهم النسوة بصبغ شعورهن، والنقش على أياديهن وأرجلهن، وتعتبر أكثر الفتيات حظًا حسب العادات من تستطيع الحصول على ظرف الحناء من الأظرف الخاصة بالعروس  لتلحق بها في قطار الزواج.

وتنشد أبو موسى بعض أغاني ليلة الحناء للعروس مرددة: “وجيبوا الليلة الحنة للعروس والذهب قلايد والملبوس.. واجبلوا الحنة يا بنات.. وشموع بديكن مضويات..”، مؤكدة انها عادة لا يمكن أن تندثر، فما زال هناك تنافس مستمر بين العرائس حول من ستكون ليلتها أجمل الليالي.

وتكمل أن العريس أيضاً يقوم بذات الطقوس، فتجهز له عماته صينية الحناء ويجلبنها إليه مع توزيعات الهدايا، ليرقص مع أصدقائه وأمه وأخواته ويقمن بتحنيته، مؤكدة ان نقش الحناء على يديه يروي التراث الفلسطيني ليثمر للأجيال القادمة.

وللحناء فوائد صحية وعلاجية كثيرة منها: تقوية الشعر والأظافر وإكسابهما مظهرًا حيويًا، وتنظيف الجسم من السموم، وتنظيم ضغط الدم، وعلاج آلام المفاصل وغيرها.




تيماء سلامة ترسم بـ “النور” لذوي الإعاقة البصرية

لميس الأسطل- شجرة الحطاب تهدي  نور البصيرة لعالم خيمه الظلام، تيماء سلامة فنانة تشكيلية تنحت الحكايات الشعبية والرسومات بلغة “برايل” لتدخل ضوءاعلى حياة ذوي الإعاقة البصرية.

انطلق مشروع سلامة بعد اهتمامها بذوي الإعاقة البصرية بشكل عام وبالأطفال منهم خاصةً، فبدأت بإنتاج  القصص النحتية المكتوبة بلغة برايل يرافقها رسومات تشكيلية تعبر عنهم وتمكنهم من قراءتها باللمس وتذوق معالم أشكالها والتفاعل معها.

تراث فلسطيني يُغزل برموز خاصة تسمح لذوي الإعاقة البصرية بقراءته ومحاكاته، أنتجت سلامة كتابًا يروي قصة الحطاب والشجرة، هي إحدى القصص الشعبية الفلسطينية المشهورة التي تعززالثقافة االتراثية  لدى الأطفال، وبلغ عدد صفحاتها 12 صفحة نصفها منجز بلغة برايلوالنصف الآخر بالحروف الهجائية المعروفة.

تؤمن سلامة بنت الـ 24 عامًا، وخريجة كلية الفنون الجميلة من جامعة الأقصى بغزة، بأن من لا يمتلك البصر يمتلك البصيرة، من هنا سعت لخلق بصيص أمل في حياة ذوي الإعاقة البصرية تعزيزًا لأهمية العمل الفني لدعم ذوي الاحتياجات الخاصة في المجتمع.

رحلة صعبة من العمل استغرقت أشهرًا عانت فيها سلامة من بعض العقبات منها صعوبة توفير المواد الخام التي تتناسب مع هيئة الكتاب، ما أدى إلى تأخرها عن إنجاز المطلوب وسحب منحة التمويل للمشروع منها، لكنها أصرت على إنجازه ونشره.

 وتوضح سلامة أنها كانت تسعى إلى عمل نسخ من قصة الحطاب والشجرة التيتجمع بين الأدب الممزوج بالتراث الفلسطيني الشعبي والفنون التشكيلية، وتوزيعها وإثراء المكتبات بهذا النوع من القصص، لكنها لم تتمكن سوى من إنتاج النسخة الأولى فقط؛ لارتفاع تكلفة الإنتاج.

وتؤكد أنهاتسعى لدمج ذوي الإعاقة البصرية في عمليه الإنتاج، عبر تدريبهم وتقديم الخبرات اللازمة لهم ليتمكنوا من إنتاج مخرجات متنوعة كالأعمال الفنية التي تتضمن الأعمال النحتية واللوحات الجمالية والأدبية التي تتضمن الأعمال القصصية المنحوتة للأطفال، لافتةً إلى رغبتهافي إقامة معارض فنية تطويرًا لعملية الإنتاجوزيادة المنتجات، لتوفير مصدر دخل مستقل لهم.

وتشير سلامة إلى قيامها بعمل نسخة لقصة شعبية فلسطينية جديدة وعرضها في صناديق إضاءة مع نص مكتوب بلغة برايل ونص آخر بالأبجدية المعروفة، لكنها قيد التجريب، آملة ان تنجح، إيمانًا منها بأن الفن رسالة سامية، يمكن توظيفه في خدمة العديد من القضايا والفئات المجتمعية، والنهوض بهم .

خلال العامين الماضيين، أنتجت سلامة ما يزيد عن 50 عملًا فنيًا، لكن قصة  الحطاب والشجرة تعتبرها نقلة نوعية لها في عالم المكفوفين وحياتهم.