1

غزة أكبر من ملف إنساني !

بقلم: د. دلال صائب عريقات
نتناول اليوم السياسة الداخلية للقطاع والسياسة الإسرائيلية والمسؤولية الفلسطينية والاقليمية والدولية تجاه غزة.
صحيح أن إسرائيل انسحبت من غزة وأعادت نشر 9000 مستوطن حول القطاع لكن في صلب الحقيقة، غزة لم تتحرر، قطاع غزة بقي تحت السيطرة الكاملة لسلطات الاحتلال الإسرائيلي. لم يكن الهدف من الانسحاب عن غزة منح غزة الحرية، وكما أوضح مساعد أرييل شارون، دوف فايسجلاس “فك الارتباط هو في الواقع الفورمالديهايد” فهو يوفر كمية الامداد اللازمة للحاجات الأساسية حتى يتجنبوا أي عملية سياسية مع الفلسطينيين”، وهذا ما يتم تنفيذه اليوم تحت إطار “تقليص الصراع” على صورة تصاريح وهويات وتسهيلات سواء في قطاع غزة او في الضفة.
من جانب آخر لقد تم الانسحاب الإسرائيلي من غزة من جانب واحد ولم يتم التنسيق مع السلطة الوطنية الفلسطينية او م ت ف، مما أدى إلى الانقسام المؤسسي والسياسي منذ 16 عاماً. حماس التي احتفلت بالمقاومة والتحرر، في نفس الوقت، فهمت الدوافع الإسرائيلية وراء الانسحاب. اليوم إسرائيل تستخدم حماس والمقاومة المشروعة كذريعة لوسم غزة ب “الإرهاب” كما تروج أمام المجتمع الدولي انها منحت قطاع غزة التحرر بمحاولة منها لتقول أن الفلسطينيين منقسمين وفشلوا في ادارة القطاع نحو الازدهار متجاهلة لأثر حقيقة الحصار والاحتلال المستمر على سماء وبحر وارض غزة! الانقسام يمكن الوضع الراهن باحتواء حماس في قطاع غزة لتجد إسرائيل ذريعة تضفي الشرعية على عدوانها وسياستها. تعمل إسرائيل على إبقاء حماس ضعيفة بما يكفي كي لا تقاوم وأن تكون مستقرة بما يكفي للسيطرة على قوة الجماعات الاخرى في غزة وتحقيق التوازن.

واجهت غزة غارات وتوغلات عسكرية كبيرة مستمرة منذ عام 2007، واستخدمت إسرائيل القوة المميتة لتقليل روح المقاومة وأخشى أننا شهدنا النتائج الناجحة خلال الهجوم الأخير.

طالما اعتمدت حماس على إطلاق الصواريخ كتكتيك تفاوضي للضغط على إسرائيل وتحصيل بعض التسهيلات تحت الحصار، من ناحية أخرى، تستخدم إسرائيل القوة العسكرية لردع حماس وقد مكنت تكتيكات حماس وإسرائيل على المدى القصير انتصارات لكليهما على حساب حل طويل الأمد.

طالما رفضت الحركة أدوات الدبلوماسية والمفاوضات باعتبارها تتعارض مع أيديولوجيتها. بدلاً من ذلك تم تعريف الجهاد ليس كتكتيك بل كاستراتيجية شاملة وفعالة تجاه التطلعات الفلسطينية. الدبلوماسية كانت مخالفة لايديولوجية الحركة، اليوم الوضع مختلف!

غزة تواجه أزمة إنسانية غير مسبوقة، وفوق كل شيء، يسود فقدان الأمل، هناك معاناة في صمت، ضروري ضمان دعم مشاريع الطاقة الشمسية وتأمين إمدادات الكهرباء والمياه والانترنت والبضائع بالإضافة إلى منح المواطنين الحماية ولكن مع كل الاحترام للمساعدات والمشاريع والاموال والجهود المبذولة من قبل الاطراف الاقليمية والدولية والتزام الاونروا للتعامل مع غزة من منظور إنساني، حان الوقت لنتساءل:

– ألا يوفر هذا النهج الانساني غطاءً لاستمرار الاحتلال الإسرائيلي؟

– ألا يحرم توفير الاحتياجات الانسانية غزة من الحل الدائم!؟

التعامل مع القطاع من منظور انساني جعل غزة تحدياً للمجتمع الدولي حيث باتت منفصلة سياسياً ومؤسساتياً عن الضفة الغربية بينما تحافظ إسرائيل على احتلال بدون تكلفة مع السيادة اليهودية على الأرض بأكملها. تحقيق الأمن المستدام يتطلب رفع الحصار والاحتلال غير القانوني لغزة فهذا الحصار يمثل شكلا من أشكال العنف البنيوي والعقاب الجماعي الذي يرتقي لمستوى جريمة حرب لا يمكن تجاهله.

لا يمكن أن يكون هناك نهج فعال أو طويل الأمد لغزة في عزلة تحت إطار إنساني، الوضع في غزة يتطلب التدخل الفلسطيني الفوري، على الفلسطينيين أن يدركوا عمقهم الاستراتيجي الحيوي وحقوقهم في موارد المنطقة الاقتصادية الخالصة، ضروري للفلسطينيين الاستنتاج الجماعي بأن غزة تستضيف الموارد الطبيعية والبشرية الفلسطينية وهي تمثل جوهر الحل في بناء الاقتصاد الفلسطيني.

التجديد السياسي الفلسطيني والمصالحة الداخلية والتغلب على الانقسامات وكذلك الحاجة الدولية لإشراك جميع الجهات الفاعلة ذات الصلة دون تطبيق شروط مسبقة غير واقعية وانتقائية هي عوامل النجاح الاولى.

من الضروري التعامل مع غزة كجزء من فلسطين، لا دولة بدون غزة ولا دولة في غزة، لا بد من التحقيق والمساءلة في الجرائم الاسرائيلية وتوفير الحماية للشعب الفلسطيني ولكن قبل كل شيء، يجب ألا نتشتت عن ضرورة البدء بإنهاء الانقسام والمطالبة برفع الحصار وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي.

دلال عريقات: استاذة الدبلوماسية والتخطيط الاستراتيجي، كلية الدراسات العليا، الجامعة العربية الامريكية.




سلمى الخضرا الجيوسي.. قبطانة القصيدة المائية في شعر المرأة العربية

في ديوانها الجديد “صفونا مع الدهر”

 في سفرها  الشعري  الجديد “صفونا مع الدهر “الصادر  عن الأهلية – 2021 ، تعود البجعة  الفلسطينية الأردنية إلى مرفئها القديم.. الشعر، مختزلة مسيرتها الشعرية بين ديوانها الأول “العودة من النبع الحالم” – 1960، وهذا المزمور الطويل السافح قصائده على 237 صفحة، والمذيل بـ 20 قصيدة من ديوانها الأو ، كما أن صورة الشاعرة الزاهية البسيمة الملونة تهدهد الغلاف.

سلمى الجيوسي تعود للشعر بعد قطيعة  61 عاما، من نشر أناشيدها ومزاميرها. وتمخر سفينتها الثانية (صفونا مع الدهر)، طافحة  بالشعر المائي الشفاف والمفردات الجمالية المموسقة، وصور النقاء  والانتماء الإنساني الكوني  والحب الصوفي، متماهية بعنونة الديوان مع السموأل بقوله: “صفونا فلم نكدر  وأخلص سرنا / إناث أطابت حملنا  وفحول”.

سلمى الجيوسي كما في قصائدها الدائرية، بدأت شاعرة وعادت  شاعرة  إلى نبعها الحالم، رغم انشغالها عقودا بالترجمة والدراسة والبحث.هذه القامة الثقافية الشامخة، المحتفية قريبا بإتمام عشرينيتها الخامسة، تشكل أيقونة عصر ورافعة للأدب الفلسطيني بشكل خاص والعربي بشكل عام، بمشروعها الريادي النهضوي الحداثي  “بروتا” PROTA  الذي أبدع بترجمة ونشر رموز وأصوات الثقافة العربية إلى الإنجليزية، عدا عن إبداعاتها الملونة من بحث أكاديمي رصين  وشعر وفن عمراني.

والشاعرة من رواد القصيدة الحداثية مع أعضاء “مجلة شعر” اللبنانية التي أسسها يوسف الخال عام 1957، وضمت في بداياتها  أدونيس وخليل حاوي ونذير العظمة. كما أنها شاعرة تموزية، ويتجلى ذلك في قصيدتها (تموز) المنشورة في عدد تشرين أول 1957 لمجلة شعر، والمترعة بلوعة الفراق والحزن والذكرى، إذ تقول: “تموز ودعنا ومات وخلف الذكرى لنا/ أيقظت يا تموز نجوانا ولم ترفق بنا/ واصطدت من دنيا الكواكب حلمنا”.

مانفستو  الدفاع عن  الشعراء الحديثين وإدانة طفيليي الشعر

في آذار 1960 إبان الصخب والجدل حول حركة الشعر العربي الحديث، نشرت سلمى الجيوسي في مجلة “الآداب” مقالا جريئا بعنوان: “قضية الشعر العربي الحديث”، دافعت فيه وسط أصوات الهجوم والرفض عن الشعر الحديث، وأبدت تأييدها للحداثة الشعرية العربية واستشرفت بعين الرائية نجاحها “لكننا نحن الشعراء الحديثين، أصحاب قضية نؤمن بها إيمانا عميقا..عليه فإنه لا يسعني أن أقول لمن يؤمن بالحركة الحديثة إلا أن يصبر ويترفق في حكمه، فأنا مؤمنة في الشعر الحديث وفي مستقبله، وأجد لزاما علي أن أدعو له وأدافع عنه وألح على مزاياه وشروطه وأصالته”.

وفي المقال نفسه أدانت ما تفرغ عن هذه الحركة من محاولات شعرية، لطفيليين لا يملكون المواهب والعمق، في فهم ومواكبة هذه الحداثة، كما رأت فيهم ظاهرة طبيعية لكل حركة جديدة.

بين مدينة لويس ممفورد ومدينة سلمى الجيوسي

في عام 2007 شاركت بورقة في مؤتمر “الأدب الفلسطيني في الشتات” في جامعة بيت لحم، وهناك حظيت بلقاء الشاعرة  الدكتورة سلمى الجيوسي التي جرى تكريمها في هذا المؤتمر.

في لقائنا تحدثنا عن  المدينة وصورها  في الشعر العربي، وقد أبدت غضبها على المؤرخ الأميركي لويس ممفورد صاحب مؤلف The City in History المترجم تحت عنوان “المدينة على مر العصور”، فرغم شمولية وأهمية كتاب ممفورد، إلا أنه لم يدخل في عمله ولو مدينة إسلامية واحدة، وفق ما وصفت الدكتورة الجيوسي “كما لو أن المدن الإسلامية تأسست وسكنت خارج العمران البشري، بل خارج التاريخ  البشري نفسه”.

وصرحت أمامي أنها تعد مؤلفا بالإنجليزية حول المدينة الإسلامية للرد على كتاب ممفورد، وقد استقطبت في مشروعها هذا كبار المؤرخين والباحثين، وصدر المجلد الأول منه بتحريرها عام  2008 باللغة الإنجليزية، تحت عنوان The City in the Islamic World ، كما ترجم وصدر بالعربية عام 2014،  عن مركز دراسات الوحدة العربية بعنوان “المدينة في العالم الإسلامي”.

البجعة العائدة من المهجر والشتات إلى الوطن ومحراب الشعر

هذا الديوان الجديد الحامل نقاء البجعة وجمالها، والمستهل  بمزمور شعري دائري مموسق “وما شربته السماء أعادته”، والمنثور بالصور والرسومات الشعرية الجميلة دون أن يشي بتواريخ كتابة القصائد،  يؤرخ صيرورة الحياة بوجعها ومآسيها، وسيرورة الشاعرة الفلسطينية الحزن، الحاملة صوت الذاكرة الجمعية  في التغريبة  الفلسطينية الوجيعة، وفي النكبات عبر السنين الطويلة  كما في قصيدة  “حزيران 1967″، لكنه عابق بالشذا والهوى والصفاء واستشراف النوروالحنين، رغم تجاعيد العمر، وكما تومئ وترسم كلماتها  المموسقة، معرفة دلالة العنوان: “صفونا مع الدهر، كالبحر مرت علينا الرياح / وهبت علينا العواصف لم تغونا / ولم تنتقص من هوانا السنين/  وما شربته السماء أعادته / حتى النهاية يبقى الحنين/ إلى نكهة لم نذقها، / إلى رحلة لم نمارس ضناها/ إلى نجمة خارج الأفق لم نكتشف مرتقاها /  إلى بسمة من إله بديع يضيء الحنايا سناها/ صفونا مع الدهر / لم تنتقص من هوانا السنين/  وهذي التجاعيد حول الجفون شذاها “، فهوى الشاعرة وحنينها  خالد وسرمدي ، يكبر معها ويصوك عطره مع تجاعيد الجسد.

سلمى الجيوسي شاعرة مائية

سلمى الخضرا الجيوسي شاعرة مائية بامتياز، على غرار زميلها ابن جيلها بدر شاكر السياب صاحب “أنشودة المطر” ، فالنبع في ديوانها الأول أصبح بحرا تمخر فيها سفنها، بدءا من “السفينة العاشقة “بوابة الديوان، المحملة بالشوق والعشق والحب،  الفائض على الجميع، وصوت الشاعرة  مختالب ماضي  شعبها وذراه، رغم أنه أضحى من التائهين والناعسين، لكنها تستشرف الأمل والنهوض في نهاية القصيدة  “غطني  يا حبيب بصدرك تاهت هنا أعين الآخرين …../ آه كيف تشق السفينة موج البحار / تتهادى على منكبيها الأميرين، أي انسياب /وحدها، وحدها، مع هدير المحيط ، مع المد / لا تستفيق/ تتهادى تطوف على الموج،/ تغرق في عتمات القرار / ..اعتقوني / دنا النجم / إني على الريح، أمسك سر الرؤى والجمال”، وهي في “السفينة الغارقة ” بترميزها  تعبر عن عذابات الأم الأنثى الفلسطينية المنكوبة، المحرومة من الحب والوطن والدار “هل جاءتك أخباري؟ / أنا أم ،أنا أنثى بلا حب  / وأمس قضيت من عاري / بلا قلب ، بلا  وطن، بلا دار”.

 تكثف الشاعرة في استخدام القاموس المائي مثل مرادفات البحر والماء والنبع وأسطورة أخيل، كما أن عناوين قصائدها مغمورة بالماء رمز الطهارة والعماد والخصوبة والنسغ.

هذه السمفونية الفلسطينية الجميلة الحزينة.. تحمل في أفيائها موناليزا الأدب العربي الحداثي قاطبة وصوت المرأة المرهفة والمرهقة.. إنها المرأة التنويرية الموسوعية المبدعة الرائدة في نقل أصوات المبدعين  العرب للقراء الأجانب.. وهي الشاعرة المائية الصافية اللغة الدائرية الشعر المسكونة بالينابيع، بدءا من  “العودة من النبع الحالم” ورجوعا إليه في “العودة إلى النبع” من ديوانها الجديد. وهي رحالة سندبادية التغريبة، حروفها نازفة وجعا “لقد جبت في الكون، يا منهل العمر، ضعت / وعريت قلبي لعصف الرياح/ وعانقت مأساة شعبي ،عشقت حنين الجراح / وسالت دمائي دمعا من الصبر واليأس لكن رجعت”.




“لا أهب عمري لأحد” باكورة أعمال الشاعرة سنابل قنّو

صدرت المجموعة الشعرية “لا أهب عمري لأحد” للشاعرة سنابل قِنو، عن دار طباق للنشر والتوزيع في رام الله.

وتقع المجموعة في 71 صفحة من القطع الصغير، وتضم ثلاثين نصا نثريا منها: قصائد وداع، مؤونة سنوية، مرايا ويمام، وغيرها، وتمتاز النصوص بأسلوب جديد تضعه سنابل قنو بين يدي القارئ.

وقالت قِنّو لمناسبة صدور باكورة أعمالها: في فترة الجائحة طاردتني قصائد هذه المجموعة كي أكتبها، فأحببت أن أصادق الشعر في فترة صمت العالم. لا أهب عمري لأحد هي محاولتي الأولى في التعرف إلى تفاصيل حياتية صغيرة لم يكن متاحًا لي أن انتبه لها لولا الخوف.

قدم للمجموعة الكاتب طارق عسراوي، وجاء في تقديمه: ثمة قصائد تولد بشاعرية صاخبة ومتمردة، لا يمكن للقارئ أن يمرّ عنها دون الوقوف عند رمزية الصورة، ومحاولة تفكيكها، وربما يتم تأويلها إلى سياقات بعيدة عن مناسبة الكتابة، أو فوق سطح النص ذاته، وفي هذه المجموعة تبدأ سنابل برسم ملامح مشروعها الشعري الذي تبدو الشاعرية والصخب أبرز ملامحه.

صمم لوحة الغلاف الفنان أيمن حرب، وتأتي هذه المجموعة ضمن مشروع “كتابك بجيبك” الذي تطلقه طباق لتعزيز وجود الكتاب بيد القارئ، وتعزيز القراءة.




قوات الاحتلال تعتقل الصحفية لمى غوشة من القدس المحتلة




خارج إطار القانون: “حماس” تنفذ حكم الإعدام بحق 5 مواطنين في غزة