عنب الخليل.. إرث زراعي يقاوم الاستيطان

عزيزة ظاهر- لأجل كرمه يعشق السبعيني أبو أحمد الدويك الحياة، يسابق خيوط الشمس إلى داليات العنب بجرّاره القديم، يعتبر موسم العنب بالنسبة له موسم اجتهاد ونضال وتحد للاستيطان، يمتلك أبو أحمد مزرعة كروم في منطقة تجثم بالقرب منها مستوطنة “كريات أربع” شمالي الخليل، يقول لـ “الحياة الجديدة”، إن الاحتلال يعتبر مزرعته ضمن المخطط الهيكلي لمستوطنة “كريات أربع”، ويمنع استصلاحها، وتنميتها، وإنشاء الطرق الزراعية وحفر الآبار فيها، ويضيف “جنود الاحتلال يمنعوننا من الوصول إلى المزرعة عند حصول أي حدث أمني، ويبني المستوطنون بيوتًا متنقلة بالقرب منها في فترات الأعياد اليهودية، ما يزيد من خطورة وصولنا إليها”.
ولفت الدويك إلى أن موسم العنب كان جيدا هذا العام رغم تصاعد اعتداءات المستوطنين على المزارعين وأراضيهم المزروعة بالعنب، واعتبر اعتداءات المستوطنين على حقول الكرمة بمثابة تعرض سافر لرمز زراعي وتراثي واقتصادي يخص مدينة الخليل ومواطنيها المتمسكين بأرضهم وهويتهم.
ويُشكل العنب في الخليل إرثًا تتوارثه الأجيال، يقاوم الاحتلال والاستيطان، ففي مشهد طبيعي رائع تكتسي جبال الخليل وضواحيها بعروش الدوالي بأنواعها وألوانها المختلفة، إذ تُزرع عشرات آلاف الدونمات من أراضي الخليل بأشجار العنب لتزين طريق العابرين، فيما ينتشر على جانبي الطريق الباعة يعرضون محصول أراضيهم من عناقيد العنب الملونة.
وقد تغنّى الشعراء بداليات العنب، ونظموا فيها أجمل القصائد، إذ كتب الشاعر الفلسطيني، عز الدين مناصرة في عنب الخليل “الشهد في عنب الخليل، وعيون ماء سلسبيل، هي إرث جيل بعد جيل، وكفاح تاريخ طويل”، وقد أصبح العنب جزءاً من الموروث الثقافي والحضاري لأهل الخليل، يتوارثون زراعته والعناية به عن الآباء والأجداد، ويحرص أبناء الخليل على زراعة أشجار العنب كل في بستانه أو حول بيته، في إشارة إلى الاحترام الكبير الذي يكنه أهل الخليل لهذه الشجرة، ما جعل العنب الخليلي أشهر أنواع العنب في فلسطين والأردن والمنطقة.
ووفقا لرئيس مجلس العنب والفواكه الفلسطيني، فتحي أبو عياش، تحتل محافظة الخليل المرتبة الأولى في إنتاج العنب بواقع 30 ألف طن سنوياً بأنواعه المختلفة ووصلت إلى 17 نوعا، وتصل مساحة الأراضي المزروعة إلى نحو 47 ألف دونم، وتتركز في بلدات بيت أمر وحلحول وغيرهما.
ويتحدث أبو عياش لـ”الحياة الجديدة” عن أسماء العنب الخليلي ويذكر منها، الجندلي، البيروتي، الحلواني، البلدي، الشامي، الدابوقي، الحمداني، الزيني، المراوي، الفحيصي، الرومي الأحمر، الشيوخي، البيتوني، ومن أهم منتجاته الدبس، العنبيّة، الزبيب، والملبن، وتكمن أهميته بأنه يحمل بين أحشائه رسائل التشبث بالأرض والصمود عليها، ودوام الاهتمام بها.
وأشار إلى أن مزارعي العنب يعانون من مشكلة قديمة جديدة لا تزال تلازم إنتاجهم، وهي تراكم الإنتاج في فترات الذروة والتي تمتد بين منتصف شهر آب إلى منتصف شهر أيلول، وتعمقت هذه المشكلة بشكل أكبر هذا الموسم بسبب “النضج الوهمي” للمحصول الناتج عن موجة الحر الشديد، وقيام المزارعين بجني الثمار خوفا من خسارتها، ويجري العمل على تذليل أي عقبات قد تواجه تصدير العنب للمملكة الأردنية ودول الخليج.
ومن أجل حل أزمة التسويق التي يعانيها محصول العنب في المحافظة، لفت أبو عياش إلى أن مجلس العنب والفواكه الفلسطيني بالتعاون مع وزارة الزراعة ومؤسسات أخرى، يعمل على دعم ثبات المزارعين من خلال تنظيم مهرجان العنب السنوي في الخليل، فضلا عن تنظيم أيام تسويقية للعنب بمختلف أنواعه في مختلف أسواق محافظات الضفة الغربية في كل موسم.
أربعون عاما على الاجتياح الإسرائيلي للبنان

هلا سلامة- 30 آب/ أغسطس يأخذنا التاريخ إلى المحطات الهامة في تاريخ الثورة الفلسطينية التي سطرت الملاحم البطولية بوجه قوات الاحتلال الإسرائيلي التي غزت العاصمة بيروت بكل أسلحة الدمار الفتاكة لتركع بيروت وتركع معها فلسطين ومقاومتها وما ركعت.
لم تسقط بيروت عسكريا، فالمقاومة الفلسطينية واللبنانية معها صمدت إلى حين جهوزية الطبخة السياسية المعلبة بضغط الغرب وإسرائيل، استجاب ياسر عرفات للخروج في سبيل تجنيب أهل المدينة ما أعد لهم من الموت ليرقب بعد رحيله مكائد الأعداء لأهله وشعبه في أبشع وأوحش المجازر التي طالتهم في مخيمي صبرا وشاتيلا.
ودعت بيروت أبو عمار الزعيم الذي عاش وفدائيي الثورة العملاقة في أزقتها وبين أهلها، أثرهم الطيب ما زال يفوح في أحاديث أهل المدينة الذين يفتقدونهم في زمن لم تعد بيروت هي بيروت.
من دارة القائد العروبي المعلم كمال جنبلاط حتى مرفأ بيروت كان الوداع الرسمي والشعبي الذي يليق بالرئيس الراحل ياسر عرفات ومقاتلي حركته التحررية “فتح”، هناك ركب سفينة “أتلانتيد” التي نقلته إلى العاصمة اليونانية أثينا وبعدها تونس قبل أن يعود إلى أرض الوطن .
أيها المجد اركع لبيروت..آخر ما قاله أبو عمار ومضى في تلك السفينة التي وثق المصور اللبناني جورج الخوري في صوره التي التقطها على متنها كل حركة كان يقوم بها ذاك الزعيم التاريخي الباحث عن وطنه من كل أرض حطت أقدامه فيها.
صور فوتوغرافية عديدة تختلط فيها مشاعر الإنسانية التي تحلى بها أبو عمار وتكمن فيها كل معالم قوته وصموده وهدوئه وخيبته أيضا.. وجهه للبحر، وكوفيته تدلت على ظهره الذي لم يعرف الانحناء، عقد الاجتماعات وتأمل البحر تارة وحده، وتارة أخرى بجانب رفاق دربه، حمل الطفل الفلسطيني بين يديه ومرة أخرى وجهه للبحر في مشهد تاريخي آخر من مشاهد البحث عن الطريق الى الوطن.
أبو عمار.. أربعون عاما لم يعد المرفأ هو المرفأ الذي ودعت بيروت منه، وقد اضحى رمادا بعد أضخم التفجيرات التي ضربته وأغرقت سفنه وقتلت ناسه، وقد استدعينا سفن العالم كي نلملم أشلاء الضحايا من قاع البحر الذي امتطيته.. وبيروت ليست بيروت، وهي تواجه الدمار والانهيار تلو الانهيار وأهلها جل همهم تأمين رغيف الخبز وكهرباء تزيل العتمة عن بيوتهم وصدورهم .. أبو عمار، أربعون عاما على رحيلك من بيروت.. ولم تسلم بيروت.
بين الموت أو أسر الأبناء.. الاحتلال يتفنن في قهر الآباء

بشار دراغمة – أكثر من خمس ساعات والاحتلال يدك منزل عائلة الصوالحي في قرية روجيب شرق نابلس بالرصاص وقذائف الإنيرجا، بينما أرتال الآليات العسكرية تتواصل بالتوافد من معسكر حوارة القريب باتجاه القرية التي تواجد على أرضها مئات الجنود في محاولة لاعتقال شابين يزعم الاحتلال أن لهما علاقة بعملية إطلاق نار وقعت بالقرب من مستوطنة “شافي شامرون”.
وفي الوقت الذي يطلب فيه الاحتلال عبر مكبرات الصوت من الشابين نبيل الصوالحي ونهاد عويص تسليم نفسيهما بعد أن نفدت ذخيرتهما، كان جنود الاحتلال يمطرون المتظاهرين في محيط المنزل بالرصاص الحي والمطاطي والغاز المسيل للدموع ما أدى لإصابة 50 مواطنا بجروح مختلفة.
وبعد أن رفض الشابان تسليم نفسيهما، لجأت قوات الاحتلال إلى ممارسة الضغط عليها من خلال إحضار والد الشاب نبيل الصوالحي وإجباره على المناداة على نجله عبر مكبرات الصوت لتسليم نفسه.
وقال إياد الصوالحي والد نبيل، إن سلطات الاحتلال أخبرته أنها ستهدم المنزل على من فيه بالجرافات إذا لم يسلم نبيل ونهاد نفسيهما، وأجبرته على المناداة عبر مكبر الصوت وإخبار الشابين المحاصرين بذلك، وهو ما اضطرهما لتسليم نفسيهما بعد حصار استمر خمس ساعات وفق ما يؤكده إياد الصوالحي، مشيرا إلى أنه تم اعتقال نجله وهو مصاب بشظايا الرصاص والقذائف.
وقال شهود عيان إن سلطات الاحتلال أطلقت خمس قذائف إنيرجا محمولة على الكتف باتجاه منزل عائلة الصوالحة، في تأكيد على أن الاحتلال كان يهدف لإعدام الشابين المحاصرين داخل المنزل.
وداهمت قوات الاحتلال بلدة روجيب مع ساعات صباح أمس وحاصرت منزلت عائلة الصوالحي، وجاء ذلك بعد ساعات قليلة من إصابة مستوطنين بالرصاص في منطقة قبر يوسف شرقي نابلس، إلا أن وسائل إعلام الاحتلال نفت أن يكون لمحاصرة منزل عائلة الصوالحي علاقة بما حدث في منطقة قبر يوسف فجر أمس.
وبينما كانت طواقم الإسعاف تحاول الوصول إلى المصابين جراء المواجهات التي اندلعت في بلدة روجيب، تعمدت قوات الاحتلال إعاقة عمل الطواقم الطبية وأطلقت النار باتجاه سيارة إسعاف تابعة لجمعية الإغاثة الطبية.
وقال مدير الإسعاف والطوارئ في جمعية الهلال الأحمر، أحمد جبريل إن سلطات الاحلال احتجزت طواقم الإسعاف كدروع بشرية ومنعت الطواقم من الوصول إلى محيط منزل عائلة الصوالحي المحاصر، مؤكدا أن الاحتلال تعمد تعريض حياة طواقم الإسعاف للخطر.
وأوضح جبريل أن طواقم الهلال الأحمر تعاملت مع أكثر من 50 إصابة بينها أربع إصابات بالرصاص الحي وأربع أخرى بشظايا الرصاص وإصابة بقنبلة غاز بشكل مباشر، بينما أصيب نحو 20 مواطنا بالرصاص المطاطي والمعدني، بالإضافة لإصابة أكثر من 25 بحالات اختناق جراء الإطلاق الكثيف للغاز المسيل للدموع.
“مجلس المستوطنات” يحتجز شاحنتين في الرأس الأحمر جنوب شرق طوباس

احتجزت طواقم مجلس المستوطنات، اليوم الأربعاء، شاحنتين لنقل السماد العضوي في منطقة الرأس الأحمر جنوب شرق طوباس.
وقال رئيس مجلس قروي عاطوف والرأس الأحمر عبد الله بشارات، إن سيارة تابعة لـ”مجلس المستوطنات” اقتحمت منطقة الرأس الأحمر قبل قليل، واحتجزت شاحنتين لنقل السماد العضوي خلال عملهما على نقل السماد لأرض المزارع أحمد ذياب أبو خيزران.
يذكر أن قوات الاحتلال صعدت من استهداف المعدات والجرارات الزراعية في منطقة الرأس الأحمر منذ مطلع شهر آب الجاري، ويتمثل ذلك بالاستيلاء على المعدات أو إعاقة عملها، حيث أدى ذلك لإلحاق أضرار كبيرة بالزراعة في المنطقة وخسائر جسيمة للمزارعين