1

مخيم جنين وخيارات الاحتلال العسكرية.. بين مخاطر العدوان الشامل وحرب الاستنزاف

بحجة حماية جنوده، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي أنه يدرس استخدام مروحيات هجومية وطائرات مسيرة خلال اقتحاماته مناطق مختلفة في الضفة، خصوصا بعد مقتل عنصر كوماندوز من وحدة تابعة لما يسمى قوات النخبة في جيش الاحتلال في مخيم جنين، عبر تجديد مقترح لما يسمى “الاستراتيجية الدفاعية” لجيش الاحتلال في الضفة، يمكن من استخدام المروحيات والطائرات من دون طيار لتأمين القوات البرية.جيش الاحتلال أعلن أيضا أنه يبحث استخدام طائرات مسيرة مسلحة يمكنها إلقاء قنابل، وأنه يحاول تحديد ما إذا كانت الأسلحة مناسبة للاستخدام في مواقع الضفة مثل مخيم جنين، المزدحم للغاية، علما أن سلاح طيران الاحتلال استخدم في الضفة إبان الانتفاضة الثانية.المستوى السياسي في دولة الاحتلال دعم توجه الجيش في تصريح على لسان رئيس حكومة الاحتلال في السابع عشر من آذار الماضي، قال فيه: “إنه يدعم الجيش وشرطة إسرائيل بشكل كامل في مساعيهما لاستهداف أي (إرهابي)، سواء في القدس، أو الضفة، أو في أي مكان آخر” حسب تعبيره.وتعليقا على قرار جيش الاحتلال، قال الباحث في الشأن الإسرائيلي خلدون البرغوثي لـ “الحياة الجديدة”: إن جيش الاحتلال لم يحسم حتى الآن قراره بشأن اللجوء للطائرات الحربية في استهداف المقاومين في مخيم جنين، إما لعدم الحاجة حاليا لذلك، أو لأن ذلك قد يؤدي إلى سقوط عدد كبير من الضحايا من ناحية، وقد يخلق أجواء حرب قد تفجر الوضع، مع ذلك فإن الوضع الميداني هو الذي يحدد قرار جيش الاحتلال النهائي بشأن اللجوء لاستخدام الطائرات الحربية وسلاح المدرعات في المواجهة في جنين.وأضاف البرغوثي: “لا توجد خطط معلنة لتعامل سلطات وجيش الاحتلال مع مخيم جنين، وطرحت سيناريوهات تتضمن عملية عسكرية كبرى ضد المخيم، تشابه عملية اجتياح عام 2002، لكن المستويات الأمنية عبرت عن قلقها من أن مثل هذه العملية قد تفجر الوضع في الأراضي الفلسطينية بشكل عام”.ويتبع أن جيش الاحتلال قد يلجأ إلى العمليات الجزئية، أي تصفية أو اعتقال المقاومين بشكل تدريجي عبر عمليات اقتحام شبه يومية بهدف استنزاف مجموعات المقاومين، وإرهاقهم. فعلى سبيل المثال ذكر محرر الشؤون الفلسطينية في صحيفة “يديعوت أحرونوت” أليئور ليفي، أن الجيش أطلق ليلة الإثنين/الثلاثاء (23– 24/5/2022) عددا من الطائرات دون طيار في سماء مخيم جنين، وظن المقاومون أنه سيكون هناك اقتحام للمخيم، فانتشروا طوال الليل استعدادا للاقتحام الذي لم يحدث. وفي الصباح اقتحم الجيش المخيم بعد أن أرهق المسلحون وأصبحوا غير مستعدين للمواجهة، وتم استخدام إجراء “وعاء الضغط” سعيا لاعتقالهم.وحول صورة إسرائيل عالميا في حال استخدام طائرات خلال عملياتها العسكرية في الضفة، قال البرغوثي: “آخر ما يهم المستويات العسكرية- الأمنية- العملياتية هو صورة إسرائيل عالميا، لكن ذلك يهم المستويات السياسية و(الهسبراه) في إسرائيل، وقد تلقي عملية قتل شيرين أبو عاقلة، ظلالها على القرار بشأن جنين، لكن في النهاية إذا برزت حاجة ملحة لعملية عسكرية تستخدم فيها الطائرات وسلاح المدرعات فلن تتردد في ذلك”.وقال مدير وحدة الأبحاث والسياسات في المعهد الفلسطيني لأبحاث الأمن القومي الدكتور رمزي عودة: “من الواضح أن إسرائيل تسعى لاستخدام القوة المفرطة، وهذا في العادة استخدمته في حربها على قطاع غزة وفي حربها على مدينة بيت لحم في فترة حكم أريئيل شارون”.وأضاف عودة: “أن إسرائيل تعمل على استخدام القوة المفرطة من أجل تكوين حالة من الردع، ولتطبيق سياسة العقاب الجماعي ضد المدنيين الفلسطينيين”، مشيرا إلى أنه لا يوجد توافق بين المستويين السياسي والعسكري الإسرائيلي على استخدام الطائرات ضد مدينة جنين ومخيمها حتى اللحظة.وأوضح عودة أن المشكلة الكبرى تتمثل بوجود حكومة يمينية متطرفة تعتلي منصة الحكم في إسرائيل، وتسعى لإرضاء المتطرفين والمستوطنين فقط من أجل استمرار بقائها على سدة الحكم، وعلى سبيل المثال حذرت دوائر الشاباك وجيش الاحتلال الإسرائيلي من تنظيم مسيرة الأعلام في القدس المحتلة، حتى لا يؤدي ذلك إلى انفجار الأوضاع، لكن حكومة بينيت- لابيد تصر على تنظيمها.ويستبعد عودة أن تقدم اسرائيل على استخدام الطائرات في الضفة، مؤكدا أنها تستخدم فقط الطائرات الزنانة وهي طائرات مخصصة للرصد والمراقبة.




ولاء ترسم مستقبلها بالخرز وبيد واحدة

على طاولة صغيرة داخل غرفة منزلها، تجلس الشابة ولاء نتيل، تقوم بالتقاط طرف الخيط بواسطة فمها ومن ثم وضع حبات الخرز الواحدة تلو الأخرى داخله، وفور انتهائها تعمل على قص الخيط ومن ثم ربطه بالشكل المناسب الذي يريده الزبون.كان قدر الله أن تولد الفتاة ولاء، وهي بيد واحدة، أكملت تعليمها المدرسي وصولا إلى الثانوية العامة التي اجتازتها بنجاح، لكن ظروف عائلتها الصعبة ومرض والدها حال دون أن التحاقها بالجامعة.بعد الثانوية العامة جلست ولاء داخل البيت، وفي أحد الأيام كانت تتصفح الإنترنت فشاهدت مقطع فيديو لصناعة الإكسسوارات، فقالت في ذهنها لماذا لا أقوم بذلك وأن انطلق بمشروع صغير يتعلق بالميداليات، استطيع من خلاله أن أكسب المال.أول الأعمال التي قامت ولاء بصناعتها كانت لأحد أقاربها طلب أن يهدي هدية لزوجته بمناسبة عيد ميلادها، عملت ولاء على صناعة الهدية التي نالت اعجاب أفراد العائلة، في تلك اللحظة كانت السعادة التي غمرت قلب ولاء كبيرة كون أن أول المنتجات نالت اعجاب الجميع هذا الأمر اعطاها دافعا من أجل الاستمرار وعدم اليأس.تبلغ ولاء من العمر 19 عاما، وتسكن في معسكر جباليا شمال قطاع غزة، لم تقف اعاقتها التي لا تراها ولاء اعاقة أو نقصا، حائلا دون إيجاد فرصة عمل لتكون مصدر رزق لها.ولاء والتي ولدت بيد واحدة، تعمل على انتاج المشغولات اليدوية مثل الاكسسوارات والميداليات التي يتم تقديمها خلال المناسبات المختلفة خاصة التي تعبر عن دولة فلسطين والقدس.تقول ولاء وهي تلتقط طرف الخيط بيدها والطرق الآخر بفمها: “في بداية العمل كان هناك صعوبة، لكن مع الممارسة وصناعة ميداليات الخرز تغلبت على تلك الصعوبات،لا أريد أن أكون عالة على المجتمع، لهذا السبب قررت أن أفتتح مشروعا خاصا بي أتمكن من خلاله من توفير احتياجاتي ومصاريفي اليومية.وتضيف لـ “الحياة الجديدة”: عندما عرضت الفكرة على بعض الناس من حولي تعرضت إلى بعض الكلمات التي كادت تحبطني، لكني لم أكترث لها، بعض الأشخاص قالوا إن هذا العمل يحتاج إلى يدين ومن الصعب العمل به بيد واحدة، كونه يحتاج إلى تركيز ودقة، وهذا المشروع سوف يكون فاشلا، لكني لم أكترث لهم. وتتابع: “في بداية الأمر وجدت صعوبة في عملية صناعة المشغولات اليدوية، خاصة أثناء عملية ربط الميدالية، أقوم بالتسويق للأعمال التي أقوم بصناعتها من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، عندما يشاهد الناس أعمالي يشجعونني على المواصلة من أجل انتاج المزيد من الأعمال وبيعها، فالكل يترقب المنتجات التي اصنعها، العائد المادي الناتج عن المشروع تقوم بجمعه حتى تتمكن من التسجيل داخل الجامعة، أيضا من أجل توفير احتياجات عائلتها.في النهاية تحلم ولاء بالدراسة الجامعية خاصة أنها أنهت مرحلة الثانوية العامة قبل عام، لكن ظروف عائلتها حالت دون أن تسجل بالجامعة، تحلم أيضا ولاء بتركيب طرف صناعي يمكنها من أن تصبح إنسانة متكاملة داخل المجتمع، هل يمكن لحبات الخرز أن ترسم مستقبل ولاء وتحقق أحلامها؟!