1

الغُبّس”.. درب جنيني تاريخي مُستهدف

عبد الباسط خلف- قفز اسم طلعة الغبس إلى واجهة الأخبار والألسن منذ الاجتياح الإسرائيلي المستمر، وخلال عدوان الاحتلال على المدينة ومخيمها قبل نحو 4 سنوات.

وتفصل التلة المنحدرة والحادة بين جنين وأحياء المخيم الجنوبية، وكانت أول الطرقات التي يطالها التخريب والتجريف، خلال السنوات الأخيرة.

وجلس الستيني محمد أسعد، على شرفة منزله التي تواجه الطريق الصعبة، وقال إنها كانت تتعرض في كل اقتحام للتخريب، وكأنها اعتبرت من الشوارع المفضلة للتدمير.

وأكد أن الدرب الذي يجاوره منذ 4 عقود انقلب حاله 180 درجة، خلال العدوان الذي يقترب من إكمال شهره الثالث، واليوم يمكن من حوافه مشاهدة التدمير الواسع في جانبي الشارع.

سيرة مكان

وردد الشاعر والفنان التشكيلي حسام السبع سيرة المكان التي يحفظها عن ظهر قلب، وأكد لـ”الحياة الجديدة” وجود خطأ شائع في اسمها، فهي طلعة ( الغُبّس) وليست (الغبز).

وقال بحنين جارف إلى الماضي، إن الشارع مرتبط بصهر عائلته، الحاج سليم سعيد الغبس، الذي شيّد أول بيت في باطن الجبل، واعتاد الوصول إلى بيته عبر ممر صخري، وعندما اتسعت حركة البنيان في المنطقة، وصار الناس يشاهدون الحاج سليم، أطلقوا اسمه على الشارع المنحدر، منذ تأسيس البيت مطلع عام 1950.

واختار الغبس تصميم منزله على شكل “فيلا” صغيرة، قبل النكبة، وفي محيطه حديقة تنافست لتجميل البيت أشجار كثيرة.

وأفاد السبع بأن الحاج الغبس اشترى أرضًا وأقام بيته في أعلى الجبل، الذي كان وقتها منطقة نائية جداً ومنحدرة، وخالية من البيوت، واستغرب أهل جنين منه، خاصة أن المدينة كانت صغيرة جداً لم تكن تتعدى دوار السينما والمخيم وبستان شريم في شارع نابلس، وبيارة فؤاد قاسم عبد الهادي على دوار الزايد حالياً.

مزارع ونكسة

وبيّن أن صاحب المكان، عمل في الزراعة واشتهر بتقليم أشجار النخيل، التي كانت تزين بها المدينة.

ووفق السبع، فإن عمته نجية ارتبطت بمحمود الغبس، واعتاد خلال طفولته وصباه زيارة منزلها واللهو رفقة أولادها في المساحات الفارغة العديدة، التي كانت منتشرة حول بيتها، وكانوا يصعدون إلى الجابريات الخالية وقتها من أي بيت، ويشاهدون دبابة أردنية دمرت عشية النكسة، وظلت صامدة وقتًا طويلًا.

وقال إن المزارع الغبس، أنجب أربعة أبناء انتقلوا جميعًا إلى الكويت قبل النكسة، ثم عاش شقيقهم الأكبر خالد في الأردن، بينما تزوج محمد من عائلة الطرزي، وبقي الابن فتحي بعد النكسة، غير أنه تعرض لمطاردة الاحتلال بعد النكسة، وفر إلى الأردن مطلع السبعينيات، ولم يعد من يومها إلى جنين.

وأكد أنه لم يبق في جنين من عائلة الغبس غير ابنة عمته عزيزة (60 عامًا) التي كانت مقيمة في الكويت، بينما توفيت عمتها خالدية قبل سنتين.

“ثكنة عسكرية”

وأوضح السبع أن الحاج سليم الغبس من رجالات جنين الأصليين، والطلعة تعتبر من أحد معالم المدينة التي تعرضت لعدوان، وجرى تحريف اسمها إلى الغبز.

وأشار إلى أن الاحتلال حرث الشارع عدة مرات، ويواصل منذ 84 يومًا تخريبها، وتعرض محيط منزل الحاج سليم إلى التدمير، مثلما عاث المحتلون فسادًا ببوابة البيت القديمة.

فيما ذكر الإعلامي تامر أبو الهيجاء، الذي كان يقيم في منطقة قريبة من الشارع، بأن طلعة الغبس تحولت إلى ثكنة عسكرية لجنود الاحتلال، عبر الاستيلاء على عدة منازل مشرفة على المخيم والمدينة.

وأوضح أن البيوت على جانبي الطريق تعرضت لعمليات حرق وتدمير وتخريب، وقد غير العدوان معالمها، كما حول غالبيتها إلى ركام.

من جهته، أفاد السائق محمد أبو الفريد أن الطلعة واحدة من أقسى طرق جنين وعورة، لكنها مشهورة كثيرًا، وهي بلا مبالغة أحد أبرز الشوارع في المدينة كلها.

وتأثر من جراء التدمير المتكرر لبيوت المخيم والمدينة، وللتجريف المتكرر لطلعة الغبس، التي كان يتكرر ذكرها كثيرًا في نداءات مكاتب التكسي، خلال توصيف البيوت للوصول إلى الركاب.

وأنهى أبو الفريد: لا تنطق غالبيتنا اسم الشارع بصورة صحيحة، ولم أعلم شخصيًا إلا قبل أسبوعين بأنها منسوبة إلى عائلة الغبس، وكنا نظنها مثل أي اسم أو دون معنى.