
يواجه الاتحاد الأوروبي أزمة حقيقية في تحديد دوره الجيوسياسي، حيث أصبح مرتبطًا بشكل متزايد بالولايات المتحدة والصين، مما أدى إلى تراجع مكانته كقوة مستقلة وفاعلة على الساحة الدولية. فقد حذر المفوض السابق للعلاقات الخارجية والدفاع، جوسيب بوريل، من ضرورة تعزيز الوحدة الأوروبية في مجالات التجارة والدفاع والصناعة، لضمان استمرار القارة في المنافسة مع القوى الكبرى. إلا أن الواقع الحالي يظهر تدهورًا ملحوظًا، خاصة مع ضعف القيادة الأوروبية الحالية بقيادة المستشارة أورسولا فان دي لاير، التي تفتقر إلى الكاريزما والقدرة على التوجيه.
وفي ظل هذا الوهن، تعكس عناوين الصحف الأوروبية خيبة الأمل، حيث كتبت صحيفة «الباييس» أن ترامب كشف عن ضعف أوروبا من خلال فرض رسوم جمركية على الصادرات الأوروبية، بلغت 15%، دون مقابل. كما أن الاتحاد الأوروبي أظهر خنوعًا في ملف الدفاع، حيث وافق على رفع نسبة الإنفاق العسكري من 2% إلى 5% تحت ضغط واشنطن، رغم أن ذلك لا يعكس استقلالية حقيقية في السياسات الدفاعية.
وفي الملف الفلسطيني، يظهر ضعف الاتحاد الأوروبي جليًا، حيث لم يتخذ أي إجراء جماعي للضغط على حكومة الاحتلال الإسرائيلي، رغم الجرائم المستمرة في قطاع غزة، وهو ما يعكس تراجع المبادئ الأخلاقية للاتحاد. كما أن نوايا الاعتراف بالدولة الفلسطينية من قبل بريطانيا وفرنسا، تبرز مدى تدهور الموقف الأوروبي، الذي يفتقد إلى رؤية واضحة تجاه التطورات في المنطقة.
أما على الصعيد الأمني، فباتت أوروبا، خاصة فرنسا وألمانيا وبريطانيا، محدودة الخيارات العسكرية أمام موسكو، بعد أن كانت تتبنى مواقف أكثر تصعيدًا في بداية الحرب الروسية – الأوكرانية. وعلى الرغم من دعمها الاقتصادي لأوكرانيا، إلا أن نفوذها تراجع في المفاوضات الدولية، حيث تم تهميشها في المحادثات بين واشنطن وموسكو، ما يعكس ضعف تأثيرها الجيوسياسي.