ميساء بشارات– في معمل صغير بالمساكن الشعبية في مدينة نابلس، تضع هيا الشيخ ياسين (34عاما)، اللمسات الأخيرة من المكسرات على الحلقوم الذي صنعته هي وزوجها قبيل البدء بتغليفه بالنايلون في مشروعهما الذي أطلقا عليه اسم “كويك”.
بدأ الزوجان مشروعهما عام 2015، بعد تفكير عميق بترك الوظيفة التي كانا يشغلانها، والاتجاه لعمل مشروع خاص بهما، بعيدا عن النمطية في الوظيفة، وليكون مصدر رزقهما الأساسي.
هيا الحاصلة على شهادة البكالوريوس في الصحافة والإعلام من جامعة النجاح الوطنية في نابلس، وزوجها أحمد بشارات (41 عاما)، الحاصل على البكالوريوس في “التصميم الغرافيكي”، يريان في الوظيفة العادية تقييدا في ساعات العمل، لذلك قررا الاتجاه للعمل الحر وإنشاء مشروعهما الخاص.
تعمل هيا وأحمد على إنتاج الحلويات الشعبية التي تلقى رواجا كبيرا في نابلس مثل السمسمية والحلقوم بعدة نكهات لكن بطرق صحية، بما يتناسب مع مرضى السكري حيث تستخدم نسبة سكر أقل من المنتجات المشابهة بالسوق.
وحول كيفية اختيارهما لمشروعهما تقول هيا: “الناس تتجه للأشياء الاستهلاكية أكثر وخاصة الأطعمة التي تلاقي طلبا عليها، ولذلك وبعد وضع عدة أفكار لمشاريع ريادية، فضلنا أن نختار مشروعا يتجه إليه الناس ومجاله واسع بالسوق، ونضمن نجاحنا به، وبعد دراسة عدة خيارات اخترنا أن نصنع السمسمية والحلقوم بطرق صحية، أقل سكر عن الحلويات المشابهة الموجودة بالسوق”.
وترى هيا الأم لثلاثة أطفال، التي عملت سابقا في إحدى الإذاعات المحلية، أن العمل في مجال الإعلام يحمل مخاطرة وخاصة في ظل وضعنا الفلسطيني تحت الاحتلال، ويجد الصحفي نفسه في مكان خطر، وربما يتأخران عن العودة إلى المنزل لأحداث قد تطرأ أثناء العمل، ما يؤثر على البيت والأطفال وحتى على نفسية الصحفي وأدائه في العمل.
ورسا الزوجان بأفكارهما على مشروع السمسمية والحلقوم، وبحثا في البداية عن مدرب لتعليمهما كيفية صناعتها، ومن ثم عن أخصائية تغذية لتحول المنتوج من عادي إلى صحي عن طريق سكر الستيفيا.
وفي بداية مشوارهما كان من الصعب تقبل الناس للسمسمية والحلقوم واعتقدوا أنها كالموجودة بالسوق. تقول هيا: “هي تختلف عن السمسمية العادية بالطعم والحلاوة وطبقات المكسرات المستخدمة فيها، فهي من أجود أنواع المكسرات ما يعطيها طعما أفضل، كما أننا لا نستخدم المواد الحافظة وأصباغ الطعام في صناعتها، ما يجعل مدة صلاحيتها أقل تصل إلى ستة أشهر من تاريخ الإنتاج”.
وتضيف هيا وهي تتابع تقطيع الحلقوم الذي لفت حوله طبقة من الفستق الأخضر: “عدم وضعنا للمواد الحافظة جعل المنتج أكثر مخاطرة من حيث قصر فترة انتهائه فيجب تسويقه وبيعه قبل انقضاء الأشهر الستة، وهذا شكل لدينا أيضا مخاطرة في الإنتاج والتسويق والبيع.
لكن وبعد فترة من إطلاق المشروع وباستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، أصبح الناس أكثر معرفة بإنتاجهما وبدأ الطلب عليه، ومن شخص لآخر بدأ المنتج بالشهرة، وخاصة من الذين يعملون نظام الأغذية الخاص والمحدد.
وتستذكر هيا أول طلبية كانت لمنتوجهم من قبل إحدى الشركات الكبرى في البلد، والتي تلقتها ببالغ الفرح والسعادة.
وتشير هيا إلى أن “كويك” أصبح لها زبائن في كل مدن الضفة وحققت انتشارا جيدا، ويسعى الزوجان إلى إيجاد أصناف وأشكال جديدة كل فترة من إنتاجهما فمثلا أوجدت السمسمية بطبقات، والحلقوم بطبقات، وطبقات جوز الهند المحشو بالمكسرات والزبيب.
وبعد تقطيع الحلقوم الذي احتاج لجهد عضلي كبير من هيا تقول: “منتوجنا يعتمد على التصنيع اليدوي أكثر، مما يوقعنا أحيانا بالضغط في العمل خاصة في فصل الشتاء”.
ويعمل إلى جانب هيا وزوجها بعض الأيدي العاملة بنظام المياومة، خاصة من أجل التغليف وهي المرحلة الأخيرة في تصنيع المنتج.
وعن مراحل الإنتاج تقول هيا: التصنيع يحتاج إلى أربعة أيام، ومن ثم تفردها بقوالب خاصة ووضع المكسرات من اللوز والكاجو والفستق، ومن ثم التقطيع والمرحلة الأخيرة هي التغليف.
ويشير أحمد إلى أن فترة انتشار وباء كورونا قد تراجع العمل لديهما قليلا، فالناس بدأوا يبحثون عن كل ما هو صحي يقوي مناعتهم وليس عن الحلويات، وهذه الفترة شكلت لهما فارقا كبيرا ودفعتهما باتجاه الإنتاج الصحي أكثر باستخدام سكر الستيفيا.
والمصنع مرخص ولديه سجل تجاري ومراقب شركات وملتزمة ضريبا.
ويشجع الزوجان كل شخص لديه شغف تجاه فكرة ريادية ما بالسير نحو هذا الشغف وتحقيق الذات وليس التقيد بالوظائف العادية بغض النظر عن الشهادات التي يحملها الشخص، فالسعادة في المشاريع الشخصية لا توصف، كما ان تحقيق الذات أكثر في المشاريع الشخصية الريادية ومع الايمان والعزيمة ربنا يسخر كل شيء للشخص من أجل النجاح مع الايمان بالفكرة.
وهيا الشيخ ياسين عضو في منتدى سيدات الأعمال الذي يوفر لها ايضا بعض الفرص والدعم للنجاح والوصول الى الهدف والمشاركة في المعارض.
وقد صدر الزوجان منتجهما إلى الخارج عدة مرات ويحلمان حاليا بفتح مكتب لهما دائم في الأردن للانطلاق منه للتصدير الى الخارج باستمرار. كما يخططان حاليا لإنتاج صنف جديد يتعلق ببروتين البارز للاعبي الرياضة والكرونيلا بار.
وتتابع هيا عملها بحب قائلة: ” إن الاستمرارية والديمومة في العمل تتطلبان جهد مضاعف ومثابرة دائمة، رغم الانتكاسات التي يتعرض لها أثناء العمل، والعمل الخاص بحاجة الى تطوير وتجديد بشكل مستمر، وتتطلع إلى أتمتة العمل وإنتاج أصناف جديدة وأحجام وأوزان مختلفة”.
وتسعد كثيرا هيا التي من طبعها المرح والبشاشة بكل من يتصل بها لطلب سمسمية ومناداتها بـ الأخت “سمسمية” ارتباطا بعملها، وهم ينادونها بهذا تندرا احيانا واحيانا لعدم معرفتهم باسمها.
وتنشط هيا على وسائل التواصل الاجتماعي بفيديوهاتها عن السمسمية والحلقوم ومنتجاتهم الأخرى للتسويق، تقول هيا: “عندما يرانا الزبون ونحن نعمل يثق بنا وبالمنتج أكثر ويرى النظافة بأم عينيه، والحمد لله لقد وصلنا الى ثقة عالية مع المستهلك.
وتشتهر نابلس بصناعة السمسمية والحلقوم، الى جانب حلويات اخرى.
وبحسب وزارة الاقتصاد الوطني فقد ارتفعت نسبة النساء المسجلات في السجل التجاري بنسبة 24.4 % في العام 2022 مقارنة مع عام 2021 ، حيث تم تسجيل 314 أنثى مقابل 252 أنثى في عام 2021.
وخلال عام 2022 تم تسجيل 2524 شركة جديدة، وبلغ عدد الإناث المالكات/ المساهمات في هذه الشركات 1367 أنثى، وقد ارتفع هذا العدد مقارنة مع السنة السابقة بنسبة 49.6%حيث بلغ هذا العدد خلال عام 2021 حوالي 894 أنثى، وعلى صعيد متصل شكلت الإناث ما نسبته 18.4 %من إجمالي عدد المالكين والمساهمين في الشركات التي سجلت عام 2022.
كما وارتفعت نسبة النساء المفوضات بالتوقيع في الشركات الجديدة المسجلة عام 2022 بنسبة 8.311 مقارنة مع العام السابق، حيث بلغ عددهن 490 أنثى، مقابل 119 أنثى في عام 2021، وقد شكل هذا العدد 10.3 %من إجمالي عدد المفوضين بالتوقيع في الشركات المسجلة عام 2022.
الأخت سمسمية” قصة نجاح تغني زوجين شابين عن الوظيفة
شبكة فرح الاعلامية: