روان الأسعد – في جو تسوده الخصوصية بعيدًا عن الاختلاط، فكرت رهام حمودة بفكرة خارج الصندوق لتفتتح مقهى طاقمه ورواده من الجنس اللطيف بصيغة ونكهة أنثوية بحتة من الألف إلى الياء، في تجربة فريدة من نوعها في غزة ليكون الأول من نوعه.
بعيدًا عن صخب المقاهي المختلطة وعبر خدمات متنوعة، مع تخصيص مساحة من الحرية لرواده من النساء، كانت هذه الفكرة وكأنها تعيد إحياء تقليد قديم هو تجمع النساء عند بعضهن في المساء لتبادل الأحاديث ولكن بسياق مختلف من خلال إنشاء مكان مخصص لهن يرتدنه بكل أريحية في ظل افتقارهن لأماكن خاصة بهن عكس الرجال تمامًا الذين يرتادون مئات الأماكن.
التفكير خارج الصندوق ..
تقول رهام حمودة، وهي ربة منزل وأم لخمسة أطفال لـ “القدس” دوت كوم – بعد فترة الكورونا وتوقف الحياة وعدم وجود فرص عمل، فكرت أن أخلق لنفسي فرصة عمل من خلال البحث عن فكرة ريادية وجديدة تكون بمثابة مشروع فيه استدامة، فخرجت بفكرة فتح كافيه بعيدًا عن المتعارف عليه، ليكون تجربة جديدة بحيث يكون للسيدات فقط مع وجود فتيات يعملن فيه ليشعرن النساء بارتياح ويرفهن عن أنفسهن من خلال فضاء أنثوي مستقل.
وتابعت: رغم التخوف من الفكرة والصعوبات التي مررت بها، إلا أنه لاقى استحسانًا واحتضانًا كبيرًا رغم حداثة الفكرة وجذب فئات من السيدات لم أتوقع حضورهن وأصبح المقهى يعج بالزوار الذين نقدم لهم خدمات متنوعة عبر طاقم مميز من الفتيات اللواتي يعملن فيه.
أبعاد إنسانية ..
رغم أن هذا الفضاء أنثوي وفكرة ريادية في ظاهرها، إلا أنها تحمل أبعادًا انسانية، يستدل عليها من خلال قولها: حاولت من خلال هذا المقهى أن أوظف أيدي عاملة نسائية ليس فقط من خلال الطاقم الذي يعمل بل كذلك سعيت لمنح النساء العاملات بالبيوت لإعالة أسرهن فرصة للعمل من خلال ما يقدمنه من حلويات ومعجنات ذات جودة عاليه ليتم تقديمها بالمقهى ضمن الخدمات التي نقدمها، إضافة طبعا لما نقدمه من وجيات ومشروبات وغيرها من خلال سبع فتيات نعمل سويًا يداً واحدة من الساعة العاشرة صباحًا وحتى العاشرة ليلًا، وكان توفير فرص عمل لعدد من الفتيات وربات البيوت هو إنجاز مهم في ظل ما يعانيه القطاع من بطالة وظروف اقتصادية صعبة.
خدمات منوعة وعمل منظم ..
واستطردت بالقول: حرصت من خلال هذا المقهى على توفير جو جميل عبر الديكورات والألوان الهادئة والتصاميم وإدخال عنصر الطبيعة فيه لتشعر النساء بأنهن في حديقة غناء، إضافة لتخصيص مساحة للنساء العاملات وتوفير انترنت عالي السرعة لهن ليقمن بأعمالهن في جو جميل ومريح، إضافة لزوايا مخصصة للتصوير مع وجود أماكن متخصصة للحفلات وكذلك يجتمعن فيه الصديقات ويجلسن براحة ويكون شرفة يتنفسن من خلالها بعيدًا عن هموم الحياة اليومية ومتاعبها.
وتابعت: وفق نظام دقيق وجدول أعمال محدد، أقوم بتنظيم مهام البيت والعمل، خاصة وأن المشروع يأخذ من وقتي ما يقارب الأربع عشرة ساعة من العمل اليومي، ورغم التعب المبذول إلا أن الشغف كان أكبر من كل التعب والعقبات التي واجهتها، خاصة أن هذا الشغف كان نابعًا من احتياجي لمكان هادئ أجتمع فيه مع صديقاتي بكل راحة دون قيود.
الصعوبات ..
وعن الصعوبات التي واجهتها تنهدت قائلة: بالبداية رغم حداثة الفكرة ودعم زوجي وأهلي لي، إلا أن التخوفات كانت كبيرة خاصة أنها جديدة وربما لن تنجح، إلا أن الإصرار والجد لتحقيق الفكرة والسعي قد جعلاها تتحقق وأفضل مما توقعت. وعن الصعوبات على أرض الواقع كانت كثيرة سواء من ناحية عدم توفر تجهيزات للمطاعم والمقاهي في غزة بسبب الاحتلال والحصار والضرائب المرتفعة إلى عدم وجود الآلات والماكنات الحديثة التي أحتاجها، مع ضعف الخيارات المتاحة في إعداد المقهى وتجهزيزه وصولاً لشح الأيدي العاملة النسائية في هذا المجال رغم توفرها بكثرة من الذكور، ومع ذلك استطعت مع طاقم العمل أن نتدرب ونخوض التجربة بكل نجاح وفخر وسعادة بما حققناه.
وكان هنالك تجاوب كبير وإقبال أكبر حيث كان هنالك حضور من فئات مختلفة سواء من الطالبات أو النساء العاملات وحتى المنقبات والنساء الكبيرات في السن، وهنالك مزيج من مختلف الشرائح وهذا ما دفعني للعمل أكثر على المشروع والسعي لتطويره خاصة وأنه واجه انتقادات كثيره من فئة الشباب والمجتمع بشكل عام للفكرة.
طموح
حمودة رغم دراستها للأدب الإنجليزي إلا أن شح الوظائف بل وانعدامها في قطاع غزه المحاصر دفعها للخروج بفكرة ريادية تحمل أهدافًا مجتمعية وتوفر للنساء مساحة أنثوية مستقلة خاصة بهن وسط احتضان واقبال لفكرتها ما دفعها لتطمح لتوسيع هذا المقهى من خلال إعداد قاعة خاصة للمؤتمرات وورشات العمل والندوات والحفلات والسعي لنشر هذه الفكرة في مناطق مختلفة بالقطاع.