لم يحصل ان تعرضت مدينة جنين ومخيمها لهذا الكم من الدمار الهائل والتخريب وكل ذلك بسبب اصرار الاحتلال على ممارسة سياسة الابادة الجماعية بحق الفلسطينيين بما في ذلك كل الاجراءات العقابية التي استهدفت كل مقومات الحياة ، في رسالة اسرائيلية تحمل في ثناياها العداء المتجذر الذي تمارسه الحركة الصهيونية بحق الفلسطينيين ، الامر الذي يؤكد ان لا تعايش ولا سلام مع هذا الكيان الذي يعتبر سرطانا يسمم المنطقة ويقضي على كل فرص العيش الكريم فيها ..
وضعت حكومة الاحتلال مدينة جنين ومخيمها في طليعة الاهداف التي تحاربها بادعاء وجود نشاطات عسكرية وذخيرة وسلاح ، ووصلت إلى حد التهويل من قبل الإعلام الإسرائيلي المتطرف الذي ينقل رسائله واخباره عن الشاباك والجيش ، حيث ادعى استخدام الفلسطينيين لقدائف وصواريخ من نوع جديد ، اضافة للعثور على قنابل وعبوات تزن ١٠٠ كغم ، في رواية زائفة وبعيدة عن اي منطق ، وهدفها فقط تبرير القتل والعدوان واستمرار سفك الدماء ..
الاجتياح الثاني عشر لجنين ومخيمها منذ السابع من اكتوبر هو الأشرس والأعنف حيث استباح الاحتلال كل شيئ في مخيم المدينة من شجر وبشر وحجر ، ولا زالت آثار الدمار وتجريف البنى التحتية وخصوصا في المنطقة الشرقية شاهدة على العدوان الاجرامي ، كما ان عدد الشهداء الذي ارتفع إلى ١٥ منذ خمسة ايام دليل على استهداف المواطنين المدنيين ، وكل ذلك لا يقل عن خطورة مشهد تهجير وطرد العائلات والاهالي من بيوتهم تحت تهديد السلاح ، وحصار المستشفيات والمراكز الصحية واقتحامها لمنعها من تأدية رسالتها الإنسانية ، حيث تم نقل ١٨٠ من مرضى غسيل الكلى من مستشفى جنين الحكومي إلى مستشفى آخر ، وتعمد قطع المياه والكهرباء عن المخيم ، لا سيما إطلاق النار على المحولات الرئيسية ..
لا يمكن تقدير حجم الخسائر الكارثية التي تسبب بها العدوان ، لكن بدون شك فان جنين تحتاج إلى ملايين الدولارات لاعمار ما تم تدميره من بيوت ومرافق ومنشآت ..
ان الهجمة على جنين وشمال الضفة الغربية وحصار جنوبها ومواصلة الانتهاكات بحق القدس ، ما هي إلا نتاج تحريض سافر وخطير جدا يقوم به وزير ما يسمى الامن القومي ايتمار بن غفير ووزير المالية بيتسلئيل سموتريتش اللذان يسعيان لتفجير الضفة الغربية امتدادا لحرب الابادة الجماعية على قطاع غزة ، والتي يندرج في إطارها تصريح بن غفير السابق الذي كرره امس وقال ان حق الحياة لليهود يفوق حق الحركة للفلسطينيين ومطالبته بإعدام الاسرى الفلسطينيين ، وحرصه على توزيع السلاح على المستوطنين باستمرار ، وما يضاف اليه من تصريحات سموتريتش المتطرف الذي يسعى لوأد فرصة تجسيد الدولة الفلسطينية من خلال الدعوات لبناء المزيد من المستوطنات .
تصريحات بن غفير وسموتريتش التي تاتي في ظل موافقة نتانياهو والممارسات التي يقوم من خلالها الجيش الإسرائيلي باغلاق المعابر وفرض حصار شامل على شمال الضفة الغربية وجنوبها ، تستدعي وقفة دولية وأممية جادة لوقف هذه الحرب الأجرامية بحق شعبنا ، والتي يبدو ان إسرائيل قررت تحويلها إلى حرب دائمة وطويلة الامد