شكلت المبادرات العربية والاسلامية المتعلقة بالقدس وفلسطين منهجاً مهما في دعم الصمود والنضال والسلام العادل، اضافة الى كونها قيمة مادية ومعنوية في الحفاظ على الهوية الفلسطينية، بما في ذلك الحفاظ عليها أمام الرأي العام كقضية انسانية عالمية يطلع الجميع على تفاصيلها المأساوية، بما في ذلك ما تتعرض له اليوم وبشكل متواصل من جريمة ابرتهايد تهدف الصهيونية من خلال تنفيذها إلى محو الوجود التاريخي والشرعي الفلسطيني، من هنا تكون المبادرة المساندة لفلسطين على اختلاف مجالاتها بحق نموذجاً استراتيجية يجب توحيد الجهود لنصرتها.
لقد اتخذت المنظمة العربية لتكنولوجيا الاتصال والمعلومات خلال أعمال الدورة (26) لمجلس الوزراء العرب للاتصالات والمعلومات المنعقدة بتاريخ 23 كانون الاول 2022، قرارها باعلان “مدينة القدس العاصمة الرقمية العربية للعام 2023″، وهذه المبادرة تعزز جهود تطوير هذا القطاع الهام، حيث نعيش اليوم نهضة معرفية هائلة سمتها التنوع التكنولوجي والاكتشافات والاختراعات الكبيرة بما في ذلك ظهور منصات تواصل اجتماعي عديدة، اخذت على عاتقها ايصال المعلومات والاخبار للرأي العام في كل وقت ومكان دون معيقات، فأصبحنا وبخاصة الاجيال الشابة ممن يتقن مهارة المعرفة التكنولوجية نتصفح الجرائد الرقمية والمواقع الالكترونية بشكل متسارع، ولا ابالغ ان قلت أن كل صفحة او موقع الكتروني اصبح مصدراً للاخبار، علماً بان الصحيفة الورقية لها قيمتها الوثائقية والاعلامية المهمة نظراً لاحترافية وثقافة العاملين عليها ادارة وتحريراً. من هنا يشكل اختيار القدس عاصمة رقمية رمزية رفيعة، تعيد توجيه العالم الى ما يمارس من جرائم اسرائيلية تستهدف حرية الاتصال والتواصل والتكنولوجيا في فلسطين والقدس، كما تنبه كل الاحرار في العالم الى بشاعة مناخ الاحتلال الاسرائيلي وقيوده المفروضة على التكنولوجيا والاتصالات في فلسطين المحتلة، من خلال اغلاق المؤسسات والتحكم بشبكات الاتصال ومراقبتها وحذف المحتوى الفلسطيني الذي يكشف جرائم الاحتلال وانتهاكاته، وبروز ما يمكن تسميته بالاستعمار التكنولوجي الصهيوني الذي يروج للرواية التلمودية الزائفة ويحارب كل ما هو فلسطيني ومقدسي .
ان اللجنة الملكية الاردنية لشؤون القدس وهي تثمن كل مبادرة تعزز الصمود الفلسطيني والمقدسي وتحفظ هويته وتعزز جهود مساندة الاشقاء في فلسطين والقدس، تؤكد على أن الخطة المفترضة لتنفيذ المبادرات وبرامج تحقيقها تشكل ركيزة في قياس نجاح لها، خاصة ان الحالة الفلسطينية لها خصوصيتها بما يمارس من حرب اسرائيلية شرسة تستهدف الانسان والارض والمقدسات والمؤسسات والبنية التحتية الفلسطينية، وبشكل مخطط له يدخل في منهجية التهويد والاسرلة والعبرنة التي تمارسها اسرائيل بقيادة حكومة اليمين والاحزاب الدينية.
وتؤكد اللجنة الملكية لشؤون القدس وانطلاقاً من الوصاية الهاشمية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس، على ثبات الموقف الاردني وتنوع مجالات نشاطه والذي سيبقى درعاً يحمي فلسطين والقدس مهما كان الثمن وبلغت التضحيات، خاصة في وقت عصيب اصبح الاعلام الاسرائيلي وما يتبع له من مؤسسات ينفق الملايين لمحاربة كل منبر اعلامي يشرح المأساة الفلسطينية وينقل صوت صرخات أطفال فلسطين الابرياء للعالم، مما يجعل على كل اعلامي ومثقف وعارف لتكنولوجيا المعلومات واجب مقدس بدعم الاشقاء في فلسطين بكل الوسائل العلمية المعروفة .
*أمين عام اللجنة الملكية الاردنية لشؤون القدس