You are currently viewing أفوكادو قلقيلية.. ضحية أخرى للحصار

أفوكادو قلقيلية.. ضحية أخرى للحصار

العربية فارسی كوردی‎ עִבְרִית Türkçe Français Deutsch Italiano Español English
شبكة فرح الاعلامية:

عشرات الآلاف من الأطنان تتلف بسبب الإغلاق المتكرر للمنفذ التجاري لمعبر الكرامة

ميساء بشارات-حققت زراعة الأفوكادو في قلقيلية والمناطق القريبة قفزات من النجاح في العقد الأخير، رغم التحديات الكبيرة، وعلى رأسها اقتطاع الاحتلال بواسطة الجدار مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية الخصبة، واغراق السوق المحلية من الأفوكادو بالمنتج الإسرائيلي متدني الجودة في موسم القطاف، ومع ذلك وخلال فترة قياسية أصبحت قلقيلية تنتج كميات من الأفوكادو تلبي احتياجات السوق المحلي، ويتم تصدير الفائض إلى الخارج،وكان ذلك نتاج استثمارالمزارعين وأموالهم في زراعته، معتمدين على جودة الإنتاج وقوة السوق الخارجية لرفع دخلهم وتحسين مستوى معيشتهم.

واليوم، يواجه مزارعو الأفوكادو في محافظة قلقيلية تحديات كبيرة تتعلق بتسويق محاصيلهم بسبب الممارسات الإسرائيلية المستمرة. فقد أصبح تصدير محصول الأفوكادو للخارج معضلة تؤرق المزارعين، خصوصًا في ظل القيود التي يفرضها الاحتلال على حركة البضائع عبر معبر الكرامة (الجسر) الواصل بين الضفة الغربية والأردن.

الاغلاق المتكرر للمعبر تسبب في تراكم الشاحنات المحملة بالأفوكادو، واضطر أصحابها إلى الانتظار لأيام طويلة دون أي حلول. وتسببت هذه الإجراءات في خسائر كبيرة للمزارعين، إذ بدأت ثمار الأفوكادو بالتلف بسبب تأخر نقلها إلى وجهاتها الخارجية، ما أدى إلى إتلاف جزء من المحصول وعدم ملاءمته للبيع أو التصدير.

الخسائر المالية كانت كبيرة؛ فمزارعو الأفوكادو في قلقيلية يعتمدون بشكل كبير على عوائد التصدير، حيث يعتبر السوق الخارجي هو المصدر الأساسي لتعويض تكاليف الزراعة العالية.

المزارع أحمد سلمي (48 عامًا) من مدينة قلقيلية، العامل في زراعة الأفوكادو منذ 20 عاما، يعاني من صعوبات في تصدير محصوله إلى الأسواق الخارجية، حيث يزرع على مساحة 45 دونمًا، منها 35 دونمًا مخصصة لأنواع خاصة بالتصدير، بينما تتراوح أعمار أشجاره بين 4 إلى 20 عامًا.

في الظروف العادية، يقوم أحمد والمزارعون ببيع منتجاتهم للتجار الذين يقومون بتجهيز الشحنات وتنسيق مواعيد العبور عبر الجسر لتصدير المحصول.

وكان من المقرر أن يتم تحميل شحنة تزن 29 طناً منذ أسبوعين، ولكن بسبب إغلاق الجسر، تأخرت عملية التصدير بشكل متكرر، حتى تلف المحصول بالكامل، ما كبّد أحمد خسائر تقدر بـ150 ألف شيقل.

يقول سلمي: “تشكّل هذه الخسائر عبئًا كبيرًا، حيث كنت اعتمد على هذا الموسم السنوي كمصدر دخل رئيسي لتسديد ديوني وتغطية تكاليف الإنتاج والانفاق على العائلة”.

ويشرح أحمد للحياة الاقتصادية، ان الأمر لا يقتصر على الخسائر المالية فحسب، إذ أن نوعية الأفوكادو المزروعة مخصصة للتصدير ولا تلقى رواجاً في السوق المحلي، ما يجعل من الضروري تصدير المحصول إلى الخارج”.

حاليًا، يخشى أحمد من تجهيز شحنات جديدة، مع تزايد المخاطر في ظل الإغلاقات المستمرة، إلا أنه مضطر للمجازفة، إذ لا يمكنه وقف عملية قطف الثمار لتجنب مزيد من الخسائر. يقول: “أوراقنا والتنسيق جاهزان، لكن معيقات الاحتلال لا يمكن التنبؤ بها، وهذا الإنتاج مخصص للتصدير، ولا يُسوَّق محليًا، فإلى أين نذهب بهذه الكميات؟”.

ويتابع أحمد بحسرة، إلى جانب تكاليف الإنتاج، فإن العمالة التي تشارك في القطف والتحميل تشكّل تكلفة إضافية، ما يفاقم من حجم الأعباء المالية التي نتحملها.

ويتمنى أحمد عودة فتح الجسر قريبًا لاستئناف التصدير وتفادي خسائر أكبر ان استمر الوضع، معتبراً أن هذا الموسم هو أمل المزارعين لسداد التزاماتهم المالية وضمان استدامة مصدر رزقهم السنوي، لأنهم يعتمدون على دخل التصدير لتغطية نفقات الزراعة والمعيشة.

المزارع أحمد ليس وحده الذي يتعرض لهذه المعاناة، المزارع والتاجر محمد شريم، من قلقيلية، يواجه أيضا نفس الصعوبات في تصدير محصوله بسبب الإغلاق المستمر للجسر الذي يعد المنفذ الوحيد لتسويق إنتاجه إلى الأسواق الخارجية.

يقول محمد وهو يتجول بين أشجار الافوكادو المثمرة إنه خطط لتصدير ثلاث شحنات هذا الموسم، تزن حوالي 77 طناً بقيمة تصل إلى 400 ألف شيقل، ولكن إغلاق الجسر أمام التصدير تسبب في تلف المحصول وبقائه في الضفة.

يتابع: “منذ عام 2012 ونحن نصدر إلى الأردن ودول الخليج محصول الأفوكادو، وعادة ما تصل الشحنة في غضون ثلاثة أيام. لكن اليوم، أصبح الجسر كالعقبة الدائمة أمامنا، حيث نرسل الأوراق والفواتير لشركة النقل، ويتم التنسيق مع الجانب الإسرائيلي، ثم ننتظر يوماً بعد يوم دون جدوى، حتى تلف المحصول بالشاحنات التي كان منوي تصديرها للخارج”.

ويرى محمد أن هذه المعيقات تؤثر بشدة على المزارعين والمصدرين، حيث يتوجب عليه سداد قيمة المحصول الذي اشتراه من مزارعي قلقيلية، وهو لا يستطيع استرجاع التكاليف بسبب تلف الثمار.

وانقلبت جميع آمال محمد وغيره من مزارعي الافوكادو، بعد أن كان هذا الموسم مبشراً بغزارة الإنتاج، حيث توقعت وزارة الزراعة الفلسطينية إنتاجا يصل إلى 12 ألف طن من الأفوكادو، مقارنة بـ9 آلاف طن في العام الماضي.

ومع دخول شهر نوفمبر، الذي يعتبر ذروة إنتاج الأفوكادو، يقف محمد في مأزق، إذ يقول: “الهدف الآن لم يعد الربح، بل إنقاذ المحصول من التلف”.

ورغم محاولاته التصدير، يوضح محمد أن المشكلة تظل بيد الجانب الإسرائيلي، دون أي حلول أو بوادر إيجابية تلوح في الأفق.

من جانبه، صرح أحمد عيد، مدير مديرية الزراعة في محافظة قلقيلية، بأن مساحة الأراضي المزروعة بمحصول الأفوكادو في المحافظة تصل إلى حوالي 3,000 دونم، منها 2,700 دونم مثمر.

وأشار إلى أن أقدم أشجار الأفوكادو في المنطقة تبلغ نحو 30 عاماً، فيما تتراوح أعمار الأخرى بين حديثة الزراعة ومتوسطة النضج.

وقدّر عيد إنتاج الموسم الحالي بحوالي 10 إلى 11 ألف طن، يتم عادة تصدير نحو عشر هذه الكمية، أي حوالي 1,000 طن، بناءً على العرض والطلب في الأسواق الخارجية، حيث يُباع الكيلو الواحد في الخارج بسعر لا يقل عن دينارين أردني.

وأكد عيد للحياة الاقتصادية أن أكبر التحديات التي يواجهها المزارعون هي القيود الإسرائيلية المفروضة على حركة التصدير. وأضاف: “المشكلة تكمن في الإجراءات التعسفية الإسرائيلية، وليس في جانبنا، فإغلاق الجسر، وهو الممر الوحيد بين الضفة الغربية والأردن، لأكثر من شهرين متواصلين، عطّل عمليات التصدير”.

وأضاف أن الأسواق الفلسطينية تغرق بمنتجات الأفوكادو الإسرائيلية، التي تكون في كثير من الأحيان رديئة الجودة، حيث تفشل في اختبارات التصدير إلى الخارج ويُفترض إتلافها، لكنها تُباع بأسعار زهيدة في الأسواق الفلسطينية، ما يؤثر سلباً على مبيعات المحصول الفلسطيني”.

وعن الجهود المحلية للحفاظ على المحصول، قال عيد: “لقد تعاقدنا مع شركات في الخارج، وأرسلنا شحنة واحدة فقط قبل إغلاق الجسر، منوها أنه سيجري حفظ الإنتاج من الأفوكادو بثلاجات حديثة لحفظ المحصول في حالة تعذّر تصديره، مؤكدا أن التحدي الأكبر سيبقى في صنف الأفوكادو المعروف باسم “اتنغر”، الذي يشكل حوالي 40% من المساحات المزروعة، وهو النوع الذي يصدر للخارج خاصة الأردن، وليس مرغوب بكثرة في السوق المحلي وهو يحتاج إلى التصدير لأنه لا يتحمل البرودة ويجب قطفه قبل اشتداد الشتاء”.

وأوضح عيد أن بعض أنواع الأفوكادو الذي يعتبر المحصول الثاني في قلقيلية، يمكنها البقاء على الأشجار حتى شهر فبراير، ولكن صنف اتنغر الناضج يُخشى أن يتضرر إذا استمر تأخر التصدير،منوها الى أن هناك ترتيبات لتخزينه بطرق علمية بإشراف خبراء للحفاظ على جودته، قائلاً: “نأمل بإنقاذ الموسم والحفاظ على المحصول، خاصة أن هذا الموسم يشكل مصدر دخل أساسي للمزارعين ويعولون عليه لتغطية تكاليفهم والتزاماتهم المالية”.

رغم الظروف الصعبة، يأمل المزارعون في قلقيلية أن تُفتح المعابر قريبًا، وأن تتخذ الجهات المعنية خطوات للحد من تأثير القيود على قطاع الزراعة. كما يأملون أن يكون هناك تعاون بين الجهات الفلسطينية والدولية للضغط على الاحتلال لتخفيف الإجراءات التي تُعيق تصدير المنتجات الزراعية، وإيجاد بدائل وحلول عملية للحفاظ على الإنتاج الزراعي ودعم المزارعين، لأن استمرار التضييق قد يهدد مستقبل هذا القطاع الزراعي الواعد.

اطبع هذا المقال