سماسرة يضللون العمال
قال أمين عام اتحاد نقابات عمال فلسطين، شاهر سعد: “لن نسمح أبدا بأي مساس برواتب وأجور العمال مهما كان مبرره، وهو ما أكد عليه الرئيس محمود عباس “أبو مازن” أيضاً، لما لذلك من إجحاف بحقوق فئة فقيرة تحتاج منا للدعم والمؤازرة، لا التسبب بمضاعفة معاناتها وتعميق وجعها”.
وحث الاتحاد العام لنقابات العمال وامينه العام، جميع العمال والعاملات، على تحويل رواتبهم للبنوك الفلسطينية، دون الخصم منها، لما لذلك من منافع تصب في مصلحتهم جميعا، ومنها إثبات عدد أيام عملهم، وتوثيق اسم وعنوان الجهة المشغلة لهم، واعتبار عملية التحويل بحد ذاتها قاعدة قانونية يعتد بها لدى المحاكم، لمطالبة أرباب عملهم ومشغليهم بكامل حقوقهم المالية والاجتماعية، كالتعويض المناسب والتأمين الصحي ومكافأة نهاية الخدمة. في الوقت الذي اعلن فيه دعمه مطالب العمال بعدم تعريض رواتبهم لأي نوع من أنواع الخصم المسبق، لصالح شركات القطاع الخاص أو لوزارات ودوائر الدولة المختلفة.
واوضح سعد خلال لقائه أمس، وسائل الاعلام المحلية، ان رواتب وأجور العمال، تخضع لمنظومة خصومات إسرائيلية جائرة قبل أن يتسلموها، ومنها (ضريبة الدخل والتأمين الصحي والتأمين الوطني وصندوق المرض والتأمين التقاعدي)، ولا تتحمل أي اقتطاعات جديدة، لهذا فإن الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين، يرفض رفضا قاطعاً أي اقتطاعات قد تنفذها الجهات الفلسطينية المختصة.
وكان اتحاد النقابات اكد في بيان عشية إضراب العمال في سوق العمل الإسرائيلي، على تفهم واستيعاب اعتراضات العمال على تحويل أجورهم ورواتبهم للبنوك الفلسطينية، وهي اعتراضات محقة تسبب فيها غموض البيان الرسمي، لعدم تقديمه إجابات واضحة على الأسئلة المطروحة من جمهور العمال والعاملات، ومنها: هل ستفرض الحكومة الفلسطينية خصمًا ضريبيا على أجورهم؟ وهل هناك أي احتمال لتأخير صرف تلك الأجور بعد تحويلها للبنوك، على غرار ما يحل برواتب موظفي الحكومة؟ أم أن الصرف سيتم للعمال بعد التحويل مباشرة دون أي تأخير أو عراقيل؟ كما يتساءل العمال حول أجور عمال المياومة، وهل سيتم تحويلها للبنوك أم ستكون خارج هذا النظام؟ وكيف سيتم التعامل معهم؟ كما يتساءل العمال، هل سيطبق عليهم نظام الضمان الاجتماعي الفلسطيني؟ أم سيكون لهم نظامهم الخاص، كالنظام التكميلي على سبيل المثال؟
وقال سعد:”لا يمكننا توجيه أي لوم للعمال بسبب تحفظهم على تحويل أجورهم ورواتبهم للبنوك، لأن غياب الاجابات الواضحة على الأسئلة الصحيحة، بدد الثقة بينهم وبين الحكومة، وهي المطالبة بتقديم إجابات مباشرة عليها، وعلى غيرها من الأسئلة المشروعة لجمهور العمال والعاملات، ونفضل أن تكون الإجابات صادرة عن وزارة المالية كونها صاحبة الاختصاص “.
وجدد سعد، مطالبته الدائمة بالتصدي لظاهرة بيع التصاريح للعمال، ورفع يد السماسرة الفلسطينيين والإسرائيليين عن رواتب وأجور العمال، وإتاحة تصاريح الوصول إلى سوق العمل الإسرائيلي بالمجان كما كانت، وكما يجب أن تكون، إذ لا يجوز لأي عامل دفع بدل مادي نظير بحثه أو حصوله على فرصة عمل.
وطالب امين عام اتحاد عام نقابات العمال، الحكومة، بتوفير وسائل نقل للعمال تقلهم من وإلى أماكن دخولهم وعودتهم من وإلى سوق العمل الإسرائيلي عبر حواجز الاحتلال العسكرية، وابتكار خطة تنظيم حضارية لأماكن تجمعهم وانتظارهم، لتبقيها نظيفة وصحية، وبلا اكتظاظ أو تدافع مميت.
وزير العمل: لن يكون هناك أي خصومات أو ضرائب على أجور عمالنا
وجدد وزير العمل د. نصري ايو جيش، تأكيده: “لن يكون هناك اي خصومات او ضرائب على اجور على رواتب عمالنا وهو ما تم الاتفاق عليه مع محافظ سلطة النقد، اضافة الى انه يتم تحويل هذه الاجور والرواتب الى حسابات بنكية شخصية، ولا يوجد هناك قانون يسمح لأي شخص او سلطة فلسطينية تدخل على حسابات العمال لتأخذها او تقتطع جزءًا منها”.
واضاف ابو جيش:”ما جرى هو تضليل واكاذيب وتزوير للحقائق من جهتين الاولى اصحاب العمل والمنشآت الاسرائيلية الرافضون لتطبيق القرار ولا يزالون يراوغون لأنهم غير مستفيدين ومتضررون، والجهة الثانية سماسرة التصاريح”، معزيا كل ما تمت مشاهدته من تحرك عمالي والاضراب على حواجز الاحتلال العسكرية لتحريض المشغل الاسرائيلي الذي يرفض تحويل الاجر الى البنوك.
واكد وزير العمل، ان تحويل اجور عمالنا داخل سوق العمل الاسرائيلي يصبح وثيقة رسمية يثبت ان العامل يعمل في مكان عمله الاسرائيلي، ويوقف التلاعب من ارباب العمل الاسرائيليين بقسيمة الاجور، حيث يتلاعبون في الخصومات حيث يسلم العامل ما قيمته 5 آلاف شيقل ويسجل في قسيمة الراتب “الكلوش” 100 شيقل فقط، وبذلك صاحب العمل الاسرائيلي لا يدفع الا ما قام بتسجيله رسميا في “الكلوش” وهذا خسارة للعامل وتعد على مستحقاته ومدخراته، وبالمقابل فإن الدفع من خلال البنك سيزيد من قيمة مدخرات ومستحقات العمال.
تعليمات جديدة للمصارف تعفي أجور العمال من الرسوم والعمولات
الى ذلك أصدرت سلطة النقد، تعليمات جديدة تلزم بموجبها المصارف بعدم استيفاء أية عمولات أو رسوم على أجور العمال العاملين لدى الجانب الاسرائيلي، كما طالبت المصارف بتسهيل اجراءات فتح الحسابات لهم بهدف تسهيل استقبال واستلام أجورهم، والاستفادة من الشبكة المصرفية والخدمات التي تقدمها المصارف للجمهور على مدار الساعة.
وأوضحت سلطة النقد في بيان أمس، أن العامل سيستلم أجره من البنوك كاملا دون اقتطاع أية رسوم أو عمولات أو ضرائب، وأن القانون يكفل سرية البيانات والمعلومات للمتعاملين مع المصارف، مبينة أن عملية تحويل أجور العمال للمصارف هي إجراءات فنية تهدف إلى تحويل العمليات المالية مع الجانب الإسرائيلي الى معاملات الكترونية من خلال الحد من استخدام النقد، والاعتماد بشكل أكبر على الشبكة البنكية بين الجانبين لتنفيذ التحويلات كبديل عن استخدام الكاش.
وأشارت سلطة النقد الى أن تنفيذ المرحلة الأخيرة من قانون خفض استخدام النقد “الكاش” في (إسرائيل) مطلع العام القادم سيحول دون قدرة المشغلين في الداخل على تسديد أجور العمال نقدا، حيث سيصبح الحد الأعلى المسموح به للتعامل بالنقد 6000 شيقل.
وبينت سلطة النقد أن تنظيم عملية تحويل أجور العمال إلى المصارف، يهدف بالأساس إلى الحفاظ على حقوقهم، وتمكينهم من الاستفادة من الخدمات المالية والمصرفية وبرامج التمويل التي تقدمها المصارف، مشددة على أن الإجراءات الرقابية والاحترازية التي تطبقها على المصارف تهدف إلى حماية أموال المودعين والحفاظ على الاستقرار المالي وتعزيز متانة الجهاز المصرفي باعتباره رافعة لاقتصادنا الوطني، وداعما للتنمية، ومحركا أساسيا لجهود القطاع الخاص والعام في الاستثمار والنمو وتوفير فرص العمل.
العمال قلقون وبحاجة للتوعية والتثقيف
ويرى ممثل منظمة العمل الدولية في فلسطين منير قليبو، موقف وزير العمل د. ابو جيش، مطمئن، لكنه اكد ان العمال قلقين وبحاجة للتوعية والتثقيف بهذا المجال، متمنيا على الحكومة وممثلي العمال واصحاب العمل ان يكثفوا جهودهم المشتركة في هذا المضمار.
وقال: “المسؤولية ليست فقط مسؤولية وزارة عمل انما ممثلي العمال وارباب العمل والمجتمع المدني”، مؤكدا ان القرار سيشمل العمال المسجلين رسميا لدى المشغل الاسرائيلي الذين يبلغ عددهم قرابة ١١٠ آلاف عامل وعاملة، متسائلا ماذا عن باقي العمال قرابة ٨٠ الفا حسب المصادر غير الرسمية؟ الذين اصبحوا عرضة للابتزاز من قبل السماسرة على حد قول قليبو.
ويرى قليبو أن الحل الوحيد الوصول الى تفاهم فلسطيني اسرائيلي بهذا الخصوص معتمد من الدولتين وله شروط مرجعية والية تنفيذ، لان الموضوع مربوط بحقوق العمال الفلسطينيين في التامين الوطني والضمان الاجتماعي العالقة في البنوك الاسرائيلية منذ اكثر من ٤ عقود، بلايين الشواقل، حيث يجب توقيع بروتوكول يحفظ كل هذه الحقوق وعلينا ان نوحد جهودنا وكلمتنا في هذا المجال”.
وبحسب الجهاز المركزي للاحصاء ووزارة العمل، فإن العدد الإجمالي للعمال الفلسطينيين في إسرائيل في منتصف عام 2022 يبلغ 204,400 عامل، ويشكل هؤلاء ما يقارب 25% من القوة العاملة في الضفة الغربية وحدها. 1,000 منهم فقط من قطاع غزة والباقي من الضفة الغربية. وبينما يحمل 102,700 منهم تصاريح عمل، فإن 43,500 يعملون بلا تصريح عمل، ويضطرون غالبا للمبيت لفترات طويلة في الداخل، كما يحمل 57,200 منهم بطاقة إسرائيلية (حملة الهوية المقدسية) (الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، 2022). كما أن الغالبية العظمى من حملة التصاريح هم من الرجال (حوالي 99%). كما أن حوالي 40% من تصاريح العمل الممنوحة للعمال يتم استصدارها مقابل رسوم سمسرة تتراوح بين (1,500-2,500) شيقل.