ميساء بشارات- رغم حصوله على شهادة الماجستير في القانون وتخصصه بالمواقع الالكترونية ومنازعاتها، إلا أن ذلك لم يمنعه من البحث عن مشروع خارج نطاق تخصصه الجامعي، فقرر البدء بمشروع صغير عن الزراعة المائية في منزله.هكذا بدأ المحامي وسام سوداح (35 عاما) التفكير خارج الصندوق ليحقق من خلال مشروع “الزراعة المائية”، اكتفاءً ذاتيًّا من الخضار وليدرس مدى نجاعة التجربة من أجل تطويرها على المدى القريب، ليصبح مشروعا تجاريا، ونشر الفكرة في بلده الزبابدة جنوب شرق مدينة جنين.الزراعة المائية هي أحد الأنظمة الزراعية الحديثة ذات الفاعلية القائمة على أساس استنبات المحاصيل في الماء دون التربة وبعض المغذيات بكميات متفاوتة بالإضافة إلى ضوء الشمس، لإنتاج خضراوات وفواكه أكثر جودة وأقل تكلفة، في مساحات صغيرة ومحدودة وهي محاولة لاستثمار بعض الأماكن في غياب تربة صالحة للزراعة، مثل أسطح المنازل في المدن، أو في حال تعذر استخدام التربة لارتفاع ملوحتها، كما في المناطق الصحراوية.يقول سوداح لـ “الحياة الاقتصادية”: “جاءتني الفكرة بالصدفة خلال تصفحي الانترنت واليوتيوب شاهدت فيديوهات عن الزراعة المائية والزراعة دون تربة باستخدام “دتش بكت”، وتشجعت لتطبيق الفكرة فأنشأتُ بيتًا بلاستيكيًّا صغيرًا بجانب المنزل، مساحته تقريبا ستة أمتار، يحتوي على 11 حوضًا زراعة مائية “دتش بكت”.ويتابع: “رغم معارضة الأهل واعتقادهم أن هذه الفكرة لن تنجح وخاصة أنه لا يوجد لدي خلفية زراعية كوني درست المحاماة وأعمل بها، أكملت بها وطبقتها على مساحة صغيرة بجانب المنزل لا تتعدى الـ 6 أمتار”.وبعد فترة من نجاح التجربة الصغيرة طورها سوداح ونقلها الى سطح المنزل، ليصبح لديه ستة أصناف من الخضار (البندورة، والبصل الأخضر، والفلفل الحلو والحار، والخس، والباذنجان العجمي، والزهرة، والخيار) موزعة على 100 شتلة داخل أحواض الدتش بكت اي الزراعة المائية دون تربة، على مساحة 45 مترًا على سطح منزله.ويوضح سوداح ان لديه نظامين من الزراعة المائية: نظام الزراعة المائية في الأحواض المائية ونظام الزراعة المائية دون تربة “الدتش بكت”.منذ عامين، بدأ سوداح مشروعه كتجربة أولية للحصول على الخبرة والمعرفة اللازمة في الزراعة المائية دون تربة، ومعرفة المشاكل التي من الممكن ان يواجهها وكيفية حلها، قبل المجازفة بتوسيع المشروع وتحويله من اكتفاء ذاتي الى مشروع تجاري.ولا يضع سوداح للخضراوات اي نوع من الاسمدة، بل يستخدم محلولاً خاصًّا عبارة عن مغذٍ للنباتات مكون من تركيبات بنسب معينة من العناصر الغذائية الكبرى والصغرى متل النيتروجين والفسفور والبوتاسيوم المغنيسيوم والكالسيوم والحديد، وهي أهم العناصر الغذائية التي يحتاجها النبات للنمو الصحيح.ويشير الى أنه صنع نوعين من المغذيات، نوعا خاصا بالخضراوات الورقية، والآخر خضراوات مثمرة، وهو صحي وآمن.على سطح منزل سوداح نظامان من الزراعة المائية، الأول: نظام الأحواض العائمة وهو الزراعة المائية ويتم اللجوء له لبعض أنواع الخضراوات الورقية مثل الخس والجرجير والثاني: نظام الزراعة دون تربة “الدتش بكت” تزرع فيه الخضراوات المثمرة متل الخيار والبندورة والفلفل.ويوضح سوداح أن الزراعة المائية لها عدة ايجابيات حيث إنه أقل تكلفة من الزراعة التقليدية، وامكانية وسهولة تنفيذها بأي مكان على الأسطح، وتوفير استهلاك المياه بنسبة 80% مقارنة بالزراعة التقليدية، حيث إن المياه التي تخرج وتسقى بها النباتات يمكن استخدامها مرة أخرى بعد عودتها الى خزان المياه المخصص، ويتم استغلالها بالري مرة ثانية، اضافة الى سرعة نمو المحاصيل وغزارة الانتاج مقارنة بالزراعات الأخرى، كما توفر تكاليف معالجة التربة من حراثة ومبيدات حشرية وكيماوية ومعالجة امراض التربة وتعقيمها واستغلال المساحات.وقطف سوداح ثمار محصول البندورة بعد 40 يوما من زراعتها في الزراعة المائية، أي بوقت أقصر بكثير مما تحتاجه لتنمو في التربة او الزراعة التقليدية التي تحتاج الى 80 يومًا لنضجها. ويؤكد سوداح أن الخضراوات المزروعة بالزراعة المائية لا تحتاج الى جهد كبير وأيد عاملة كثيرة، ويتابع وهو يقطف ثمار البندورة “الشيري” المزروعة بنظام الزراعة المائية دون تربة” تم قطف الطماطم الشيري في اليوم الـ 42 من تاريخ الزراعة، وتم قطف البصل الاخضر بعد 40 يومًا من تاريخ الزراعة في الأحواض المائية العائمة”.ويشير رغم كل ايجابياتها الا أنها تحتاج بالبداية الى تكلفة عالية من أجل تأسيس نظام الزراعة المائية ووضع بيت بلاستيكي، كما انها تعمتد على الكهرباء، وفي حال قطعها لمدة يوم فانه يؤثر بشكل سلبي على الخضراوات ومن الممكن أن يؤدي الى موتها، لانها تعتمد على المياه والمغذي.وتعتبر الزراعة المائية حديثة العهد في فلسطين حيث ظهرت كمنتج تسويقي مطلع عام 2016 في قطاع غزة في منطقة بيت لاهيا، وبعد عدة أشهر كانت حاضرة في بلدة يعبد في الضفة الغربية ثم أخذت بالظهور إلى باقي المناطق الأخرى وبشكل محدود.وحسب مركز المعلومات الفلسطيني، فان مستقبل الزراعة المائية في فلسطين واعدا في ظل شح المياه والأراضي المهيمن عليها من قبل سلطات الاحتلال الاسرائيلي، وفي ظل تفاوت درجة الحرارة، وتدني كمية الأمطار في السنوات الأخيرة، بدأت بعض المزارع المائية تحقق نجاحا ملموسا.
محام يدشن مشروعا رياديا بالزراعة المائية في بلدة الزبابدة
شبكة فرح الاعلامية: