سعيد شلو- في بيئة هي الأبعد عن مقومات الحياة الصحية، يلهو أطفال مخيم عين عريك في أزقة المخيم محاطين بمياه الصرف الصحي، تلك المشكلة التي تتفاقم عاماً بعد عام، في ظلّ ضعف البنية التحتية للمخيم.
مخيم عين عريك في أعقاب نكبة 1948، أقيم على بعد حوالي سبعة كيلومترات إلى الغرب من مدينة رام الله، على نحو عشرين إلى خمسة وعشرين دونما من أراضي قرية عين عريك، التي حمل اسمها، نصفها مسجل كأراضي وقف؛ والنصف الآخر يعود لأهالي القرية استأجرتها وكالة الغوث.
عند إقامة المخيم في البداية؛ سكنه عدة آلاف؛ إلا أن الكثيرين نزحوا إلى الأردن عام 1967، أو رحلوا للسكن في بيتونيا ورام الله والبيرة. وتعود أصولهم إلى مناطق: اللد، والرملة، ويافا، وعنابة، وأبو شوشة، وجمزو، والبرية، والبرج، والقباب، وبير إمعين، والسافرية، والسوافير، وإشوع، وعسلين، وساريس، وعاقر، والنعاني، وصرعة.
وتذمر رئيس اللجنة الشعبية لمخيم عين عريك محمد وليد من عدم اعتراف الأونروا بالمخيم، مشيرا إلى أن عدم الاعتراف بالمخيم يضاعف من معاناة اللاجئين الصحية والتعليمية والخدماتية.
وقال وليد لـ “الحياة الجديدة”: تتذرع الأونروا بعدم الاعتراف بنا بعدم استئجار أرض المخيم، كما تتذرع بقلة عدد اللاجئين فيه، علما أنه تأسس عام 1948 وكان عدد اللاجئين فيه آنذاك أكثر من 3 آلاف لاجئ، لكن مع صعوبة الحياة داخل المخيم بسبب غياب الخدمات انتقل اللاجئون إلى مخيمات أخرى.
وقال إن المخيم الذي يقطنه 1000 نسمة هو مخيم صغير مقارنة بباقي المخيمات، لكنه يعاني من مشاكل عديدة منها مشكلة مياه الصرف الصحي”.
وأضاف وليد “خلال الثماني السنوات الماضية لم يصل المخيم أي مشروع جديد يخدم قاطنيه، والميزانيات التي ترصد له لا تفي بربع الاحتياجات، وأكد أن المشكلة لا تقف عند هذا الحد، خصوصا في ظل عدم توفر شبكة صرف صحي داخل المخيم ما يضطر اللاجئين إلى استخدام الحفر الامتصاصية والصماء، التي تفيض على الشوارع وفي داخل الأزقة وتسبب مكرهة صحية ربما تتفاقم خطورتها في المستقبل، علمًا أن شبكة المياه أيضا قديمة ومهترئة ما يرفع من نسب الفاقد المائي.
وأوضح أن مشاكل المخيم لا تقتصر على ذلك، خصوصًا في ظل انتشار النفايات والروائح الكريهة نتيجة عدم قيام الأونروا بدورها المنوط بها داخل المخيم.
وحول الحفرة الامتصاصية لمنازل الأهالي في المخيم، يقول وليد: إن المنازل بنيت على حفر امتصاص صغيرة بسبب ضيق المكان ما أجبر قاطنيها على التخلص من مياه الصرف الصحي في أزقة المخيم.
وتابع: حتى منازل المخيم قديمة ومعرضة للانهيار، خصوصًا أن بعضها من “الزينكو” ولا يصلح للسكن الآدمي.
وحول العبء المالي الذي يقع على سكان المخيم، يوضح رئيس اللجنة الشعبية: “أهالي المخيم يعملون موظفين أو عمال مياومة برواتب لا تكفي احتياجاتهم الأسرية، ويضطرون لدفع حوالي 10,000 شيقل شهربا لسيارة المياه العادمة للتخلص من مياه الصرف الصحي”، ما يشكل عبئا عليهم ويستنزف رواتبهم الضئيلة أساسًا”.
وناشدت اللجنة الشعبية في مخيم عين عريك المؤسسات ذات العلاقة أكثر من مرة إصلاح الطرق داخل المخيم التي تلفت نتيجة للمياه العادمة ذات التركيز الملحي العالي التي تعمل على إتلاف الطرق، وتبلغ حوالي 100,000 شيقل، إلا أن ما تتلقاه اللجنة شعبية لا يتجاوز الـ 12,000 شيقل شهريا وهو لا يكفي من أجل إصلاح الشوارع ولإنشاء محطة تكرير للمياه العادمة، حسب رئيس اللجنة الشعبية الذي أوضح: “نحن بحاجة إلى حل جذري لموضوع مياه الصرف الصحي من أجل السيطرة عليها والتخلص من هذه الآفة التي تلحق ضررا صحيا وبيئيا وتدمر البنية التحتية للمخيم”.
وحول تكلفة المشروع محطة تكرير المياه العادمة يقول وليد: “إن المشروع وبحسب المهندسين الذين وضعوا المخطط بعد دراسة مستفيضة للوضع، فإن التكلفة الإجمالية للمشروع تبلغ حوالي 200,000 ألف دولار، حيث إن الفكرة تقوم على إنشاء مناهل على مداخل ومخارج وفي أزقة المخيم يتم شبك مياه الأمطار والغسيل ومياه الاستحمام في داخل المناهل ويتم نقل المياه إلى ثلاث غرف وتتم معالجة المياه فيها حتى تصبح صالحة للاستخدام الزراعي ما يعود بالفائدة على المزارعين في قرية عين عريك”.
ويضيف “نحن في اللجنة الشعبية توجهنا إلى الجهات المختصة حاملين معنا الدراسة على أمل أن يتم دعمنا من أجل إنشاء هذا المشروع والتخلص من هذه المكرهة الصحية، لكننا ما زلنا ننتظر”.
وبحسب منظمة الصحة العاليمة يرتبط تلوث المياه وتردي خدمات الصرف الصحي بانتقال أمراض مثل الكوليرا والإسهال والزحار والتهاب الكبد A والتيفوئيد وشلل الأطفال. ويعرّض انعدام خدمات المياه والصرف الصحي أو عدم توافرها بالقدر الكافي أو سوء إدارتها صحة الأفراد لمخاطر جمة.